اعتمد البرلمان الأوروبي، الخميس 11 مارس 2021، قرارًا بشأن الصراع السوري – بعد 10 سنوات من النزاع، بأغلبية كبيرة من الأصوات؛ إذ صوّت لصالح القرار568 نائبًا، بينما عارضه 79، وامتنع 37 آخرون عن التصويت. وذكّر أعضاء البرلمان الأوروبي المجتمع الدولي، في نصّ القرار، بخطورة وحجم انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع في سوريا، بما في ذلك القتل والاحتجاز والإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة، والعنف الجنسي والاغتصاب والتهجير والتطهير العرقي واضطهاد الأقليات، مما تسبب في أزمة إنسانية رهيبة.
دعا أعضاء البرلمان الأوروبي النظام السوري إلى الإفراج الفوري عن 130 ألف معتقلاً سياسيًا محتجزين، بمن فيهم نساء ورجال وأطفال مختفين قسريًا. وفي هذا الصدد، حثّ أعضاء البرلمان الأوروبي الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على تسهيل تشكيل آلية مستقلة بتفويض وقيادة دولية، تهتم بتحديد مكان المفقودين أو أماكن رفاتهم، بما في المقابر الجماعية.
جدير بالذكر أن هذه الدعوة تستند إلى التوصية التي قدمتها لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا في تقريرها الصادر في مارس 2021، وتبنّتها المفوضة السامية لحقوق الانسان، والممثّل السامي للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسية والأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، والمجتمع المدني السوري.
تقول اليزابيث الرغيبي الباحثة المختصة في شئون بلاد المشرق بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “لا يزال الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري من بين أكثر التحديات إلحاحًا وتهديدًا لحقوق الإنسان في سوريا، إذ يقبع عشرات الآلاف في السجون، خاصّة من قبل الحكومة السورية. ومن ثم فالإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير ومكان المختفين قسريًا يعد من الأولويات العاجلة للسوريين والمجتمع المدني. وهو ضروري لتحقيق العدالة والمساءلة والإنصاف للضحايا وعائلاتهم.”
يعيد القرار الأوروبي التأكيد على الحاجة إلى المساءلة في سوريا، والتحذير من أن الإفلات من العقاب يسمح باستمرار ارتكاب المزيد من الجرائم. لذا، شدد القرار على ضرورة محاكمة المسئولين عن الجرائم الدولية، وحثّ جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على التعاون الكامل لمكافحة الإفلات من العقاب، في إطار خطة عمل للاتحاد الأوروبي. كما رحّب القرار بالجهود الأوروبية في هذا الصدد، لا سيّما تلك التي تقودها هولندا لرفع دعاوى قضائية ضد سوريا أمام محكمة العدل الدولية لانتهاكها اتفاقية الأمم المتحدة ضد التعذيب.
يؤكد قرار البرلمان الأوروبي على أن سوريا ما زالت غير آمنة لعودة اللاجئين، ويدعو دول الاتحاد الأوروبي إلى الامتناع عن حرمان اللاجئين السوريين من وضعهم المحمي. كما حث القرار الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء على مواصلة دعم وتقديم المساعدة الإنسانية للاجئين والنازحين السوريين.
أخيرًا، ولضمان المساعدة الإنسانية المبدئية للسوريين بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان، دعا القرار الممثل السامي للاتحاد الأوروبي ونائب رئيس المفوضية بوريل إلى تطوير سياسة قوية تضمن بذل العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان، فيما يتعلّق بالمشاركة المحتملة للاتحاد الأوروبي في عملية إعادة الإعمار، وذلك بالتعاون مع المجتمع المدني السوري.
Share this Post