بعثت 12 منظمة حقوقية إقليمية ودولية، من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، في 10 يونيو الجاري برسالة إلى ممثلي الدول الأعضاء والدول المراقبة في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تحثهم على تبني قرار في الجلسة الـ47 المرتقبة للمجلس بشأن أزمة حقوق الإنسان المستمرة في تيجراي، إثيوبيا.
خلال الأشهر الـ 7 الماضية، أفادت تقارير بتجاوزات وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان أثناء الصراع الدائر في منطقة تيجراي بإثيوبيا. كما رصدت تقارير حقوقية تفاصيل مذابح واسعة النطاق، وعنف بحق المدنيين، وهجمات عشوائية في أنحاء تيجراي. بالإضافة لما ذكره مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في تقريره الأولي عن الوضع، مشيرًا إلى أن جميع الأطراف المتحاربة ارتكبت انتهاكات تصل حد جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
الرسالة طالبت المجلس باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة، والوفاء بولايته لمنع انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة والمنهجية، والاستجابة الفورية لحالة الطوارئ في تيجراي. كما طالبت المفوضة السامية بتقديم تقرير عن تحقيقاتها ونتائجها وتوصياتها حتى الآن فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان في تيجراي إثيوبيا، خلال الجلسة الـ 48 لمجلس حقوق الإنسان، على أن يتضمن التقرير الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
رسالة إلى الممثلين الدائمين للدول الأعضاء والدول المراقِبة في مجلس حقوق الإنسان
السادة الممثلون الدائمون للدول بالمجلس،
نكتب إليكم لنحثكم وبشدة، نحن المنظمات الحقوقية غير الحكومية الموقعة أدناه، على التحرك الفوري من خلال مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة من أجل اعتماد قرار أممي في الجلسة الـ47 المرتقبة حول أزمة حقوق الإنسان في تيجراي، إثيوبيا.
فعلى مدى 7 أشهر ، صدر عدد هائل من التقارير حول انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في خضم الصراع المستمر بمنطقة تيجراي الشمالية بإثيوبيا. كما صدرت تقارير حقوقية عديدة ترصد تفاصيلاً دقيقة ومفزعة للمذابح واسعة النطاق، وأعمال العنف بحق المدنيين، والهجمات العشوائية في جميع أنحاء تيجراي. وفي تحليل أولي، أصدره مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، أكد أن جميع الأطراف المتحاربة قد ارتكبت انتهاكات تصل حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وثمة أدلة وافرة[1] الآن على أن الفظائع لا تزال تُرتكب، لا سيما من قبل قوات الدفاع الوطني الإثيوبية، وجبهة تحرير تيجراي الشعبية، وقوات الدفاع الإريترية، وشرطة أمهرة الإقليمية الخاصة، وميليشيات مرتبطة بفانو.
هذه الانتهاكات المرتكبة تشمل؛ هجمات عشوائية، وهجمات مباشرة وجماعية بحق المدنيين، والتدمير واسع النطاق، نهب البنية التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمصانع والشركات، وعمليات قتل خارج نطاق القانون، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والتهجير القسري، والاعتقالات التعسفية للمدنيين بمن فيهم الأشخاص المهجَّرون، وتدمير مخيمات اللاجئين والمحاصيل والماشية.
كانت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع قد أعربت، مرارًا وتكرارًا، عن قلقها العميق إزاء ارتكاب جرائم الاغتصاب والعنف الجنسي على نطاق واسع ومنهجي في تيجراي. كما صرحت في 21 أبريل الماضي أن النساء والفتيات في تيجراي يتعرضن للعنف الجنسي “بقسوة لا يمكن استيعابها”، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي من قبل رجال يرتدون الزي العسكري، بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية على الفتيات الصغيرات والنساء الحوامل، وإجبار أفراد الأسرة على مشاهدة هذه الانتهاكات المروعة. كما ذكرت الممثلة الخاصة أن هذه التقارير، التي تؤكدها التقييمات التي أجراها مقدمو الرعاية الصحية في المنطقة، تشير إلى أن العنف الجنسي يُستخدم كسلاح حرب.
يعتقد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية أن ما لا يقل عن 1.7 مليون شخصًا ما زالوا نازحين، بينما تم قتل الألاف، في خضم الاستهداف العرقي والمذابح داخل تيجراي. وثمة تقارير تشير إلى أن الحكومة تنتهج التمييز والشيطنة وخطاب الكراهية ضد التيجرائيين في أجزاء أخرى من إثيوبيا. وقد سبق ودعا عدد من مسئولي الأمم المتحدة، منهم المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئين والمدير التنفيذي لليونيسف ومستشاري الأمم المتحدة المعنيين بمنع الإبادة الجماعية ومسئولية الحماية، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء الانتهاكات في تيجراي، وتخفيف الأثر المدمر للنزاع على السكان المدنيين. كما حذر وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ من أن المجاعة وشيكة في تيجراي، وأنه بدون زيادة كبيرة في التمويل وضمان وصول الإمدادات للمدنيين، قد يموت مئات الآلاف من الناس جوعًا. ورغم هذا الخطر المحدق الذي يلوح في الأفق، تم استهداف العاملين في المجال الإنساني أيضًا طوال النزاع، وقُتل تسعة من عمال الإغاثة منذ نوفمبر، آخرهم في 29 مايو.
في 25 مارس الماضي، أعلنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان واللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان عن بدء تحقيق مشترك حول التقارير المستمرة عن الجرائم البشعة المرتكبة في تيجراي. وفي 12 مايو، اعتمدت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب قرارًا هامًا بتشكيل لجنة للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وتحديد الجناة. يأتي هذا بينما يظل مجلس حقوق الإنسان حتى الآن صامتا بشأن تيجراي، باستثناء بيان مشترك سلمته ألمانيا نيابة عن 42 دولة في 26 فبراير 2021.
إن اتباع المجتمع الدولي لمقاربة قوية ومتفانية وجادة في مواجهة أزمة حقوق الإنسان في تيجراي أصبح أمر عاجل وبالغ الأهمية، نظرًا لخطورة الجرائم والطبيعة المعقدة للوضع ومشاركة مختلف الأطراف فيه. فبعد7 أشهر من الانتهاكات الجسيمة، لم يعد بإمكان مجلس حقوق الإنسان الصمت. لذا يجب أن يتخذ المجلس إجراءات عاجلة لمعالجة الأزمة، والوفاء بولايته لمنع انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة والمنهجية، كما يتعين عليه الاستجابة الفورية لحالات الطوارئ.
وفي هذا الإطار، نحث بعثاتكم على العمل من أجل اعتماد قرار في الجلسة الـ 47 لمجلس حقوق الإنسان يتضمن؛
- الإقرار بالمخاوف الخطيرة التي أعرب عنها المفوض السامي لحقوق الإنسان، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية، والممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع، والمستشارون الخواص المعنيون بمنع الإبادة الجماعية والمسئولية عن الحماية، وغيرهم من كبار مسئولي الأمم المتحدة فيما يتعلق بالاتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في تيجراي؛
- مطالبة المفوضة السامية بتقديم تقرير عن تحقيقاتها ونتائجها وتوصياتها حتى الآن فيما يتعلق بوضع حقوق الإنسان في تيجراي إثيوبيا، خلال الجلسة الـ 48 لمجلس حقوق الإنسان، على أن يتضمن التقرير الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويتم في سياق حوار تفاعلي معزز؛
- دعوة لجنة التحقيق التابعة للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب إلى إطلاع مجلس حقوق الإنسان على تحقيقاتها في الحوار التفاعلي المعزز، وذلك خلال الجلسة الـ 48 للمجلس؛
- التشديد على الدور المهم لولاية الوقاية الخاصة بمجلس حقوق الإنسان، على النحو المبين في القرار رقم 45/31، ودعوة المفوض السامي إلى إحاطة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بين الجلسات، وكذا إطلاع مجلس حقوق الإنسان، على الوضع في تيجراي.
إن تبني مثل هذا القرار من شأنه توفير أساسًا ملموسًا لمجلس حقوق الإنسان لاتخاذ قرار بشأن الإجراءات اللازمة لضمان المساءلة ومنع المزيد من الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان في تيجراي.
وتفضلوا بقبول فائق اﻻحترام،
المنظمات الموقعة:
- المدافعون الأفارقة (شبكة المدافعون الأفارقة عن حقوق الإنسان)
- منظمة العفو الدولية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- التحالف العالمي من أجل مشاركة المواطنين (سيفيكس)
- مشروع المدافعين عن حقوق الإنسان في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي (ديفيند ديفيندرز)
- المركز العالمي للمسئولية عن توفير الحماية
- مركز العدالة العالمي
- هيومن رايتس ووتش
- الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
- معهد مونتريال لدراسات الإبادة الجماعية وحقوق الإنسان
- مكتب رابطة الكونيين الموحدين في الأمم المتحدة
- الحركة الفيدرالية العالمية / معهد السياسة العالمية
[1] منظمة العفو الدولية، إثيوبيا: مذبحة أكسوم، 26 فبراير 2021؛ هيومن رايتس ووتش، إثيوبيا: القوات الإريترية تقتل مدنيين من قبيلة تيجراي، 5 مارس 2021.
Share this Post