(بيروت) – قالت 19 منظمة حقوقية اليوم إن على السلطات المصرية توفير الرعاية الصحية العاجلة للمحتجز صلاح سلطان، والد ناشط حقوقي البارز محمد سلطان المقيم في الولايات المتحدة، أو إطلاق سراحه فورًا لتلقي الرعاية الطبية، والتحقيق في مزاعم بتعرضه للتعذيب.
في 26 يناير الثاني 2022، بدا صلاح سلطان (63 عامًا)، المسئول في حكومة الرئيس السابق محمد مرسي، في حالة صحية حرجة أثناء زيارته في السجن، بحسب أحد أقاربه. في سبتمبر 2013، اعتُقل صلاح سلطان، ومنذ 15 يونيو 2020 يتعرض للإخفاء القسري، الذي تخللته ثلاث زيارات وجيزة تحت المراقبة. أثناء زيارة يناير 2022 بدت صحة سلطان سيئة للغاية، لدرجة أنه لم يكن قادرًا على الوقوف ونُقل إلى الغرفة مستندًا على حارسين. كما أخبر سلطان قريبه رفض مسئولي السجن طلباته المتكررة برؤية طبيب، والحصول على الأدوية والمعدات الطبية التي يحتاج إليها لأمراضه المتعددة.
يقول جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: «يبدو أن تدهور صحة صلاح سلطان يأتي انتقامًا من النشاط الحقوقي لابنه محمد في الولايات المتحدة».
يحمل صلاح سلطان إقامة قانونية دائمة في الولايات المتحدة، وعاش وعمل فيها لأكثر من عقد قبل اعتقاله في سبتمبر 2013 لمعارضته عزل الرئيس المنتخب مرسي على يد الجيش المصري . وفي سبتمبر 2017، حُكم عليه بالسجن المؤبد في محاكمة جماعية شابتها انتهاكات واسعة للإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة.
في 15 يونيو 2020، أخفت السلطات المصرية سلطان قسرًا، بعد أيام من رفع نجله دعوى مدنية ضد رئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي، أمام محكمة فيدرالية أمريكية بموجب «قانون حماية ضحايا التعذيب»، بدعوى تورط الأخير في التعذيب المزعوم الذي تعرض له محمد سلطان العام 2013 أثناء احتجازه من جانب السلطات المصرية. ولفترة تتجاوز العام، ظل صلاح سلطان محتجزًا في أماكن رفضت السلطات المصرية الكشف عنها. مؤخرًا، في أغسطس وديسمبر 2021 ويناير 2022 تحديدًا، سمحت السلطات لأفراد الأسرة بزيارات مقتضبة إلى السجن. وحسب أقارب صلاح سلطان فإنه جُلب للزيارات من مكان رفضت السلطات الكشف عنه.
تدعو المنظمات الحكومة الأمريكية للضغط على مصر، لإنهاء العقوبة خارج نطاق القضاء بحق صلاح سلطان، والقمع العابر للحدود الذي يستهدف إسكات محمد سلطان.
قال محمد سلطان إن والده نُقل في 26 يناير الماضي للزيارة من مكان مجهول لمكان الزيارة بسجن العقرب 2 شديد الحراسة بمجمع سجون طرة في مصر. وأضاف أن والده «لم يتمكن من تحديد مكان احتجازه»، وكان معصوب العينين طوال نقله. وبدا، أثناء زيارتَيْ الأسرة السابقتين، يخشى مشاركة تفاصيل ما مر به خلال فترات الإخفاء تلك؛ لكنه أفاد عن تعرضه للتجويع عمدًا، ونقله بين الزنازين بشكل متكرر، وعدم السماح له بساعة يد أو نوع آخر من الساعات.
قالت أسماء النجار، زوجة صلاح سلطان، في رسالة بتاريخ 26 يناير إلى «المجلس القومي لحقوق الإنسان» المصري، إن زوجها قال، أثناء زيارة باليوم نفسه، إنه في عزلة شبه تامة، ولا يتمكن من التواصل مع أي شخص بخلاف حراس السجن، ولا يتلقى أي كتب أو أوراق أو أدوية أو المعدات الطبية التي يعتمد عليها. وأشارت عائلة سلطان لـ هيومن رايتس ووتش أن المعدات الطبية التي يعتمد عليها صلاح سلطان تشمل جهاز مراقبة الجلوكوز، ودعامات الرقبة والظهر، وجهاز ضغط الدم. وذكرت النجار أن السلطات، خلافًا للوائح وأنظمة السجون المصرية، منعت أي إيداع في حسابه في كافيتريا السجن، وحبسته انفراديًا لمدة 20 شهرًا، في انتهاك للحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.
وأضافت زوجة سلطان إنه يعاني من مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، والتهاب الكبد الوبائي «سي»، ومرّ بحالات طبية طارئة متعددة أثناء احتجازه. أخبر صلاح سلطان قريبه أنه لا يتلقى زيارات يومية من الحراس، ما أثار مخاوف عائلته من عدم تلقيه العناية المناسبة في حالات الطوارئ الطبية.
قالت المنظمات إن ينبغي للنائب العام حمادة الصاوي نقل سلطان فورًا إلى مكان آمن تعرفه أسرته ومحاميه، والسماح له بالتواصل مع محام ومنحه الرعاية الصحية دون عوائق، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحمايته من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما فيها تلك الانتقامية من نشاط ابنه.
في نوفمبر 2018، أعلن فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن احتجاز سلطان تعسفي على أساس انتهاكات عديدة للمحاكمة العادلة، داعيًا للإفراج عنه فورًا. يعتبر مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان الإخفاء القسري «انتهاكًا شنيعًا لحقوق الإنسان وجريمة دولية» وكذلك تراه «اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب». كما تنص «قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء» (قواعد مانديلا) على أن الحبس الانفرادي المطول يمكن أن يصل مستوى التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
سُجن محمد سلطان، وهو ناشط حقوقي مصري-أمريكي، بتهم ذات دوافع سياسية بين أغسطس 2013 ومايو 2015 وتعرض للتعذيب. وأجبرته السلطات المصرية على التخلي عن جنسيته المصرية قبل تسليمه إلى الولايات المتحدة، حيثما شارك في تأسيس «مبادرة الحرية»، وهي منظمة حقوقية مستقلة مقرها واشنطن.
وقد وثّقت منظمات حقوقية دولية ومحلية استهداف السلطات المصرية لعائلات النشطاء الحقوقيين في الخارج، والمقيمين في مصر. ففي يونيو 2020، اعتقلت السلطات خمسة أقرباء لمحمد سلطان واحتجزتهم تعسفيًا لمدة خمسة أشهر. وفي فبراير 2021، داهمت السلطات المصرية منازل ستة أقرباء واعتقلت ثلاثة أفراد، لا يزال أحدهم محتجزًا. أفادت تقارير أن رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، أثناء زيارته للولايات المتحدة في يونيو 2021، طلب من المسئولين الأمريكيين سَجن محمد، متسائلًا عن سبب «بقائه حرا».
في سبتمبر 2021، حجبت وزارة الخارجية الأمريكية 130 مليون دولار من تمويل عسكري بقيمة 1.3 مليار دولار من السنة المالية 2020، مشترطةً تعاطي حكومة الرئيس السيسي «بشكل حاسم مع شروط حقوقية محددة». قررت الحكومة الأمريكية عدم الإفراج عن الـ 130 مليون دولار بعد انتهاء مهلة 30 يناير، لكن وافقت إدارة بايدن الأسبوع الماضي على مبيعات معدات عسكرية بقيمة 2.55 مليار دولار لمصر، كما التزمت بمليار دولار كمساعدات عسكرية من السنة المالية 2021.
قال سيث بيندر، مدير المناصرة في «مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط»: «تخاطر الولايات المتحدة بإضفاء الشرعية على انتهاكات مصر من خلال مواصلة دعمها شبه الكامل لها. على واشنطن محاسبة حكومة السيسي على استمرار القمع العابر للحدود، والضغط على السيسي لإطلاق سراح صلاح سلطان وإنهاء هذه الأعمال الانتقامية بحق عائلة سلطان، والتي تستهدف إسكات ابنه محمد».
الموقعون:
- هيومن رايتس ووتش
- مبادرة الحرية
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
- الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
- مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- الديمقراطية الآن للعالم العربي
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- مؤسسة جيمس دبليو فولي ليجاسي
- مؤسسات المجتمع المفتوح
- بيت الحرية
- هيومن رايتس فيرست
- الأورو-متوسطية للحقوق
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- منظمة العفو الدولية
- اللجنة الأمريكية لإنهاء القمع السياسي في مصر
Share this Post