ختام الجلسة الـ52: على مجلس حقوق الإنسان مواصلة رصد الجرائم في ليبيا والضغط على السلطات المصرية والجزائرية لتحويل ادعاءاتهما لإصلاحات ملموسة

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, دول عربية, مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة by CIHRS

اختتم مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في 4 أبريل الجاري فعاليات جلسته الـ 52، والمنعقدة في الفترة بين 27 فبراير و4 أبريل 2023. وفيها قدمت بعثة تقصي الحقائق الأممية بشأن ليبيا تقريرها الأخير للمجلس، بعدما وافق على إنهاء ولايتها. وقد أبدت المنظمات الحقوقية على مستوى العالم في بيان مشترك صدمتها الشديدة من تجاهل المجلس للنتائج الخطيرة التي توصلت إليها البعثة، واعتبرت أن قبوله إنهاء ولاية هذه البعثة الأممية بمثابة تشجيع للميليشيات والجماعات المسلحة على مواصلة ارتكاب جرائمهم دون خوف من العقاب أو المساءلة. بينما أقر المجلس تجديد ولاية لاية لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا.

ومن جانبه ركز مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وشركائه من المنظمات الحقوقية العربية والإقليمية والدولية خلال هذه الجلسة، على أوضاع حقوق الإنسان في 6 دول عربية، هي مصر وسوريا والجزائر واليمن وفلسطين وليبيا. وذلك من خلال 8 بيانات شفهية، فضلاً عن تنظيم والمشاركة في 6 ندوات عامة على هامش الجلسة، تطرقت للإشكاليات الحقوقية وأوضاع حقوق الإنسان في هذه البلدان، على النحو المفصل أدناه؛



ليبيا

انتقد المركز وشركاؤه، في بيان شفهي مشترك أمام المجلس في 1 أبريل فشل القرار الصادر خلال هذه الجلسة بشأن ليبيا في الاعتراف بالجرائم واسعة النطاق التي وثقتها بعثة تقصي الحقائق الأممية، معتبرًا أن «اللامبالاة التي أبداها المجلس والدول الأعضاء، إزاء جرائم الاغتصاب والمجازر والاتجار بالبشر، وغيرها من الجرائم التي ترتكبها جهات فاعلة حكومية وغير حكومية بحق المواطنين الليبيين والمهاجرين على حد سواء، أمر مروّع». وكان المركز قد انتقد أيضًا قبل ذلك بأيام في بيانشفهي أخر يوم 22 مارس، صمت مجلس حقوق الإنسان عن مواجهة الانتهاكات الحقوقية المتواصلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحديدًا في مصر واليمن والجزائر وليبيا.

على هامش فعاليات هذه الجلسة، شارك المركز في تنظيم ندوة عامة يوم 6 مارس بعنوان "سبل المساءلة في ليبيا"، قدم فيها المتحدثون ملخص حول حالة حقوق الإنسان في ليبيا، بالتركيز على أوضاع المهاجرين واللاجئين، وتصاعد التضييق على المجتمع المدني المحلي والدولي العامل في ليبيا. وفي 27 من الشهر نفسه، شارك المركز أيضًا في  ندوة عامة، تبنت مطلب أهمية الحفاظ على آلية مراقبة دولية أممية خاصة بليبيا، وضرورة تشكيل مجلس حقوق الإنسان لآلية دائمة ومستقلة جديدة للرصد والإبلاغ عن الجرائم المرتكبة في ليبيا، لا سيما بعد انقضاء ولاية الآلية الأممية الحالية.

الجزائر

في سياق آلية الاستعراض الدوري للملف الحقوقي للجزائر أمام الأمم المتحدة، انتقد مركز القاهرة، في بيان شفهي في 28مارس، امتناع الحكومة الجزائرية عن قبول توصيات من الدول الأعضاء تعزز الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، ورفضها معالجة قضية الاعتقالات التعسفية، مشيرًا للعديد من الوقائع التي تدحض الادعاءات التي قدمتها الجزائر أمام الأمم المتحدة بشأن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.

وفي 27 مارس، سلط المركز الضوء على الانتهاكات المتواصلة التي ترتكبها السلطات الجزائرية، بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والمؤسسات الحقوقية، وذلك في ندوة بعنوان «تدمير الحريات في الجزائر: ماذا بعد؟». وفيها ناقش المشاركون كيف تم توظيف تشريعات مكافحة الإرهاب كذريعة لقمع الحريات الأساسية في الجزائر، وانعكاسات هذه التشريعات على مصادرة المجال العام وتقويض عمل المجتمع المدني.

وفي بيان المنظمات الحقوقية المشاركة في الجلسة الختامية، انتقد المركز مع غيره من المنظمات فشل المجلس في الاستجابة بشكل مناسب للوضع المتدهور في الجزائر منذ بداية حركة الحراك المؤيدة للديمقراطية، بما في ذلك تنامي المحاكمات للنشطاء بسبب ممارسة حقوقهم وحرياتهم الأساسية، وتصعيد القمع بحقهم، وإغلاق الفضاء المدني،فضلاً عن الاستخدام المتزايد من جانب السلطات الجزائرية  لقوانين الإرهاب وقوانين الأمن القومي لمقاضاة الأشخاص الذين يمارسون حقوقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

مصر

خلال هذه الجلسة، سلط مركز القاهرة الضوء على حجم التناقض بين الإصلاحات المزعومة من الحكومة، وواقع أزمة حقوق الإنسان في مصر، فعلي سبيل المثال لا الحصر، بينما تروج السلطات المصرية للإفراج عن أكثر من 800 سجين استجابة لعمليات الفحص وأعمال لجنة العفو، اعتقلت في الفترة نفسها 2700 آخرين بتهم سياسية. وبالمثل ارتفعت أحكام الإعدام في 2022 مقارنة بعام 2021، ورغم انتقادات محلية ودولية متكررة لسير المحاكمات ولهذه العقوبة.

هذا ما ورد في تقرير المنظمات الحقوقية (أزمة متعمدة) والذي تم تقديمه قبيل الجلسة الـ52، بمناسبة  انقضاء نصف المدة على عملية الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري أمام الأمم المتحدة، مؤكدًا حجم التراجع عن الوعود التي قطعتها السلطات المصرية على نفسها خلال عملية الاستعراض. فما كان من السلطات المصرية إلا أن حجبت موقع مركزالقاهرة الذي نشر هذا التقرير!

الأمر نفسه تطرق له بيان المركز أمام المجلس في 15 مارس، والذي قدمته الناشطة سناء سيف، وانتقدت فيه تراجع الدول الأعضاء عن الضغط على السلطات المصرية لتحسين الأوضاع الحقوقية في مصر ما بعد مؤتمر المناخ cop27، وكيف حنثت هذه الدول بوعودها في كثير من الملفات الحقوقية ومنها قضية شقيقها المحتجز الناشط المصري/البريطاني علاء عبد الفتاح.

كما انضم المركز لبيان مشترك أخر في 28 مارس؛ سلط الضوء على المضايقات والقيود المتواصلة التي تفرضها السلطات المصرية على حركة حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق الإنسان. وضمت المنظمات أصواتها لدعوة المفوض السامي الحكومة المصرية للإفراج عن السجناء السياسيين ورفع القيود المفروضة على المجال العام.

وفي ختام الجلسة، أعربت أكثر من 16 منظمة حقوقية حول العالم، من بينهم مركز القاهرة، عن آسفها لعدم استجابة المجلس للوضع في مصر.  وطالبت بتبني قرار أممي بشأن حالة حقوق الإنسان في مصر في الجلسة القادمة. 

سوريا

في البيان الختامي عن المنظمات الحقوقية المشاركة في الجلسة، رحب المركز بتجديد ولاية لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا،ودعا مع غيره من المنظمات إلى مواصلة دعم التدقيق والمساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في سوريا. كما رحب البيان باللغة الواردة في القرار لدعم تشكيل آلية دولية للمفقودين في سوريا،مطالبًا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بدعم تشكيل مثل هذه الآلية  في الجمعية العامة.

وكان مركز القاهرة والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير قد أعربا في  بيان شفهي أمام مجلس حقوق الإنسان في 21 مارس، عن تقديرهما لجهود لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في مواصلة رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. مؤكدين على ضرورة الالتزام بتوصيات لجنة التحقيق المستقلة بإحالة ملف سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية؛ لمحاسبة كافة الضالعين بارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

اليمن وفلسطين

في 6 مارس، شارك مركز القاهرة في ندوة عامة على هامش الجلسة تحت عنوان؛ "نحو مسار سلام دائم في اليمن." وفيها قدم ممثلون عن المجتمع المدني تحديثات حول أبرز مستجدات الأزمة الإنسانية في اليمن، كما قدموا توصيات محددة للمجلس والدول الأعضاء والمجتمع المدني من أجل استكشاف السبل الممكنة لبلوغ السلام في اليمن، من خلال آليات الأمم المتحدة وبقيادة يمنية، تدفع نحو السلام المستدام لليمن.

وفي 28 مارس، شارك مركز القاهرة في ندوة عامة على هامش فعاليات الجلسة؛ تحت عنوان "الحرمان من المنزل والأسرة: الإقامة وحقوق المواطنة في ظل نظام الفصل العنصري." ناقشت الندوة قوانين وسياسات إسرائيل التمييزية بشأن الإقامة وحقوق المواطنة للشعب الفلسطيني، وكيف تساهم هذه السياسات في تفتيت وعزل الفلسطينيين ضمن جريمة الفصل العنصري الإسرائيلي المرتكبة بحقهم.    

مزيد من التطورات في الجلسة 52 لمجلس حقوق الإنسان:

جدير بالذكر أن الجلسة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة شهدت أيضًا تجديد ولاية المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان،  والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بالإتجار بالأطفال والاعتداء الجنسي عليهم واستغلالهم جنسيًا. كما قدمت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالحقوق الثقافية تقريرها بشأن الحقوق الثقافية والهجرة، والذي أقر مواجهة الفنانين والمثقفين لتحديات خطيرة، رغم دورهم المؤثر في عملية الإدماج الثقافي والاجتماعي لأعداد هائلة من النازحين والمهاجرين على مستوى العالم.

Share this Post