لسودان : طلب حضور متهمين اثنين بارتكاب جرائم حرب يشكل خطوة صغيرة لكن مهمة نحو إقامة العدل في دارفور

February 2007 · 4 minute read

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن طلب نائب عام المحكمة الجنائية الدولية استدعاء شخصين متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور كان خطوة صغيرة لكن مهمة على طريق تحقيق العدالة للملايين من ضحايا هذه الجرائم في دارفور. وحثت المنظمة النائب العام على استصدار طلبات حضور أو مذكرات توقيف أخرى بأسرع وقت ممكن.
كذلك دعت منظمة العفو الدولية مجلس الأمن الدولي إلى مطالبة الحكومة السودانية بعدم الاكتفاء بتوقيف المتهمين وتسليمهما، إذا لم يمثلا طواعية، بل أيضاً بسن وتنفيذ القانون الضروري لتقديم جميع المسؤولين عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور إلى العدالة.
وأحمد هارون وعلي محمد علي عبد الرحمن (أكا علي قشيب) متهمان بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بينها عمليات قتل وتدمير للممتلكات ونهب وسلب وترحيل قسري للسكان واغتصاب وحرمان من الحرية وتعذيب واعتداءات على الكرامة الشخصية وأفعال لاإنسانية أخرى. وأحمد هارون هو وزير الداخلية السابق وعلى محمد علي عبد الرحمن هو من زعماء الجنجويد المعروفين.
ومذكرة استدعاء أحمد هارون مهمة للغاية لأنها تشكل المرة الأولى التي سعت فيها المحكمة الجنائية الدولية إلى مقاضاة مسؤول حكومي سابق. كذلك تعكس الصلات القائمة بين الحكومة وميليشيا الجنجويد – وهو أمر تواصل الحكومة السودانية إنكاره.
ويأتي طلب حضور الرجلين إلى المحكمة بعد مرور سنة ونصف السنة على بدء التحقيق في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في دارفور. وحتى الآن، لم يبذل أي من أعضاء النيابة في السودان أو سواه أية محاولة جدية للتحقيق في هذه الجرائم أو المقاضاة عليها. ويوضح الطلب الصادر اليوم حجم التحدي الذي يواجهه المجتمع الدولي في ضمان تقديم آلاف الأشخاص الذين ارتكبوا – وما فتئوا يرتكبون – هذه الجرائم في دارفور مع إفلات تام من العقاب إلى العدالة وفي حصول ملايين الضحايا وعائلاتهم على تعويضات كاملة في المحكمة الجنائية الدولية أو المحاكم الوطنية السودانية أو محاكم الدول الأخرى التي تمارس الولاية القضائية العالمية.
وقد أشار نائب عام المحكمة إلى أنه برغم تمتعه بالسلطة وفقاً لنظام روما الأساسي الذي أُسست المحكمة الجنائية الدولية بموجبه للتحقيق مع أي شخص متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ومقاضاته عندما تكون الدول غير قادرة على ذلك أو غير راغبة به، فإنه لن يلاحق «إلا القادة الذين يتحملون المسؤولية العظمى عن ارتكاب الجرائم». ومن الواضح أن هناك أشخاصاً آخرين كثر في السودان يندرجون تحت هذه الفئة ويمكن الحصول على أدلة كافية مقبولة ضدهم، وأنه لكي ينفذ سياسته سيحتاج إلى استصدار المزيد من طلبات الحضور أو مذكرات الاعتقال في المستقبل القريب. وترحب منظمة العفو الدولية بالتزامه اليوم بالتحقيق في جرائم أخرى تظل مستمرة في دارفور.
وبرغم أن مجلس الأمن طلب من السودان – في القرار 1593 (2005) – «التعاون الكامل مع المحكمة وتقديم أية مساعدة ضرورية إليها»، فقد ورد أن وزير العدل السوداني محمد علي الماردي، أعلن اليوم بأن «المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع بالولاية القضائية لمحاكمة أي سوداني» وأن «الحكومة السودانية لن تسمح بمحاكمة أي سوداني ومعاقبته خارج إطار القضاء الوطني». ولا تملك المحكمة الجنائية الدولية قوة شرطة يمكن بواسطتها تنفيذ مذكرات الاعتقال إذا لم يمتثل المتهمون لطلب الحضور. وتعتمد على استعداد حكومات الدول التي يوجد فيها المتهمون أو على قوات حفظ السلام، مثل البعثة الأفريقية في السودان التابعة للاتحاد الأفريقي، لتوقيفهم. بيد أن الاتحاد الأفريقي رفض طوال أكثر من سنة التوقيع على اتفاقية تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لمساعدتها في تحقيقاتها وتسليم المتهمين.
وبرفض السودان تسليم المتهمين، يقع العبء الآن على المجتمع الدولي، بمن فيه الاتحاد الأفريقي، لتنفيذ طلبات الحضور التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، إذا لم يُسلم المتهمان نفسيهما. وإذا تم إصدار طلبات الحضور (أو مذكرات الاعتقال) بدون أي إجراء للمتابعة، سيظل الضحايا وعائلاتهم يُحرمون من العدالة والتعويضات. وينبغي على المجتمع الدولي أن يتحرك في قضية السودان ليس فقط من أجل إقامة العدل بالنسبة للجرائم المرتكبة في دارفور، بل أيضاً لحماية فعالية المحكمة على المدى الطويل.
فحجم الجرائم المرتكبة في درافور هائل. إذ تم تهجير أكثر من مليوني شخص، وقتل حوالي 85000، واغتصاب آلاف النساء منذ بدء النـزاع.
وكما سبق لمجلس الأمن الدولي أن اعترف في قضية رواندا، فإن مسؤولية التحقيق مع المتهمين بارتكاب جرائم وجرائم ضد الإنسانية ومقاضاتهم هي مسؤولية مشتركة. وإضافة إلى مطالبة السودان بأداء قسطه، ينبغي على مجلس الأمن أيضاً أن يدعو جميع الدول الأخرى إلى ضمان عدم تحولها إلى ملاذات آمنة للأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور. وينبغي على الدول كافة وضع التشريعات الضرورية لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب، وتنفيذ هذه التشريعات كلما عُثر على المتهمين في أراضيها. وعليها كذلك أن تبدي استعدادها للقبول بإحالة القضايا إليها من الولايات القضائية الأخرى غير القادرة على محاكمتهم أو غير الراغبة بذلك.