WikiCommons

الولايات المتحدة الأمريكية شريك في جرائم حقوق الإنسان في مصر

In برنامج مصر ..خارطة الطريق, مؤتمرات واجتماعات by CIHRS

 

شهادة بهي الدين حسن أمام الكونجرس الأمريكي

في 26 أكتوبر 2021، أدلي بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بشهادته أمام لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكي، في جلسة استماع مخصصة لمناقشة ضمانات حقوق الانسان في سياق مكافحة الإرهاب.

شهادة حسن أمام الكونجرس تضمنت عرضًا موجزًا لسبل توظيف حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر لمكافحة الإرهاب كغطاء للانتقام من المعارضين ومنتقدي الحكومة، والزج بهم في السجون لفترات طويلة، فضلًا عن التوسع في ارتكاب انتهاكات خطيرة واسعة النطاق للحريات الأساسية للمصريين، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون والاعتداء علي الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات. كذلك التذرع بمكافحة الإرهاب لتعديل الدستور وتمرير قوانين قمعية وتشكيل دوائر إرهاب في المحاكم، والتي أصبحت من أبرز أدوات السيسي في الانتقام من منتقديه، بمن في ذلك بهي نفسه.

اعتبر بهي أن الثناء والدعم غير المشروط الذي تمنحه حكومات غربية، من بينها أمريكا للسيسي ونظام حكمه، يجعلها بمثابة شريك غير مباشر في الممارسات القمعية وانتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث يوميًا في مصر. من ثم طالب حسن الكونجرس الأمريكي بزيادة النسبة المشروطة باحترام حقوق الإنسان من المساعدة العسكرية المخصصة لمصر؛ وعدم التنازل عن شرط إحراز تحسن ملموس في مجال حقوق الإنسان قبل الإفراج عن النسبة المقتطعة من أموال هذه المساعدات. كما دعا إلى ضرورة التأكد من عدم استخدام الأسلحة والمعدات الأمريكية في ارتكاب جرائم حقوق الإنسان في سيناء وبقية أرجاء مصر، ودعم البرامج التي تلبي احتياجات الشعب المصري، مثل الرعاية الصحية وتوفير فرص التعليم.

نص مداخلة بهي الدين حسن الشفوية أمام الكونجرس
(وهي موجز لشهادة أطول وموثقة مقدمة للجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان).

26 أكتوبر 2021

شهادة شفهية من بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أمام لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكي

  

بدايةً أتقدم بالشكر لرئيسي اللجنة ماكغفرن وسميث على دعوتي لتقديم شهادتي أمام اللجنة اليوم.

إن مصر اليوم هي بمثابة كتيب تعليمي نموذجي للحكومات القمعية الأخرى في العالم، عن كيف يمكن لفترة زمنية طويلة توظيف الحاجة لمكافحة الإرهاب كوسيلة لتعزيز قبضتها على السلطة، وتقويض الحريات الأساسية كحرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

في يوليو2013، استولى الرئيس عبد الفتاح السيسي على السلطة، بانقلاب عسكري أزاح حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيًا. حينها أدان مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ضمن مجموعة من المنظمات المصرية الحقوقية المستقلة هذا الانقلاب، ثم رفض كذلك مطلب السيسي بتفويض شعبي لتصعيد القمع بدعوى مكافحة الإرهاب.

في سبيل فرض سيطرته، لجأ الانقلاب لممارسة القمع بوحشية. ففي 14 أغسطس 2013، نفذت قوات الأمن المصرية، بإشراف المشير السيسي وزير الدفاع وقتها، أبشع جريمة عنف سياسي في تاريخ مصر الحديث. ففي ذلك اليوم، قُتل أكثر من 800 متظاهر مدني ضد الانقلاب في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة. وفي الأشهر التي أعقبت استيلاء السيسي على السلطة، قتلت قوات الأمن أكثر من 2000 مدني غير مسلح، سقط العديد منهم قتلى في الشوارع دون أن يشكلوا تهديدًا لأي شخص. هذا المستوى غير المسبوق من العنف، لا يمكن مقارنته سوى بمذابح مروعة مثل مذبحة ميدان تيانان مين في الصين.

على مدى سنوات حكمه، وظف السيسي مكافحة الإرهاب كذريعة لتعديل الدستور لتكديس السلطات في قبضته، وتمرير قوانين مكافحة الإرهاب وتشكيل محاكم ودوائر محاكم خاصة بالإرهاب، أصبحت فيما بعد أدواته لإسكات المعارضة.

أنا أتحدث اليوم بناء على تجربة شخصية. ففي العام الماضي، حُكم عليّ غيابيًا بالسجن خمسة عشر عامًا، من إحدى دوائر الإرهاب، بتهمتي «نشر أخبار كاذبة» و«إهانة القضاء». يعد هذا الحكم -حتى الآن- أشد عقوبة تصدر بحق مدافع حقوقي في مصر. فلأي اتهامات استند هذا الحكم الاستثنائي؟ فقط لمجرد التحدث علنًا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث يوميًا في مصر السيسي، حيث يُحتجز عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في ظروف قاسية بعد محاكمات جائرة، أو دون محاكمة، فضلًا عن إساءة استخدام إجراء الحبس الاحتياطي.

فضلًا عن أن مداخلاتي المتكررة في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والتي سلطت الضوء على الحقائق القاسية بشأن جمهورية الخوف والقمع في عهد السيسي، قد جعلتني هدفًا لممارسات انتقامية من جانب السلطات المصرية. الأمر الذي سبق وأشار إليه الأمين العام للأمم المتحدة عدة مرات في تقاريره السنوية بشأن الممارسات الانتقامية بحق الحقوقيين المتعاونين مع هيئات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.

لقد أضحى توجيه الاتهامات للمعارضين السلميين باستخدام تشريعات مكافحة الإرهاب والمحاكم الخاصة به، ممارسة منتشرة على نطاق واسع في مصر، على نحو يخدم أغراضًا متعددة للسيسي وحكومته. فمن ناحية تتيح هذه القوانين والمحاكم فرض عقوبات مضاعفة بالسجن لفترات طويلة على منتقدي الحكومة السلميين. ومن ناحية أخرى، يساعد الادعاء بأن تلك الممارسات القاسية هي السبيل لمكافحة الإرهاب، على تهدئة الانتقادات المحلية تجاه الممارسات الحكومية، وكذلك على تشتيت الانتقادات الدولية.

اليوم، يعجز أي شخص عاقل، يمضي دقائق قليلة في مراجعة الوضع في مصر، عن إنكار مسئولية حكومة السيسي عن الانتهاكات المنهجية والخطيرة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان. هذه الانتهاكات جري توثيقها مرارًا في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية المصرية والدولية، ووزارة الخارجية الأمريكية. ورغم ذلك، لا تزال حكومة السيسي تحظى بالثناء من الحكومات الغربية، ومن بينها الولايات المتحدة، كحليف في مكافحة الإرهاب. هذا الثناء غير المشروط يجعل هذه الدول بمثابة شركاء غير مباشرين في تلك الانتهاكات، لا سيما الجرائم المرتكبة باستخدام أسلحة ومعدات مصدرة من هذه الحكومات.

لإدراك كيف تسيء مصر السيسي توظيف مكافحة الإرهاب، من الضروري ملاحظة أن السيسي -مثل جزار سوريا بشار الأسد- يستفيد ويعتمد على وجود تهديد إرهابي كمسوغ أساسي لطريقة حكمه. السيسي بحاجة للتهديدات الإرهابية للبقاء، ومن مصلحته بقاء هذا التهديد.

ستستمر التهديدات الإرهابية طالما استمر السيسي في الحكم. والسيسي لا يهتم إن تسبب ذلك في زعزعة استقرار مصر، أو شكل مصدر قلق للحكومات الغربية، فهو يعرف أن بإمكانه تخويف القادة الغربيين بالإرهاب، وابتزازهم لصرف انتباههم عن جرائم حقوق الإنسان التي يرتكبها مستخدمًا التهديد الضمني بما سيحدث إذا لم يكن موجودًا.

إن الوضع على هذه الشاكلة مخزي للغاية. يجب على حكومة الولايات المتحدة، وهذه اللجنة التي تدافع عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، نشر الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تحدث في بلد يعتبر شريكًا استراتيجيًا مهمًا منذ عقود.

وعليه، أحث الكونجرس على:

  1. زيادة نسبة المساعدة العسكرية المشروطة باعتبارات محددة لحقوق الإنسان.
  2. عدم التنازل عن شرط التحسن في مجال حقوق الإنسان للإفراج عن الجزء المجمد من أموال المساعدات، وعدم الإفراج عنها إذا فشلت مصر في تنفيذ إصلاحات جادة في مجال حقوق الإنسان.
  3. تخفيض المبلغ الإجمالي للمساعدات العسكرية الممنوحة لمصر. فميزانية الجيش المصري لا تخضع لأي نوع من الرقابة البرلمانية أو العامة، بينما الجيش متورط في انتهاكات جسيمة موثقة لحقوق الإنسان في سيناء والسجون العسكرية وغيرها.
  4. مواصلة دعم البرامج التي تلبي احتياجات الشعب المصري مثل الرعاية الصحية وتوفير فرص التعليم.
  5. التأكد من عدم استخدام الأسلحة والمعدات الأمريكية في ارتكاب جرائم حقوق الإنسان في سيناء وبقية مصر.

شكرًا لكم.

Share this Post