بيان منظمات المجتمع المدني الختامي للجلسة الـ 52 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة
بيان مشترك
إن اختيار هذا المجلس تجاهل نتائج بعثة تقصي الحقائق بشأن ليبيا وإنهاء ولايتها، في الوقت الذي يتواصل فيه ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وغياب أية علامة على تراجعها، هو أمر مروع. وتتضمن الجرائم الاعتقال التعسفي، والقتل، والاغتصاب، والإتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي، والقتل خارج نطاق القانون، والإخفاء القسري أثناء الاحتجاز، وتدابير قمعية متزايدة بحق المجموعات المدنية.
في بيانه أمام المجلس، وجه ديفيد يامبيو، وهو لاجئ في ليبيا تم تجنيده قسرًا من جانب ميليشيات الردع في ليبيا وإرساله لجبهات الحرب، تساؤل لدول الأمم المتحدة الأعضاء، حول ماهية الجهة المفترض بها توثيق الانتهاكات في ليبيا، بعد إلغاء ولاية بعثة تقصي الحقائق بشأن ليبيا؟ بما في ذلك الانتهاكات المرتكبة بحق المهاجرين، وكيفية بلوغ الضحايا العدالة والمساءلة؟ ينبغي على مجلس حقوق الإنسان إشعار الضحايا وذويهم بأهميتهم، بدلاً من استرضاء أمراء الحرب والمسئولين غير الخاضعين للمساءلة، والتأكيد على أن ارتكاب الجريمة له ثمن ولا أحد فوق القانون.
وفقًا لتوصيات بعثة تقصي الحقائق،على المجلس، كمسألة ذات أولوية، تشكيل آلية تحقيق دولية مستقلة، وتشكيل آلية مستقلة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان لرصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإبلاغ عنها.
إننا نشعر بقلق عميق إزاء الضغط المتواصل لتقويض اللغة المتعلقة بالتمييز والعنف على أساس النوع الاجتماعي، والذي يتضح في التعديلات المقدمة لاستبدال مصطلح النوع الاجتماعي بالجنس، أو المستجيبة للنوع الاجتماعي بمراعاة النوع الاجتماعي، في متن القرارات. ويعد هذا الأمر استمرارًا للاتجاه السائد في جلسات مجلس حقوق الإنسان لتعمد استخدام المعلومات المضللة لمهاجمة المساواة بين الجنسين، وتدابير معالجة التمييز القائم على النوع الاجتماعي. وفي هذا السياق، نُذكّر الدول بالتزامها بمنع التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي والقضاء عليهما، إذ أن هذا الأمر ليس اختياريًا ولا ينبغي تقليص نطاقه.
كما نعرب عن قلقنا من محاولات بعض الدول التشكيك في حقيقة أن البيئة النظيفة والصحية والمستدامة هي حق إنساني عالمي، رغم الاعتراف بهذا الحق من جانب مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي سياق أزمة الكوكب الثلاثية والمطالب القوية لتحقيق العدالة البيئية في جميع أنحاء العالم. هذا بالإضافة لقلقنا المتنامي بشأن الجهود المتزايدة والمنسقة لتقويض أو حذف اللغة المعيارية بشأن الحاجة إلى «نهج يستند إلى حقوق الإنسان» في التنمية وغيرها من جداول أعمال الحقوق، وتقديم مفاهيم بديلة غير محددة ومكررة مثل «نهج قائم على الناس».
من جهة أخرى، نرحب باعتماد قرار بشأن حق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة. إذ أن حقيقة الرفض واسع النطاق لجميع التعديلات المطروحة، وعدم دعوة أي دولة للتصويت في نهاية المطاف، يظهران مدى أهمية هذا الحق لعمل مجلس حقوق الإنسان وللمجتمع الدولي ككل.
كما نرحب بالقرار المتعلق بمساهمة مجلس حقوق الإنسان فيما يتعلق بـآثار سياسة المخدرات على حقوق الإنسان، والذي يأتي في وقت حرج، بينما تستعد الدول لاستعراض منتصف المدة العام المقبل للإعلان السياسي لعام 2019. يؤكد هذا القرار دور مجلس حقوق الإنسان، باعتباره الهيئة الرئيسية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بالمساهمة في تعزيز حقوق الإنسان في جميع أنحاء منظومة الأمم المتحدة. القرار يعتمد نهجًا يتمحور حول حقوق الإنسان والصحة العامة، بما في ذلك الحد من الضرر، ويرفض بعض التعديلات المقدمة لإضعاف هذا النهج. إلا أننا نعبر عن أسفنا لتبني التعديلات الأخرى التي تهدف لاستمرار النهج الضار والعقابي تجاه المخدرات. وندعو الدول الآن لضمان امتثالها لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان في تصميم وتنفيذ سياسات المخدرات.
نحن نؤمن بأن مشاركة المجتمع المدني تمثل حجر الزاوية في مجلس حقوق الإنسان. هذه المشاركة تجلب أصواتًا من المجتمعات والمنظمات المحلية التي يمكنها إبلاغ مجلس حقوق الإنسان بشكل فعال بأولويات واحتياجات حقوق الإنسان على أرض الواقع. رغم ذلك، فإن تدابير الطوارئ الخاصة وقيود الميزانية المستمرة التي اعتمدها مجلس حقوق الإنسان في 2019 و2020 و2021 و2022، إلى جانب التدابير المعتمدة للاستجابة لأزمة كورونا، وخطة التراث الاستراتيجي الجارية، قد أسفرت عن تقييد مشاركة المجتمع المدني في مجلس حقوق الإنسان.
وبينما نقدر عودة التظاهرات الموازية، فإننا نطلب من المجلس مواصلة العمل مع مكتب الأمم المتحدة في جنيف ونيويورك لضمان استمرار عقد الندوات والفعاليات على هامش الجلسات في خضم تنفيذ خطة التراث الاستراتيجي. كما نكرر دعواتنا إلى مجلس حقوق الإنسان للحفاظ على الأساليب المختلطة –بما في ذلك المشاركة عن بعد في جميع المناقشات والمشاورات غير الرسمية– لجميع المراقبين في مجلس حقوق الإنسان والدول ومنظمات المجتمع المدني التي تتمتع بوضع المجلس الاقتصادي والاجتماعي– باعتبارها مكملة للمشاركة الشخصية.
كما نطالب بإعادة تركيز المناقشات العامة في جلسات يونيو وإبقائها غير مقيدة، وضمان عدم إعطاء الأولوية للكفاءة على الفعالية والخبرة والشمولية، بما في ذلك من خلال معالجة النقص المزمن في تمويل ركيزة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. علاوةً على ذلك، ينبغي ضمان قدرة المجتمع المدني على الوصول إلى مجلس حقوق الإنسان والتواصل معه بحرية وأمان. إذ لا ينبغي ترهيبهم أو تعرضهم لأعمال انتقامية مرتبطة بهذا التعاون.
نرحب بتجديد ولاية المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان، تزامنًا مع الذكرى الخامسة والعشرين للإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان، والذكرى الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ إذ يعكس هذا أن عمل المدافعين دون عوائق هو جزء لا يتجزأ من إعمال جميع حقوق الإنسان، لا سيما أولئك الذين عانوا من التمييز أو القمع. ونرحب كذلك بتجديد ولاية المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، في الذكرى الثلاثين لتشكيل الولاية. فعلى مدار 30 عامًا، مارست هذه الولاية دورًا أساسيًا في وضع مجموعة قوية من المعايير الدولية وتشكيل كيفية فهمنا للحق في حرية التعبير في العصر الرقمي، فضلًا عن الاستجابة للانتهاكات، والمساعدة في ضمان المساءلة والعدالة. كما نرحب أيضا بتجديد ولاية المقرر الخاص المعني ببيع الأطفال والاعتداء الجنسي عليهم واستغلالهم جنسيًا. وتغيير عنوان الولاية بما يتماشى مع إرشادات لوكسمبورج وإدراج الأطفال بين أصحاب المصلحة الذين ينبغي التشاور معهم.
ونرحب بالقرار المتعلق بحالة حقوق الإنسان في بيلاروسيا في الفترة السابقة للانتخابات الرئاسية عام 2020 وما بعدها، نظرًا للتقرير القوي للمفوض السامي بعد فحص المفوضية السامية لحقوق الإنسان لحالة حقوق الإنسان في بيلاروسيا، والحاجة لتجديد ولاية الآلية. ورغم ذلك، فإننا نعرب عن خيبة أملنا لأن دعوة المنظمات البيلاروسية والدولية لتشكيل آلية تحقيق مستقلة تم تجاهلها.
في سياق متصل، فإننا نرحب بتوافق الآراء أثناء اعتماد القرار بشأن حالة حقوق الإنسان في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، الذي يجدد ولايات المقررين الخواص ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في سيول، باعتبارهم السبل الرئيسية لضمان المساءلة. وقد أظهر اعتماد الإجماع عزلة حكومة كوريا الشمالية والإدانة العالمية لانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان لشعبها. ومن ثم، يتعين على الدول دعم الجهود لتوثيق وحفظ أدلة الجرائم للمحاكمات المستقبلية، واستكشاف مسارات مختلفة لمحاسبة المسئولين عن الجرائم الدولية الجسيمة المرتكبة في كوريا الشمالية.
كذلك، نرحب بالقرار المتعلق بالتعاون مع جورجيا، ونحث جورجيا بقوة على الاستمرار في التركيز على مواجهة تحديات حقوق الإنسان في الإقليم الخاضع لسيطرتها، وليس فقط في الأراضي الجورجية في أبخازيا ومنطقة تسخينفالي/ أوسيتيا الجنوبية.
وبينما نرحب بالقرار المتعلق بالمساعدة التقنية في هايتي، فإننا نأسف لأن مجلس حقوق الإنسان استغرق سنوات قبلما يعيد وضع هايتي مرة أخرى لجدول أعماله. فمنذ توقف الخبير المستقل في مارس 2017، تدهورت حالة حقوق الإنسان في هايتي بسرعة. وقد أدت الأزمة الأمنية لتفاقم عدم المساواة، ودفعت بآلاف الهايتيين إلى النزوح قسرًا. وقد لوحظ هذا الوضع في تقرير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في فبراير 2023 ومن جانب المفوض السامي نفسه بعد زيارته الرسمية في وقت سابق من هذا العام. ونرحب أيضا بأن القرار ينص على إنشاء مكتب للمفوض السامي في المستقبل.
كما نرحب باعتماد القرار بشأن حالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية، وتغيير النهج من قرار إجرائي بحت يجدد ولاية المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران إلى قرار أكثر جوهرية يعالج بعض القضايا الرئيسية المثيرة للقلق، بما في ذلك الانتهاكات المرتكبة في سياق قمع الاحتجاجات الأخيرة، وانتهاكات حقوق النساء والفتيات والأقليات، والاستخدام غير القانوني لعقوبة الإعدام، والإفلات المستمر من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان. ولأول مرة على الإطلاق، تبنى مجلس حقوق الإنسان قرارًا يعرب من خلاله بشكل جماعي عن قلقه من هذه الانتهاكات «الواسعة الانتشار والمتكررة والمستمرة» ويحث السلطات الإيرانية على اتخاذ إجراءات بشأنها. كما نثني على الدعم المتزايد من الدول من جميع المناطق لهذا القرار، ونلاحظ مع التقدير أن المعارضة لتجديد الولاية قد تراجعت بشكل كبير في هذه الجلسة، الأمر الذي يعكس المخاوف المتزايدة بشأن حالة حقوق الإنسان في إيران منذ قمع الاحتجاجات التي بدأت في سبتمبر 2022 بعد وفاة جينا مهسا أميني رهن الاحتجاز.
نرحب بالقرار المتعلق بحالة حقوق الإنسان في ميانمار الذي يُبقي الوضع على رأس جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان، ونعيد تأكيد إدانة المجلس الجماعية للتجاوزات والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في البلاد. ومع ذلك، فإننا نأسف لأنه رغم الدعوات الواضحة والمتكررة من المقرر الخاص والمجتمع المدني، فشل المجلس مرة أخرى في الدعوة لفرض حظر شامل على الأسلحة على ميانمار لمنع الانتهاكات المستمرة، لا سيما الضربات الجوية العشوائية على المدنيين والبنية التحتية المدنية.
ونرحب بالقرار المتعلق بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في نيكاراغوا الذي يوطد ولايات فريق خبراء حقوق الإنسان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ويمدها لمدة عامين، مع التركيز الجديد على العنف ضد الشعوب الأصلية وأصحاب الأصل الأفريقي، والمشردين قسرًا الذين تم تهجيرهم قسرًا وتجريدهم من الجنسية، والأعمال الانتقامية، بما في ذلك الممارسات بحق أنيكسا كونينغهام عضوة آلية الخبراء المعنية بحقوق الشعوب الأصلية. ويُعد التمديد الاستثنائي لمدة عامين انعكاسًا واضحًا للتدهور المستمر وخطورة أزمة حقوق الإنسان في البلاد –حيث وثق فريق الخبراء جرائم ضد الإنسانية، يغذيها افتقار الحكومة غير المسبوق للمشاركة مع نظام الأمم المتحدة. وبفضل قرار التمديد، سيتمكن فريق الخبراء من تعميق تحقيقاته، وتحديد الجناة، والحفاظ على الأدلة لعمليات العدالة.
نرحب بالقرار الخاص بحالة حقوق الإنسان في أوكرانيا، الناجمة عن العدوان الروسي. وقد كان تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة واضحًا «جرائم الحرب المُرتكبة في أوكرانيا وأنماط الانتهاكات الجسيمة تشير لاحتمال ارتكاب جرائم أخرى أيضًا، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية». ونظرًا للحاجة إلى مزيد من التحقيق، فإن لجنة حقوق الإنسان على حق في تمديد لجنة التحقيق لسنة أخرى.
كذا فإننا نرحب بتجديد ولاية لجنة التحقيق بشأن سوريا، وندعو المجلس لمواصلة دعم التدقيق والمساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في سوريا. ونرحب باللغة الواردة في القرار لدعم تشكيل آلية دولية للمفقودين في سوريا، وندعو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى دعم تشكيل مثل هذه الآلية في الجمعية العامة.
نرحب باعتماد قرار يمدد ولاية لجنة حقوق الإنسان في جنوب السودان. وتظل هذه الآلية حيوية نظرًا لأن الظروف التي دفعت المجلس إلى إنشاء المفوضية في عام 2016 لم تتغير بشكل كبير لتبرير تدقيق أقل. وفيما يتعلق بهذه الحالة وغيرها من الحالات القطرية، ينبغي للمجلس الوقوف بثبات في دعم المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة. ونشدد على أن التركيز على المساعدة التقنية البحتة وبناء القدرات لن يكون مناسبًا للتصدي للتحديات الخطيرة لحقوق الإنسان في جنوب السودان، ومن شأنه أن يزيد من جرأة أولئك الذين يرتكبون أخطر الجرائم.
نأسف لأن المجلس فشل في الاستجابة بشكل مناسب للعديد من حالات حقوق الإنسان بما في ذلك الجزائر والصين ومصر والهند والمملكة العربية السعودية.
كما نأسف لأن المجلس فشل في الاستجابة للوضع في الجزائر. منذ بداية حركة الحراك المؤيدة للديمقراطية في الجزائر، تمت محاكمة أكثر من 5500 جزائري بسبب ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم الأساسية. وبحسب توثيق النشطاء في البلاد، فإن أكثر من 70٪ من المحتجزين رهن الحبس الاحتياطي السابق للمحاكمة. وفي سياق تصعيد القمع بحق النشطاء وإغلاق الفضاء المدني، تتم محاكمة أكثر من 500 شخص استنادًا لما يسمى بتهم الإرهاب بموجب المادة 87 مكرر 2021 المعدلة من قانون العقوبات. وبين عامي 2022 و2023، حُكم على أربعة جزائريين بالسجن لمدد تتراوح بين 10 و15 عامًا استنادًا لهذه المادة. فيما واصلت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة رصد الوضع في الجزائر، لا سيما الاستخدام المتزايد من جانب السلطات لقوانين الأمن القومي لمقاضاة الأشخاص الذين يمارسون حقوقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات ودق ناقوس الخطر بشأن «مدى قمع المعارضة في الجزائر». في بيانها الصادر في 22 فبراير 2023، تناولت المقررة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان حل اثنتين من أهم جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، وقالت: «يجب إنهاء أعمال الترهيب والقمع ضد حركة حقوق الإنسان». وفي سياق مراجعة الاستعراض الدوري الشامل، فشلت الجزائر، عضو المجلس، في التعاون مع المجلس وآلياته؛ إذ لم تقبل الجزائر عدة توصيات مهمة، لا سيما فيما يتعلق بتعديل قانون مكافحة الإرهاب ليتوافق مع متطلبات القانون الدولي؛ لضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وكذا الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التجمع والتعبير.
نأسف لفشل المجلس المستمر في الاستجابة بشكل هادف لتقرير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في شينجيانغ من خلال قرار بشأن الصين. إن «استثنائية الصين» في المجلس –التي يسهلها ولكن لا تُعزى فقط إلى المعايير المزدوجة المخزية لمنظمة التعاون الإسلامي– لا تضعف مصداقية المجلس فحسب، وإنما تقوض أيضًا ثقة الضحايا والمدافعين عن حقوق الإنسان في كل مكان في قدرة المجلس على الرد على الجرائم الدولية التي ترتكبها أقوى الحكومات. مع وجود حكم تاريخي عاجل أصدرته لجنة القضاء على التمييز العنصري في نوفمبر، وتوصيات لا حصر لها لهيئات المعاهدات، وتقرير مفوضية حقوق الإنسان، وثلاثة بيانات مشتركة من جانب أكثر من 40 خبيرًا في الإجراءات الخاصة، لا يمكن لمنظومة الأمم المتحدة أن تكون أكثر وضوحًا: إن الأزمة حادة، وينبغي أن يكون الرد على ذلك مماثلًا.
كما نأسف لعدم استجابة المجلس للوضع في مصر. إذ تطالب منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية المجلس بتبني قرار بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر. ووفقًا للمعايير الموضوعية التي التزمت الدول بتطبيقها بشأن ما إذا كان الوضع يستحق اهتمام المجلس؛ فإن حالة حقوق الإنسان في مصر تستحق اهتمامه. رغم ذلك، تم رفض طلب المجتمع المدني لتدخّل مجلس حقوق الإنسان في الجلسة الـ 52؛ إذ حضرت المدافعة عن حقوق الإنسان سناء سيف، شقيقة المدافع البريطاني المصري عن حقوق الإنسان علاء عبد الفتاح، إلى المجلس للمطالبة بالإفراج عن شقيقها والآلاف الآخرين المحتجزين تعسفيًا في مصر. وقالت للمجلس «لا يمكنكم غض الطرف عن مصر»، وحثت المجلس على معالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر.
نأسف لأن المجلس فشل مرة أخرى في الاستجابة للوضع في الهند، رغم التراجع المنهجي للحريات الأساسية وسيادة القانون والمؤسسات المستقلة بالإضافة إلى المضايقات والترهيب والتجريم المستمر لعمل المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين واستهداف منظمات المجتمع المدني تحت ذريعة الأمن القومي وقوانين مكافحة الإرهاب. ويتحمل المجلس أيضًا مسئولية اتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع الجرائم الفظيعة المحتملة بحق الأقليات، لا سيما المسلمين، نتيجة تصاعد التمييز والتحريض على العنف من جانب القادة القوميين الهندوس في كثير من الأحيان.
ونأسف لفشل المجلس في الاستجابة للوضع في السعودية؛ إذ أن الوضع يفي بالمعايير الموضوعية. ووفقًا لتقرير منظمة القسط السنوي لعام 2022، تواصل السلطات السعودية ارتكاب أنماط الانتهاكات، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والعقوبات الشديدة بالسجن بسبب نشاط سلمي ومشروع على وسائل التواصل الاجتماعي، والإخفاء القسري، والتمييز المنهجي بين الجنسين، والقيود القاسية على سجناء الرأي المفرج عنهم، بما في ذلك حظر السفر، مما يزيد من تعميق مناخ الخوف. نكرر دعوتنا لمجلس حقوق الإنسان لتشكيل آلية للرصد والإبلاغ عن حالة حقوق الإنسان المتدهورة باستمرار في المملكة العربية السعودية.