Mauro Lima / unsplash.com
Mauro Lima / unsplash.com

الانتقال في سوريا على المحك: تقرير لمركز القاهرة حول نضال المجتمع المدني من أجل شراكة فاعلة

في البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, تقارير متخصصة, دول عربية

أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان اليوم تقريرًا جديدًا بعنوان: «لن نقف مكتوفي الأيدي: الانتقال في سوريا بعيون المجتمع المدني.» تستند مخرجات التقرير إلى 30 مقابلة مع فاعلين في المجتمع المدني داخل سوريا وفي الشتات، فضلًا عن تحليل قانوني وسياسي للسياق العام، وبحوث وتقارير موثقة. ويستعرض التقرير الفرص والتهديدات المتزايدة التي تتعلق بمشاركة المجتمع المدني في مسار الانتقال في سوريا.

تقول آمنة قلالي، مديرة البحوث في مركز القاهرة: «يُعد دور المجتمع المدني من أهم مقومات بناء سوريا ديمقراطية وسلمية. فخبرته وثقة المجتمعات المحلية فيه لا غنى عنهما لإنقاذ البلاد من مزيد من الانقسام والتفكك. لذا ينبغي على الحكومة الانتقالية والمجتمع الدولي، والفاعلين المدنيين أنفسهم، العمل بجدية لضمان أن يكون المجتمع المدني قوة محورية في رسم مستقبل سوريا.»

شكّل سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024 نقطة تحول في نضال السوريين الطويل من أجل الديمقراطية والكرامة والحرية، بعد عقود من الاستبداد والقمع. إلا أن الفرصة السانحة لانتقال شامل في سوريا مهددة بسياسات الحكم الإقصائي للحكومة الانتقالية، وانعدام الأمن، والمجازر الطائفية، والتدخلات العسكرية الأجنبية من إسرائيل وتركيا. وقد أعرب العديد من المشاركين في المقابلات عن مخاوفهم من أن يكرس هذا الانتقال ممارسات سلطوية تحت مسميات جديدة. فرغم عمل منظمات المجتمع المدني السورية منذ سنوات على تقديم مقترحات للأطر السياسية والقانونية للمرحلة الانتقالية ومرحلة ما بعد النزاع، تم تهميش العديد منها، وتقليص دورها في الحوار الوطني وصياغة الدستور، والاكتفاء بمشاركات رمزية ومحدودة، وذلك بدلًا من اعتبارها شريك فاعل في رسم مستقبل ديمقراطي لسوريا.

أجمع المشاركون في المقابلات على اتساع مساحة عمل المجتمع المدني نسبيًا بعد سقوط نظام الأسد، مما سمح بهامش أكبر لحرية التعبير والتجمع والتنقل. ومع ذلك، أدرجوا متطلبات التسجيل والموافقة المسبقة على الأنشطة كعوائق رئيسية تحد من قدرتهم على العمل. كما أكدوا على أهمية استحداث إطار قانوني يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

تطرق التقرير أيضًا إلى أثر سياسات وتشريعات الحكومة الانتقالية على البنية الداخلية لمنظمات المجتمع المدني السورية، وعلى العلاقات فيما بينها، وذلك في ظل تبنيها مقاربات مختلفة بشأن التعامل مع الحكومة، وتصاعد العنف والخطاب الطائفي، مما أدى إلى توتر العلاقات فيما بينها، بحسب العديد من المشاركين في المقابلات.

«قد يتقبل السوريون أن هذه المرحلة تتطلب قرارات صعبة، لكن ما نحتاجه هو نقاشات شفافة ومعلومات واضحة. طريقة إدارة الأمور لا تعكس أي نية للشراكة، بل تُظهر ببساطة أن هناك قائدًا، وعلى الجميع أن يصطفوا خلفه.»

بكري زين الدين من مبادرة مدنية (مبادرة سورية تهدف إلى تعزيز الدور السياسي للمجتمع المدني السوري، وتضم شبكة من أكثر من 200 منظمة)

التقرير قدم أيضًا مجموعة من التوصيات لتعزيز مشاركة المجتمع المدني في مسار الانتقال في سوريا، إذ طالب:

  • الحكومة السورية الانتقالية؛ بإلغاء القوانين المقيدة، ومواءمة التشريعات مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ووضع خارطة طريق إصلاحية شفافة تتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254؛
  • المجتمع المدني السوري؛ بمواصلة جهوده، رغم غياب الدعم الرسمي، وبناء التحالفات وتعزيز جهود بناء السلام، والتوثيق، والمناصرة؛
  • الشركاء الدوليون؛ بتقديم دعم سياسي ومالي وتقني مستدام للمجتمع المدني السوري، وتوظيف أدواتهم الدبلوماسية لتعزيز إشراكه في عمليات صنع القرار.

وفي ختامه، أكد التقرير على ضرورة أن يكون السوريون منخرطون بشكل أساسي وكامل في صياغة مستقبلهم. فالمشاركة الحقيقية للمجتمع المدني ضرورية لانتقال موثوق، وسلام دائم، وإعادة بناء اجتماعي. بينما الفشل في تنفيذ الإصلاحات اللازمة ينذر بتكرار أخطاء تحولات سياسية سابقة شهدت إقصاءً وانفرادًا بالسلطة أدى لتنامي الاضطرابات وترسخ القمع.

«لن نقف مكتوفي الأيدي»

الفترة الانتقالية في سوريا من منظور المجتمع المدني

ملخص تنفيذي

«لم يكن هدفنا يومًا مجرّد إسقاط النظام؛ بل بناء دولة شاملة تتسع لجميع السوريين»

مصطفى سعد ، صحفي شئون عامة من اللاذقية.

شكّل سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024 نقطة تحوّل حاسمة في الكفاح طويل الأمد لسوريا من أجل الديمقراطية والكرامة والحرية، بعد عقود من الحكم السلطوي والقمعي. غير أن آفاق التعافي المستدام والتماسك الاجتماعي ترزح اليوم تحت التهديد؛ نتيجة سياسات الحكومة السورية الإقصائية المفتقرة للشفافية، واستمرار الصراعات الداخلية، وتصاعد وتيرة الخطاب الطائفي والعنف، فضلًا عن التدخلات العسكرية الأجنبية، لا سيما من إسرائيل وتركيا.

كانت الحكومة السورية الانتقالية قد وعدت في البداية بإشراك جاد للمجتمع المدني في مسار المرحلة الانتقالية، بما في ذلك الحوار الوطني، وإتاحة بيئة عمل حرة للمجتمع المدني، وإفساح المجال لتعاونه مع الجهات الفاعلة الحكومية. وبعد تسعة أشهر، باتت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها والمقرّبون منها يهيمنون على المناصب والسياسات الحكومية، كما تم استبعاد الأصوات المستقلة بوجه عام، بما فيها منظمات المجتمع المدني، رغم ما تمثله من قيمة جوهرية. فمنذ بداية الصراع الممتد منذ أربعة عشر عامًا، كان لمنظمات المجتمع المدني السورية دورًا لا غنى عنه في تقديم الخدمات الإنسانية العاجلة، وبناء الثقة مع المجتمعات المحلية، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان، والدعوة إلى المحاسبة، واقتراح حلول للتحديات التي تواجه سوريا حاليًا. وقد اكتسبت من خلال هذه التجارب والمساهمات فهمًا أعمق لحجم تأثير الصراع على المجتمعات والانقسامات الاجتماعية والإصلاحات اللازمة من أجل نجاح المرحلة الانتقالية.

وفي محاولة لفهم طبيعة التحديات التي تواجه المجتمع المدني السوري اليوم، أعد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان هذا التقرير مستندًا إلى مقابلات مع 30 منظمة مجتمع مدني وناشطًا من داخل سوريا وفي الشتات. وقد اتفق جميعهم على أن المجال العام قد اتسع منذ سقوط نظام الأسد، فأتاح هامشًا أوسع نسبيًا لحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتنقّل. غير أن هذه الفرص لا تزال شديدة الهشاشة، إذ مازال العمل المدني يواجه الكثير من التحديات تتمثل في؛ التهديدات الأمنية، والقوانين المقيِّدة، والسياسات الإقصائية، والحوكمة المفتقرة للشفافية. فضلاً عما تكابده منظمات المجتمع المدني المحلية من نقاط ضعف داخلية تتعلق بضعف البنية المؤسسية وغياب الرؤية طويلة المدى، نتيجة العمل لسنوات في ظروف استثنائية تحت وطأة العقوبات والقمع وشح التمويل. ومع تغيّر الأولويات، تجد هذه المنظمات الآن صعوبة في التكيف مع الإطار الجديد، وتطوير استراتيجياتها، والمشاركة في مسار الانتقال.

كشف المشاركون في المقابلات أيضًا، بمن فيهم الذين على تواصل مع الحكومة السورية الانتقالية، عن تزايد مخاوفهم من مسار سلطوي ناجم عن السياسات المثيرة للجدل التي تنتهجها الحكومة الحالية، ولا سيما تركيز السلطة في أيدي هيئة تحرير الشام والجماعات المرتبطة بها ومجموعة من القيادات الدينية. وقد عبّر المشاركون عن وجهات نظر متباينة إزاء الحكومة السورية الانتقالية، إذ أبدت الغالبية القلق إزاء مسار العملية الانتقالية، لكن أبدوا في الوقت نفسه استعدادًا للتواصل المباشر مع الحكومة أو أفادوا بأنه على تواصل معها بالفعل.

شملت المقابلات أيضًا ممثلين عن الأقليات، خصوصًا من الساحل وشمال شرق سوريا. ورغم ما أبدوه من إحباط إزاء بعض سياسات الحكومة السورية الانتقالية، رأى ثلاثة منهم أن هذه السياسات نابعة من الخبرة المحدودة للحكومة، وأنها تبذل أقصى ما تستطيع في ضوء الموارد المتاحة. وفي المقابل، أعربت المجموعات التي تُركز على لضحايا ويقودها الناجون على إحساسها بالتهميش، وخاصة بعد تعيين مسلحين متهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة في مناصب أساسية. كما أبدت هذه المجموعات قلقًا متناميًا إزاء تفاقم الانقسامات الاجتماعية. وأشارت بعضها، على وجه التحديد، إلى مخاوفها من عدم القدرة على العمل بحرية في توثيق الانتهاكات التي ارتكبها هؤلاء أشخاص، الذين باتوا اليوم في مواقع السلطة.

المنظمات النسائية أبدت بدورها قلقًا أكبر إزاء المسار السلطوي، وكانت الأقل استعدادًا للانخراط في العمل مع الحكومة. إذ أعربت منظمتان فقط من أصل سبعة منظمات نسائية عن استعدادها للتعاون مع الحكومة السورية الانتقالية، إحداهما في شمال شرق سوريا والأخرى في شمالها.

لقد أتاح السياق الجديد فرصًا للتعاون والتواصل بين منظمات المجتمع المدني في مختلف المناطق، ووفّر مساحة أوسع وأكثر حرية نسبيًا. وقد استغلت بعض المنظمات هذه الفرصة لتوسيع شراكاتها أو توسيع نطاق عملها إلى مناطق كانت محرومة من الخدمات إبّان فترة حكم نظام الأسد، أو لدعم مبادرات جديدة في مناطق أخرى. ومع ذلك، ما تزال التحديات الداخلية والخارجية القائمة تُقيد هذه الفرص بشدة. إذ أفاد المشاركون في المقابلات من مختلف أنحاء سوريا بأنه رغم وجود مساحة مدنية حرة نسبيًا من الناحية التقنية، إلا أن المخاوف الأمنية تحد من هذه الحرية. كما أن الخطاب الطائفي وأعمال العنف المستمرة والمضايقات على نقاط التفتيش في المنطقة الساحلية والسويداء، والتي غالبًا ما تنطوي على مشاركة قوات حكومية، قد أعاقت العمل المدني في هذه المناطق المتأثرة بأحداث العنف.

وفي الوقت الذي من شأنه أن يسهم توحيد صفوف منظمات المجتمع المدني في إتمام عملية الانتقال السياسي بشكل ناجح، أشار المشاركون إلى أن اختلاف المقاربات في التعاطي مع الحكومة الانتقالية قد أسفر عن توتر العلاقات بين المنظمات وبعضها البعض. فبينما يصطف البعض بشكل قوي مع الحكومة سعيًا إلى النفوذ أو الموارد أو الحماية، يرى آخرون في ذلك (خيانة) لاستقلالية المجتمع المدني. كما رفضت بعض المنظمات حتى الاتصال المباشر بالحكومة السورية الانتقالية، مشيرة إلى انعدام ثقة عميق بسبب خلفيتها الإسلامية وممارساتها غير الشفافة في الحكم.

أما منظمات المجتمع المدني في شمال شرق سوريا وشمالها والساحل والسويداء فقد انتاب الكثير منها الإحباط إزاء ازدواجية المعايير، لا سيما بعد إعطاء بعض المنظمات الأولوية لضحايا نظام الأسد دون غيرهم، والتردّد في إدانة الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة السورية الانتقالية ودعم ضحاياها. ويزيد تصاعد الخطاب الطائفي وأعمال العنف من هذه التوترات، إذ أفاد مشاركون من السويداء والساحل بتوتر علاقاتهم مع الشركاء عقب أحداث العنف الطائفي في هذه المناطق. بالإضافة إلى تنامي التوترات بين منظمات المجتمع المدني المحلية وبين تلك العائدة من الشتات، في ظل التنافس على الحضور في المجال العام وعلى موارد التمويل المحدودة.

يجب أن يكون السوريون في طليعة الجهود التي تصوغ مستقبلهم؛ فمشاركتهم الفعّالة تُعد أمرًا حاسمًا لضمان انتقال ناجح وإحلال سلام مستدام وإعادة بناء النسيج الاجتماعي. بينما النزعة الإقصائية والسلطوية تهدد بتكرار أخطاء تجارب انتقالية فاشلة في دول أخرى وتمهد لترسيخ القمع.

وفي المقابل، أفادت منظمات حقوق النساء بوجود ديناميات مختلفة نسبيًا، مع توتر أقل ومستويات أعلى من التعاون فيما بينها مقارنة بالمجتمع المدني الأوسع. ورغم تباين مواقفها بشأن الانخراط مع الحكومة السورية الانتقالية، فقد اتفقت معظم المنظمات النسوية على رؤية مشتركة للإصلاحات المطلوبة، وتبنى موقفًا متشككًا إزاء الحكومة، مستشهدة بتواصل الانتهاكات بحق النساء وبالخلفيات الإشكالية للقائمين على السلطة.

التشريعات المقيِّدة أيضًا لا تزال تشكّل عقبة رئيسية أمام العمل المدني. إذ تبقى قوانين الأسد الخاصة بالجمعيات سارية المفعول، رغم عدم وضوح نية الحكومة السورية الانتقالية في مدى صرامة تطبيقها. فبينما أبدى معظم المشاركون تخوفهم من سيطرة الدولة على المجتمع المدني، طالبوا جميعًا بتحديث القوانين المنظمة لعمله، بما يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، واعتماد نظام الإخطار لتسجيل المنظمات دون الحاجة لانتظار موافقة حكومية، تماشيًا مع المعايير الدولية. إذ تشير منظومة التراخيص المؤقتة المعمول بها حاليًا، وإجراءات التسجيل المطوّلة، ومتطلبات الموافقة المسبقة على كل نشاط، إلى استمرار سيطرة الحكومة السورية الانتقالية على الفضاء المدني. وقد دفعت هذه السياسات بعض المنظمات، خصوصًا في السويداء وتلك العاملة في مجال حقوق النساء، إلى العزوف عن التسجيل.

تعرّضت الجهود الحكومية المتعلقة بالعدالة الانتقالية والمصالحة المجتمعية والمحاسبة لانتكاسات بسبب هيمنة هيئة تحرير الشام والمؤيدين لها، واستبعاد الجرائم غير المرتبطة بنظام الأسد، والدور الشكلي لمنظمات المجتمع المدني والخبراء. وقد أعرب جميع المشاركين في المقابلات عن قلق بالغ إزاء مدى شرعية وشمولية واستقلالية الحوار الوطني والإعلان الدستوري ومؤسسات الدولة المعنية بالعدالة الانتقالية. ووصف معظمهم تواصل الحكومة السورية الانتقالية مع المجتمع المدني بأنه سطحي، يفتقر لأي فعل حقيقي أو تأثير على السياسات. فضلاً عن استبعاد منظمات المجتمع المدني المحلية مقارنة بالجهات الفاعلة الدولية، إذ خلص معظم المشاركين إلى أن المشاركة الفعلية للمنظمات المحلية تتطلب دعمًا دوليًا.

يجب أن يكون السوريون في طليعة الجهود التي تصوغ مستقبلهم؛ فمشاركتهم الفعّالة تُعد أمرًا حاسمًا لضمان انتقال ناجح وإحلال سلام مستدام وإعادة بناء النسيج الاجتماعي. وقد خلُص التقرير إلى جملة من التدابير التي يمكن أن تعتمدها منظمات المجتمع المدني لتعزيز مشاركتها، كما سيعزز اعتمادها من قِبَل الحكومة السورية الانتقالية والمجتمع الدولي والجهات الفاعلة الدولية من دور هذه المنظمات.

فمن جهة، بوسع منظمات المجتمع المدني أن تعزّز دورها، حتى من دون دعم حكومي، من خلال دفع جهود بناء السلام، وحفظ الأدلة والذاكرة، ورفع الوعي، وتعبئة القواعد الشعبية، وسياسات المناصرة، والتعاون بين المجتمعات المحلية ومجموعات الشتات. كما أن للجهات الفاعلة الدولية دورًا لا يقل حيوية. إذ يمكنها ضمان إشراك منظمات المجتمع المدني في التخطيط وصنع القرار، وتوفير تمويل مستدام ودعم بناء القدرات، والضغط على السلطات من أجل إرساء آليات مشاركة فعّالة. أما الحكومة السورية الانتقالية فيتعين عليها إلغاء القوانين المقيِّدة للجمعيات، ومواءمة التشريعات مع معايير حقوق الإنسان، واعتماد خارطة طريق إصلاحية شفافة تتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 2254. كما ينبغي أن تشرع الحكومة في إطلاق حوار وطني حقيقي وشامل. ويُعد مثل هذا الحوار عملية محورية لجمع مختلف أطياف المجتمع السوري وضمان تمثيل وسماع أصوات الفئات المهمَّشة، بما في ذلك المكوّنات العرقية والدينية والثقافية، والمجتمعات المحلية، والمجموعات السياسية، والجهات الفاعلة والمجتمع المدني.

إن الفشل في تنفيذ هذه الإصلاحات ينطوي على خطر تكرار أخطاء تجارب انتقالية فاشلة في دول أخرى، حيث أدت النزعة الإقصائية والسلطوية إلى تجدّد عدم الاستقرار وترسيخ القمع.

المنهجية

يتناول هذا التقرير التحديات التي يواجها المجتمع المدني السوري خلال المرحلة الانتقالية الجديدة عقب سقوط نظام الأسد، وما يتطلّبه ذلك من إصلاحات إدارية وتشريعية وحكومية، كما يُسلّط الضوء على الفرص المتاحة للدعم الدولي من أجل ضمان مشاركة حرّة وآمنة وفعّالة لمنظمات المجتمع المدني السوري خلال الفترة الانتقالية.

خلال الفترة بين مايو 2025 وحتى أكتوبر 2025، أجرى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مقابلات مع 30 فاعلاً في المجتمع المدني السوري، بهدف رصد أي تغيّرات قد طرأت على الرؤى والخبرات. وفيما تحدث البعض بصفة شخصية، فضل آخرون المشاركة باسم منظماتهم، بينما قدم كثيرون مزيجًا من الرأي الشخصي ووجهة النظر المؤسسية. وقد وافق البعض على الكشف عن هويته بينما حُجبت بعض الأسماء بناء على طلب أصحابها. وقد أُجريت جميع المقابلات بشكل فردي، باللغة العربية، عبر منصة إلكترونية آمنة. هذه المقابلات تسلط الضوء على أصوات المجتمع المدني السوري المتنوعة، ولا تقترض بالضرورة تمثيل جميع أطرافه حصرًا.

وبالإضافة إلى المقابلات، تولى فريق البحث بالمركز مراجعة التشريعات الوطنية، والسياسات والأوامر التنفيذية، وقرارات الأمم المتحدة، والمعاهدات الدولية، والتعليقات العامة، فضلًا عن المواد ذات الصلة المتاحة من مصادر مفتوحة وموثوقة، بما في ذلك وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان. كما حاول التقرير مراعاة تأثير تطورات الأوضاع في سوريا طول فترة البحث وحتى سبتمبر 2025.

وفي محاولة لتمثيل تنوّع المجتمع المدني السوري، حاول المركز مراعاة التنوع في اختيار المشاركين في المقابلات لضمان تمثيل طيف واسع من الخلفيات والتخصص والمناطق الجغرافية. فمن جميع المقابلات يتسع نطاق العمل في 17 منظمة ليشمل مناطق مختلفة داخل سوريا؛ بينما تركز أربعة منظمات على شمال غرب سوريا، واثنان على شمالها، وثلاثة على الجنوب، وأربعة في المناطق الساحلية. كما تضمنت المقابلات منظمات تعمل في مجال تمكين المجتمع المدني، والعدالة الانتقالية، وبناء السلام، وحقوق المرأة. إذ شملت المقابلات سبع منظمات تُعنى بحقوق المرأة، وثلاث منظمات معنية بالحقوق المدنية والسياسية، في حين عرّف 6 مشاركين أنفسهم باعتبارهم جزء من منظمات أو مبادرات يقودها الضحايا أو الناجون من الانتهاكات.

جدير بالذكر أن المركز وجه رسالة إلى وزارة الخارجية والمغتربين السورية بتاريخ 24 سبتمبر 2025، لمشاركة نتائج هذا التقرير وطلب التعليق عليها. ولم يرد أيّ رد من الوزارة حتى موعد نشر التقرير.1

قائمة التعريفات

منظمات المجتمع المدني: أي مجموعات رسمية أو غير رسمية من الأفراد يجمعهم هدف مشترك للعمل الجماعي أو التعبير أو الترويج أو السعي أو الدفاع عن مجال من مجالات الاهتمام المشترك. هذه المجموعات غير حكومية، وغير ربحية، وسلمية، وتتمتع بإدارة ذاتية، وتسعى إلى تحقيق مصالح وقيم مشتركة في مجالات الحياة المختلفة، بما في ذلك المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية والعلمية.2

الفضاء المدني: البيئة التي تُمكّن الأفراد والجماعات من المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمجتمعاتهم، من خلال الجهود الرسمية وغير الرسمية التي تتيح لهم الإسهام في صنع السياسات واتخاذ القرارات، والمشاركة في العمليات السياسية وبناء السلام.3

هيئة تحرير الشام: جماعة مسلّحة كانت تعمل أساسًا كسلطة شبه إدارية بحكم الأمر الواقع في المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال غرب سوريا. وقد أعادت تشكيل نفسها من جماعة سلفية جهادية عابرة للحدود إلى جماعة إسلامية أكثر تركيزًا على الشأن السوري، وسعت منذ ذلك الحين إلى الظهور بصورة عامة أكثر اعتدالًا. وتُعد (جبهة النصرة) التنظيم الأصلي الذي انبثقت منه الهيئة، وكان يهدف إلى إسقاط نظام الأسد وإقامة دولة إسلامية. وحتى عام 2025، كانت مُدرجة كجماعة إرهابية من قبل العديد من الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة، ومجلس الأمن بالأمم المتحدة (القرار 2179 لعام 2014)، والاتحاد الأوروبي.

قوات سوريا الديمقراطية: تحالف تقوده وحدات كردية ويحظى بدعم الولايات المتحدة، ويشكّل القوة المسلحة الرئيسية للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. تسيطر هذه القوات على نحو 30% من الأراضي السورية. ولا تزال قوات سوريا الديمقراطية منخرطة في عمليات قتل خارج نطاق القانون، واعتقالات تعسفية، وحالات إخفاء قسري، فضلًا عن ممارسات التعذيب في مراكز الاحتجاز.4

الجيش الوطني السوري: هو تنظيم جامع لتشكيلات من الميليشيات المدعومة من تركيا وعدة دول خليجية. يسيطر على أجزاء من شمال سوريا قرب الحدود التركية. وله دور محوري في إدارة شئون المناطق الخاضعة لسيطرته، بما في ذلك إدارة الوضع الأمني، وعمل منظمات المجتمع المدني، ومؤسسات الحكم المحلي.5

السياق العام

سقوط النظام

في 27 نوفمبر 2024، تصاعد الصراع في شمال غرب سوريا إلى اشتباكات مسلحة عنيفة أدت إلى تغييرات كبيرة في توزيع مراكز السيطرة على الأراضي بين فصائل المعارضة والقوات الحكومية، وذلك عقب عملية (ردع العدوان) التي شنّها تحالف من قوى المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام.6 وبحلول 8 ديسمبر، كان التحالف قد تمكن من السيطرة على معظم المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الأسد، بينما أفادت تقارير بأن بشار الأسد قد فر من البلاد، وأُعلن رسميًا انهيار نظامه.

شكّل سقوط النظام في البداية نافذة أمل وفرصة للتغيير في عموم البلاد، لكن سوريا لا تزال بعد مرور تسعة أشهر على تولي الحكومة السورية الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام، تعاني من وطأة الإرث الثقيل لحكم الأسد. فقد خلّفت عقود من السلطوية والقمع المنهجي والتأجيج المتعمد للانقسامات الطائفية والعرقية ندوبًا عميقة تعيق مساعي إنجاز مصالحة وإصلاح فعليين.

تواجه الحكومة السورية الانتقالية اليوم بيئة مليئة بالتحديات الصعبة التي تهدد مسار الانتقال الهش في سوريا وفرص التعافي. فمعظم قادتها الآن من شخصيات مرتبطة بهيئة تحرير الشام؛ إسلاميين، مقاتلين سابقين، يفتقرون إلى الخبرة السياسية، سبق وشاركوا في الصراع الذي استمر أربعة عشر عامًا، بل أنهم متورطين في انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان بحق المدنيين. هذا السجل المقلق، فضلاً عن أعمال العنف التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد خلال الأشهر الأخيرة بمشاركة جماعات مرتبطة بالسلطة، لا يقوّضان مصداقية الحكومة السورية الانتقالية فحسب، بل يحولان دون فرص التعافي المستدام، لا سيما تحقيق سلام دائم وإعادة البناء المجتمعي المطلوب.

لا تزال البلاد مجزّأة تتنافس فيها فصائل مختلفة على السلطة والنفوذ. ورغم أن الحكومة السورية الانتقالية تمثل السلطة الحاكمة الرئيسية في أجزاء واسعة من سوريا، إلا أنها تفتقر إلى السيطرة الكاملة؛ إذ تواصل قوات سوريا الديمقراطية 7 إدارة أجزاء من الشمال الشرقي، فيما تخضع مناطق الجنوب السوري لقيادة مستقلة مع تدخل محدود من الحكومة السورية الانتقالية. ورغم الاندماج الرسمي تحت إشراف وزارة الدفاع، لا يزال الجيش الوطني السوري 8 يحتفظ بسلطته في إدارة عملياته اليومية. ويزيد من تعقيد فرص استقرار سوريا استمرار احتلال أراضيها من قِبل دول أخرى. فمع سقوط النظام، شنّت إسرائيل غارات جوية مكثفة لتدمير القدرات العسكرية السورية ووسّعت احتلالها لأراض سورية. وفي الشمال، ما زالت عدة مناطق قرب الحدود خاضعة بحكم الأمر الواقع لسيطرة تركيا، حيث تنتشر آلاف الجنود الأتراك وميليشيات حليفة مع وجود قواعد عسكرية ونقاط مراقبة.

شكّل سقوط النظام في البداية نافذة أمل وفرصة للتغيير في عموم البلاد، لكن السجل المقلق للحكومة الانتقالية وتورط معظم قادتها في انتهاكات مروعة سابقة، وافتقارهم للخبرة السياسية، فضلاً عن أعمال العنف التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد بمشاركة جماعات مرتبطة بالسلطة، قوضوا مصداقية الحكومة الانتقالية وعرقلوا فرص التعافي المستدام وإعادة البناء المجتمعي المطلوب.

في مارس 2025، أعلنت الحكومة السورية الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية عن اتفاق لتوحيد هياكل الحكم والأمن. وبحلول نهاية 2025، يُفترض أن يتم دمج جميع المؤسسات العامة والقوات العسكرية الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية ضمن إطار الحكومة السورية الانتقالية. كما نصّ الاتفاق على الاعتراف بالمجتمع الكردي بوصفه جزءً أصيلًا من سوريا، وضمان كامل حقوقه الدستورية والتمثيل والمشاركة السياسيين، 9 في خطوة تبشر بانفراج للمجتمع الكردي بعد عقود من القمع والمحو المنهجي لحقوقه وثقافته في ظل نظام الأسد. مع ذلك، فإنه حتى سبتمبر 2025، لم يُنفَّذ الاتفاق بعد، إذ لا يزال الطرفان يواجهان صعوبة في الالتزام الكامل ببنوده وتعهداته.

تتجدد الاشتباكات بين الحين والآخر في مناطق عدة، مما يزيد الوضع الأمني تعقيدًا. إذ ارتفعت بشكل ملحوظ منذ 8 ديسمبر الماضي وتيرة الهجمات بحق الأقليات، لا سيما العلويين والدروز، مع تسجيل حالات قتل على أساس الهوية وخطف ومضايقات، خصوصًا على نقاط التفتيش. فضلًا عن اعتقالات جماعية تعسفية.10 وفي 6 مارس الماضي اندلعت اشتباكات بين بقايا قوات نظام الأسد وفصائل تابعة للنظام الحالي في منطقة الساحل السوري، مما أدى إلى مقتل أكثر من 1500 شخص، يُقدّر أن نحو ثلثهم من المدنيين.11 كما وثّقت مصادر موثوقة حالات إعدامات ميدانية، شملت أحيانًا عائلات بأكملها، ويبدو أنها استندت إلى دوافع طائفية، خصوصًا في محافظات طرطوس واللاذقية وحماة، وارتكبتها في الغالب جماعات مسلحة تابعة للحكومة الانتقالية.12

في 28 أبريل، نُسبت إلى أحد زعماء الدروز رسالة صوتية مسيئة للنبي محمد، الأمر الذي أسفر عن اندلاع احتجاجات. وأدّى تصاعد خطاب الكراهية ضد الدروز، وما تلاه من هجمات مسلحة شنتها مجموعات سنّية على أحياء ذات أغلبية درزية في ريف دمشق والسويداء، إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين.13 وانحسرت الاضطرابات في 30 أبريل بعد توصل ممثلي الدروز والحكومة الانتقالية إلى هدنة.14 وبشكل عام، يتواصل انقسام قادة الدروز الثلاثة في السويداء في موقفهم من الحكومة الانتقالية. إذ يتواصل اثنان منهم مع الحكومة الانتقالية، بينما يرفض الثالث أي تواصل رفضًا قاطعًا، ويدعو إلى توفير حماية أجنبية، بما في ذلك دعم إسرائيل والولايات المتحدة.

في 13 يوليو، اندلعت اشتباكات بين مجموعات مسلحة من الدروز والبدو، مما استدعى تدخل القوات المسلحة السورية. وأفادت مصادر موثوقة بوقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات قتل خارج نطاق القانون بحق الدروز والبدو. وبحلول 21 يوليو كانت الاشتباكات قد أودت بحياة أكثر من 500 مدني، منهم 196 شخصًا على الأقل – بينهم 8 أطفال و30 امرأة – يُعتقد أنهم أُعدموا ميدانيًا، فضلًا عن إضرام النيران بأكثر من 33 قرية.15

كما أن تورط إسرائيل في سوريا يفاقم من تقويض الاستقرار والأمن. فخلال الاشتباكات، بدأت إسرائيل بشن غارات جوية على مواقع حكومية في السويداء، وفي مناطق أخرى، بما في ذلك وزارة الدفاع في دمشق.

ما قبل التغيير السياسي

بدأ الصراع السوري الذي استمر أربعة عشر عامًا مع اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، عندما خرج الناس إلى الشوارع مطالبين بمزيد من الحريات والإصلاحات السياسية. وقد قوبلت الاحتجاجات السلمية بقمع وحشي، إذ واجه نظام الأسد المتظاهرين بالقوة المميتة، والاعتقالات الجماعية التعسفية، والتعذيب، والعنف الجنسي، والإخفاء القسري. وحتى قبل انتفاضة 2011، كانت حكومة الأسد تستهدف المعارضين وتقمع الحريات لأمد طويل.16 وبعد الانتفاضة، تصاعد قمع النظام بشكل كبير، إذ لجأت قواته إلى هجمات عسكرية واسعة النطاق بحق المعارضة وقصف جوي عشوائي استهدف المدنيين، بما في ذلك باستخدام أسلحة كيميائية.17 وهي أفعال صنفت كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفق قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة عام2021، 18 ولجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، 19 وآلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة.20

خلفت سنوات الصراع مئات الآلاف من الضحايا المدنيين وآلاف المفقودين والمختفين قسريًا.21 وحتى 24 يوليو 2025، ما زال 90 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، فيما يحتاج 16.5 مليون شخص داخل سوريا، بينهم 6.5 مليون طفل، إلى مساعدات إنسانية.22 كما شهدت البلاد واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، إذ بلغ عدد اللاجئين والنازحين داخليًا أكثر من 13 مليون سوري مع نهاية حكم الأسد.23 ومنذ ذلك الحين عاد أكثر من 1.5 مليون نازح داخلي و600 ألف لاجئ إلى مناطقهم الأصلية.24

بحلول 8 ديسمبر 2024، كانت أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان مستمرة بلا هوادة في مختلف أنحاء سوريا، فيما ظلت الحريات السياسية ترزح تحت وطأة القيود الشديدة. وواصلت قوات النظام شن هجمات على مناطق مدنية مكتظة بالسكان حتى الأيام الأخيرة من حكم الأسد. وفي عام 2024، كان حزب البعث وحلفاؤه قد ضمنوا غالبية مقاعد البرلمان، وسط توقعات واسعة بأن يقرّ البرلمان تعديلًا دستوريًا يمدد حكم الأسد إلى ما بعد موعد انتهاء ولايته المقرر في عام 2028. كما تفاقمت الأزمات الاقتصادية والإنسانية، لا سيما بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على حكومة الأسد، وعلى القطاعين المصرفي والتجاري. ورغم أن هذه العقوبات فُرضت ردًا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها النظام، إلا أنها ألحقت أضرارًا غير مباشرة وعنيفة على سبل عيش المدنيين، وقيّدت استيراد الإمدادات الضرورية من الوقود والأدوية والغذاء وغيرها من الأساسيات، وقوضت قدرة المنظمات الإنسانية على الاستجابة لهذه الاحتياجات الهائلة.

تعرّضت جهود المحاسبة وإحلال السلام في سوريا لعرقلة متكررة من قبل أطراف رئيسية في الصراع، بما في ذلك روسيا وحلفاؤها، والولايات المتحدة وحلفاؤها، فضلًا عن دول عربية، وذلك رغم قرار مجلس الأمن رقم 2254 (2015) الذي دعا إلى وقف شامل لإطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي شامل.25 وبحلول عام 2025، كانت خطوات تطبيع العلاقات مع نظام الأسد قد شهدت تزايدًا، بما في ذلك إعادة عضوية سوريا في جامعة الدول العربية عام 2023، 26 والمبادرات الدبلوماسية من دول في الاتحاد الأوروبي، 27 والجهود التي بذلتها بعضها لتصنيف سوريا كبلد آمن لعودة اللاجئين.28

تطوّر المجتمع المدني في سوريا

عقب الاتحاد قصير الأمد بين سوريا ومصر، اعتمدت سوريا القانون المصري الصادر في عهد جمال عبد الناصر عام 1958 لتنظيم الجمعيات. هذا القانون لا يزال ساريًا حتى اليوم في سوريا، يتم من خلاله تقييد عمل الجمعيات، واضعًا إياها تحت رقابة حكومية مشددة، بما يجعل من شبه المستحيل أن تعمل المنظمات باستقلالية. وحتى عام 2011، قبيل اندلاع الثورة، كان الفضاء المدني يخضع لرقابة صارمة، ولم يكن يُسمح للمنظمات بالعمل إلا بوصاية كاملة من الدولة.29 لكن بعد الثورة، دخل العمل المدني مرحلة تاريخية جديدة. فقد اضطلعت المنظمات بأدوار محورية، شملت تنسيق وتوزيع المساعدات الإنسانية وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان. ورغم افتقارها للخبرة والموارد، واصلت هذه المنظمات عملها في ظل ظروف صراع محتدم، وهجمات مستمرة، وقصف متكرر، وحصارات متلاحقة. وزادت السياسات القمعية للنظام وتضاعف التضييق على عملها، ما أسفر عن هياكل تنظيمية هشة، وتمويل محدود، وفضاء مدني مقيد يفتقر إلى الشفافية والحرية.

كانت المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية نشطة في جميع المناطق، وإن اختلفت أدوارها بحسب الموقع الجغرافي. ففي المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، انحصر عمل منظمات المجتمع المدني في الغالب في الوظائف الإنسانية، إذ منعتها السلطات من الانخراط في أي أنشطة سياسية أو اجتماعية أو قانونية أو متعلقة بالحكم، وأخضعتها لرقابة أمنية صارمة.30 واتخذ نظام الأسد إجراءات لمنع تشكيل منظمات مستقلة؛ فعلى سبيل المثال، في مناطق حلب الخاضعة لسيطرته، أفادت تقارير بأنه ما لا يقل عن 40 منظمة من أصل 83 خلال الفترة بين عامي 2011 و2021 كانت مرتبطة بالنظام.31 في المقابل، كانت مشاركة منظمات المجتمع المدني في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق البلاد أكثر وضوحًا، إذ استفادت من بيئة أكثر انفتاحًا، وكان لها مجال أوسع للعمل يشمل بعض الأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق النساء. وفي المناطق الخاضعة لحكومة الإنقاذ السورية بقيادة هيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا، كان ثمة نشاط لمنظمات المجتمع المدني لكن مقيد. إذ فُرضت قيود شديدة على المشاركة السياسية والعمل الحقوقي، بينما كان هناك مجال أوسع نسبيًا للأنشطة الإنسانية. وفي شمال سوريا، سمح الجيش الوطني السوري والقوات التركية بهامش محدود للعمل في مجال الأنشطة الإنسانية وبعض أنشطة حقوق الإنسان، غير أن الانخراط في الشئون العامة والسياسية ظل محدودًا بدرجة كبيرة، وزاد من تعقيد الوضع غياب سلطة إدارية واضحة. وكانت الاتصالات والشراكات بين المنظمات في هذه المناطق المختلفة محدودة، بسبب تباين الأطر التنظيمية وانعدام حرية التنقل.32

حتى عام 2011، قبيل اندلاع الثورة، كان الفضاء المدني يخضع لرقابة صارمة، ولم يكن يُسمح للمنظمات بالعمل إلا بوصاية كاملة من الدولة. لكن بعد الثورة، اضطلعت المنظمات بأدوار محورية. ورغم افتقارها للخبرة والموارد، واصلت عملها في ظل ظروف صراع محتدم، وهجمات وقصف متكرر، وحصارات متلاحقة.

وباستثناء الخدمات الإنسانية، أثرت العقوبات المفروضة على سوريا بشدة على أعمال منظمات المجتمع المدني ومجموعات الإغاثة التي عانت بسبب محدودية التمويل. فقد تردّدت العديد من الجهات المانحة والبنوك الخاصة في التعامل مع منظمات داخل سوريا خشية الانتهاك غير المتعمد للوائح العقوبات. كما واجهت هذه المنظمات نقصًا كبيرًا في الأدوية والإمدادات والمعدات الأساسية. وبسبب العقوبات أيضًا، ترددت المنظمات غير الحكومية في استخدام أموال المانحين لإدراج سوريين من داخل البلاد في تدريبات أو ورش عمل أو مؤتمرات. وقد حدّت هذه العقوبات، إلى جانب القيود الشديدة على التأشيرات والسفر، من فرص هذه المنظمات في بناء القدرات والمشاركة في الأنشطة الدولية.

في المقابل، كانت المنظمات السورية في الشتات تتمتع بقدر وافر من الحرية، وفرص أكبر للحصول على التمويل وبناء القدرات. وقد أتاح لها ذلك اكتساب خبرات في قطاعات متعددة، رغم أن تمويلها ظل في معظمه قصير الأجل وموجهًا إلى مشاريع محددة.33 وكان لهذه المنظمات دورًا محوريًا في جهود إنسانية واسعة النطاق – لا سيما آليات المساعدات العابرة للحدود – فضلًا عن المناصرة والبحث وكسب التأييد على المستوى الدولي.34 كما توفرت لها السبل لرفع دعاوى تقاضي استراتيجية للمحاسبة على الفظائع التي ارتُكبت خلال الصراع السوري، خصوصًا أمام المحاكم الأوروبية، سواء عبر دعم التحقيقات الجارية التي تباشرها النيابات الأوروبية وتبادل الأدلة، أو من خلال إطلاق وتولي زمام دعاوى قضائية كاملة ضد الجناة.35 كذلك استفادت هذه المنظمات من شبكاتها وقنواتها الإغاثية وعلاقاتها داخل سوريا وفي الخارج، وشكّلت منصات للتنسيق وجمع التبرعات وتبادل المعلومات وجهود المناصرة المشتركة.36

بيئة جديدة للمجتمع المدني في سوريا

أثار سقوط النظام موجة من الفرحة في مختلف أنحاء سوريا وبين السوريين في الشتات، فاندفع معظم السوريين للشوارع احتفالًا. فبعد أكثر من خمسين عامًا من الديكتاتورية الوحشية، وأربعة عشر عامًا من صراع لا يهدأ، وبعد محاولات بعض الحكومات الأجنبية مؤخرًا لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، رأى كثير من السوريين في انهيار نظام الأسد حدثًا يفوق التصور ويصعب تصديقه.37 غير أن هذه اللحظة من الشعور الجماعي بالانعتاق سرعان ما أفسحت المجال أمام واقع معقّد في مرحلة ما بعد تغيير النظام.

أتاح السياق الجديد فرصًا للتعاون بين منظمات المجتمع المدني، ووفّر مساحة أوسع وأكثر حرية نسبيًا، لكن ما زالت تحديات داخلية وخارجية قائمة تُقيد هذه الفرص بشدة، فضلاَ عن القيود التشريعية، والمخاوف الأمنية، والخطاب الطائفي وأعمال العنف المستمرة التي تعيق العمل المدني.

يعمل المجتمع المدني اليوم في بيئة ما تزال متأثرة بإرث الحكم السلطوي. ويكابد صعوبة في التكيّف مع مشهد سريع التحول وغير متوقع، في ظل غياب اتجاه واضح للدولة. ويجد تحديًا في إعادة تقييم هياكله وأدواره واستراتيجياته من أجل انخراط طويل الأمد في المرحلة الانتقالية. الأمر الذي يتطلب إعادة التفكير في أساليب التواصل، وتعزيز التنسيق، وبناء شراكات بين المنظمات المحلية ومنظمات الشتات، بهدف بلورة رؤية مشتركة وأداء دور فاعل في رسم مستقبل سوريا. وتتفاقم وطأة هذه التحديات بفعل التوترات داخل المجتمع المدني على خلفيات طائفية واختلاف المقاربات إزاء الحكومة السورية الانتقالية. فضلاً عن تحديات خارجية تتسبب في عرقلة عمل منظمات المجتمع المدني، وفي مقدمتها التشريعات المقيِّدة، والممارسات المؤسسية القمعية، وتدهور الوضع الأمني في عموم البلاد. ورغم أن سقوط النظام أتاح مساحة أوسع لحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتنقّل، ما تزال المنظمات تواجه سياسات غير واضحة، ومتطلبات تسجيل معقدة، وتقلص فرص التمويل، الأمر الذي يحد من أنشطتها.

أولا: التحديات الداخلية

إعادة التخطيط في ظل نظام هش

تغيّرت الأولويات جذريًا في ظل عمل المنظمات في بيئة دائمة التحول وغير مستقرة، مما جعلها غير قادرة على متابعة الأهداف المخطط لها أو تطوير استراتيجيات جديدة. وكان الصراع المستمر طوال أربعة عشر عامًا قد أجبر نشطاء يفتقرون إلى الخبرة على إطلاق مبادرات تحولت لاحقًا إلى منظمات، وغالبًا ما جرى ذلك في ظل أوضاع يسودها انعدام الأمن، والقصف المستمر، وعدم استقرار تدفق التمويل، والطلب الهائل على الخدمات. ورغم أن هذه المنظمات اكتسبت مع الوقت خبرة كبيرة في تقديم المساعدات الإنسانية والخدمات، لكنها ظلّت، في غياب دعم الدولة، هشة من الناحية المؤسسية، تفتقر إلى رؤية طويلة المدى. بينما في المقابل تمتعت منظمات الشتات بفضاء مدني أوسع وأكثر أمانًا، وفرص تمويل أكبر؛ ما أتاح لها توسيع قدراتها ونطاق أنشطتها.

فبحسب إحدى المبادرات التي يقودها ناجون في الشتات، وتكافح لإعادة تموضعها في مجال المناصرة: «إن المناصرة أشبه ما تكون بالحرب؛ عليك أن تفهم نفسك وخصمك وساحة المعركة. في وقت من الأوقات كنا قد استوعبنا ذلك – أما اليوم فعلينا أن نتعلّم كل شيء من جديد. لقد تغيّرت التكتيكات، ولم يعد لدينا نفوذ دولي. وبات الدعم الدولي موجّهًا نحو الحكومة، وعلينا ابتكار أدوات ضغط جديدة.» 38

تواجه حملات المناصرة المتعلقة بحقوق المرأة مستوى إضافي من التحديات، في ظل الخلفية الإسلامية للحكومة والضبابية المحيطة بأيديولوجيتها المستقبلية، رغم تكرار الوعود بتعزيز مشاركة النساء في الشأن العام. فعلى سبيل المثال، كانت حملات المناصرة من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325 (لعام 2000)، الهادف إلى زيادة تمثيل النساء في جميع مستويات صنع القرار ضمن المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية ذات الصلة بالنزاعات، من أولويات منظمات المجتمع المدني العاملة على قضايا المرأة. إلا أن هذه الأولوية باتت محل مراجعة لدى بعض المنظمات اليوم، في حين تتمسك منظمات أخرى بمواصلة المطالبة بتنفيذ القرار 1325، واعتماد حصة بنسبة 30% للنساء في مؤسسات الدولة، وسن قوانين حديثة تضمن المساواة في الحقوق بين النساء والرجال.39

هذه التعقيدات تتفاقم بعمق في المناطق التي ما تزال تعاني من احتدام الصراع. في السويداء، تكافح منظمة جذور الحقوقية 40 لتحديد الأولويات وأشكال الانخراط المناسبة، في وقت يعمل فيه فريقها وسط صراعات متكررة وغموض سياسي. يقول مؤسسها أيهم عزام: « قبل انهيار النظام، كنّا نطالب بتفعيل الحق في المشاركة السياسية للنساء وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325. اليوم نتحدث عن خطف النساء وما إذا كنّ سيتمكن من النجاة. يبدو أننا مضطرون للبدء من الصفر في قضايا حقوق النساء. أي استراتيجية يمكنني وضعها بينما حتى شكل النظام الجديد غير واضح!» 41

وفي المقابل، حاولت بعض المنظمات إيجاد طرق للتعامل مع هذا الانتقال الضبابي والنظام الجديد غير الواضح. فعلى سبيل المثال، اختارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 42 اعتماد استراتيجيتين متتاليتين مدة كل منهما ستة أشهر، بدلًا من خطة سنوية واحدة، مما أتاح لها الحفاظ على مرونة عالية واستجابة سريعة للتغيرات المتلاحقة حولها. فبعد أربعة عشر عامًا من العمل السري، أصبح لدى الشبكة وغيرها فرصة لتوسيع نطاق عملهم. يقول منسق برامج الشبكة: «وقت نظام الأسد، كنا نجمع البيانات سرًا، معتمدين بشكل أساسي على الشهود دون أي إمكانية للوصول الميداني. كنا نعمل في خوف دائم، وكان طاقمنا معرضًا لمخاطر جسيمة وقيود أمنية صارمة. أما اليوم، فلدينا حرية أكبر في العمل العلني. توسّع نطاق وصولنا الميداني وأصبح أكثر سهولة، ويمكننا جمع البيانات بشكل مباشر، بل ونتعاون أحيانًا مع السلطات المحلية والحكومية. لدينا الكثير من الفرص الجديدة؛ أصبح بإمكاننا أخيرًا لقاء شركائنا القدامى وجهًا لوجه، ولأول مرة، نستطيع الانخراط في قضايا المساءلة والعدالة الانتقالية بشكل علني.» 43

أي استراتيجية يمكنني وضعها بينما حتى شكل النظام الجديد غير واضح

أتاح انتهاء حقبة الأسد فرصًا جديدة للتعاون بين منظمات المجتمع المدني عبر مختلف المناطق. فطوال فترة الصراع، وبسبب تشتت السلطة على الأراضي وتباين الأطر القانونية، حظيت بعض المناطق بفضاء مدني أقوى له تنظيم واضح وتمويل أكبر وخبرات أوسع، بينما حُرمت مناطق أخرى من ذلك. إذ كانت المناطق الخاضعة لقبضة الأسد القوية، مثل الساحل السوري، تفتقر إلى منظمات مجتمع مدني تعمل خارج نطاق خدمات الإغاثة. هذه المنظمات واجهت أزمة أكبر عند سقوط النظام.44 ورغم أن هذه المناطق تحظى اليوم بفرص أوسع للانخراط المدني، لكنها تعاني من محدودية الخبرة والقدرات التنظيمية والتشغيلية. وفي المقابل، وفّرت المناطق الخاضعة للمعارضة في كثير من الأحيان مساحة أكبر للتعبير والعمل المدني، ما أتاح بدوره فرصًا أفضل لبناء القدرات والحصول على التمويل والمشاركة في الشئون العامة.

ومع اتساع هامش الحركة والتنقل أضحت المنظمات أكثر قدرة اليوم على توسيع نطاق مهامها ومجال نشاطها، خصوصًا قدرتها على الوصول إلى المناطق المحرومة التي كانت خاضعة لسيطرة نظام الأسد، على أمل تعزيز فضاء مدني أكثر فاعلية وتنظيمًا في عموم سوريا. فعلى سبيل المثال منظمة RDI الحقوقية 45 والتي كان نشاطها محصورًا لسنوات في شمال شرق سوريا، تحظى اليوم بفرص أوسع للعمل المدني. وهي واحدة من عدة منظمات ذات بنية مؤسسية قوية تأمل في مساعدة منظمات المجتمع المدني على سدّ الفجوة، من خلال التخطيط الاستراتيجي وتبادل الخبرات عبر مختلف المناطق السورية، بهدف بلورة موقف موحد لمنظمات المجتمع المدني خلال المرحلة الانتقالية.46 وبالمثل، رأت منظمة العدالة من أجل الحياة ، 47 وهي منظمة حقوقية مقرها شمال شرق سوريا، في سقوط نظام الأسد فرصة لضمان عدم تكرار فظائع تلك الحقبة. واعتبرت المنظمة أن: « هذه المرحلة تتطلب جهودًا حقيقية لمنع عودة الصراع وإراقة الدماء؛ ونحن نسعى لذلك من خلال الحوار والتركيز على أدوات العدالة الانتقالية في مختلف أنحاء سوريا.» 48 وبالمثل وسعت منظمات أخرى، مثل رابطة تآزر للضحايا 49 التي تعمل في شمال شرق سوريا، من نطاق عملها ليشمل جميع أنحاء البلاد، بهدف تقديم الدعم في بناء القدرات والدعم التنظيمي للنشطاء والمبادرات المحلية الجديدة.50 ولكن تجدر الإشارة في هذا الصدد، أنه في السويداء على سبيل المثال، كانت فرصة منظمات المجتمع المدني في توسيع نطاق عملها إلى مناطق أخرى في البلاد قصيرة الأجل. وذلك بسبب تجدّد المخاوف الأمنية والتوترات الطائفية وأعمال العنف. فقد أسفرت الاشتباكات والهجمات المتكررة على مجتمعات الدروز، إلى جانب المضايقات والتمييز ضدهم عند نقاط التفتيش، عن تقييد حريتهم في التنقل والحدّ من فرص التعاون

وبينما تكافح منظمات المجتمع المدني للتكيف مع بيئة جديدة، وتحديد موقفها من الحكومة، إلى جانب أولوياتها ورؤيتها، تأثرت علاقاتها مع منظمات أخرى أيضًا، ما اضطرها إلى إعادة تقييم الشراكات وفرص التعاون القائمة.

الانقسامات داخل المجتمع المدني

في أعقاب الثورة، توحّدت منظمات المجتمع المدني حول موقف واضح؛ معارضة نظام الأسد. لكن من دون رؤية مشتركة واضحة لما بعد سقوطه. أما الآن، فقد أدت الخلافات حول شرعية النظام الجديد وأولويات المجتمع المدني، إلى جانب التوترات الطائفية والاجتماعية، إلى انقسام متزايد لمساحة العمل المدني.

الانقسامات الطائفية

في سوريا ما بعد الأسد، عمقت أعمال العنف الطائفي، ولا سيما الهجمات التي استهدفت الطائفتين العلوية والدرزية، حالة انعدام الثقة بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مناطق مختلفة. وتصف المنظمات العاملة في المناطق المتأثرة بأعمال العنف كيف تآكل التعاون والتضامن مع تركيز كل مجموعة على أولويات طائفتها.

من السويداء، تشرح شروق أبو زيدان، المديرة التنفيذية لمنظمة مسارات السلام ؛ 51 المعنية بمشاركة النساء والشباب في الشئون السياسية والاجتماعية: « كنا نتوقع تضامنًا وجهودًا للتصدي لخطاب الكراهية، لكننا للأسف لم نرَ ذلك من كثير من المنظمات.» وعن العلاقات بين المنظمات بعد أحداث السويداء، تقول: « بلغت العلاقات مع بعض المنظمات في مناطق سورية أخرى حدّ القطيعة التامة، بسبب تقاعسها عن إصدار مواقف تدين الانتهاكات والمجازر التي وقعت، وكذلك بسبب تبنّيها، سواء كمؤسسات أو على لسان ممثليها وأعضائها، مواقف معادية للسويداء وترويجها خطاب كراهية واتهامات مباشرة بالخيانة تطال جميع أبناء المحافظة.» 52 وبحسب الناشطة الحقوقية هنادي زحلوط ، والتي فقدت ثلاثة من أشقائها في مجازر الساحل: « بعض المنظمات لم تقدّم حتى واجب العزاء، لكن ما أثار دهشتي على نحو خاص هو أولئك الذين رفضوا الاعتراف بما جرى أو مجرد التعاطف مع الضحايا، رغم وضوح الحقائق وسقوط ضحايا. فنحن كمدافعين عن الحقوق، ينبغي أن ندافع عن العدالة بغضّ النظر عن الانتماء الطائفي للضحية أو هويتها.» 53 ومن اللاذقية، عبّر الناشط الاجتماعي علي يوسف عن مشاعره قائلًا: « يبدو أنهم مترددون في دعمنا في ظل التوترات الطائفية، ويمنحون الأولوية للمنظمات والضحايا من خلفياتهم.» 54 ومن عفرين (شمال سوريا)، أشار آخرون إلى ازدواجية المعايير؛ فضحايا الاعتقال والتعذيب على يد فصائل المعارضة غالبًا ما ينالون اهتمامًا أقل مقارنة بضحايا سجون الأسد. وهو ما تستنكره المديرة التنفيذية لجمعية ليلون 55 في عفرين: « جميع الضحايا يستحقون الدعم – هل نسينا ذلك؟» 56

في سوريا ما بعد الأسد، عمقت أعمال العنف الطائفي، ولا سيما الهجمات التي استهدفت الطائفتين العلوية والدرزية، حالة انعدام الثقة بين منظمات المجتمع المدني العاملة في مناطق مختلفة. إذ تصف المنظمات العاملة في المناطق المتأثرة بأعمال العنف كيف تآكل التعاون والتضامن مع تركيز كل مجموعة على أولويات طائفتها.

انقسامات حول التعاون مع الحكومة الانتقالية

إلى جانب الانقسامات الطائفية، تواجه منظمات المجتمع المدني خلافات متصاعدة حول كيفية التعامل مع الحكومة السورية الانتقالية. فقد اختارت بعض المنظمات الاصطفاف مع السلطات سعيًا وراء النفوذ والموارد والحماية، بينما ترى منظمات أخرى في هذا الاصطفاف خيانةً لاستقلالية المجتمع المدني.

يقول سمير العبد الله ، مدير وحدة تحليل السياسات في المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة:57 « تتنافس المنظمات على الاصطفاف مع السلطات لضمان النفوذ والحصول على حصة من التمويل المتوقع للحكومات.. الجميع يريد قطعة من الكعكة.» 58 بينما يشير بسام الأحمد ، المدير التنفيذي لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة ، 59 لسبب أخر قائلاً: « يوجد تسييس مروّع لدور المجتمع المدني السوري. لا أعتقد أن من مهامنا الدفاع عن الحكومة أو أية سلطة، بل يجب ألا نتجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة أو الأطراف الأخرى. مهمتنا كمجتمع مدني هي أن نحافظ على استقلالنا وندافع عن حقوق الناس.» 60 فيما يشرح أيهم عزام، مدير منظمة جذور في السويداء خطورة هذا الاصطفاف مع السلطات على استقلالية وشرعية المجتمع المدني قائلاً: «أولئك الذين انخرطوا في عملية التبرير للسلطة أو أخفقوا في انتقاد قرارات كانوا سينتقدونها لو صدرت في عهد الأسد، لا ُيمكننا أن نتوقع منهم التصدي لسياسات تقييدية محتملة مستقبلاً، ولا يمكن الوثوق بهم في النضال من أجل عملية انتقالية قائمة على حقوق الإنسان. الصمت تواطؤ. والآن هو الوقت المناسب لأن ندفع باتجاه إدماجنا في كافة المراحل.» 61

على الجانب الأخر، ترى بعض المنظمات أن التواصل مع الحكومة أمر ضروري لتعزيز تأثيرها وانخراطها في عملية الانتقال. فبحسب المديرة التنفيذية للبرنامج السوري للتطوير القانوني 62 سنا كيخيا: « علينا أن نتواصل مباشرة مع الحكومة، حتى لو لم تستمع إلينا. التواصل مع الحكومة لا يعني أننا ندعمها، لكننا مضطرون لتجاوز النظرة الثنائية الحادة للأمور، على طريقة إما أبيض أو أسود.» بينما تشير منظمة أخرى ، تقدم خدمات مماثلة للحكومة: « لم يسبق لنا التواصل مع حكومة الأسد، واليوم لدينا فرصة للضغط على الحكومة الجديدة؛ لذا نحتاج إلى الانخراط بطريقة مناسبة واستراتيجية. بعض المنظمات تحصر هذا الانخراط مع المجتمع الدولي فقط، ولا نعتبر هذا أمر خاطئ، لكنه يظل انخراطًا جزئيًا، بينما لدينا فرصة للانخراط على المستويين الدولي والمحلي لضمان نتائج أفضل.» 63

تواجه منظمات المجتمع المدني خلافات متصاعدة حول كيفية التعامل مع الحكومة السورية الانتقالية. فقد اختارت بعض المنظمات الاصطفاف مع السلطات سعيًا وراء النفوذ والموارد والحماية، بينما ترى منظمات أخرى في هذا الاصطفاف خيانةً لاستقلالية المجتمع المدني.

أما منظمات حقوق النساء فقد أفادت بوجود توترات أقل ومستويات أعلى من التعاون فيما بينها مقارنة بالمجتمع المدني الأوسع، رغم أنها تتبنى مواقف مختلفة إزاء الحكومة وخططها. فبين الرفض القاطع للتواصل مع الحكومة والانفتاح الحذر على التواصل، تتنوع مواقف المنظمات النسوية. ومع ذلك، تحافظ هذه المنظمات إلى حد كبير على رؤية مشتركة للإصلاحات التي تعزز حماية النساء ومشاركتهن في الشأن العام، وتتبنى موقفًا موحدًا يتسم بالحذر تجاه الحكومة، نظرًا لاستمرار الانتهاكات بحق النساء، والسياسات الإقصائية ضدهن، والخلفيات المثيرة للجدل للأفراد في مواقع صناعة القرار. فبينما ترفض بعض هذه المنظمات الانخراط المباشر مع الحكومة، تسعى إلى الضغط على الحكومة بأدوات غير مباشرة، مثل الحوار بالتعاون مع شركائها ودعمهم، 64 أو تنظيم سلسلة من الأنشطة في مجالات المناصرة والتعبئة الإعلامية والتواصل مع آليات الأمم المتحدة. وفي المقابل، أعربت منظمات نسائية أخرى، مثل منظمة شاوشكا 65 استعدادها للتواصل المباشر مع الحكومة ولكن بحذر. وحول أثر ذلك على علاقة المنظمة بالمنظمات النسوية الأخرى، تشير ممثلة منظمة شاوشكا إلى أن «هناك انفتاح أكبر وتنسيق أقوى مع المنظمات الأخرى. فقد انفتحت المحافظات على بعضها البعض، وأصبح بإمكاننا الآن العمل مع منظمات في الشمال الغربي، على سبيل المثال.» 66

انقسامات بين المنظمات المحلية ومنظمات الشتات

تصاعدت التوترات بين المنظمات المحلية ومنظمات الشتات بعد أكثر من عقد من العمل في بيئات شديدة التباين من حيث الموارد والمعرفة وفرص التمويل. فمنظمات الشتات كانت تعمل في بيئات تتسم بكونها أكثر استقرارًا وأمننًا وحرية للعمل المدني نسبيًا، فضلاً عن توافر المساعدات الفنية وفرص تمويلية أكثر استدامة. وفي المقابل، كانت المنظمات المحلية تعمل وسط صراعات معقدة وأراضٍ مجزأة وحرية تنقل مقيدة وسياسات قمعية. وقد أفرز هذا الانقسام فعليًا مجتمعين مدنيين؛ منظمات في الشتات تتمتع بقدرات مؤسسية أقوى وصلات دولية أوسع، وأخرى محلية تملك جذورًا أعمق في مجتمعاتها لكنها محدودة التمويل والحرية. واليوم، ومع توسع منظمات الشتات في نشاطها داخل سوريا، يتنافس الطرفان على موارد شحيحة، الأمر الذي أسفر عن تأجج حالة من انعدام الثقة.

وقد أقرّ بعض المشاركين من منظمات الشتات بوجود هذه التوترات، مشيرين إلى أن المنظمات المحلية تنظر إليهم باعتبارهم متعجرفين أو ميالين إلى إصدار الأحكام، خصوصًا إزاء المبادرات النسائية. ووفقًا للمحامية د. رولا البغدادي من منظمة دولتي ، 67 التي تعمل حاليًا على توسيع نشاطها داخل سوريا: « من وجهة نظرهم، ولها ما يبررها، ترى المجموعات المحلية أنها عانت من العمل في ظل الفقر والسياسات القمعية، وأن وصولها إلى الموارد والمعرفة وحتى إلى صناع القرار الدوليين كان محدودًا للغاية، لأسباب عدة من بينها العقوبات وقيود السفر.» 68 فبسبب العقوبات المفروضة على سوريا وما ترتب عليها من محدودية التمويل، أُجبرت المنظمات المحلية على تنفيذ مبادرات قائمة على مشاريع محددة وبتمويلات قصيرة الأجل وغير مستقرة، وبإمكانات ضعيفة وبُنى مؤسسية واهنة. غير أن وجودها الميداني أتاح لها الوصول إلى المجتمعات والضحايا والبيانات الميدانية، ومنحها فهمًا للسياق والتحديات واحتياجات السكان. الأمر الذي جعل هذه المنظمات المحلية عنصرًا جوهريًا في جمع البيانات والتواصل مع المجتمعات والضحايا. ومع شروع منظمات الشتات في العودة إلى سوريا، شعرت بعض المنظمات المحلية بأنها لا تحظى بالتقدير الملائم، كما تخشى استبدالها بجهات فاعلة من الشتات تتمتع بقدرات استراتيجية أكبر وتملك صلات دولية أوسع. وفي الوقت ذاته، تدرك منظمات الشتات قوة المنظمات المحلية التي تتميز بعلاقات راسخة مع المجتمعات وقدرة أكبر على الوصول للمعلومات.69

ينبغي على منظمات المجتمع المدني السوري، سواء المحلية أو في الشتات، تجاوز منطق التنافس والتحيزات المسبقة، والعمل جنبًا إلى جنب من أجل بناء مجتمع مدني متماسك. فبقدر ما لها من خبرات متكاملة، عليها اغتنام الفرصة للعمل سويًا وتعزيز تأثيرها في مسار المرحلة الانتقالية.

تشير منظمة نسوية محلية تعمل في شمال سوريا (فضلت عدم ذكر اسمها) إلى أنها مهددة بالإغلاق بعد أكثر من سبع سنوات من العمل: « لقد تفاقمت مشكلاتنا التمويلية بسبب تراجع فرص الحصول على الدعم، خصوصًا مع ما نشهده الآن من عودة منظمات الشتات إلى سوريا. فهي تملك تمويلاً أكبر ومهارات أفضل في جمع التبرعات. بل إن حتى منظمات الشتات التي كانت تمولنا سابقًا تخطط الآن لتنفيذ المشروعات بنفسها، ولذلك قد يكون هذا العام هو الأخير بالنسبة لنا في العمل.» 70

ينبغي على منظمات المجتمع المدني السوري، سواء المحلية أو في الشتات، تجاوز منطق التنافس والتحيزات المسبقة، والعمل جنبًا إلى جنب من أجل بناء مجتمع مدني متماسك. فبقدر ما لها من خبرات متكاملة، عليها اغتنام الفرصة للعمل سويًا وتعزيز تأثيرها في مسار المرحلة الانتقالية.

ثانيا: التحديات الخارجية

اتفق كافة المشاركين في المقابلات على أن مساحة عمل المجتمع المدني قد اتسعت بشكل عام بعد سقوط نظام الأسد، مما أتاح هامشًا أوسع لحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتنقل. ومع ذلك، أشار جميعهم إلى التحديات الأمنية، وصعوبة متطلبات تسجيل المنظمات والحصول على الموافقات لممارسة الأنشطة، بوصفها عقبات رئيسية تعيق عملهم.

1- التحديات الأمنية

أفاد جميع المشاركين بأن الوضع الأمني العام يشكّل عقبة أساسية أمام قدرة المنظمات على تنفيذ الأنشطة والفعاليات بأمان. فقد أسفرت الفوضى وتصاعد العنف الطائفي وخطاب الكراهية، بتورط قوات حكومية في كثير من الأحيان، عن خلق بيئة مساحة الحرية فيها محدودة، يضاعف الخوف والمستقبل المجهول من تقييدها. فبحسب أحد المدافعين عن حقوق الإنسان (مقيم في اللاذقية): « السلطات لا تملك بعد كل أدوات القمع التي كانت موجودة في عهد الأسد، فلا يوجد مثلا جهاز مخابرات. ورغم التحديات الأمنية ما زلنا قادرين على الاجتماع مع منظمات المجتمع المدني في فضاء يتمتع بقدر من الحرية، غير أننا لا نعرف لمتى سيدوم ذلك.» 71

تدهور الوضع الأمني بشكل كبير في مناطق سورية مختلفة بسبب الاعتداءات على المدنيين وفرض قيود غير رسمية على الحياة الاجتماعية، سواء من قِبَل أفراد أو سلطات محلية. وهو ما أبدى حياله بعض المشاركين تخوفهم، لا سيما بشأن انعكاساته على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، مشيرين إلى حوادث متكررة من الخطف والمضايقات والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون، استهدفت بشكل خاص الطائفتين العلوية والدرزية. ووفقًا لخبراء الأمم المتحدة، تم اختطاف 38 امرأة علوية بين مارس ويوليو 2025، في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحلب وحماة على أيدي مجهولين. وقد فشلت الحكومة السورية الانتقالية في إجراء تحقيقات فورية ونزيهة في معظم الحالات. كما رفضت الحكومة الانتقالية في بعض الحالات تسجيل الشكاوى أو تجاهلت مخاوف العائلات.72 ووثّق اللوبي النسوي السوري نمطًا مماثلًا من عمليات الاختطاف تستهدف بالأساس نساء من الطائفة العلوية ونساء في السويداء. بينما قابلت السلطات هذه الوقائع بالإنكار، ولم تبذل أي جهد لحماية الضحايا، وأخفقت في متابعة أوضاع العائدات منهن. وبحسب اللوبي النسوي: « هذه العمليات تمثل انتهاكًا جسيمًا. وفي حالات النساء العلويات، هناك إهمال وغياب للجدية في معالجتها، كما أن هذه الانتهاكات لا تزال متواصلة.» كما أفادت منظمة أخرى (فضلت عدم ذكر أسمها) بأنها كانت على تواصل مباشر مع السلطات المحلية بشأن هذه القضايا، لكن الجهود التي بذلتها السلطات المحلية والحكومية لمعالجتها كانت محدودة للغاية. ورغم التوثيق الشامل اعتمادًا على مصادر موثوقة، من بينها خبراء الأمم المتحدة الذين أكدوا أنهم على تواصل مع الحكومة الانتقالية بشأن هذه القضايا، نفت لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها الحكومة للتحقيق في مجازر الساحل في يوليو 2025 وجود عمليات خطف تستهدف طوائف بعينها، وزعمت أنها لم تتلق تقارير رسمية عن اختطاف نساء في المناطق الساحلية، وعزت حوادث الاختفاء تلك إلى مشكلات مجتمعية أو اعتبارها حوادث جنائية عادية.73

علاوة على ذلك، وصف المشاركون في المقابلات قيودًا متفاوتة يتم فرضها على نمط الحياة، بما في ذلك فرض أزياء محافظة ومعايير دينية في مناطق مختلفة. بينما يشير المسئولون الحكوميون إلى هذه الحوادث باعتبارها حوادث فردية وليست سياسة حكومية. لكن تكرارها، في غياب المحاسبة من جانب الحكومة، قد طمس الحدود بين القيود التي يفرضها أفراد محليون في حوادث فردية وبين السياسة الحكومية. ووفقًا للناشطة الحقوقية هنادي زحلوط ، تزعم السلطات أنها تعتقل الأشخاص الذين يفرضون قيودًا على الحريات، لكن تتطلق سراحهم بعد فترة وجيزة. بما قد ينطوي على موافقة ضمنية من الحكومة على أفعالهم. وتتابع: « ربما لا تشعر الحكومة بعد بالأمان الكافي لاعتماد هذه السياسات رسميًا، لكن تردّدها في وضع حد لتلك الممارسات ورفع القيود عن الحريات لا يختلف في شيء.» بالمثل تشير الحقوقية النسوية رولا الركبي إلى أن: «هذه الانتهاكات تُوصَف بأنها حوادث فردية، لكن في ظل تكرارها لم يعد بوسع الحكومة التنصل من المسئولية عنها. الناس تقدم الشكاوى للسلطات، بينما تكتفي السلطات بوعود فارغة دون أي إجراء فعلي. وكأن السلطات تسخر منا.» 74

بين مارس ويوليو 2025، اختطف مجهولون 38 امرأة علوية في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحلب وحماة. وقد فشلت الحكومة الانتقالية في إجراء تحقيقات فورية ونزيهة في معظم الحالات. كما رفضت في بعض الحالات تسجيل الشكاوى أو تجاهلت مخاوف العائلات.

وتضيف حقوقية أخرى تعمل ضمن مبادرة لتوثيق الانتهاكات (فضلت عدم ذكر اسمها): « صحيح أن السلطات توافق على المؤتمرات وأنشطة أخرى للمنظمات، لكنني لا أشعر بالأمان الكافي لتنظيمها أو حتى للتحرك بحرية، لأن الأمن مفقود بشكل عام. وبينما لا تقيّد السلطات عملنا بشكل مباشر، فإننا نشعر بأن الوضع الأمني يقيّدنا» وتضيف: « يختلف التعامل مع السكان المحليين بحسب الفصيل العسكري المسيطر، فبعضهم لطيف ويحترم الآخرين، والبعض الآخر عنيف. الانتهاكات لا زالت مستمرة، تتخللها أيام من الهدوء. تتعرض الأحياء ذات الأغلبية العلوية للهجمات ومداهمة المنازل، وتتفشى حوادث خطف النساء، ويتعرض الأشخاص للإخفاء القسري ليُعثر على بعضهم لاحقًا جثثًا. نحن نتجنب الخروج بعد غروب الشمس.» 75

المشاركون في المقابلات من السويداء أفادوا أيضًا بأن الوضع الأمني يؤثر على حرية تنقلهم، وعلى قدرتهم على التعاون مع منظمات من خارج المحافظة. فعلى سبيل المثال، يشير الصحفي الحقوقي رواد بلان إلى أن: « القدرات التشغيلية للمنظمات في السويداء تتأثر بشكل كبير بسبب الصراعات بين الفصائل المختلفة، وبسبب تفشي المضايقات والهجمات الطائفية، إضافة إلى السرقات على نقاط التفتيش. وهذا يقيّد حركتنا، وخصوصًا باتجاه دمشق.. الأمر الذي يؤثر على قدرتنا على التعاون مع منظمات خارج السويداء، بعد أن سنحت لنا الفرصة أخيرًا.» 76

يمثل تعيين شخصيات من الجيش الوطني السوري في مناصب رئيسية في الحكومة الانتقالية والمؤسسة العسكرية تحديًا إضافيًا تتفاقم أمام منظمات المجتمع المدني العاملة في شمال سوريا. فبحسب لونجين عبدو ، من جمعية ليلون للضحايا في عفرين: « لا نشعر بالراحة أو الأمان. فالاعتقالات والانتهاكات ما زالت مستمرة من قبل الجيش الوطني السوري، والسجون ما زالت مكتظة، وضحايا الإخفاء القسري ما زالوا مفقودين. ما زلنا تحت الحصار ونخشى على سلامتنا. لم يتغير شيء بالنسبة لنا. ويخشى فريقنا التحدث علنًا أو السفر باسم المنظمة لأننا نوثّق الانتهاكات التي ترتكبها فصائل معارضة أصبحت اليوم جزءً من الحكومة.» وحول التدابير التي اتخذتها الحكومة الانتقالية حيال حمايتهم قالت: « تواصل السلطات الادعاء بأنها تحاول، لكننا لم نلمس أي تغيير حتى الآن. بل تصَف الحكومة الانتهاكات والاعتداءات بأنها حوادث فردية، ويُقال لنا خذوا الأمر بهدوء، بينما يبقى الواقع دونما تغيير.» 77

المشاركون المقيمون في شمال شرق سوريا أفادوا أيضًا في المقابلات بأن الفضاء المدني اتسع في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، رغم التوترات الأمنية. وذكروا أنه منذ سقوط نظام الأسد ثمة تسهيلات في الإجراءات الإدارية وتعزيز حرية العمل المدني وتشجيعًا لعمل منظمات المجتمع المدني.78 كما أوضح المشاركون من هذه المناطق أن سلطات قوات سوريا الديمقراطية باتت أكثر ترحيبًا وتعاونًا مع منظمات المجتمع المدني. ووفقًا لجلال الحمد من منظمة العدالة من أجل الحياة: « تحاول الإدارة الذاتية أن ترسم صورة أفضل لقدراتها على الحكم المحلي، وذلك في خضم تصاعد الدعوات إلى اندماجها مع الحكومة السورية الانتقالية.» 79

2- التشريعات التقييدية

تفاوتت القوانين المنظمة لعمل المجتمع المدني بعد عام 2011 وفقًا للجهة المسيطرة. فرغم أن دستور 2012 نصّ على حرية تكوين الجمعيات والمشاركة، فإن المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الأسد ظلت تطبّق القانون رقم 93 لسنة 1958 الخاص بالجمعيات وتعديلاته الصادرة بالمرسوم التشريعي رقم 224 لعام 1969، إضافة إلى القرارات الإدارية ذات الصلة. وقد ذاع صيت استخدام نظام الأسد للقوانين القمعية وحالات الطوارئ لقمع الحريات وإسكات أصوات المعارضين. ويشمل ذلك فرض رقابة لصيقة على المنظمات، واستخدام قوانين مكافحة الإرهاب الفضفاضة لاستهداف المعارضين، 80 وقوانين العملاء الأجانب لتقييد أنشطة منظمات المجتمع المدني والحد من وصولها إلى التمويل.81 أما في شمال شرق سوريا، فقد عدلت الإدارة الذاتية قوانين العمل المدني بشكل أفضل.82 وفي شمال سوريا تم تطبيق قانون الجمعيات التركي رقم 5253 (2004)، بينما شكّلت التوجيهات الصادرة عن حكومة الإنقاذ في شمال غرب سوريا الإطار القانوني لعمل منظمات المجتمع المدني.83

بعد تشكيل الحكومة الانتقالية عقب سقوط نظام الأسد، عقدت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل اجتماعًا مع ممثلي العديد من منظمات المجتمع المدني السوري، مفصحة عن نيتها إصدار قانون جديد لتكوين الجمعيات خلال الفترة الانتقالية.84 غير أن المستجدات في هذا الملف لا تزال غير معروفة، إذ يظل القانون رقم 93 وتعديلاته ساري المفعول حتى اليوم، رغم عدم وضوح مدى اعتزام الحكومة الانتقالية تنفيذ أحكامه. وبشكل عام، اتفق كل المشاركين في المقابلات، سواء منظمات أو أفراد، على أن التشريعات القائمة تُشكل عقبة رئيسية أمام عملهم، وطالبوا باعتماد نظام الإخطار لتسجيل المنظمات، 85 وسنّ قوانين تحمي حرية تكوين الجمعيات وفق المعايير الدولية، وتتضمن آليات تتيح انخراطهم في الشئون العامة.

– إجراءات التسجيل والحل

انتقد جميع المشاركين في المقابلات متطلبات التسجيل الحالية، واصفين إياها بأنها معرقلة وتتسبب في الإضرار بقدرتهم على العمل والتخطيط له بكفاءة. إذ يشترط القانون رقم 93 (1958) التسجيل، مع فرض عقوبة تصل إلى السجن ثلاثة أشهر وغرامات على من لا يلتزم به.86 وفي 29 ديسمبر 2024، أعلنت الحكومة السورية الانتقالية شروط تسجيل جديدة تُلزم جميع المنظمات بالتسجيل لدى وزارة الشئون الاجتماعية والعمل لمزاولة نشاطها، كما تُلزم المنظمات المسجّلة بالفعل بإعادة التسجيل مجددًا.87 وإذا تمت الموافقة، تحصل المنظمة على ترخيص مؤقت لمدة ستة أشهر، تعقبها عملية تقييم لنشاطها (معاييره غير واضحة) قبل منحها الترخيص الدائم.88 وتطبّق إجراءات التسجيل شكلًا من نظام قائم على الاحتياجات، حيث يتم تقييد نطاق عمل المنظمات بما لا يتجاوز ثلاث محافظات، بناءً على وجود حاجة فعلية لهذه الخدمات في المحافظات المستهدفة.89 ووفقًا للقانون رقم 93، يتعيّن على وزارة الشئون الاجتماعية والعمل الرد خلال 60 يومًا من تاريخ تقديم طلب التسجيل، وإلا اعتُبرت المنظمة مسجّلة تلقائيًا.90 ولكن من ناحية الممارسة الفعلية، فإن معالجة الطلبات تستغرق عدة أشهر، ولا توجد أية إشارة واضحة حول ما إذا كان التأخير ناجم عن أسباب بيروقراطية أم لدوافع سياسية. ومع ذلك، تواصل الحكومة السورية الانتقالية التعامل مع منظمات غير مسجّلة، 91 وأشار جميع المشاركين إلى أن الحكومة تُبدي مرونة في منح تراخيص للمنظمات وأنشطتها.

لقد تعرّض شرط إعادة التسجيل لانتقادات خاصة من المشاركين في المقابلات. فبحسب إيمان ناصر من مبادرة جوى، 92 المسجَّلة في سوريا منذ عام 2022، أن طلب إعادة تسجيلها الذي تم تقديمه عقب تغيير النظام بفترة وجيزة لا يزال (قيد المعالجة). وأوضحت: « نحن مبادرة قائمة بالفعل. لست متأكدًا من استراتيجية السلطات، لكن ذلك يُعطلنا هذا عن العمل. وفي الوقت نفسه لا يمكننا أن نجلس مكتوفي الأيدي وننتظر، فالمجتمع المدني يحتاج إلى التحرك الآن للحيلولة دون تنامي الديكتاتورية.» 93

الطلبات العالقة أو إجبار المنظمات على تبرير وجودها مرارًا وتكرارًا، يترك منظمات المجتمع المدني فعليًا في حالة من عدم الاستقرار، إذ يمكن تجريدها من وضعها القانوني في أي لحظة.

الطلبات العالقة أو إجبار المنظمات على تبرير وجودها مرارًا وتكرارًا، يترك منظمات المجتمع المدني فعليًا في حالة من عدم الاستقرار، إذ يمكن تجريدها من وضعها القانوني في أي لحظة.

اعتبر أغلب المشاركين في المقابلات أن هذه المتطلبات تمثل أداة للسيطرة الحكومية.94 وانتقد الباحث القانوني د. أيمن منعم ، مدير المكتب القانوني في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ، فكرة الصلاحية المؤقتة لترخيص التسجيل. ورغم إقراره بالدواعي الأمنية التي تبرر بها الرواية الرسمية هذه الإجراءات، أكد منعم أن: « السلطات لا يمكنها الاستمرار في استخدام الدواعي الأمنية كأداة لإبقائنا تحت فحص دائم.» 95 كما أعربت عدة منظمات أخرى عن مخاوف مماثلة، واختار بعضها تعليق خطط التسجيل في سوريا لحين تتضح السياسات ويتم تقيَّم المخاطر المحتملة.96

المشاركون من السويداء أيضًا عبروا عن ترددهم حيال متطلبات التسجيل، خشية استعمالها في نهاية المطاف كوسيلة للسيطرة الحكومية. فبحسب إحدى المنظمات من السويداء: « نتردد في التسجيل لأننا نخشى أن يضعنا ذلك تحت سيطرة الدولة. الإطار القانوني غير واضح؛ أحيانًا يطبّقون قانون الجمعيات لعام 1958، وأخرى يعتمدون على قرارات شفهية، ولا توجد جهة قضائية للطعن أمامها. لا شيء واضح، لا حقوقنا ولا التزاماتنا.» 97 وبالمثل، تواجه المنظمات النسوية مخاوف من سيطرة الدولة، إلا أنه مخاوفهم مضاعفة بسبب الخلفية الإسلامية للقائمين على الحكم والانتهاكات الواسعة بحق النساء. فبحسب إحدى المنظمات النسوية: « كيف يمكننا التسجيل كمنظمات نسوية لدى حكومة لا تعترف بحقوقنا؟ سيتعيّن علينا تغيير اسم المنظمة فقط ليتم قبولنا. وحتى إذا ما تمكنا من التسجيل، فهل سيفرضون قيودًا على نوعية الأنشطة؟»

أما المنظمات الدولية الراغبة في التسجيل في سوريا فتخضع لإطار مختلف. إذ يتعيّن عليها أولًا الحصول على ترخيص من وزارة الخارجية بدلًا من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل؛ وإذا تمت الموافقة، يكون الترخيص ساريًا لمدة عام واحد قابلاً للتجديد لمدة مماثلة. كما يُطلب من المنظمات الدولية الحصول على موافقة مسبقة لكل مشروع أو نشاط، على أن يتم تنفيذه بالتنسيق مع السلطات المحلية والوزارات المعنية وشريك وطني.98

يمنح القانون رقم 93 السلطات صلاحيات مفرطة لحلّ الجمعيات أو تعليق أنشطتها. ويتيح لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل اعتبار أي جمعية باطلة ولاغية، أو إصدار قرار بـحلّها إذا اعتبرت أنه تم تأسيسها لأي سبب أو غرض غير مشروع أو مخالف للقوانين أو للآداب العامة أو بهدف الإضرار بالجمهورية أو بنظام الحكم، أو إذا باشرت أنشطة ذات أثر مماثل.99 ويمكن للوزارة أن تحلّ منظمة لمجرد أنها رأت أن خدماتها غير ضرورية، دون إتاحة الفرصة للمنظمة للطعن على القرار.100 كما يجيز القانون للوزارة رفض طلبات التسجيل التي تعتبر (غير ذات حاجة ملحّة) مع تقديم المبررات وتوضيح الأسباب كتابة.101 وتستطيع الوزارة أيضًا دمج منظمات تؤدي عملًا مشابهًا أو تعديل أغراضها، 102 فضلًا عن إمكانية تشكيل اتحاد لتنسيق أنشطة المنظمات ذات الأهداف المماثلة أو التي تتشارك النطاق الجغرافي نفسه، وتوحيد مصادر تمويلها وإدارة توزيعها على الأنشطة.103

– الموافقة المسبقة على الأنشطة

وفقًا للقانون رقم 93، يستلزم كل نشاط الحصول على موافقة مسبقة، تتضمن تقديم معلومات عن مكان النشاط وجدول أعماله وقائمة المشاركين فيه. ورغم أن المشاركين في المقابلات أشاروا إلى مستوى ملحوظ من المرونة في هذا الصدد، مما سمح لهم بعقد اجتماعات وتنفيذ أنشطة أكثر، إلا أنهم أشاروا لحالات رُفضت فيها طلبات لعقد ورش عمل أو مؤتمرات، خصوصًا تلك المتعلقة بالعدالة الانتقالية أو القضايا السياسية، بذريعة الإجراءات البيروقراطية.

ففي فبراير 2025، حظرت السلطات السورية مؤتمرًا لمنظمات المجتمع المدني حول العدالة الانتقالية، دون تقديم أي مبرر رسمي. ووفقًا لرئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية ، 104 المحامي الحقوقي أنور البني ، وافقت وزارة العدل على عقد المؤتمر ثم سحبت الموافقة لاحقًا دون إبداء أسباب. لكنه ذكر في الوقت نفسه، أنهم منذ ذلك الحين تمكنوا من عقد سبع ورش عمل وثلاث فعاليات بسهولة.105 بينما يرى الصحفي الحقوقي رواد بلان من السويداء أن شرط الحصول على موافقة مسبقة على الأنشطة المخطط يمثل أحد أدوات الحكومة الأساسية لتقييد عمل منظمات المجتمع المدني، ويعتبر أن: « هذا الشرط لا يتوافق مع المرحلة الجديد في سوريا الحرة الذي كنا نأمل فيها. ليس هذا ما يُفترض أن يكون عليه شكل الفضاء المدني الحر.» 106

قبل تنفيذ أي نشاط، يتعيّن على المنظمات المحلية الحصول على موافقة من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، وموافقة الجهة الفنية المختصة بنوع النشاط المزمع القيام به. كما يُطلب من المنظمات الإنسانية إضافة إلى ذلك الحصول على موافقة مكتب تنسيق العمل الإنساني التابع لوزارة الداخلية.107 وهو المكتب الذي كان مسئولًا في السابق عن تنسيق المساعدات في شمال غرب سوريا تحت إدارة حكومة الإنقاذ السورية، وقد قررت الحكومة السورية الانتقالية تعينه منسقًا وطنيًا أساسيًا للمساعدات الإنسانية مع الجهات الفاعلة الإنسانية المحلية والدولية في مختلف أنحاء البلاد، باستثناء شمال شرق البلاد. وفي 29 ديسمبر 2024، أصدر المكتب تعميمًا يُلزم جميع المنظمات الإنسانية المحلية بالحصول على ترخيص من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل قبل أي عملية إنسانية، ثم نيل على موافقة رسمية من مكتب التنسيق لكل مشروع أو نشاط، وإلا ستُعرّض نفسها للمساءلة القانونية.108

إجراءات التسجيل وشروط الموافقة المسبقة على الأنشطة التي وضعتها الحكومة الانتقالية تمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يكفل الحق في حرية تكوين الجمعيات ويمكّن المنظمات من مزاولة أنشطتها بحرية بغضّ النظر عن وضعها القانوني من حيث التسجيل، كما تعكس نية استمرار تبني نهج سيطرة الدولة على المنظمات.

وبشكل عام، أشارت العديد من المنظمات إلى وجود التباس فيما يتعلق بمتطلبات التسجيل وإجراءات الموافقة المسبقة على الأنشطة، وكذلك الصلاحيات الممنوحة للهيئات والوزارات المختلفة. وفي هذا الصدد يقول جلال الحمد من منظمة العدالة من أجل الحياة: « ما زلنا في طور التسجيل، وبصراحة، كان الأمر مربكًا. لم نكن على دراية بماهية المتطلبات بالكامل إلا مع بداية تقديمنا لطلب التسجيل. الشروط غامضة، مثل شرط احترام الآداب العامة دون أي توضيح لما يعنيه ذلك أصلًا. ولا أفهم تقسيم الصلاحيات بين وزارة الشئون الاجتماعية والعمل ومكتب تنسيق العمل الإنساني أو طبيعة العلاقة بينهما.» 109

وفي هذا السياق، يؤكد مركز القاهرة أن إجراءات التسجيل ونيل الموافقات على الأنشطة التي وضعتها الحكومة السورية الانتقالية تمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يكفل لمنظمات المجتمع المدني الحق في حرية تكوين الجمعيات ويمكّنها من مزاولة أنشطتها بحرية بغضّ النظر عن وضعها القانوني من حيث التسجيل.110 وتنص المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بشأن حرية تكوين الجمعيات، على أن الإجراءات يجب أن تكون شفافة وميسرة وغير تمييزية وسريعة ومجانية، وتتيح إمكانية الاستئناف، وتتجنب اشتراط إعادة التسجيل. كما شدد المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات على أنه لا يجوز مطالبة السلطات الجمعيات المسجلة بإعادة التسجيل بموجب قانون اعتُمد حديثاً، لأن ذلك قد يتيح لها رفض بعض الطلبات تعسفًا وقد يوجد فجوات زمنية لا يمكن للجمعيات أن تعمل خلالها.111

أن سياسات الحكومة الانتقالية الحالية في هذا الصدد تعكس نية استمرار تبني نهج سيطرة الدولة على المنظمات، بما في ذلك اشتراط التسجيل والحصول على الموافقات المسبقة على الأنشطة، والقيود المتعلقة بالنطاق الجغرافي لنشاط المنظمات المحلية بثلاث محافظات كحد أقصى، شريطة إثبات وجود حاجة فعلية لهذه الخدمات في المحافظات المستهدفة.112 وقد شكّلت المخاوف من سيطرة الدولة عقبات رئيسية أمام فعالية المجتمع المدني وعمله، في ظل الافتقار إلى الشفافية وغموض سياسات الحكومة الانتقالية، لا سيما في ضوء ما أفادت به منظمات المجتمع المدني عن تهميشها بشكل عام في مسار العملية الانتقالية.

تهميش المجتمع المدني السوري

وعدت الحكومة الانتقالية منظمات المجتمع المدني بالإدماج والمشاركة الفاعلة في مسار المرحلة الانتقالية وضمن الحوار الوطني، وتوفير فضاء مدني حر. غير أنه، وبعد مرور تسعة أشهر على بداية المرحلة الجديدة، لا تزال منظمات المجتمع المدني تعاني من التهميش والإقصاء عن المشاركة الحقيقية، إذ غالبًا ما تُواجَه بوعود فارغة أو بتعاطٍ انتقائي. هذا الاستبعاد يتجاهل خطورة العواقب، لا سيما بالنظر إلى القيمة الاستراتيجية التي يمثلها المجتمع المدني. فخلال سنوات الصراع، اكتسبت منظمات المجتمع المدني مزايا جوهرية مفيدة لعملية الانتقال، إذ تحظى بشبكات ثقة قوية ومنصات للتواصل والدفاع داخل مجتمعات الضحايا، وانخراط طويل في جهود بناء السلام، فضلًا عن توثيقها لانتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، مما ساهم في إجراء ملاحقات قضائية للجناة في الخارج. كما أن منظمات المجتمع المدني كانت المزوّد الرئيسي للخدمات الإنسانية خلال فترة الصراع في مختلف أنحاء سوريا، مما أكسبها مهارات تقديم حلول ومقترحات للتغلب على التحديات. كل هذه الخبرات جعلت إدراك المجتمع المدني السوري لتأثير الصراع على السكان والديناميات الاجتماعية بين المجتمعات يتجاوز بشكل كبير إدراك السلطات الانتقالية والجهات الدولية للواقع الراهن.

إن غموض الأحكام ذات الصلة بالحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان الدستوري، إلى جانب تركيز السلطة في يد رئيس تم تعيينه من دون أي آليات للمحاسبة، وهيمنة هيئة تحرير الشام على السلطة وعلى اللجان والهيئات المشكلة من الحكومة، يقوّض مسار الانتقال السياسي الشامل، ويترك الباب مفتوحًا أمام تجدد السلطوية.

لمدة تزيد على عقد كامل، عملت منظمات المجتمع المدني في سوريا، بدعم من المجتمع الدولي، على تهيئة الأجواء اللازمة لبدء عملية انتقالية. فقد بدأت صياغة الخطط الأولية لتشكيل آليات للعدالة الانتقالية في سوريا منذ عام 2012، بتعاون مشترك بين مؤسسات دولية مختلفة، ومشاركة وثيقة من أعضاء في المعارضة السورية ومجموعات المجتمع المدني. كما أسست منصات عدّة لإيصال أصوات الضحايا من السوريين في إطار الجهود المبذولة لإنجاز عملية السلام، وإصلاحات دستورية، وإجراءات ملاحقة قضائية، وآليات للحقيقة والمصالحة. وشمل ذلك غرفة دعم المجتمع المدني التي تم إطلاقها عام 2016، كمساحة للسوريين لمشاركة آراءهم وتقديم توصياتهم إلى مكتب المبعوث الأممي الخاص للأمم بسوريا بشأن القضايا ذات الصلة بعملية الوساطة السياسية.113 كما عملت هذه المنظمات عن كثب مع المجلس الاستشاري النسائي السوري الذي شكله المكتب الأممي ذاته، بغرض ضمان إدماج منظور النساء في العملية السياسية، 114 ومع اللجنة الدستورية السورية التي تأسست برعاية الأمم المتحدة عام 2019 وضمت ممثلين عن حكومة الأسد ولجنة تمثّل المعارضة (وقد أخفقت في تحقيق أي نتائج قبل أن تُحلّ فعليًا عقب سقوط نظام الأسد).115 واليوم لا تزال العدالة الانتقالية أولوية قصوى للمجتمع المدني السوري؛ فرغم غياب الاستراتيجيات الواضحة، والمخاوف من الحكومة، وعدم اليقين بشأن تمكين دور المجتمع المدني في المرحلة الانتقالية، بدأت العديد من منظمات المجتمع المدني بالفعل في التحرّك وتعبئة الجهود، من خلال ورش العمل، وبناء التحالفات، والتواصل المباشر مع الضحايا لدعم نهج يضع الضحايا في صدارة الاهتمام.

أولاً: الحوار الوطني

مثّل الحوار الوطني فرصة واعدة طال انتظارها ونادرة للسوريين للاجتماع سويًا ومناقشة مستقبل بلادهم، غير أن تنظيمه بشكل متعجّل وطبيعة مناقشاته ونتائجه غير الجوهرية حالت دون تقديم توصيات ملموسة وذات مغزى أو خارطة طريق واضحة لهذه المرحلة الانتقالية.

كان من المقرر عقد هذا الحوار في يناير 2025، ولكن تم تنظيمه في نهاية المطاف في 25 فبراير من العام نفسه، وأشرفت عليه لجنة ضمّت في معظمها شخصيات مرتبطة بهيئة تحرير الشام.116 وكان من المأمول أن يمثل الحوار فرصة لمشاركة جميع أبناء سوريا في رسم مستقبل البلاد، لكنه تحوّل إلى نقاش ليوم واحد فقط ونتائجه غير ملزمة. ورغم توزيع استبيان إلكتروني على السوريين شارك فيه نحو 10 آلاف شخص، داخل سوريا وخارجها، تم إرسال الدعوات لحضور النقاش في دمشق قبل يوم واحد فقط من موعد الحوار، ما أسفر عن استبعاد شخصيات سياسية وفكرية بارزة وشخصيات أساسية تنتمي للمجتمع المدني، وذلك رغم تقدير عدد الحضور بنحو 600 شخص من خلفيات متنوعة ومن مختلف أنحاء سوريا.117

في ختام الحوار الوطني صدر بيان ختامي يتضمّن ثمانية عشر مخرجًا، أُشير إليها باسم (العهد والميثاق الوطني). وقد شمل البيان التزامات عامة بحقوق الإنسان والمحاسبة والإصلاحات القضائية والوحدة الوطنية، إلى جانب إدانته الشديدة لغزو إسرائيل لجنوب سوريا، والمطالبة بانسحابها الفوري وغير المشروط. كما اقترح البيان اعتماد إعلان دستوري مؤقت لمعالجة الفراغ الدستوري، والإسراع في تشكيل مجلس تشريعي مؤقت ولجنة دستورية لصياغة دستور دائم يرسّخ توازن السلطات، ويكرّس مبادئ العدالة والحرية والمساواة. غير أن هذه الخطوات الجوهرية ظلّت غامضة وغير محددة، تفتقر إلى شروط ملموسة أو جداول زمنية أو آليات للتنفيذ.118

مثّل الحوار الوطني فرصة واعدة طال انتظارها ونادرة للسوريين للاجتماع سويًا ومناقشة مستقبل بلادهم، غير أن تنظيمه بشكل متعجّل وطبيعة مناقشاته ونتائجه غير الجوهرية حالت دون تقديم توصيات ملموسة وذات مغزى أو خارطة طريق واضحة لهذه المرحلة الانتقالية.

المشاورات الوطنية التي تضمن مشاركة عامة جادة ومتنوعة تُعدّ أمرًا حاسمًا لنجاح العدالة الانتقالية، إذ تمنح الشعب الفرصة للمساهمة الفعالة في رسم مستقبل البلاد، والاستماع إلى صوته، وتُمكّن الدولة من تبني نتائج تعبّر عن تطلعات المواطنين.119

وفي هذا السياق، أعرب جميع المشاركين في المقابلات عن خيبة أملهم وقلقهم من المنهج الذي تم اتباعه في إجراء الحوار الوطني وما نتج عنه. وبحسب الصحفي مصطفى سعد المختص في الشئون العامة (من الساحل): « بعد أربعة عشر عامًا من التضحيات، من غير المقبول أن يفضي حوار وطني إلى مثل هذه النتيجة الكارثية، وخصوصًا حين لا يمثّل معظم المشاركين فيه الشعب تمثيلًا حقيقيًا. لم يكن هدفنا يومًا مجرد إسقاط النظام، بل بناء دولة تتسع لجميع السوريين.» وأضاف أن ما تحتاجه سوريا بحق هو حوار وطني آخر يعكس إرادة الشعب، ويتوفر له الوقت الكافي للتحضير الجاد والتنظيم الفعّال، حتى لو استغرق ذلك سنوات.120

ثانيا: الإعلان الدستوري

في 2 مارس، أعلن الرئيس المؤقت أحمد الشرع تشكيل لجنة لصياغة الإعلان الدستوري. وبعد أقل من أسبوعين، في 13 مارس، صادق الشرع على الإعلان الدستوري ليصبح ساريًا لمدة خمس سنوات. ورغم أن هذه الخطوة قوبلت في البداية بترحيب، فإن الإعلان يثير مخاوف كبيرة بشأن مسار العملية الانتقالية وتداعياته على مستقبل سوريا. يقول الباحث القانوني د. أيمن منعم: « دعونا ننحي جانبًا مسألة الحوار الوطني وشرعيته، فالإعلان الدستوري لا يمثل الشعب، ولم يحاول حتى أن يفعل ذلك. وإذا ركزنا على أحكامه، سنجد أنه يشكّل تراجعًا على كل المستويات، وخاصة فيما يتعلق بالمحاسبة، التي تُعد ربما الجانب الأهم في أي انتقال سياسي.» 121

أرسى الإعلان الدستوري نظامًا رئاسيًا يزعم الفصل بين السلطات، لكنه لم يوفّر أي آليات فعّالة لضمان التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وإنما يركّز سلطات واسعة غير خاضعة لأي رقابة في يد الرئيس – دون أي إشارة إلى الإجراءات أو الآليات الخاصة بانتخابه– مما يخلق نظامًا عرضة بشدة للخضوع للهيمنة السلطوية، وهو أمر مثير للقلق خاصة في ضوء الإخفاق المتكرر للحكومة الانتقالية في الوفاء بالتزاماتها السابقة.فبحسب الإعلان الدستوري يتولى الرئيس منصب رئيس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة، مع منحه السلطة الحصرية لتشكيل مجلس الوزراء وتعيين الوزراء وإقالتهم دون الحاجة إلى موافقة مجلس الشعب. كما يعيّن الرئيس ثلث أعضاء مجلس الشعب، ويشكّل لجنة تشرف على اللجان الفرعية للانتخابات المكلّفة بانتخاب الثلثين الآخرين، ما يمكّنه عمليًا من إحكام السيطرة على السلطة التشريعية. ويمتلك الرئيس أيضًا سلطة حصرية لتعيين جميع أعضاء المحكمة الدستورية العليا واقتراح تعديلات على الإعلان الدستوري، الأمر الذي يضع إصلاح الدستور بالكامل في يد الرئيس.وفي خطوة تثير قدرًا أكبر من القلق، أغفل الإعلان الدستوري النص على أي إجراءات لعزل الرئيس أو آليات لمحاسبته. كما يفتقر مجلس الشعب إلى أي صلاحيات حقيقية للرقابة على السلطة التنفيذية، إذ يقتصر دوره على توجيه أسئلة إلى الوزارات، دون أن تكون له سلطة فتح التحقيقات أو اقتراح سحب الثقة أو إقالة الوزراء.

الأمر الذي دفع أحد المدافعين عن حقوق الإنسان، وقد شاركه الرأي كثيرين خلال المقابلات، إلى وصف الإعلان الدستوري بأنه: « أساسًا لنظام ملكي لا لدولة» ويتابع: «لم أكن لأعترض على الملكية لو كانت ديمقراطية ولو بقدر بسيط، أو إذ كانت ستمنحني بعض الحرية، لكن لا توجد أي محاسبة على الإطلاق. ولا مشكلة لدي مع أي شخص في موقع السلطة لو كان بإمكاني محاسبته. لنفترض أن هذه تضحيات مؤقتة تفرضها مرحلة انتقالية معقدة، وأنه لا يمكن إجراء انتخابات ديمقراطية في هذه المرحلة، أفهم ذلك كله، لكن ذلك لا يبرر العجز عن محاسبة المعيّنين.» 122

يقر الإعلان الدستوري التزامًا بحقوق الإنسان والحريات، بما في ذلك حرية التعبير وتكوين الجمعيات والمشاركة السياسية، إلى جانب الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للنساء، والحماية من التمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو النسب. غير أن هذه الضمانات نفسها تم تقويضها في الإعلان ذاته

يقر الإعلان الدستوري التزامًا بحقوق الإنسان والحريات، بما في ذلك حرية التعبير وتكوين الجمعيات والمشاركة السياسية، إلى جانب الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للنساء، والحماية من التمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس أو النسب. غير أن هذه الضمانات نفسها تم تقويضها في الإعلان ذاته، إذ نصّ على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، بعدما كانت في الدستور السابق (مصدرًا رئيسيًا)، وهو ما يُضعف فعليًا سائر الحقوق التي يدّعي الإعلان حمايتها. ولا يكتفي هذا التغيير بجعل أحكام الشريعة مُلزِمة لغير المسلمين، بل يفرض أيضًا على جميع المواطنين تفسيرًا واحدًا للشريعة تمليه الدولة. كما يتجاهل الإعلان الدستوري الأقليات القومية والدينية باشتراطه أن يكون رئيس الدولة مسلمًا، واعتماده اللغة العربية لغة رسمية وحيدة.

وعن حقوق النساء والأقليات المضمنة في الإعلان الدستوري، تقول ممثلة منظمة شاوشكا النسوية 123 : « تصبح هذه البنود بلا معنى بمجرد أن ندرك أن الإعلان الدستوري لا يعكس تطلعات النساء والمجتمعات المتنوعة في سوريا.» كما انتقدت قصر منصب الرئاسة على الرجال المسلمين، وما يستتبع ذلك من استبعاد للنساء وأتباع الديانات الأخرى، قائلة: « وكأنهم أدنى منزلة، وليسوا شركاء متساوين في هذا البلد.» 124

إن غموض الأحكام ذات الصلة بالحقوق والحريات المنصوص عليها في الإعلان الدستوري، إلى جانب تركيز السلطة في يد رئيس تم تعيينه من دون أي آليات للمحاسبة، يقوّض مسار الانتقال السياسي الشرعي والشامل الذي وعد به الشرع في بداية ولايته، ويترك الباب مفتوحًا أمام السلطوية بدلًا من الانتقال الديمقراطي الضروري لنجاح عملية بناء الدولة في سوريا.

ثالثًا: هيمنة هيئة تحرير الشام على السلطة

في 29 يناير، وبعد اجتماع قادة الفصائل العسكرية في سوريا، عيّنت إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع رئيسًا للجمهورية خلال الفترة الانتقالية، ليعلن الشرع عقب ذلك التزامه بإصدار إعلان دستوري، وإيقاف العمل بدستور الجمهورية العربية السورية لعام 2012، وحلّ البرلمان، وتفكيك القوات العسكرية والأمنية لنظام الأسد، وحلّ حزب البعث. كما أعلن عن دمج كافة الفصائل المسلحة تحت قيادة موحّدة.125 وقد شكّل تعيين الرئيس بطريقة غير شرعية ومن قبل مجموعة من الفصائل العسكرية بما يضمن فعليًا هيمنة هيئة تحرير الشام وحلفائها على مؤسسات الدولة، أول القرارات الإشكالية التي تلاحقت فيما بعد، مشيرًة لمسار مغاير تمامًا للانتقال السياسي الشرعي الحر والشامل الذي وُعِد به السوريون في البداية.

بعد فترة وجيزة من استحواذ الحكومة السورية الانتقالية على السلطة، توالت سلسلة من التعيينات الإشكالية التي فاقمت من حدة التوترات المجتمعية وشكلّت تهديد لمبدأ محاسبة كل الجناة وتحقيق العدالة لجميع الضحايا. فبعد أن وعد الشرع بتشكيل حكومة من ممثلين مؤهلين تعكس تنوّع سوريا، ألغى منصب رئيس الوزراء وعيّن 23 وزيرًا في حكومته، منهم 10 من هيئة تحرير الشام أو شخصيات مرتبطة بها، و13 أدعى أنهم مستقلين. ضم التشكيل الوزاري أربعة وزراء من الأقليات: يَعْرُب بدر (علوي) عُيّن وزيرًا للنقل؛ وأمجد بدر (درزي) تولى وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي؛ ومحمد عبد الرحمن تركو (كردي) عُيّن وزيرًا للتربية؛ وهند قبوات (مسيحية والمرأة الوحيدة في الحكومة) عُيّنت وزيرة للشئون الاجتماعية والعمل. بينما تم إسناد المناصب الأساسية إلى شخصيات من هيئة تحرير الشام أو أفراد مقربين منها.

جدير بالذكر أن رئيس السلطة التنفيذية أحمد الشرع نفسه كان قائدًا لهيئة تحرير الشام. كما كان وزير الخارجية عضوًا مؤسِّسًا في جبهة النصرة، 126 وكان وزير الداخلية أنس خطاب قائدًا للجهاز الأمني الداخلي للهيئة.127 وأسندت وزارة الدفاع إلى مرهف أبو قصرة، الذي انضم إلى هيئة تحرير الشام عام 2017 وتولّى قيادة جناحها العسكري. أما نائب وزير الدفاع المعيَّن حديثًا محمد خير حسن شعيب، 128 فكان قائد جيش أبي بكر في صفوف الهيئة، وقائد غرفة العمليات المركزية في إدلب، ثم لاحقًا نائب قائد جناحها العسكري.129 وقد بسطت هيئة تحرير الشام ومؤيدوها لاحقًا هيمنتهم على المناصب الأساسية في مختلف القطاعات، بما فيها الإدارات الحكومية والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والقضاء. كما يتولى شقيقا الشرع منصبين بارزين أيضًا؛ إذ يشغل شقيقه ماهر منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، 130 بينما يرأس شقيقه حازم اللجنة العليا للاستثمار المشرفة على السياسات الاقتصادية والصفقات الخارجية.131

يعلّق بسام الأحمد ، المدير التنفيذي لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة ، 132 على هذه التعيينات قائلًا: « تسيطر هيئة تحرير الشام وحلفاؤها، ومعظمهم من الإسلاميين، على أهم المناصب في سوريا الآن بشكل أو بآخر، بينما يحاولون التغطية على الأمر بإضافة ممثل عن الأقليات هنا وامرأة هناك. هم لا يرون في هذه التعيينات خطوة نحو نظام حكم شامل يمثل الشعب، بل يعتبرونها إجراءات رمزية تخدم أهدافهم في نيل الشرعية والدعم الدولي133 وبالمثل، سجّل جميع المشاركين في المقابلات شعورهم بالإحباط من تركز السلطة في قبضة طرف بعينه، وأبدى الكثيرين منهم تخوفًا إزاء وقوع البلاد في براثن السلطوية. فبحسب فائق حويجة من مركز المواطنة المتساوية 134 قال: «أن سياسات الحكومة قائمة على الإقصاء، مع مشاركة رمزية فقط للشعب، و قرارات الحكومة حتى الآن تٌظهر أنهم لا يهتمون بسياسات شرعية أو شاملة. فالحوار الوطني كان مجرد إجراء رمزي، والإعلان الدستوري كان تمهيدًا لإقامة نظام سلطوي. أنا لست واهِمًا بأنه سيتم تأسيس ديمقراطية، لكنني أرفض عقلية من يحرّر هو من يقرّر. نحن نسير في طريق شائك قائم على الإقصاء.» 135

تفتقر الحكومة الجديدة حاليًا إلى الشرعية، وقد أخفقت في اعتماد آليات شفافة لاختيار المسئولين واتخاذ القرارات. وبحسب بكري زين الدين من منظمة مدنية، 136 الأمر أبعد من مسألة المعيّنين، وإنما الطريقة التي تُتخذ بها هذه القرارات الإشكالية، فقد يقبل السوريون بأن هذه المرحلة تتطلّب قرارات صعبة، لكن ما نحتاجه هو نقاشات شفافة ومعلومات واضحة. ويضيف: «أسلوب إدارة الأمور لا يدل على أي نية للشراكة، بل يُظهر ببساطة أن هناك قائدًا، وأن على جميع الآخرين أن يصطفوا خلفه.» 137

النساء اللواتي شاركن في المقابلات عبرن أيضًا عن انتقادات واضحة لما وصفوه بالإدماج الشكلي للنساء. فبحسب الحقوقية النسوية رولا الركبي: « وجود امرأة واحدة فقط في الحكومة أمر غير مُرضٍ، ويبدو مجرد تمثيل رمزي. حتى الآن، لا تؤدي النساء أدوارًا فاعلة في المؤسسات. النساء موجودات، لكنهن يؤدين أدوار رمزية أو استشارية في الغالب. كل ذلك يبدو زائفًا» 138

تُعدّ الإصلاحات المؤسسية حجر الزاوية في مسار العدالة الانتقالية، وتتطلّب إعادة هيكلة شاملة لجميع مؤسسات الدولة الرئيسية، لا سيما القضاء والأمن والجيش. غير أنّ التزام الحكومة السورية الانتقالية، الوارد في الإعلان الدستوري، بإجراء إصلاحات وضمان استقلالية السلطات، 139 سرعان ما تقوّض بفعل هيمنة هيئة تحرير الشام وحلفائها على المناصب الأساسية في الدولة، بما في ذلك تعيين أشخاص يفتقرون للخبرة القانونية، ومسلحين ومسئولين عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحق السوريين.

« تسيطر هيئة تحرير الشام وحلفاؤها، ومعظمهم من الإسلاميين، على أهم المناصب في سوريا الآن بشكل أو بآخر، بينما يحاولون التغطية على الأمر بإضافة ممثل عن الأقليات هنا وامرأة هناك. هم لا يرون في هذه التعيينات خطوة نحو نظام حكم شامل يمثل الشعب، بل يعتبرونها إجراءات رمزية تخدم أهدافهم في نيل الشرعية والدعم الدولي

على مستوى القضاء، عينت مؤقتًا حكومة الإنقاذ السورية، التي تتزعمها هيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا، بعض أعضائها في المناصب التي كان يشغلها وزراء نظام الأسد، خلال الفترة من ديسمبر 2024 وحتى تشكيل الحكومة السورية الانتقالية في مارس 2025. فوزير العدل في حكومة الإنقاذ، شادي محمد الويسي، كان يشغل منصب وزير العدل مؤقتًا عندما ظهرت له مقاطع فيديو وهو يأمر بإعدام نساء في إدلب عام 2015 وقتما كان قاضي في ظل حكومة الإنقاذ السورية.140 ومع تشكيل الحكومة الانتقالية في مارس، تم تعيين عدد من الشخصيات البارزة المرتبطة بهيئة تحرير الشام، ممن خدموا في حكومة الإنقاذ، في مناصب في الحكومة الانتقالية. فقد خَلَف مظهر عبد الرحمن الويس، وهو فقيه بارز في صفوف هيئة تحرير الشام ورئيس المجلس الأعلى للقضاء في إدلب، شادي الويسي في منصب وزير العدل.141 وعُيّن حسن يوسف التربة في منصب النائب العام، 142 وكان قد شغل خلال السنوات الخمس الماضية مناصب مدعٍ عسكري ثم مفتش قضائي وأخيرًا نائبًا عامًا في حكومة الإنقاذ بإدلب.143

وقد أعرب المشاركون في المقابلات عن استيائهم من تعيين أشخاص غير مؤهلين في السلك القضائي وتأثير ذلك على استقلالية القضاء وفعاليته. فبحسب الخبيرة القانونية الدكتورة رولا البغدادي: « العقبة الرئيسية التي نواجها الآن هي أن مناصب ذات نفوذ بالغ الأهمية تُمنح لأشخاص يفترون للخبرة القانونية. والأسوأ من ذلك أن هؤلاء الأشخاص غير منفتحين على استشارة خبراء مستقلين، ولا يبدون أي اهتمام بالتعاون الفعل.» 144

ويسلط الحقوقي رواد بلان (من السويداء) الضوء على خطورة فقدان الثقة في القضاء جراء هذه التعيينات قائلا: « لقد تم تقويض النظام القضائي من خلال تعيين أشخاص غير مؤهلين تلقّوا تدريبًا في الشريعة الإسلامية، في مناصب قضائية حساسة، وذلك بدءً من مكتب النائب العام وصولًا إلى محكمة النقض. فلا يوجد بيئة تشريعية أو جهاز قضائي قادر على حلّ النزاعات، ولا إطار قانوني واضح ينظم التعامل مع هذه المؤسسات. كما لا توجد أي حماية لوجود المجتمع المدني أو ممتلكاته.» 145

كما أفاد مشاركون في المقابلات وعدد من وسائل الإعلام 146 بأن تعيين شيوخ أو أشخاص ذوي خلفية شرعية في مواقع قيادية داخل مؤسسات الدولة، أو كـمراقبين سريين في الوزارات، بات أمرًا شائعًا. وقد لاحظوا أيضًا أن هيمنة الشيوخ المنتمين لهيئة تحرير الشام قد أثرت بشدة على العقلية المؤسسية، ومن ثم على الثقة بالمؤسسات الرسمية.147 فبحسب بلان: «اليوم، عندما تدخل إلى مؤسسة عامة، لا يوجّهونك لموظف قانوني، بل يطلبون منك التحدث إلى شيخ. لا وضوح حول كيفية اتخاذ القرارات؛ لا معايير ولا منهجية قانونية، وأحيانًا لا توجد حتى قوانين.» 148

تجاوزت تعيينات الموالين في مناصب بارزة، بمن فيهم المتهمون بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، القطاع القضائي وامتدت حتى إلى قطاعي الأمن والدفاع. ففي 29 مارس، أعلن أحمد الشرع اعتزامه دمج جميع الفصائل العسكرية تحت ولاية وزارة الدفاع. حتى الآن لم تُدمَج بعض الفصائل، فيما يتم اندماج البعض الآخر تدريجيًا. وبينما تقتضي هذه الخطوة إرضاء مختلف الفصائل لتفادي الصراعات الداخلية، تم إسناد بعض الوحدات العسكرية الرئيسية إلى شخصيات مثيرة للجدل متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ما أجّج الانقسامات المجتمعية. ويرى العديد في ذلك دليلًا إضافيًا على أن مسار العدالة الانتقالية سيركز على جرائم نظام الأسد فحسب، إذ جرى التضحية بحقوق ضحايا الجرائم التي ارتكبتها فصائل المعارضة لتعزيز مصالح ونفوذ المتورطين في انتهاكات جسيمة خلال الصراع المستمر منذ أربعة عشر عامًا.

تقول لونجين عبدو ، من جمعية ليلون للضحايا 149 في عفرين: « بدلاً من محاسبة الجناة، جرى تعيينهم في مواقع السلطة. نحن، كمعتقلين سابقين لدى الجيش الوطني السوري، نرى الآن من اختطفونا وعذبونا يتولون مناصب قيادية، لا مجرد وظائف دنيا. إنه أمر مؤلم ومثير للسخط. كيف يمكن لمنظمتنا أن تدافع بأمان وفاعلية عن العدالة للضحايا، بينما المسئولون عن الانتهاكات هم من يديرون البلاد؟» 150 جدير بالذكر أن لونجين نفسها كانت ضحية اختطاف واعتقال وتعرضت لانتهاكات على يد سيف بولاد أبو بكر وجماعته، 151 والذي تم تعينه من قِبَل الحكومة السورية المؤقتة قائدًا لفرقة الحمزة العسكرية التابعة للجيش الوطني السوري. تلاحق سيف بولاد وفرقته اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لا سيما بحق النساء، وقد نالوا عقوبات أمريكية بسبب الخطف والتعذيب والعنف الجنسي بحق نساء كرديات.152 وفرض بحقهم الاتحاد الأوروبي عقوبات في مايو 2025 بسبب المشاركة في مجزرة العلويين السوريين في أحداث الساحل في مارس من العام نفسه.153

ثمة قادة آخرين متهمين بارتكاب انتهاكات جسيمة، تشمل الخطف والابتزاز والعنف الجنسي، يشغلون الآن مناصب رئيسية. فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ يشغل اليوم محمد حسين الجاسم (المعروف بأبو عمشة) منصب قائد الفرقة 62 في محافظة حماة ضمن القوات المسلحة الانتقالية. ويعد أبو عمشة من أكثر الشخصيات إثارة للجدل، فقد كان قائد فرقة السلطان سليمان شاه (العمشات) المدعومة من تركيا والتابعة للجيش الوطني السوري، والتي نالت عقوبات أمريكية 154 وأوروبية 155 بسبب جرائمها. أما أحمد إحسان فياض الهيس (أبو حاتم شقرا) القائد السابق لفصيل أحرار الشرقية المدعوم من تركيا والتابع للجيش الوطني السوري، والمتورط في الاتجار بنساء وأطفال من الإيزيديين، 156 فيتولى حالياً قيادة الفرقة 86 في المنطقة الشرقية من سوريا، وهي فرقة عسكرية تنشط في محافظات دير الزور والرقة والحسكة.157

« بدلاً من محاسبة الجناة، جرى تعيينهم في مواقع السلطة. نحن، كمعتقلين سابقين لدى الجيش الوطني السوري، نرى الآن من اختطفونا وعذبونا يتولون مناصب قيادية، لا مجرد وظائف دنيا. إنه أمر مؤلم ومثير للسخط. كيف يمكن لمنظمتنا أن تدافع بأمان وفاعلية عن العدالة للضحايا، بينما المسئولون عن الانتهاكات هم من يديرون البلاد؟»

وبحسب منظمة حقوق الإنسان (RDI) ، التي تعمل في شمال شرق سوريا حيث المناطق الأكثر تضررًا من العمليات العسكرية التي نفذتها الفصائل المسلحة الموجودة الآن في السلطة: « هذا أحد أكبر التحديات التي سنواجها لتعزيز مسار العدالة الانتقالية والمحاسبة، خصوصاً مع سعي السلطات إلى حكم إقصائي لا يمثل سوى جزء ضئيل من السوريين. سنناضل من أجل أن يكون لنا مكان على الطاولة، وهذا سيتطلب دعمًا دوليًا، لأنهم لا يصغون إلى منظمات المجتمع المدني المحلية ولن يحاسبوا أنفسهم.» 158

هذا الإقصاء، يؤثر بشكل أكبر على المنظمات المحلية مقارنة بالمنظمات الدولية، حسب المشاركين في المقابلات. الأمر الذي يقوض فرص تشكيل تحالفات محلية للضغط على الحكومة. بينما جادل آخرون بأن هذه التحالفات ستظل تفتقر إلى الشرعية أمام الحكومة إذا لم تتضمن أصواتًا دولية. ويعتقد توفيق عثمان من تيار دليل 159 أن: « أي تحالف مناصرة وطني ستكون أمامه فرصة نجاح مضاعفة ثلاث مرات إذا حظي بدعم دولي، لأن الحقيقة المؤسفة هي أن الحكومة لا تعترف بالأصوات والخبرات المحلية.» 160

هيمنة هيئة تحرير الشام، والموالين لها، على مؤسسات الدولة وكافة وظائفها حدّت بشكل كبير من فرص مشاركة منظمات المجتمع المدني، وتسبب في كثير من التخبط في قرارات هذه المؤسسات نتيجة انعدام الخبرة والتخصص.

فبينما أفاد كثير من المشاركين في المقابلات بعقد اجتماعات مع هؤلاء المسئولين، إلا أنهم وصفوا هذه الاجتماعات في الغالب بأنها شكلية تفتقر لأي متابعة ملموسة.161 فبحسب منظمة العدالة من أجل الحياة 162 التي التقت بممثلي الحكومة، لاستعراض نتائج أعمالها البحثية، وطرح مطالبها وتوصياتها: « في العلن، يتحدثون عن الانخراط مع المنظمات، ويرحبون به، ويقرّون بأنهم يفتقرون إلى الخبراء ويحتاجون إلى الدعم. أحيانًا تكون هناك مشاورات رسمية وأحيانًا غير رسمية. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب سياسة حقيقية، وغياب الديمقراطية، وغياب المشاركة الفعلية.» 163 كما أفاد عدد من المشاركين في المقابلات بأن الحكومة تفتقر إلى رؤية مشتركة، وتتعامل مع ممثلي المنظمات كأفراد لا كمؤسسات، لذا يختلف أدائها من شخص لآخر ومن مؤسسة لأخرى. فبعد اجتماعات مع العديد من ممثلي الحكومة لتقديم المشورة والتوصيات، ترى سنا كيخيا ، المديرة التنفيذية للبرنامج السوري للتطوير القانوني ، 164 أن الانتقائية في المشاركة لا تعود إلى عدم الاعتراف، بل إلى نقص موارد الحكومة وغياب الثقة من الجانبين. وتضيف: « ربما لا يرون أن الانخراط مع منظمات المجتمع المدني أولوية، هم لا يعرفوننا، وعلينا نحن أن نبادر إذا أردنا بناء جسور. كما أعتقد أن منظمات المجتمع المدني تتعلم كيفية الانخراط مع حكومتها، وهو أمر لم نفعله من قبل، وبحاجة لتعلمه أيضًا. وبصراحة، إذا كنت تريد الانخراط فستجد الطريقة الملائمة.» 165

منذ تولّيها القيادة، دأبت الحكومة السورية المؤقتة على إصدار قرارات جديدة سرعان ما يتم تعديلها أو إلغائها أو توضيحها بمجرد تعرضها لانتقادات حادة. ففي 20 فبراير، أصدرت مديرية التنسيق والتعاون الدولي، التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل، التعميم رقم 28 لتنظيم آليات تواصل المنظمات غير الحكومية مع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة والشركاء الدوليين والعرب ووزارة الخارجية.166 وفي 16 مارس أنتشر على منصات التواصل الاجتماعي قرارًا يستند إلى هذا التعميم، ويحظر التواصل مع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الشريكة والاتحادات العربية أو مع وزارة الخارجية والمغتربين، إلا من خلال مديرية التنسيق والتعاون الدولي في وزارة الشئون الاجتماعية والعمل. لكن التعميم لم يوضح الجهة المخاطبة بهذا القرار، إذ تم توجيهه إلى جمعية أو منظمة دون مزيد من التوضيح، ومع ذلك يرجح الكثيرين أن القرار يستهدف منظمات المجتمع المدني. وبعد موجة من الانتقادات، نشرت وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بيانًا توضيحيًا يفيد بأن التعميم كان قرارًا داخليًا موجَّهًا إلى المديريات والمؤسسات التابعة لها. وقد أبدى المشاركون في المقابلات شكوكهم إزاء هذا التوضيح؛ فبينما رأى بعضهم أنه يعتبر مؤشرًا إيجابيًا على اهتمام الحكومة بالرأي العام، اعتبره آخرون اختبارًا.

ويعبّر حويجة عن هذا الموقف قائلًا: « تعامُل الحكومة معنا يبدو كأنه اختبار لمعرفة ما إذا كان الناس سيلتزمون الصمت وما الذي يمكنهم فعله. كل شيء يبدو خاضعًا للاختبار في معظم الوزارات، حتى طريقة صياغة القرارات تُظهر نقص الخبرة، لكن هذا ليس عذرًا، لأنهم يختارون عدم استشارة الخبراء، وهذا مقصود.» 167 وترى المحامية رولا البغدادي أن استجابة الحكومة لهذا الأمر شكلية، وتضيف: « إنهم يتخذون قرارات ثم يتراجعون عنها، فيوهمون الناس بأنهم يستمعون لهم، لكنهم لا يفعلون ذلك إلا في قضايا صغيرة ثانوية، أما القرارات التأسيسية فلا يتراجعون عنها. إنهم يسيطرون على كل القضايا الجوهرية ولا يوجد أي مشاركة فيها.» 168 مشيرة إلى تعيين أشخاص غير مؤهلين في مناصب رفيعة، بمن فيهم مجرمون وشخصيات مثيرة للجدل، رغم احتجاجات المواطنين.

« إنهم يتخذون قرارات ثم يتراجعون عنها، فيوهمون الناس بأنهم يستمعون لهم، لكنهم لا يفعلون ذلك إلا في قضايا صغيرة ثانوية، أما القرارات التأسيسية فلا يتراجعون عنها. إنهم يسيطرون على كل القضايا الجوهرية ولا يوجد أي مشاركة فيها.»

رابعًا: اللجان والهيئات المفروضة من الحكومة

اتخذت الحكومة السورية المؤقتة مبادرة نالت الترحيب بتشكيل لجان تهدف إلى تحقيق المحاسبة والمصالحة المجتمعية، غير أن هذه اللجان أثارت مخاوف جدية بشأن شرعيتها واستقلاليتها وشموليتها، ونجم عنها توترات مجتمعية متفاقمة.

نصّ الإعلان الدستوري على تشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية 169 والتي من شانها أن تعتمد آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف الضحايا والناجين، إضافة إلى تكريم الشهداء. واستثنى الإعلان في مادته الثانية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجميع الجرائم التي ارتكبها النظام السابق من مبدأ عدم تطبيق القوانين بأثر رجعي، كما جرّم تمجيد نظام الأسد السابق ورموزه، وإنكار أو تمجيد جرائمه أو تبريرها أو التقليل من فداحتها، واعتبر كل ذلك جرائم تستوجب عقوبة بموجب القانون. لكنه في القوت نفسه لم يستثن بالمثل الجرائم المرتكبة من الأطراف الأخرى من تطبيق مبدأ عدم سريان القوانين بأثر رجعي. فيما يمكن اعتباره تسيس لمبدأ العدالة الانتقالية وترسيخ للإفلات من العقاب عن الجرائم التي ارتكبتها أطراف مسلحة أخرى، بما في ذلك القوات التابعة للحكومة الانتقالية، وتهميش ضحايا الجرائم غير المرتبطة بنظام الأسد. ورغم أن تشكيل هذه الهيئة يعد خطوة حاسمة طال انتظارها، إلا أن هذا المسار الانتقائي يهدد بمفاقمة الانقسامات الاجتماعية وعرقلة الجهود الجادة لتحقيق العدالة والمصالحة المجتمعية وبناء السلام.

في 17 مايو، تم الإعلان عن الشروع في تشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية بموجب المرسوم الرئاسي رقم 20، وكُلّفت بتقصي الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم التي ارتكبها نظام الأسد وملاحقة المسئولين عنها، وتعويض الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية.170 وتم منح الهيئة مهلة 30 يومًا لتشكيل فريق عملها ووضع لائحة عملها الداخلية، إلا أنه حتى أغسطس 2025 لم تتوفر أي معلومات علنية بشأن مدى التقدم المُحرز.

تقول رابطة تآزر للضحايا ، 171 وهي منظمة متخصصة في المناصرة وبناء قدرات جميع الضحايا، على عدم التراجع عن النضال من أجل ضمان مسار انتقالي يضع جميع الضحايا، بما في ذلك ضحايا الأطراف العسكرية، في قلب العملية: «حتى عندما تبدو المطالب بـالمساءلة الشاملة شبه مستحيلة، نؤمن بأن مسارًا انتقاليًا يضم جميع الضحايا هو أمر غير قابل للتفاوض. لدينا مسئولية تجاه جميع الضحايا، وسنواصل المناصرة من أجل المساءلة القانونية، وآليات مستقلة لكشف الحقيقة، وجهود حقيقية لتحقيق التعافي المجتمعي.» 172

جدير بالذكر، أن بعض المنظمات تتعامل مع الحكومة ورئيس الهيئة وتحاول الضغط من أجل توسيع نطاق عملها ليشمل الجرائم غير المرتبطة بنظام الأسد. وتوضح مبادرة (فضّلت عدم الكشف عن هويتها) يقودها ناجون لدعم الضحايا أن « الحكومة طرف في الحرب وكثير من ذوي الرتب العسكرية العليا مسئولون عن جرائم مروعة بحق المدنيين. سيفلتون من أي محاسبة، لكننا سنواصل المطالبة بها. على الأقل، نطالب بالاعتراف بحقوق الضحايا، وتعويضهم، وتخليد ذكراهم.» 173

أعلنت الحكومة السورية المؤقتة أيضًا أن ملف المعتقلين والمفقودين يمثل أولوية رئيسية في المرحلة الانتقالية. وفي مايو 2025، شكًل الشرع الهيئة الوطنية للمفقودين، 174 المكلَّفة أساسًا بالبحث عن المفقودين والمختفين قسرًا وتحديد مصيرهم، وتوثيق قضاياهم، وإعداد قاعدة بيانات وطنية بشأنهم، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لأسرهم. وقد تعرّضت هذه الهيئة، التي يرأسها محمد رضى جلخي، لانتقادات من المجتمع المدني بسبب افتقار أعضائها إلى المؤهلات والخبرة اللازمة.

وفي هذا السياق تقترح المديرة التنفيذية للبرنامج السوري للتطوير القانوني تقديم خدمات لدعم هذه اللجان وسد النقص في الخبرات. وتضيف: « في البداية، اعتقدنا أنه ينبغي الضغط من أجل التغيير وتعيين الأشخاص المناسبين، لكن بعد لقائنا مع الأعضاء، نرى أنهم مناسبون. إذ يرى البرنامج السوري للتطوير القانوني أنهم يتعاطون بشكل مناسب مع منظمات المجتمع المدني ومجموعات الضحايا. لدينا وصول مباشر إليهم، ونقدّم خبرتنا وخدماتنا ونصائحنا.» 175

« هناك حالات عديدة تحتاج فيها الحكومة لخبرات المنظمات، لكننا لا نرى مشاورات فعّالة. فعلى سبيل المثال، لجنة المعتقلين بحاجة إلى الوصول للضحايا، والوسيلة المثلى لذلك هي من خلال المنظمات المحلية التي تعمل معهم منذ سنوات وتحظى بثقتهم. عرضنا خدماتنا، وردوا بالشكل الملائم، لكننا لم نرَ نتيجة حتى الآن.»

جدير بالذكر أنه كان من المفترض أن تنشر الهيئة لائحتها الداخلية بحلول 17 يونيو؛ إلا أنه، حتى وقت كتابة هذا التقرير، أي بعد ثلاثة أشهر من انتهاء المهلة، لم تُنشر أي معلومات. وما زال إطار عمل الهيئة وأنشطتها وآليات عملها غير واضح، مع انعدام الشفافية حول إجراءاتها.

عقب مجازر الساحل في 6 مارس، شكلت الحكومة السورية المؤقتة لجنة للتحقيق في الأحداث.176 غير أن كثير من المشاركين في المقابلات انتقدوا نهج اللجنة، الذي وصفوه بالانتقائي في مشاوراته مع منظمات المجتمع المدني، واقتصر على وعود فارغة دون أي إجراءات ملموسة.177

واجهت اللجنة إلى حد كبير صعوبة في الوصول للضحايا، بسبب انعدام الثقة في الحكومة. ورغم أن عدة منظمات مختصة في تقديم الدعم للضحايا قد عرضت مساعدتها، لكن اللجنة أخفقت في الاستفادة منها.178 فحسب الناشطة الحقوقية هنادي زحلوط (من اللاذقية) والتي فقدت ثلاثة من أشقائها في المجازر: «رفض العديد من الضحايا التواصل مع اللجنة خوفًا من المسلحين المتورطين في المجزرة، ولانعدام الثقة في اللجنة نفسها.» وأضافت: « كان الناس يخشون حتى من إبداء مظاهر الحداد. شعر بعضهم أن لقاء اللجنة يعني الاعتراف بالسلطة التي قتلت عائلاتهم، ورأى آخرون أنه لا جدوى منه لأنه لن يؤدي إلى نتائج. كثيرون رفضوا التواصل لغياب الأمل في أي استجابة، وحتى عائلتي كانت خائفة جدًا من لقاء اللجنة.» 179

من جانبه، ذكر البرنامج السوري للتطوير القانوني أن لجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري قد تواصلن مع المنظمة وطلبت مشورتها وخبراتها، وحضروا أعضائه مؤخرًا اجتماعًا لمنظمات المجتمع المدني عقده أحد أعضاء اللجنة، ورغم ذلك، ما زال من المبكر تقييم فعالية هذا التفاعل. وقالت مديرته سنا كيخيا: « أقدّر انفتاحهم في شرح أسباب عدم تفاعلهم بالشكل الملائم مع منظمات المجتمع المدني. كما قدّموا توضيحات حول سبب عدم نشر التقرير حتى الآن. وأعتقد أنه وفقًا للوقت والموارد المتاحة لهم، فقد بذلوا قصارى جهدهم. ومع ذلك، ما زلت أرى أنه يجب نشر التقرير الكامل. لقد طلبنا ذلك علنًا وطالبنا أيضًا بخطة من الحكومة لتنفيذ التوصيات.»

منظمة أخرى ، فضّلت عدم كشف هويتها، تواصلت مع اللجان المشكلة من الحكومة، أكدت خلال المقابلة أن: « هناك حالات عديدة تحتاج فيها الحكومة لخبرات المنظمات، لكننا لا نرى مشاورات فعّالة. فعلى سبيل المثال، لجنة المعتقلين بحاجة إلى الوصول للضحايا، والوسيلة المثلى لذلك هي من خلال المنظمات المحلية التي تعمل معهم منذ سنوات وتحظى بثقتهم. عرضنا خدماتنا، وردوا بالشكل الملائم، لكننا لم نرَ نتيجة حتى الآن.»

أما رابطة تآزر للضحايا ، ومقرها شمال شرق سوريا، فذكرت أنها حظيت بمستوى جيد من التفاعل مع هذه اللجان والهيئات، لا سيما الهيئة الوطنية للمفقودين التي أبدت انفتاحًا على المشاورات والنقد، بما في ذلك تقديم مقترح مشترك لنظام الهيئة الأساسي موقَّعًا من 38 منظمة. وأكدت الرابطة: « سنُبقي قنوات التواصل مفتوحة مع جميع الأطراف المعنية في سبيل الحقيقة والعدالة لجميع الضحايا. ويتمثل موقفنا في العملية الانتقالية في ضمان المشاركة الفاعلة والقيادية للضحايا والناجين وأسرهم في جميع مراحل العدالة الانتقالية، بهدف تحقيق الشمولية والاعتراف بالضحايا وتحقيق العدالة.» 180

خامسًا: المشاركة السياسية

يضمن الإعلان الدستوري السوري حق المشاركة السياسية وتشكيل الأحزاب، لكنه ينص على أن ينظَّم ذلك قانون جديد. وحتى أغسطس 2025، لم تُتخذ أي خطوات ملموسة لاعتماد مثل هذا القانون، في فراغ قانوني يثير القلق خصوصًا قبيل الانتخابات المقبلة لمجلس الشعب المقرر عقدها في أكتوبر 2025.

في يونيو 2025، تم تعيين رئيس مجلس الدولة، كما أعلن مرسوم رئاسي عن تشكيل اللجنة العليا للانتخابات. وقد كُلِّفت هذه اللجنة بالإشراف على تشكيل اللجان الفرعية للانتخابات، التي ستتولى بدورها انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب. ومن المتوقع أن يضم المجلس 210 مقعد، يتم اختيار 140 عضوًا على مستوى الدوائر بوساطة لجان محلية من خبراء وشخصيات عامة في المجتمع، بينما يُعيَّن الرئيس الأعضاء السبعون الباقون.181

بعد عقود من غياب الحياة السياسية، يتطلع السوريون إلى المشاركة النشطة في هذه العملية. وقد أشار المشاركون في المقابلات إلى أن الأنشطة السياسية، أو حتى تلك التي تحمل طابعًا سياسيًا تواجه قيودًا أكبر من الأنشطة المدنية. إذ يستحضر الحقوقي فائق حويجة، مؤسس مركز المواطنة المتساوية ، 182 واقعة تحالف تماسك، 183 والذي تم إطلاقه بعد جلسة حوار شاركت فيها 35 جهة سياسية ومدنية، وبعد انتهاء المؤتمر، تواصلت السلطات مع المنظمين لإبلاغهم بعدم إمكانية تشكيل مثل هذا التحالف لعدم وجود قانون ينظم المشاركة السياسية. كما لم يتمكن أيضًا تيار دليل ، من الحصول على موافقة لعقد مؤتمر في حمص حول المشاركة السياسية. ويقول توفيق عثمان: « نرغب في المشاركة في هذه العملية، ومساعدة الحكومة على اعتماد نماذج أفضل وإجراء إصلاحات داخلية. لكننا تدريجيًا، ومع كل قرار يتخذونه، ندرك أنه لا توجد مساحة لذلك.» 184

إن الحق في تشكيل والانضمام إلى منظمات وجمعيات تُعنى بالشئون السياسية والعامة يُعد جانبًا أساسيًا من الحق في حرية تكوين الجمعيات، كما نصت عليه المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.185 ولا يقتصر النشاط السياسي على السياسيين والأحزاب السياسية؛ بل يشمل، بمعناه الواسع؛ الضغط من أجل قوانين معينة أو ضدها، والانخراط في الدعوة العامة، والتقاضي الذي يهدف إلى تحقيق مصالح معينة، أو المشاركة في النقاشات المتعلقة بالسياسات حول أي قضية إجمالاً، أو الدعوة إلى إصلاحات للحكم الرشيد.186

ويُعد العمل المدني للمنظمات التي تمارس هذه الأنشطة لتعزيز التركيز على قضايا أو مبادئ دون السعي وراء السلطة السياسية، عملًا ذا طبيعة سياسية أيضًا، وتشكل هذه الأنشطة سمة أساسية للمجتمع الحر والديمقراطي.187 وتقييد القدرة على المشاركة في الشئون السياسية يقوض بطبيعته المجتمع المدني وقدرة منظماته على التأثير ورفع الوعي أو الضغط لأجل الإصلاحات المطلوبة، وهو أمر حاسم في أي مرحلة انتقالية.

سادسًا: أثر الإقصاء على المجتمع المدني

في ضوء السياسات الحالية، تخاطر سوريا بتكرار الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها دول عربية أخرى نتيجة تهميش المجتمع المدني، بدلًا من الاستفادة من تلك التجارب وإدراك الدور الجوهري الذي يمكن أن تضطلع به منظمات المجتمع المدني في توفير أساس للاستقرار والحكم الرشيد. ففي العراق، على سبيل المثال، سرعان ما تم تقويض الدور المبكر للمجتمع المدني في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها نظام صدام حسين، وذلك بسبب احتكار الحكومة لآليات العدالة وتركيزها على اجتثاث حزب البعث بدلًا من اتباع مسار عدالة شاملة، الأمر الذي أسفر عن تفاقم الانقسامات المجتمعية. وفي مصر، تُستَخدم الأجهزة الأمنية والقضاء لترسيخ الحكم السلطوي. في تونس، شارك المجتمع المدني بشكل وثيق في صياغة وتطوير والإشراف على هيئة الحقيقة والكرامة، لكن تم تقويض العملية الانتقالية بسبب الافتقار لإصلاح قطاع الأمن والبيئة السياسية المعادية.188

وفي سوريا أبدى معظم المشاركون في المقابلات القلق والتشاؤم إزاء المرحلة الانتقالية. يقول الصحفي الحقوقي رواد بلان: « لا يوجد اليوم مشروع حقيقي للدولة، ناهيك عن غياب أي مساحة لمنظمات المجتمع المدني. الحكومة السورية تُدار على أساس الولاء، وصنع القرار بيد الشيوخ والأمراء، وهو ما يقوض دور المؤسسات وحقوق الإنسان والحريات.» 189 وفي ظل هذا الإحباط من تقاعس الحكومة، قررت العديد من المنظمات في سوريا تولي زمام جهود العدالة الانتقالية، بالتركيز على عقد حوارات بين منظمات المجتمع المدني في مختلف أنحاء البلاد، بهدف تحديد القيم الأساسية المشتركة ووضع مقاربة موحدة لمشاركة هذه المنظمات في العملية الانتقالية ومراقبتها.190 بينما تسعى منظمات أخرى إلى تعزيز التماسك الاجتماعي بين مختلف مكونات المجتمع، من خلال جمع أفراد، ذوي توجهات سياسية متباينة، لتبادل وجهات النظر بشأن النزاع ومشاركة تجاربهم والتعبير عن احتياجاتهم، على أمل زيادة القبول المجتمعي وتشجيع التسامح.

في ضوء السياسات الحالية، تخاطر سوريا بتكرار الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها دول عربية أخرى نتيجة تهميش المجتمع المدني، بدلًا من الاستفادة من تلك التجارب وإدراك الدور الجوهري الذي يمكن أن تضطلع به منظمات المجتمع المدني في توفير أساس للاستقرار والحكم الرشيد.

ورغم الدور المهم لمنظمات حقوق النساء خلال المراحل الانتقالية لدفع مسارات المصالحة وبناء السلام وتحقيق العدالة والمحاسبة، على النحو المشار له في قرارات عدة لمجلس الأمن، 191 وهيئات حقوق الإنسان مثل لجنة القضاء على التمييز العنصري، 192 واللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، 193 ورغم التعهدات المبكرة للحكومة السورية المؤقتة بضمان مشاركة النساء في المرحلة الانتقالية؛ تُظهر المقابلات أن النساء ما زلن مُستبعدات إلى حد كبير عن عملية صنع القرار. فبحسب الحقوقية النسوية رولا الركبي: « الحكومة الحالية هي مجرد مزيج من فصائل عسكرية وزعماء دينيين من دون عقلية دولة حقيقية. ما الدور الذي يمكن أن تلعبه النساء في مثل هذا النظام؟» ورغم أن بعض المنظمات النسوية حاولت التعامل بحذر مع الحكومة، لكنها أفادت بوجود ارتباك وتناقض في المواقف. فبحسب الركبي: « كل شيء يجري عبر شبكات علاقات شخصية. بعض المسئولين كانوا تعاملوا بشكل إيجابي، فيما اعتبر آخرين أن النسوية مؤامرة لتدمير الأخلاق الاجتماعية.» 194

ورغم أن الحكومة السورية المؤقتة لم تعتمد قوانين تمييزية صريحة ضد النساء، فإن سياساتها وقراراتها الحالية تعكس، في نظر كثيرين، الدور الذي تريده للنساء، لا سيما في ضوء تمثيلهن الحالي في مؤسسات الدولة، والذي اعتبره معظم المشاركين في المقابلات تمثيلًا شكليًا. تقول الحقوقية ريما فليحان من مؤسسة اللوبي النسوي السوري 195: « في الوفود والزيارات الرسمية، يهيمن الرجال بشكل كاسح، وهذا يدل على إرادة سياسية واضحة لإقصاء النساء، حتى وإن لم يُكرَّس هذا الإقصاء في أي سياسة رسمية.» 196 كما أُثيرت مخاوف بشأن تعيين نساء لا يعكسن قيم الحركة النسوية الأوسع. وأبرز مثال على ذلك عائشة الدبس التي عُيّنت رئيسة لمكتب شئون المرأة في ديسمبر، والمعروفة بآرائها التقليدية، إذ سبق وصرّحت أنه: « يجب ألا تتجاوز النساء أولويات فطرتها التي فطرها الله وهي دورها التربوي في أسرتها.ولن أفتح المجال لمن يختلف معي بالفكر.» 197 وبحسب منظمة شاوشكا ، فإن هذه التصريحات « أعادت النساء مئة خطوة للخلف.»

فرص تعزيز مشاركة منظمات المجتمع المدني

إن تحديد ما إذا كانت سوريا ستتجه نحو سلام مستدام وحكم قائم على احترام الحقوق، أو ستنحدر مجددًا إلى السلطوية والصراع المسلح، يعتمد إلى حد كبير على استعداد جميع الأطراف وقدرتها على الانخراط في حوار وطني حقيقي وإفساح المجال أمام المبادرات الشعبية للتغلّب على التحديات.

إن التحديات المقبلة هائلة، فبعد أربعة عشر عامًا من الفظائع، وتواصل احتلال إسرائيل وتركيا لأراضٍ سورية، وتشرذم الجماعات المسلحة، بات المشهد السياسي والاجتماعي مشتعلاً بشدة. وتُظهر سياسات وممارسات الحكومة الانتقالية حتى الآن دلائل محدودة على التزام جاد بعملية شاملة.

ينبغي أن يضطلع المجتمع المدني بدور محوري في صياغة المستقبل. ولا يجوز أن تكون المشاركة رمزية، بل يجب أن تمتد إلى جميع مراحل العملية، بدءً من التخطيط والتصميم وصولًا إلى التنفيذ وآليات الرقابة والتقييم.198 ولتمكين ذلك، ينبغي توفير فضاء آمن وحر وفعّال للمجتمع المدني.199

تقرّ المواثيق والآليات الدولية لحقوق الإنسان بحق جميع الأفراد في الانخراط الكامل والتأثير الفعّال في عمليات صنع القرار العام التي تؤثر عليهم. وتُلزم المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الدولة باتخاذ تدابير إيجابية لضمان التمتع الكامل والفعّال والمتكافئ بحقوق المشاركة، بما في ذلك من خلال عمليات وآليات شاملة وذات مغزى ودون تمييز.200 ورغم أن فرض قيود على هذا الحق أمر جائز، إلا أنه يجب أن تكون هذه القيود موضوعية ومعقولة وغير تمييزية ومنصوصًا عليها في القانون.201 والأهم ألا يتم المساس بـجوهر هذا الحق مطلقًا.202 وقد شددت عدة آليات دولية لحقوق الإنسان على أن تظل القيود استثناءً لا قاعدة.203

ينبغي أن يضطلع المجتمع المدني بدور محوري في صياغة المستقبل. ولا يجوز أن تكون المشاركة رمزية، بل يجب أن تمتد إلى جميع مراحل العملية، بدءً من التخطيط والتصميم وصولًا إلى التنفيذ وآليات الرقابة والتقييم. ولتمكين ذلك، ينبغي توفير فضاء آمن وحر وفعّال للمجتمع المدني.

تشمل مشاركة المجتمع المدني في عمليات صنع القرار الوصول إلى المعلومات، وفرصًا للتشاور والحوار وبناء الشراكات.204 وبشكل أوسع، تتطلب هذه المشاركة مساحة فعلية لإبداء الرأي على المستويين التشريعي وصناعة السياسات؛ وحرية التعبير عن الآراء والانتقادات والدفاع عن القضايا والاحتياجات؛ 205 والمشاركة في تقديم الخدمات العامة، والقدرة على مراقبة ورصد السياسات الحكومية بحرية.206 وتكتسب هذه المساحة أهمية خاصة في المراحل الانتقالية، إذ تعزز قدرة المجتمع المدني على الاضطلاع بدور حيوي في الإصلاحات، ومواجهة السياسات السلطوية، وتحديد الأولويات والدفاع عنها، وتقديم الخدمات والخبرات.

تُظهر تجارب دول أخرى أن الفترة الأولى التي تلي النزاعات لها دور حاسم في إنجاز الإصلاح. فإذا لم توضع أجندة إصلاحية على وجه السرعة، فمن المرجح فقدان فرصة إرساء نظام حكم قائم على الحقوق وقادر على إرساء سبل سلمية لحل الخلافات السياسية.207 وتتطلب هذه المرحلة من المجتمع الدولي وهيئات وآليات الأمم المتحدة، والجهات الفاعلة الدولية غير الحكومية، بما في ذلك الجهات المانحة، وقبل ذلك الحكومة السورية الانتقالية، التعامل مع المجتمع المدني السوري كشريك أساسي، واعتبار أن قدرته على العمل بحرية وشفافية يُعد ركيزة أساسية لأي عملية انتقالية ناجحة. ولبلوغ هذه الغاية، ينبغي على المجتمع المدني السوري نفسه اتخاذ خطوات وتدابير متنوعة لتعزيز هذا الهدف.

أولاً: منظمات المجتمع المدني السورية

خلّفت عقود من الحكم السلطوي القمعي في سوريا مجتمعًا منقسمًا. ومن غير المرجح ألا تتمكن الحكومة السورية المؤقتة، بتشكيلها الحالي، من معالجة هذه الأزمة بمفردها. كما أن العنف العرقي، سواء كان بدعم من الحكومة الانتقالية أم بدعم من غيرها، لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع، مما يهدد سيادة سوريا ووحدة أراضيها. ويزيد من استفحال الأزمة استمرار احتلال أجزاء من البلاد من قبل قوى أجنبية ووجود قوات أجنبية على الأرض.

للمجتمع المدني السوري دور تاريخي في تعزيز حقوق الإنسان والممارسات الديمقراطية على المستويين المحلي والوطني. وفي ظل عملية إعادة الهيكلة الجارية، يتعين على منظمات المجتمع المدني التمسك بدورها الجوهري كجهات رقابية ومستقلة وناقدة للدولة، وأن تضطلع في الوقت نفسه بدورها الاستشاري وتقديم حلول مبتكرة متى أمكن، مع الدفاع عن احتياجات المجتمعات والمساهمة بخبراتها. كما ينبغي على هذه المنظمات إيجاد أرضية مشتركة وتطوير رؤية موحدة تضمن حلولًا قائمة على الحقوق، وتتمحور حول الاحتياجات والتحديات الخاصة التي يواجها الشعب السوري.

تمتلك منظمات المجتمع المدني الحق كما أن على عاتقها مسئولية في المساهمة بفاعلية في بناء دولة شاملة تحظى بتمثيل واسع النطاق، وضمان تنفيذ مقاربة تركز على الضحايا، والضغط من أجل محاسبة جميع مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان. ونظرًا للنهج الإقصائي الذي اتبعته السلطات الانتقالية حتى الآن، لا يمكن لمبادرات المجتمع المدني تحمُّل عبء انتظار توضيح الحكومة الانتقالية لسياساتها أو النماذج التي تتبعها في الحكم. ففي الحالات التي تتقاعس فيها السلطات عن العمل أو تصرفها بطريقة تعيد إحياء الممارسات السلطوية، بوسع المجتمع المدني إطلاق مبادرات مستقلة لتوحيد الجهات الفاعلة الوطنية والدولية والضغط على السلطات من أجل اعتماد إصلاحات أساسية في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية. وكما أشارت إيمان ناصر من مبادرة جوى 208 ؛ « إن أحد الأسباب الجذرية المعرقلة لمسار العدالة الانتقالية في سوريا هو غياب الجهود الجادة لاستيعاب التعقيدات الاجتماعية في سوريا. ويمكن للمجتمع المدني أن يقود هذه الجهود، فهو يحظى بثقة المجتمعات المختلفة، ويمتلك فهمًا عميقًا للسياق الاجتماعي المعقد في البلاد.» 209

إن أحد الأسباب الجذرية المعرقلة لمسار العدالة الانتقالية في سوريا هو غياب الجهود الجادة لاستيعاب التعقيدات الاجتماعية في سوريا. ويمكن للمجتمع المدني أن يقود هذه الجهود، فهو يحظى بثقة المجتمعات المختلفة، ويمتلك فهمًا عميقًا للسياق الاجتماعي المعقد في البلاد.»

يمكن أن تشكّل الممارسات الناجحة لمبادرات المجتمع المدني في دول أخرى، كانت فيها الحكومات غير فاعلة أو متورطة في الانتهاكات، أمثلة يُحتذى بها. فعلى سبيل المثال، شكلت منظمات المجتمع المدني في الأرجنتين مبادرات لكشف الحقيقة وتخليد الذكرى، ولعبت دورًا محوريًا في تطوير وتنفيذ (محاكمات الحقيقة)، فضلاً عن تأسيس هيئة الحقيقة. ونتيجة لضغوط هذه المنظمات، أُلغيت قوانين العفو في البلاد عام 2003 وبدأت محاكمات جنائية ضد الجناة.210 وبعد إلغاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، كان لمنظمات المجتمع المدني دورًا رئيسيًا في صياغة تشريع لجنة الحقيقة والمصالحة عام 1995، وإعداد وتصميم برنامج لجبر الضرر وإعادة التأهيل، واختيار المفوضين، وتنفيذ مبادرات لتعزيز المصالحة والتعافي المجتمعي. وفي السياق السوري، ووفقًا للمقابلات التي أجراها مركز القاهرة مع منظمات المجتمع المدني السورية، واستنادًا إلى أفضل الممارسات التي حددها مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لتعزيز المشاركة الفاعلة للمجتمع المدني في العملية الانتقالية، 211 نقدم ما يلي من توصيات:

  • اعتماد مقاربة تتمحور حول الضحايا، وتشمل كل ضحايا فظائع حقوق الإنسان المرتكبة من مختلف أطراف النزاع السوري. ويتضمن ذلك تعزيز حقوق الضحايا وتضمين وجهات نظرهم من خلال مبادرات مستقلة لتقصي الحقائق وكشف الحقيقة، وبرامج إعادة تأهيل الناجين من الانتهاكات المرتكبة من جميع الأطراف، بمن فيهم القائمون على السلطة.

  • تعزيز المصالحة المجتمعية والتعافي المجتمعي من خلال جهود بناء السلام، بما في ذلك نشر ثقافة حقوق الإنسان والسلام، وإجراء حوارات تجمع سوريين من مختلف الخلفيات والمجتمعات.

  • دعم إعادة تأهيل وإدماج السكان الذين عانوا من الصدمات النفسية جراء عقود من النزوح والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري.

  • تشكيل تحالفات أقوى لمنظمات المجتمع المدني من أجل المناصرة والمشاركة في رسم السياسات. فرغم تشكيل العديد من التحالفات خلال النزاع، ظل تأثيرها محدودًا بسبب غياب رؤية مشتركة وضعف الموارد المالية. لذا ينبغي أن تجمع التحالفات المستقبلية بين المنظمات المحلية والمبادرات الشعبية ومنظمات الشتات، وذلك لضمان تكامل نقاط القوة المتعلقة بالامتداد المحلي للفاعلين المجتمعيين والوصول الدولي لمجموعات الشتات. ويمكن لمثل هذه الشراكات أن تعزّز أثر المناصرة على المستويين الوطني والدولي.

  • الاستفادة من حاجة الحكومة الحالية للدعم والشرعية، على المستويين الوطني والدولي، من خلال إطلاق حملات وطنية موحَّدة وقوية حول قضايا استراتيجية، بما في ذلك ضرورة حماية الفضاء المدني وحرية تكوين الجمعيات. وينبغي أن تشمل هذه الجهود حملات تعبئة إعلامية وتحالفات مناصرة وطنية موحَّدة. وكما أشار أحد المشاركين في المقابلات: « قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي أداة قوية في الوقت الراهن ينبغي لنا استثمارها واستخدامها لصالحنا، إذ يبدو أن الحكومة السورية المؤقتة تتابع الانتهاكات عندما تحظى باهتمام على هذه المنصات، وقد يكون ذلك وسيلة يمكننا استخدامها، على الأقل في الوقت الحالي.» 212

ثانيًا: الجهات الدولية والأمم المتحدة

يُعدّ دور الحكومات والمؤسسات متعددة الأطراف، بما في ذلك الأمم المتحدة، حاسمًا في حماية وتمكين المجتمع المدني السوري ضمن العملية الانتقالية وما بعدها. ويتعين على السلطات السورية الانتقالية والدول الأعضاء في الأمم المتحدة وهيئاتها وآلياتها ضمان أن تتسم أي عملية انتقالية في سوريا بالشمولية واحترام حرية تكوين الجمعيات والتجمع، كما نص عليه وطالب به قرار مجلس الأمن رقم 2254 (2015) وبيان جنيف الصادر في 30 يونيو 2012 والمصادق عليه بقرار مجلس الأمن رقم 2118 (2013).

بينما يتكيف المجتمع المدني السوري مع الواقع الجديد، يتعيّن على الأمم المتحدة أن تفعل الأمر ذاته. ويجب على جميع آليات الأمم المتحدة ذات الصلة، لا سيما تلك المخصَّصة لسوريا، اعتماد أساليب عمل وأولويات محددة تعزّز قدرات المجتمع المدني وتمكّنه من الانخراط بحرية في العملية الانتقالية، بما في ذلك في مجال العدالة الانتقالية، دون فرض أي قيود أو تعرضه لأعمال انتقامية.

في مارس 2025، عُقد حوار دولي على هامش مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، جمع بين لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية والآلية الدولية المحايدة والمستقلة الخاصة بسوريا، والمؤسسة المستقلة لشئون المفقودين، إضافة إلى نشطاء سوريين في مجال حقوق الإنسان. وتعهدت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة بالنظر في إمكانية تقديم الدعم لبناء قدرات منظمات المجتمع المدني السوري وتعزيز مبادرات العدالة، فيما التزمت لجنة التحقيق الدولية المستقلة برصد وحماية مساحة عمل منظمات المجتمع المدني لضمان انخراطها الحر في العملية الانتقالية. والآن، ينبغي ترجمة هذه التعهدات إلى أفعال ملموسة، وضمان تمكين المجتمع المدني السوري من أداء دور قيادي في العملية الانتقالية، ومن ثم الوفاء بدوره في السعي إلى محاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، وتعزيز سيادة القانون، ومساعدة الضحايا. أما الإخفاق في ذلك فستنتج عنه نتائج عكسية وسيغدو متعارضًا مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

لكي تنجح سوريا في الانتقال من الحرب الأهلية إلى سيادة القانون، يتعين على الجهات الفاعلة الدولية أن تعزّز وتحمي أصوات المواطنين السوريين وقدرتهم على تعزيز حكم قائم على المحاسبة واحترام الحقوق، لا أن تحلّ محلهم أو تهمّشهم. ويجب على هذه الجهات الإنصات إلى أصوات منظمات المجتمع المدني المحلية وتوفير الدعم اللازم لها وتمكينها، بدلًا من فرض الأجندات، أو استبعادها من التخطيط والتنفيذ وصناعة القرار. ففي بعض الأحيان، تتورط الجهات الدولية خلال مراحل ما بعد النزاعات في إهمال المساهمة الجوهرية لمنظمات المجتمع المدني المحلية، وهو ما يسفر بالتبعية عن ضعف إدراكها للسياق والاحتياجات والمخاوف المحلية.213

يرى غالبية المشاركين في المقابلات أن على الجهات الفاعلة الدولية أن تضطلع بدور الشريك في المناصرة وبناء القدرات وأدوار المراقبة، لا بدور صانع القرار الأساسي، فيما تولى المنظمات المحلية قيادة العملية. ويعتقد بعضهم أن قدرات منظمات المجتمع المدني السورية محدودة لتولي قيادة مسار الانتقال، ويشددون على دور الجهات الفاعلة الدولية. وبحسب المحامي أيهم عزام ، المدير التنفيذي لمنظمة جذور 214: «تحتاج سوريا إلى خبراء وإشراف، لأننا لا نملك مساحات حقيقية للمجتمع المدني، ولا قوانين للشئون السياسية، ولا إعلامًا حرًا، كما أن الحكومة تفتقر إلى آليات العمل. لا أعتقد أننا مستعدون لهذا الدور الآن، نحن بحاجة إلى خبراء يرشدوننا ويدرّبوننا. ويجب أن يكون ذلك ضمن إطار شراكة، بحيث تكون الجهات الفاعلة الدولية بمثابة جهات للإشراف وتقديم الاستشارات وبناء القدرات.» 215

لكي تنجح سوريا في الانتقال من الحرب الأهلية إلى سيادة القانون، يتعين على الجهات الفاعلة الدولية أن تعزّز وتحمي أصوات المواطنين السوريين وقدرتهم على تعزيز حكم قائم على المحاسبة واحترام الحقوق، لا أن تحلّ محلهم أو تهمّشهم.

وبالمثل، تقول سنا كيخيا من البرنامج السوري للتطوير القانوني: « نحن بحاجة إلى دعم دولي، لكن ينبغي أن تُنفَّذ الجهود اللازمة على أيدي خبراء من المجتمع المدني السوري.» وتوضح الدور الأفضل للجهات الفاعلة الدولية قائلة: « يجب أن تقود المنظمات المحلية هذه العملية بالتعاون مع الجهات الفاعلة الدولية التي تتولى التمويل والإشراف، على أن تبقى عملية صناعة القرار في أيدي السوريين، وألا يوجَّه التمويل إلى المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة إذا كانت هناك منظمة محلية تمتلك القدرات اللازمة لتنفيذ المهمة نفسها.» 216

وبحسب أحد المشاركين في المقابلات من شمال شرق سوريا، تكمن المشكلة في عدم إمكانية الوثوق بالحكومة: « إن من يقولون إننا لسنا بحاجة إلى الجهات الفاعلة الدولية، هم ببساطة يسمحون للحكومة الانتقالية بالاستمرار في سياساتها الإقصائية. هذا يعني أنهم نسوا عشرات الآلاف من ضحايا الجرائم غير المرتبطة بنظام الأسد، بمن فيهم ضحايا هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري. فكيف يتوقعون ضمان حقوق هؤلاء الضحايا من دون تدخل دولي؟»

لقد أظهرت الحكومة السورية المؤقتة إلى حد ما استعدادًا للتعاون مع الجهات الفاعلة الدولية، إذ تواصلت وتعاونت مع آليات الأمم المتحدة. فبعد سقوط النظام، مُنحت لجنة التحقيق الدولية المستقلة حق الدخول إلى سوريا لأول مرة منذ بدء عملها في سبتمبر 2011، وتمكنت من التواصل مع السلطات الجديدة والمجتمع المدني وإجراء زيارات ميدانية لمراكز الاحتجاز والمقابر الجماعية.217 كما وجهت الحكومة الجديدة دعوة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لزيارة سوريا.218

ولضمان تقديم دعم فعّال للمجتمع المدني، يتعيّن على الجهات الفاعلة الدولية اعتماد نهج تعاوني يراعي خصوصية السياق. وقد يشمل ذلك:

  • تقديم دعم مالي مرن وطويل الأجل لمنظمات المجتمع المدني المحلية، لا سيما المبادرات الشعبية وتلك التي تقودها نساء. ويشمل التمويل المرن أيضًا تقديم الدعم للمنظمات غير المسجّلة.

  • دعم بناء القدرات وتوفير المساعدة الفنية لمنظمات المجتمع المدني المحلية، خصوصًا في تصميم المشاريع وإدارتها، وجمع التمويل، واستخدام الأدوات القانونية.

  • تعزيز مشاركة النساء في جميع البرامج عبر تخصيص موارد للمنظمات والمبادرات التي تقودها نساء.

  • دعم المبادرات المجتمعية التي تعزز التماسك الاجتماعي وبناء السلام، بالإضافة إلى تحالفات منظمات المجتمع المدني المعنية بالمناصرة وحملات الضغط.

  • ضمان تمكين المجتمع المدني المحلي من الوصول للدوائر الدولية لصنع القرار عبر آليات واضحة وتشاركية مخصصة له.

  • حثّ الحكومة السورية المؤقتة على وضع خارطة طريق واضحة من القاعدة إلى القمة لإدماج منظمات المجتمع المدني في جميع مراحل العملية الانتقالية، بما يضمن أن تكون العملية بقيادة سورية، ودعم دولي خصوصًا في مجالي التمويل والمساعدة الفنية والرقابة.

  • اتخاذ تدابير جدية وملموسة للضغط على إسرائيل وتركيا لإنهاء احتلالهما للأراضي السورية.

  • متابعة القيود والاعتداءات التي تستهدف منظمات المجتمع المدني السورية عن كثب، واتخاذ إجراءات لحماية قدرتها على المشاركة بشكل نشط ضمن العملية الانتقالية، بما في ذلك في صياغة السياسات الحكومية، وفي الجهود الرامية إلى ضمان المحاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني، السابقة والمستمرة.

ثالثا: الحكومة السورية الانتقالية

تظل بيئة الحوكمة القائمة تحت إشراف الحكومة السورية المؤقتة غير مستقرة وغير مهيأة لقيادة انتقال حر وشامل، وذلك في ظل افتقار الحكومة إلى الخبرة، وسعيها إلى احتكار مواقع صناعة القرار، وإقصاء المعارضين وغير الموالين، بما في ذلك المجتمع المدني. علاوة على ذلك يفاقم من تعقيدَ الوضع تشرذمُ الأراضي السورية والانقساماتُ الاجتماعية والطائفية في مختلف أنحاء البلاد. ومن دون تغييرات جوهرية في السياسات والنهج، تخاطر السلطات السورية بإطالة أمد عدم الاستقرار والإخفاق في تحقيق انتقال مستدام يستجيب لاحتياجات الشعب السوري، بما في ذلك ضمان العدالة لجميع الضحايا.

لذا، يتعيّن على الحكومة السورية المؤقتة أن تنخرط بجدية مع الجهات الفاعلة المحلية والدولية، مع إعطاء الأولوية لحوكمة شاملة تشاركية. ولتحقيق ذلك، يجب على الحكومة السورية المؤقتة الالتزام بما يلي:

إصلاحات في مجال الحوكمة:

  • اتخاذ تدابير فورية لعقد حوار وطني حقيقي يُمثّل جميع المناطق والمكونات الإثنية والطوائف والمجتمعات السورية، ويضمن مشاركة فاعلة لمنظمات المجتمع المدني والخبراء والأحزاب السياسية.

  • التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لضمان تمكّن الضحايا من الوصول إلى سبل العدالة.

  • اعتماد خارطة طريق واضحة وشفافة للعملية السياسية وأجندة إصلاحية، مع تلتزم بقرار مجلس الأمن رقم 2254 وبمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات. ويجب أن تتيح هذه العملية مشاركة حقيقية لسوريين من مختلف المكونات الإثنية والسياسية والدينية داخل البلاد وفي الشتات. 219

  • وضع سياسات واضحة وتشاركية للعدالة الانتقالية تضمن انخراط وثيق وجاد مع المجتمع المدني والمجتمعات المتضررة ومجموعات الضحايا، منذ المراحل الأولى للتخطيط، وضمان تعاونهم النشط في تنفيذ الآليات المنبثقة عن هذه السياسيات.

  • التعاون الكامل مع الآليات الدولية، بما في ذلك الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، واللجنة الدولية المعنية بالمفقودين في سوريا، ولجنة التحقيق الدولية المستقلة، وتسهيل وصول وكالات الأمم المتحدة للعمل بحرية في جميع أنحاء سوريا.

  • ضمان فضاء مدني حر ومستقل من خلال إزالة العقبات البيروقراطية، كقيود التسجيل وإجراءات الموافقة على الأنشطة والرقابة على الاتصالات والعمليات.

  • الاستفادة من خبرات المجتمع المدني في تشكيل هيئات استشارية رسمية أو فرق عمل تابعة للجهات الحكومية.220 على أن تكون هذه المجموعات ممثلة للتنوع المجتمعي في سوريا وتضم منظمات مجتمع مدني مختصة، ويتم التشاور معها في القضايا المتعلقة بمجال خبرتها، لا سيما إعداد التشريعات والسياسات والهيئات المرتبطة بالعدالة الانتقالية. ويمكن دعوة لجان مكونة من منظمات يقودها ناجون من الانتهاكات، أو منظمات تعمل مع الضحايا، لتقديم وجهات نظر الضحايا عندما تقتضي الحاجة. وبالمثل يمكن تشكيل لجان تقودها نساء أو تمثل الفئات المهمشة لتعزيز حضور أصواتهن في هذه القرارات.

  • إطلاق منصة تشاركية تتيح لمنظمات المجتمع المدني تقديم الملاحظات والاقتراحات، يسمح لها باقتراح تعديلات والتعبير عن بواعث القلق بشأن مشروعات القوانين والسياسات الحكومية. وأن تتخذ هذه المنصة شكل نظام عرائض إلكتروني، بما يتيح لأي منظمة التعبير عن بواعث قلقها، وألا يقتصر ذلك على المنظمات الأعضاء في اللجان الاستشارية التابعة للجهات الحكومية. وإذا استمرت الحكومة السورية المؤقتة في التردد في اتخاذ هذه الخطوة، يمكن أن تتولى منظمات غير حكومية استضافة أو إدارة هذه المنصة.221

  • ضمان تمثيل كافٍ للفئات غير الممثلة تمثيلًا ملائمًا، بما في ذلك النساء والأقليات وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان من جميع الأطراف، في جميع الهيئات واللجان الحكومية.

إصلاحات تشريعية:

ينبغي أن يتم النصّ بوضوح في التشريعات على حق المجتمع المدني في المشاركة في الشئون السياسية والعامة للبلاد، مقترنًا بالحق في المساواة وعدم التمييز. وينبغي على الفور إلغاء القوانين المقيِّدة لحرية التعبير وتكوين الجمعيات أو تعديلها أو وقف تنفيذها، واعتماد قانون مؤقت للفترة الانتقالية إلى حين اعتماد قانون دائم بعد المرحلة الانتقالية، على أن يكون ممثلًا للشعب ومستندًا إلى مشاورات مفتوحة وشاملة مع خبراء مستقلين والمجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني. وتشمل الأولويات الرئيسية للتعديلات التشريعية في سوريا، وفقًا لأفضل الممارسات الدولية 222 واحتياجات السياق السوري، ما يلي:

إصلاحات تتعلق بإجراءات تسجيل الجمعيات:
  • اعتماد نظام يضفي الشرعية القانونية على عمل المنظمات من خلال تبسيط إجراءات تأسيسها عبر نظام الإخطار، بحيث تُعتبر المنظمة كيانًا قانونيًا بمجرد إخطار الإدارة المعنية بتأسيسها، مع تقديم معلومات أساسية تشمل أسماء وعناوين المؤسسين، واسم المنظمة وعنوانها ونظامها الأساسي وغرضها. وهو ما يمكنها من مباشرة عملها، كأمر حيوي في هذه المرحلة التي تتسم بارتفاع الاحتياجات الإنسانية والأمنية.

  • يجب افتراض أن منظمات المجتمع المدني تعمل بشكل قانوني إلى أن يثبت العكس، وخصوصًا طوال عملية التسجيل. وينبغي أن تُراجع قانونية أهداف المنظمة ومدى توافقها مع القوانين فقط بعد تقديم شكوى رسمية ضدها، على أن تتم المراجعة أمام هيئة قضائية مدنية مستقلة، ضمن إجراءات شفافة تراعي الإجراءات القانونية الواجبة، وتكون متاحة للرقابة العامة والدولية. كما يجب أن يكون قرار إغلاق المنظمة أو فرض غرامة عليها مُسببًا بوضوح وشفافية، وقابلاً للاستئناف أمام هيئة قضائية مستقلة.

  • يجب اعتبار جميع المنظمات المسجَّلة سابقًا في عهد الأسد منظمات قانونية، وتمكينها من تحديث تسجيلها عبر مسار سريع. كما ينبغي منح جميع المنظمات التي رُفضت طلبات تسجيلها فرصة للطعن في هذا القرار أمام هيئة قضائية مستقلة.

إصلاحات تتعلق بمستوى الرقابة الحكومية:
  • يجب أن يُحظر قانونًا على سلطات الدولة، ولا سيما القطاع الأمني، التدخل فيما يتعلق بهيكل إدارة أو أنشطة المنظمات غير الحكومية.

  • ينبغي على السلطات الامتناع عن فرض متطلبات إدارية غير ضرورية أو غير ملائمة على منظمات المجتمع المدني، سواء للتسجيل أو لممارسة أنشطتها أو لتلقي التمويل الأجنبي أو للتواصل أو التعاون مع منظمات أجنبية أو دولية.

  • يجب حماية المنظمات حتى لو لم تكن مسجّلة. وفي حال حدوث مخالفات تنظيمية، لا يجوز للسلطات فرض غرامات أو إغلاق قبل إجراء تحقيقات واضحة وشفافة واستنفاد جميع فرص الاستئناف.

  • يجب تقديم تعريفات واضحة لأية قيود تستند إلى النظام العام/الآداب العامة/الأخلاق العامة، وكذلك أي معايير تهدف إلى تقييد الحق في حرية تكوين الجمعيات. وبشكل واضح، يجب استبعاد أي نشاط يتعلق بحقوق الإنسان من هذه القيود.

الخاتمة

بعد تسعة أشهر على انتهاء حكم الأسد، يرزح المجتمع المدني في سوريا تحت قيود متزايدة وتسييس متصاعد وحالة من انعدام اليقين تعيق العمل المدني. فما زالت سياسات الدولة وعمليات صناعة القرار متركزة في قبضة هيئة تحرير الشام وفصائلها والموالين لها، بما في ذلك الزعامات الدينية، مع تقديم واجهة زائفة توحي بإجراء إصلاحات مؤسسية والتزام بعدالة انتقالية شاملة. ويواصل المجتمع المدني السوري كفاحه للتكيف مع بيئة جديدة، وسط غموض بشأن دوره المحتمل في العملية الانتقالية. وقد بادرت العديد من منظمات المجتمع المدني، ولا سيما المنظمات النسوية التي يطغى عليها الخوف وفقدان الأمل، إلى دفع مسار العدالة الانتقالية عبر تنفيذ مشروعات لبناء السلام وتعزيز التماسك المجتمعي من دون انتظار أي تحرك حكومي، فيما يواصل آخرون، رغم قلقهم، انتظار مزيد من الوضوح في نهج الحكومة أو يسعون إلى الانخراط معها لطرح مطالبهم.

لا تزال أنشطة هذه المنظمات تواجه مخاطر أمنية متزايدة وعقبات بيروقراطية وتشريعات مقيِّدة. ورغم غياب انخراط جاد من الحكومة الانتقالية، قد تتمكن منظمات المجتمع المدني من إيجاد فرص للمشاركة في العملية عبر مقاربات غير حكومية أو عبر شراكات مع الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية. ويقع على عاتق هذه الجهات تعزيز دعمها لهذه المنظمات، لا سيما المبادرات المحلية الشعبية، ودعم مطالبها وجعل أولوياتها محور صناعة السياسات المتعلقة بسوريا، مستفيدة من سعي الحكومة إلى اكتساب الشرعية الدولية. وإذا استمر تهميش منظمات المجتمع المدني، فقد تخفق العملية الانتقالية في سوريا في تحقيق نتائج شاملة ومستدامة.

الملاحق

الرسالة الموجهة إلى وزارة الخارجية والمغتربين السورية لطلب التعليق.

لتحميل الملف مباشرة: اضغط هنا

الحواشي

  1. للاطلاع على نموذج الرسالة. راجع ملاحق هذا التقرير. 

  2. الأمم المتحدة، تقرير المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، المبادئ والتوجيهات العامة بشأن كفالة حق منظمات المجتمع المدني في الحصول على الموارد، الوثيقة A/HRC/53/38/Add.4، 23 يونيو 2023، https://docs.un.org/en/A/HRC/53/38/Add.4 

  3. الأمم المتحدة، مذكرة توجيهية: حماية وتعزيز الفضاء المدني، سبتمبر2020، https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/Issues/CivicSpace/UN_Guidance_Note.pdf

  4. الوكالة الأوروبية للجوء، 3.3 قوات سوريا الديمقراطية والأسايش (قوات الأمن الداخلي الكردية)، ضمن دليل البلدان: سوريا، أبريل 2024. للمزيد اطلع على: https://euaa.europa.eu/country-guidance-syria/33-syrian-democratic-forces-and-asayish 

  5. الوكالة الأوروبية للجوء، معلومات بلد المنشأ: سوريا – الوضع الأمني، أكتوبر 2023. للاطلاع: https://coi.euaa.europa.eu/administration/easo/PLib/2023_10_EUAA_COI_Report_Syria_Security_situation.pdf 

  6. راجع قائمة التعريفات. 

  7. المرجع السابق. 

  8. المرجع السابق. 

  9. إيان بلاك، سجل حقوق الإنسان السوري بلا تغيير في عهد الأسد، تقرير، الجارديان في 16 يوليو 2010، https://www.theguardian.com/world/2010/jul/16/syrian-human-rights-unchanged-assad

  10. مجموعة الحماية العالمية، استجابة قطاع الحماية في سوريا، إطلالة على مشهد الحماية في سوريا، مارس 2025: https://shorturl.at/hCZcj 

  11. تعذّر على المنظمات تحديد عدد المدنيين بدقة بسبب ارتداء العديد من المقاتلين ملابس مدنية. انظر: الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التحديث اليومي: القتل خارج نطاق القانون الذي وقع على خلفية الأحداث التي جرت في الساحل منذ 6 مارس إلى 17 مارس، صدر في 17 مارس 2025: https://shorturl.at/hPhBS 

  12. انظر: المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، عنف مروّع متفشٍ في الساحل السوري، 11 مارس 2025: https://shorturl.at/PySYi ، ماجي مايكل، القوات السورية ارتكبت مجزرة بحق 1,500 من الطائفة العلوية. وتسلسل القيادة يقود إلى دمشق، الجارديان، 30 يونيو 2025: https://shorturl.at/ssfjZ

  13. أكثر من 10 قتلى في اشتباكات قرب العاصمة السورية دمشق، الجزيرة، 29 أبريل 2025: https://www.aljazeera.com/news/2025/4/29/sectarian-clashes-kill-13-near-syrian-capital-damascus 

  14. تم التوصل إلى اتفاق أولي لوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا، الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، 30 أبريل 2025: https://sana.sy/en/?p=354043 

  15. مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، خبراء أمميون يعربون عن قلقهم من الهجمات على تجمعات الدروز، بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، 21 أغسطس 2025. 

  16. مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، لا نهاية في الأفق: التعذيب وسوء المعاملة في الجمهورية العربية السورية 2020-2023، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/53/CRP.5، 10 يوليو 2023: https://shorturl.at/CC8SD 

  17. مجلس الأمن بالأمم المتحدة، القرار 2118 بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية، وثيقة الأمم المتحدة S/RES/2118 (2013):https://shorturl.at/GkFAc 

  18. مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، القرار رقم 46/22: حالة حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/RES/46/22: صدر في 30 مارس 2021. 

  19. تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/36/55، صدر في 8 أغسطس 2017، https://docs.un.org/en/A/HRC/36/55 

  20. منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فريق التحقيق وتحديد الهوية، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025، https://shorturl.at/1WpAR 

  21. المفوضية السامية لحقوق الإنسان، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/58/66، صدر في 19 مارس 2025: https://docs.un.org/A/HRC/58/66 

  22. العمل الإنساني، الجمهورية العربية السورية: الاحتياجات الإنسانية، 25 مارس 2025، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025: https://shorturl.at/97reF 

  23. المفوضية السامية لشئون اللاجئين، سوريا: المفوض السامي فيليبو غراندي يحث على مزيد من الدعم للاجئين العائدين إلى ديارهم، 20 يونيو 2025: https://shorturl.at/NmkNh 

  24. مجلس حقوق بالأمم المتحدة، نظرة عامة على النازحين داخليًا والعائدين من النزوح في المحافظات السورية، 3 سبتمبر 2025: https://data.unhcr.org/en/documents/details/118466 

  25. مجلس الأمن بالأمم المتحدة، القرار 2254، وثيقة الأمم المتحدةS/RES/2254 (2015): https://docs.un.org/S/RES/2254(2015) 

  26. أيدن لويس، سارة الصفتي، الجامعة العربية تعيد عضوية سوريا بينما يتم تطبيع العلاقات مع الأسد، رويترز، 8 مايو 2023: https://shorturl.at/DGZZU 

  27. رفيق هوديتش، تطبيع نظام الأسد يتعارض مع مصالح أوروبا، يورونيوز، 10 سبتمبر 2024، https://shorturl.at/Sj5My 

  28. نيكولاس فينوكور، باربرا موينس، الاتحاد الأوروبي يريد ترحيل المهاجرين ويحتاج إلى مساعدة الأسد في سوريا، بوليتيكو، 16 أكتوبر 2024: https://shorturl.at/DRaVp 

  29. الاتحاد الأوروبي، سوريا – خارطة طريق لانخراط الاتحاد الأوروبي مع المجتمع المدني، 16 يونيو 2023: https://capacity4dev.europa.eu/library/syria-roadmap-eu-engagement-civil-society-en_en 

  30. المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة (مركز حرمون سابقًا)، إعادة بناء المجتمع المدني السوري بعد التغيير، 5 يوليو 2021: https://shorturl.at/E12BV 

  31. زياد عوض، المنظمات غير الحكومية في حلب: تحت سيطرة النظام وفي خدمته، ميدل إيست دايركشنز (MEUI)، 14 يونيو 2022: https://shorturl.at/BEfHd 

  32. دولتي، كتيّب المجتمع المدني السوري.. الوضع وأفضل الممارسات، 2 فبراير 2022: https://shorturl.at/AvMLf 

  33. مؤسسة فريدريش إيبرت، السلام والأمن: استراتيجيات من أجل انخراط أوروبي مع منظمات المجتمع المدني السوري في الشتات، سبتمبر 2021: https://library.fes.de/pdf-files/bueros/beirut/18306.pdf 

  34. العفو الدولية، سوريا: يتعين على الجمعية العامة للأمم المتحدة دعم آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شمال غرب البلاد، 19 يوليو 2023:https://shorturl.at/A0BnH 

  35. فيديريكا داليساندرا، محاسبة الجرائم الدولية في سوريا ما بعد الأسد، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، 28 يناير 2025. 

  36. مؤسسة فريدريش إيبرت، 2021 – مرجع سابق 

  37. راجع الجزء المعنون بسقوط النظام ضمن قسم السياق العام بهذا التقرير. 

  38. مقابلة مع مبادرة (فضلت عدم ذكر أسمها) يقودها ناجون من الاعتقال التعسفي في سوريا، أجريت في 2 يونيو 2025؛ وتم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 4 سبتمبر 2025. تهدف المبادرة إلى تقديم الدعم والحماية للضحايا من خلال إعادة التأهيل والمناصرة وبناء القدرات. 

  39. عدة مقابلات، بما في ذلك مقابلات مع مؤسسة اللوبي النسوي السوري، ومؤسسة نساء الآن من أجل التنمية – لبنان، ومنظمة شاوشكا. 

  40. جذور؛ تأسست في السويداء عام 2014 كمنظمة حقوقية تهدف إلى تعزيز مجتمع نشط ومنظم من خلال مشروعات تنموية وتعليمية. 

  41. مقابلة مع المحامي أيهم عزام، مؤسس منظمة جذور؛ وأحد المصابين في نزاع يوليو 2025 بين القوات الدرزية والبدوية، في 15 يونيو 2025، وتم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 25 أغسطس 2025. 

  42. الشبكة السورية لحقوق الإنسان؛ منظمة حقوقية مستقلة تُعنى برصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وتمتلك قواعد بيانات واسعة وتعمل على رصد الوقائع والانتهاكات منذ عام 2011. كما تدعم الشبكة جهود المناصرة، والمساءلة، وتحقيق العدالة الانتقالية. 

  43. مقابلة مع محمد عصام، منسق البرامج في الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في 6 أكتوبر 2025. 

  44. عدة مقابلات، بما في ذلك مع رابطة تآزر للضحايا، ومنظمة RDI. 

  45. منظمةRDI الحقوقية؛ تأسست عام 2019 كمنظمة تعمل على توثيق الانتهاكات وجرائم الحرب، وإعداد الأبحاث، والمناصرة من أجل الضحايا، وتعزيز العدالة والتعايش السلمي في شمال شرق سوريا. 

  46. مقابلة مع ممثل منظمة RDI في 17 يونيو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 3 سبتمبر 2025. 

  47. العدالة من أجل الحياة؛ منظمة حقوقية تأسست في شمال شرق سوريا عام 2015 وتركّز على مناصرة قضايا الناجين وتعزيز المشاركة السياسية والمدنية للمجتمع المدني المحلي في شمال شرق سوريا. 

  48. مقابلة مع الباحث جلال الحمد، العدالة من أجل الحياة، في 12 يونيو 2025؛ وتم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 26 أغسطس 2025. 

  49. رابطة تآزر للضحايا؛ منظمة حقوقية يقودها الضحايا، مقرها شمال شرق سوريا، تهدف إلى تنظيم الضحايا لتعزيز تمكينهم وانخراطهم في الشئون العامة. كما أنها شريكة في ميثاق الحقيقة والعدالة، وعضو في المجموعة المرجعية لحقوق الإنسان بالمفوضية السامية لشئون اللاجئين، وعضو الشبكة الدولية للضحايا والناجين من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. 

  50. مقابلة مع ممثل رابطة تآزر للضحايا في 18 يونيو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 1 سبتمبر 2025. 

  51. مسارات السلام؛ منظمة حقوقية مقرها في السويداء، تعمل على بناء السلام وتعزيز التماسك المجتمعي بالتركيز على مشاركة النساء والشباب في الشئون الاجتماعية والسياسية. 

  52. مقابلة مع المحامية الحقوقية شروق أبو زيدان، المديرة التنفيذية لمنظمة مسارات السلام، في 23 يونيو 2025؛ وتم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 2 سبتمبر 2025. 

  53. مقابلة مع الناشطة هنادي زحلوط (المقيمة حاليًا في فرنسا) في 30 يونيو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 26 أغسطس 2025 

  54. مقابلة مع الناشط الاجتماعي علي يوسف، في 22 يوليو 2027؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 4 سبتمبر 2025. 

  55. جمعية ليلون للضحايا؛ مجموعة حقوقية يقودها ناجون، تركز على تحقيق العدالة واستعادة حقوق ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في عفرين. 

  56. مقابلة مع لونجين عبده، المديرة التنفيذية لجمعية ليلون للضحايا، في 1 يوليو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 4 سبتمبر 2025. 

  57. المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة؛ عٌرف سابقًا باسم مركز حرمون للدراسات المعاصرة. وهو مؤسسة بحثية مستقلة تُعنى بإنتاج الدراسات والأبحاث السياسية والمجتمعية والفكرية، لا سيما المتعلقة بالقضية السورية ومآلات الصراع فيها. كما يعمل على القضايا والصراعات العربية والعلاقات العربية الإقليمية والدولية. 

  58. مقابلة مع الباحث سمير العبد الله، مدير وحدة تحليل السياسات بالمركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة، في 20 مايو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 1 سبتمبر 2025. 

  59. منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة؛ منظمة مستقلة تعمل على توثيق الانتهاكات ونشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيز سبل الوصول للعدالة المحاسبة في مختلف أنحاء سوريا. 

  60. مقابلة مع بسام الأحمد، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، في 26 مايو 2025، وتم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 27 أغسطس 2025. 

  61. مقابلة المحامي أيهم عزام، منظمة جذور، 15 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  62. البرنامج السوري للتطوير القانوني؛ مبادرة يقودها ناجون، مقرها المملكة المتحدة، تعمل على دعم المنظمات والمجتمعات السورية من خلال القانون الدولي، وتعزيز العدالة وحقوق الإنسان، ومعالجة الانتهاكات الناجمة عن سياسات الشركات أثناء النزاع. وللبرنامج صفة استشارية خاصة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، وحاليًا تقدم استشارات قانونية لعدد من اللجان الحكومية المعنية بالعدالة الانتقالية في سوريا. 

  63. مقابلة مع سنا كيخيا، المديرة التنفيذية للبرنامج السوري للتطوير القانوني، في 22 مايو 2025، وتم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 27 أغسطس 2025. 

  64. مقابلة في 14 مايو 2025 مع منظمة نسوية تهدف للدفاع عن حقوق النساء وتمكينهن، وضمان مشاركتهن الكاملة في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. 

  65. منظمة شاوشكا؛ منظمة تقودها نساء، تأسست عام 2012 في شمال شرق سوريا، وتركّز على المناصرة وبناء قدرات النساء في مختلف جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والقانونية. 

  66. مقابلة مع ممثلة منظمة شاوشكا، في 1 يوليو 2025، تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 27 أغسطس 2025. 

  67. منظمة دولتي؛ تأسست في الشتات، تعمل على التوثيق والمناصرة وبناء قدرات المجتمع المدني، بهدف تحقيق انتقال ديمقراطي سلمي، في دولة تحترم حقوق الإنسان والمساواة والتسامح والتنوع. 

  68. مقابلة مع المحامية رولا البغدادي، المديرة التنفيذية لمنظمة دولتي، في 30 يونيو2025؛ وتم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 26 أغسطس 2025. البغدادي لديها خبرة واسعة في قوانين الانتخابات وقضايا الاعتقال السياسي والنوع الاجتماعي. 

  69. مقابلة مع إيمان ناصر، الشريكة المؤسسة لمبادرة جوى، في 14 يونيو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة في 6 سبتمبر 2025. 

  70. مقابلة في 18 يونيو 2025 مع منظمة (فضلت عدم ذكر اسمها) تقودها نساء مقرها شمال سوريا، تعمل على تمكين النساء والشباب للمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية وصنع القرار؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 4 سبتمبر 2025. 

  71. مقابلة مع أحد المدافعين عن حقوق الإنسان (مقيم في اللاذقية)، يعمل على مشاريع بناء السلام والتماسك المجتمعي في مختلف أنحاء سوريا، في 12 يونيو 2025، وتم التحديث في تواصل للمتابعة 1 سبتمبر 2025. 

  72. مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، سوريا: خبراء الأمم المتحدة يعربون عن قلقهم إزاء حالات الخطف والاختفاء المستهدِفة لنساء وفتيات من الطائفة العلوية، 23 يوليو 2025: https://shorturl.at/Q3HzJ

  73. بي بي سي، إحاطة: لجنة تقصّي الحقائق بشأن أعمال العنف في الساحل السوري، 22 يوليو 2025: https://shorturl.at/uzhUg

  74. مقابلة مع الناشطة النسوية رولا الركبي، رئيسة منظمة النساء الآن من أجل التنمية – لبنان، وعضو مؤسس في شبكة المرأة السورية، واللوبي النسوي السوري، والحركة النسوية السياسية السورية، في 30 يونيو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 6 سبتمبر 2025. 

  75. مقابلة مع مبادرة جديدة (فضلت عدم ذكر اسمها) تأسست بعد سقوط النظام لتعزيز السلم الأهلي، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان ميدانيًا في مختلف أنحاء سوريا، بهدف رفع الوعي والمناصرة بالتنسيق مع السلطات المحلية، في 26 يونيو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل1 سبتمبر 2025. 

  76. مقابلة مع الحقوقي والصحفي (من السويداء) رواد بلان في 13 يوليو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 6 سبتمبر 2025. 

  77. مقابلة مع لونجين عبدو، جمعية ليون للضحايا، 1 يوليو 2025 – مرجع سابق 

  78. مقابلات مع؛ منظمة العدالة من أجل الحياة، ومنظمة RDI، ورابطة تآزر للضحايا. 

  79. مقابلة مع الباحث السوري جلال الحمد، منظمة العدالة من أجل الحياة، 12 يونيو 2025 – مرجع سابق. 

  80. الجمعية العامة للأمم المتحدة، أهمية الحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية تكوين جمعيات في تعزيز السلام المستدام وعمليات الانتقال الديمقراطي، وثيقة الأمم المتحدة A/78/246، 27 يوليو 2023: https://docs.un.org/en/A/78/246 

  81. المرجع السابق. 

  82. راجع على سبيل المثال: مركز معلومات روجافا، العقد الاجتماعي للإدارة الديمقراطية الذاتية لشمال وشرق سوريا، 14 ديسمبر 2023، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025:https://shorturl.at/PR6QV 

  83. المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة، المنظمات والجمعيات السورية: بناء استراتيجية وطنية انطلاقًا من إرث الاستبداد، 28 فبراير 2025: https://shorturl.at/DCsWN 

  84. سانا، الشئون الاجتماعية تقيم ورشة حوارية حول المقدمات الأولية لتطوير قانون المنظمات غير الحكومية، 23 أبريل 2025: https://sana.sy/locals/2210975/ 

  85. نظام تُعتبر فيه المنظمة كيانًا قانونيًا بمجرد إخطار الإدارة المعنية بتأسيسها، مع تقديم معلومات أساسية تشمل أسماء وعناوين المؤسس/ المؤسسين، واسم المنظمة، وعنوانها، ونظامها الأساسي، وغرضها. 

  86. قانون الجمعيات رقم 93 لعام 1958، المعدَّل بالمرسوم رقم 224 لعام 1969، المادة 71. انظر: https://www.icnl.org/wp-content/uploads/Syria_93-1958-En.pdf 

  87. وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، التعميم رقم 5201، في 29 ديسمبر 2024: https://www.sana.sy/?p=2179662 

  88. المرجع السابق. 

  89. وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، منصة تشارك، خطوات تأسيس منظمة، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025: http://www.ngo.gov.sy/ngo-create-steps 

  90. قانون الجمعيات رقم 93 لعام 1958، المادة 10. 

  91. عدة مقابلات؛ مع البرنامج السوري للتطوير القانوني، ورابطة تآزر للضحايا، ودولتي، ومدنية. 

  92. مبادرة جوى؛ مقرها في حماة، وتعمل على تعزيز التماسك المجتمعي وتطوير قطاع التعليم في مختلف أنحاء سوريا. 

  93. مقابلة مع الحقوقية إيمان ناصر، مبادرة جوى، 14 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  94. عدة مقابلات؛ مع مبادرة جوى، والمركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة. 

  95. مقابلة مع الباحث والخبير القانوني الدكتور أيمن منعم، مدير المكتب القانوني للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، في 22 مايو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 1 سبتمبر 2025. 

  96. عدة مقابلات مع؛ جمعية ليلون للضحايا ومسارات السلام. 

  97. مقابلة مع منظمة في السويداء (فضّلت عدم الكشف عن اسمها) في 31 يوليو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 1 سبتمبر 2025. 

  98. زد للاستشارات العامة، ترخيص المنظمات الدولية غير الحكومية في سوريا: المتطلبات والإجراءات الجديدة، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025، https://zd-consultation.com/en/licensing-international-ngos-syria-requirements/

  99. قانون الجمعيات رقم 93 لعام 1958، المادة رقم 2. 

  100. المرجع السابق، المادة رقم 36. 

  101. المرجع السابق، المادة رقم 11. 

  102. المرجع السابق، المادة رقم 24. 

  103. المرجع السابق، المادة رقم 45. 

  104. المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية؛ منظمة حقوقية تعمل في مجالي الدراسات والبحوث القانونية، وتقدم الدعم القانوني لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وضمان المساءلة. 

  105. مقابلة مع المحامي الحقوقي أنور البني، رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، في 22 سبتمبر 2025. 

  106. مقابلة مع الصحفي الحقوقي رواد بلان، 13 يوليو 2015 – مرجع سابق 

  107. وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، التعميم رقم 5201 – مرجع سابق 

  108. منصة إكس، مكتب تنسيق العمل الإنساني، تعميم إلى جميع المنظمات الإنسانية، 29 ديسمبر 2024: https://x.com/HU_AC_CO/status/1873476775944368509 

  109. مقابلة مع الحقوقي جلال الحمد، منظمة العدالة من أجل الحياة، 12 يونيو 2025 – مرجع سابق. 

  110. مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، التقرير الموضوعي الأول للمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/20/27 بتاريخ 21 مايو 2012، ووثيقة الأمم المتحدةA/HRC/29/25 بتاريخ 28 أبريل 2015. 

  111. المرجع السابق. 

  112. وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، منصة تشارك، خطوات تأسيس منظمة، http://www.ngo.gov.sy/ngo-create-steps 

  113. غرفة دعم المجتمع المدني، دور منظمات المجتمع المدني بعملية جنيف، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2026، https://cssrweb.org/en/ 

  114. مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، المجلس الاستشاري النسائي السوري، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025:https://specialenvoysyria.unmissions.org/women%E2%80%99s-advisory-board 

  115. مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، اللجنة الدستورية، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025: https://specialenvoysyria.unmissions.org/constitutional-committee-0 

  116. ذا سوريان أوبزرفر، سوريا تُشكِّل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، 13 فبراير 2025: https://shorturl.at/iOuH7 

  117. مركز القاهرة، الحوار الوطني السوري: خطوة أولى في طريق ضبابي، 28 فبراير 2025: https://shorturl.at/6FXHZ 

  118. ذا سوريان أوبزرفر، اختتام الحوار الوطني ببيان ختامي من 18 نقطة، 26 فبراير 2025: https://shorturl.at/vfFLW 

  119. مذكرة توجيهية صادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة، نهج الأمم المتحدة بشأن العدالة الانتقالية، مارس 2010: https://shorturl.at/KwHFo 

  120. مقابلة مع الصحفي مصطفى سعد، صحفي مختص في الشئون عامة من اللاذقية، في 9 يوليو 2025، وتم التحديث في تواصل للمتابعة 26 أغسطس 2025. 

  121. مقابلة مع الباحث القانوني د. أيمن منعم، في 22 مايو 2025- مرجع سابق 

  122. مقابلة مع ناشط حقوقي من اللاذقية (رفض ذكر اسمه) يعمل على مشاريع بناء السلام وتعزيز التماسك المجتمعي في 12 يونيو 2025، تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 1 سبتمبر 2025. 

  123. منظمة شاوشكا؛ منظمة تقودها نساء، تأسست عام 2012 في شمال شرق سوريا، وتركّز على المناصرة وبناء قدرات النساء في مختلف جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والقانونية. 

  124. مقابلة مع ممثلة منظمة شاوشكا، في 1 يوليو 2025- مرجع سابق 

  125. رويترز، تيمور أزهري وتوم بيري، الشرع يعلن نفسه رئيسًا للمرحلة الانتقالية ويعزز سلطته، 30 يناير 2025: https://shorturl.at/7SpKO 

  126. سانا، الرئيس الشرع يعلن تشكيل الحكومة الجديدة: ولادة مرحلة جديدة في مسارنا الوطني، 30 مارس 2025: https://www.sana.sy/en/?p=350809 

  127. المرجع السابق. 

  128. المرسوم الرئاسي رقم 47، صادر في 31 مايو 2025: https://sana.sy/en/local/357878/ 

  129. معهد الذاكرة السورية، محمد خير حسن شعيب، SMI/A300/14064، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025: https://syrianmemory.org/archive/figures/67767bd9ba4b4facd106f4eb 

  130. العربي الجديد، شقيق الرئيس السوري أحمد الشرع يتولى منصبًا رفيعًا في الحكومة، 6 أبريل 2025: https://shorturl.at/cMcut 

  131. رويترز، تيمور أزهري وفراس دلاتي، سوريا تعيد تشكيل اقتصادها سرًا.. وشقيق الرئيس هو المسئول، 24 يوليو 2025: https://www.reuters.com/investigations/syria-is-secretly-reshaping-its-economy-presidents-brother-is-charge-2025-07-24/

  132. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة؛ منظمة مستقلة تعمل على توثيق الانتهاكات ونشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيز سبل الوصول للعدالة المحاسبة في مختلف أنحاء سوريا. 

  133. مقابلة مع بسام الأحمد، سوريون من أجل العدالة، 26 مايو 2025 – مرجع سابق 

  134. مركز المواطنة المتساوية؛ مركز قانوني قائم على التطوع، يهتم بقضايا المساواة في الحقوق وعدم التمييز وبناء السلام. 

  135. مقابلة مع الحقوقي فائق حويجة، مؤسس مركز المواطنة المتساوية وعضو مؤسس في غرفة دعم المجتمع المدني، في 26 مايو 2025 وتم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 27 أغسطس 2025. كان حويجة معتقلًا سياسيًا 10 سنوات في ظل النظام السابق. ويقيم بين دمشق وألمانيا. 

  136. مدنية؛ مبادرة سورية تهدف إلى تعزيز الدور السياسي للمجتمع المدني السوري، وتضم شبكة من أكثر من 200 منظمة. 

  137. مقابلة مع الحقوقي بكري زين الدين من مؤسسة مدنية، في 3 يونيو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 4 سبتمبر 2025. 

  138. مقابلة مع الحقوقية النسوية رولا الركبي، في 30 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  139. الإعلان الدستوري السوري الصادر في مارس 2025، المادة 43. 

  140. منصة تأكّد السورية، هل ظهر وزير العدل الحالي في فيديو يوثّق إعدام امرأة في ريف إدلب؟، 4 يناير 2025: https://verify-sy.com/en/details/10597/Did-the-current-Minister-of-Justice-appear-in-a-video-documenting-the-execution-of-a-woman-in-the-Idlib-countryside

  141. معهد الذاكرة السورية، مظهر عبد الرحمن الويس، SMI/A300/1194، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025: https://syrianmemory.org/archive/figures/5ea210e3ce219e0001e68638 

  142. المرسوم الرئاسي رقم 56 الصادر في 31 مارس 2025. 

  143. معهد الذاكرة السورية، حسن يوسف التربة، SMI/A300/14186، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025: https://syrianmemory.org/archive/figures/67b06fb6f76cc834293d4476 

  144. مقابلة مع المحامية رولا البغدادي، مؤسسة دولتي، 30 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  145. مقابلة مع الصحفي الحقوقي رواد بلان، 13 يوليو 2025 – مرجع سابق 

  146. يورونيوز، سلطة في الظل: هل حلّ الشيخ محل الدولة في سوريا؟، 24 يونيو 2025: https://shorturl.at/R8xlv

  147. عدة مقابلات مع؛ أنور البني، ريما فليحان، رواد بلان، رولا الركبي، ومنظمة دولتي، وتيار دليل. 

  148. مقابلة مع الصحفي الحقوقي رواد بلان، 13 يوليو 2025 – مرجع سابق 

  149. جمعية ليلون للضحايا؛ مجموعة حقوقية يقودها ناجون، تركز على تحقيق العدالة واستعادة حقوق ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في عفرين. 

  150. مقابلة مع الحقوقية لونجين عبدو، جمعية ليلون للضحايا، 1 يوليو 2025 – مرجع سابق. 

  151. شاركت لونجين عبدو في فيلم وثائقي حديث لشبكة سي إن إن عن جرائم أبو بكر وفصيله بحق النساء الكرديات. للمزيد انظر: سي إن إن، بينما يدعو رئيس سوريا لحقوق الإنسان، تكشف أدلة جديدة عن انتهاكات يُزعم ارتكابها على يد أحد قادته الرئيسيين، 12 يونيو 2025: https://edition.cnn.com/interactive/asequals/syria-army-commander-women-abuse-as-equals-intl-invs/

  152. وزارة الخزانة الأمريكية، وزارة الخزانة تفرض عقوبات على جماعتين مسلحتين مقرهما سوريا مسئولتان عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في شمال سوريا، 17 أغسطس 2023: https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy1699 

  153. مجلس الاتحاد الأوروبي، القرار (CFSP) 2025/1110 بشأن تعديل القرار (CFSP) 2020/1999 المتعلق بالتدابير التقييدية ضد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، 28 مايو 2025: https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/?uri=OJ:L_202501110

  154. وزارة الخزانة الأمريكية، مرجع سابق. 

  155. مجلس الاتحاد الأوروبي، القرار (CFSP) 2025/1110، مرجع سابق 

  156. وزارة الخزانة الأمريكية، وزارة الخزانة تفرض عقوبات على سجون سورية ومسؤولين تابعين للنظام السوري وعلى مجموعة مسلحة سورية، 28 يوليو 2021: https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy0292 

  157. تآزر، تعيين مجرمي حرب لقيادة الجيش السوري يقوّض العدالة ويهين الضحايا، 7 مايو 2025: https://hevdesti.org/en/appointing-war-criminals-to-lead-the-syrian-army-undermines-justice-and-insults-victims/ 

  158. منظمة RDI الحقوقية؛ تأسست عام 2019 كمنظمة تعمل على توثيق الانتهاكات وجرائم الحرب، وإعداد الأبحاث، والمناصرة من أجل الضحايا، وتعزيز العدالة والتعايش السلمي في شمال شرق سوريا. 

  159. تيار دليل؛ حركة سياسية مدنية يقودها شباب، تهدف لتقديم نموذج جديد للعمل السياسي الوطني قائم على الديمقراطية والليبرالية واللا مركزية. 

  160. مقابلة مع الناشط السياسي توفيق عثمان، من تيار دليل، في 23 يونيو 2025؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 2 سبتمبر 2025. 

  161. عدة مقابلات، بما في ذلك مع مركز المواطنة المتساوية وجذور. 

  162. العدالة من أجل الحياة؛ منظمة حقوقية تأسست في شمال شرق سوريا عام 2015 وتركّز على مناصرة قضايا الناجين وتعزيز المشاركة السياسية والمدنية للمجتمع المدني المحلي في شمال شرق سوريا. 

  163. مقابلة مع الباحث جلال الحمد، منظمة العدالة من أجل الحياة، 12 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  164. البرنامج السوري للتطوير القانوني؛ مبادرة يقودها ناجون، مقرها المملكة المتحدة، تعمل على دعم المنظمات والمجتمعات السورية من خلال القانون الدولي، وتعزيز العدالة وحقوق الإنسان، ومعالجة الانتهاكات الناجمة عن سياسات الشركات أثناء النزاع. وللبرنامج صفة استشارية خاصة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، وحاليًا تقدم استشارات قانونية لعدد من اللجان الحكومية المعنية بالعدالة الانتقالية في سوريا. 

  165. مقابلة مع سنا كيخيا، البرنامج السوري للتطوير القانوني، 22 مايو 2025- مرجع سابق 

  166. وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، التعميم رقم 28 الصادر في 20 فبراير 2025. 

  167. مقابلة مع فائق حويجة، مركز المواطنة المتساوية، 26 مايو 2025 – مرجع سابق 

  168. مقابلة مع المحامية رولا البغدادي، مؤسسة دولتي، 30 يونيو 2025 – مرجع سابق. 

  169. الإعلان الدستوري، المادة 49. 

  170. المرسوم الرئاسي رقم 20 بشأن تشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، 17 مايو 2025: https://archive.sana.sy/en/?p=355958 

  171. رابطة تآزر للضحايا؛ منظمة حقوقية يقودها الضحايا، مقرها شمال شرق سوريا، تهدف إلى تنظيم الضحايا لتعزيز تمكينهم وانخراطهم في الشئون العامة. كما أنها شريكة في ميثاق الحقيقة والعدالة، وعضو في المجموعة المرجعية لحقوق الإنسان بالمفوضية السامية لشئون اللاجئين، وعضو الشبكة الدولية للضحايا والناجين من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. 

  172. مقابلة مع ممثل رابطة تأزر للضحايا، في 18 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  173. مقابلة في 2 يونيو 2025 مع منظمة (فضلت عدم ذكر اسمها) أسسها ناجون من الاعتقال التعسفي في سوريا، وتهدف إلى تقديم الدعم والحماية للضحايا من خلال برامج إعادة التأهيل والمناصرة وبناء القدرات؛ تم تحديث المعلومات في تواصل للمتابعة 4 سبتمبر 2025. 

  174. المرسوم الرئاسي رقم 19 بشأن تشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين، 17 مايو 2025: https://archive.sana.sy/en/?p=355953 

  175. مقابلة مع سنا كيخيا، البرنامج السوري للتطوير القانوني، 22 مايو 2025- مرجع سابق 

  176. القرار الرئاسي بشأن تشكيل لجنة تقصّي حقائق وطنية مستقلة في أحداث الساحل السوري في 6 مارس 2025، صدر في 9 مارس 2025: https://archive.sana.sy/en/?p=349109 

  177. عدة مقابلات مع نشطاء من مناطق الساحل؛ هنادي زحلوط، توفيق عثمان، سامر عباس. 

  178. عدة مقابلات مع؛ رابطة تآزر للضحايا، ومنظمة RDI، ومنظمة ليلون، والبرنامج السوري للتطوير القانوني. 

  179. مقابلة مع الحقوقية هنادي زحلوط، 30 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  180. مقابلة مع ممثل رابطة تآزر للضحايا، 18 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  181. المرسوم الرئاسي رقم 66 بشأن تشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، 2 يونيو 2025: https://sana.sy/en/?p=359363 

  182. مقابلة مع فائق حويجة، مركز المواطنة المتساوية، 26 مايو 2025 – مرجع سابق. 

  183. مجلس سوريا الديمقراطية، تحالف تماسُك يشكّل مستقبل سوريا على أساس المساواة والعدالة، تم الاطلاع في 16 سبتمبر 2025: https://m-syria-d.com/en/?p=8343 

  184. مقابلة مع توفيق عثمان، من تيار دليل، في 23 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  185. الأمم المتحدة، لجنة حقوق الإنسان، التعليق العام رقم 25 بشأن الحق في المشاركة في الشئون العامة وحق الاقتراع والحق في تكافؤ الوصول للوظائف والخدمات العامة (المادة 25)، الدورة 57، الوثيقة CCPR/C/21/Rev.1/Add.7، 1996. https://digitallibrary.un.org/record/221930?ln=en&v=pdf 

  186. المركز الدولي لقانون المنظمات غير الربحية، المنظمات غير الحكومية في المجال السياسي: الأنشطة السياسية للمنظمات غير الحكومية، القانون الدولي وأفضل الممارسات، المجلة الدولية لقانون المنظمات غير الربحية، المجلد 12، العدد 1 (2009)، https://www.icnl.org/resources/research/ijnl/political-activities-of-ngos-international-law-and-best-practices 

  187. المرجع السابق. 

  188. رواق عربي، آمنة القلالي، مراجعة التجربة الفاشلة للعدالة الانتقالية في تونس بعينٍ على المشهد السوري، المجلد 30، العدد 1 (2025) https://doi.org/10.53833/JQID8384 

  189. مقابلة مع الصحفي الحقوقي رواد بلان، 13 يوليو – مرجع سابق 

  190. عدة مقابلات تشمل؛ مدنية، وتآزر للضحايا، ومنظمة RDI. 

  191. مجلس الأمن، القرار 2171 بشأن صون السلم والأمن الدوليين ومنع النزاعات، وثيقة الأمم المتحدةS/RES/2171 (2014)، https://docs.un.org/en/S/RES/2171(2014)؛ وأيضًا؛ مجلس الأمن، القرار 1325 بشأن النساء والسلام والأمن، وثيقة الأمم المتحدة S/RES/1325 (2000)، https://docs.un.org/S/res/1325(2000) 

  192. لجنة القضاء على التمييز العنصري، التوصية العامة رقم XXVII بشأن التمييز ضد مجموعات الروما، وثيقة الأمم المتحدة A/55/18، المرفق الخامس(2000:https://docs.un.org/en/A/55/18 

  193. لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، الملاحظات الختامية بشأن قبرص، وثيقة الأمم المتحدة CEDAW/C/CYP/CO/6-7 (2013)، https://docs.un.org/en/CEDAW/C/CYP/CO/6-7 

  194. مقابلة مع الحقوقية النسوية رولا الركبي، في 30 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  195. اللوبي النسوي السوري؛ منظمة تعمل على تمكين النساء على المستويين الاجتماعي والسياسي من خلال توثيق الانتهاكات والمناصرة والضغط. 

  196. مقابلة مع ريما فليحان، اللوبي النسوي السوري، في 14 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  197. العربي الجديد، جدل حول تصريحات عائشة الدبس حول رؤيتها لدور المرأة السورية، 29 ديسمبر 2024: https://shorturl.at/3rtCw 

  198. لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، سلسلة أوراق سياسات المشاركة والانخراط المجتمعي: ورقة سياسات حول المشاركة والعدالة الانتقالية، وثيقة الأمم المتحدة E/ESCWA/SDD/2013/Technical Paper.5، 27 مايو 2013. 

  199. مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، القرار 24/5، الحقوق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/RES/24/5 (2013)، https://docs.un.org/A/HRC/RES/24/5 

  200. لجنة حقوق الإنسان، التعليق العام رقم 25 (1996)؛ المفوضية السامية لحقوق الإنسان، تقرير العوامل التي تعوق المشاركة السياسية على قدم المساواة بين الجميـع والخطوات اللازم اتخاذها للتغلب على هذه التحديات، وثيقة الأمم المتحدةA/HRC/27/29 (2014)، https://docs.un.org/A/HRC/27/29 

  201. التعليق العام رقم 25 (1996) – مرجع سابق 

  202. لجنة حقوق الإنسان، التعليق العام رقم 27 بشأن حرية التنقل (المادة 12)، وثيقة الأمم المتحدة CCPR/C/21/Rev.1/Add.9 (1999)، https://docs.un.org/CCPR/C/21/Rev.1/Add.9

  203. انظر، على سبيل المثال: تقرير المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/20/27 (2012)، https://docs.un.org/A/HRC/20/27 ؛ وتقرير المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، وثيقة الأمم المتحدة A/66/290 (2011)، https://docs.un.org/A/66/290 

  204. مؤتمر المنظمات غير الحكومية الدولية لمجلس أوروبا، مدونة الممارسات الجيدة للمشاركة المدنية، CONF/PLE(2009)CODE1 (2009)، https://shorturl.at/skW5x 

  205. الجمعية العامة للأمم المتحدة، اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وثيقة الأمم المتحدة A/RES/61/106 (2008)، https://docs.un.org/A/Res/61/106 ؛ وكذلك: إعلان حق ومسئولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميًا، وثيقة الأمم المتحدة A/RES/53/144 (1999)، https://docs.un.org/A/Res/53/144 

  206. مدونة الممارسات الجيدة للمشاركة المدنية- مرجع سابق 

  207. القلالي، مراجعة التجربة الفاشلة للعدالة الانتقالية في تونس بعينٍ على المشهد السوري- مرجع سابق 

  208. مبادرة جوى؛ مقرها في حماة، وتعمل على تعزيز التماسك المجتمعي وتطوير قطاع التعليم في مختلف أنحاء سوريا. 

  209. مقابلة مع إيمان ناصر، مبادرة جوى، 14 يونيو 2025- مرجع سابق 

  210. الجمعية العامة للأمم المتحدة، تقرير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بشأن تعزيز وحماية وتنفيذ الحق في المشاركة في الشئون العامة في سياق قانون حقوق الإنسان القائم: أفضل الممارسات والخبرات والتحديات وسبل تجاوزها، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/30/26 (2015)، https://docs.un.org/en/A/HRC/30/26 

  211. المرجع السابق. 

  212. مقابلة مع ناشط حقوقي (رفض ذكر اسمه) من اللاذقية في 12 يونيو 2025- مرجع سابق. 

  213. كورين بارفر، ريبيكا وولف، مشاركة المجتمع المدني في بناء السلام بعد النزاعات، المجلة الدولية للمعلومات القانونية 36(1): 51-79 (2008)، doi:10.1017/S0731126500002705

  214. منظمة جذور؛ تأسست في السويداء عام 2014 كمنظمة حقوقية تهدف إلى تعزيز مجتمع نشط ومنظم من خلال مشروعات تنموية وتعليمية. 

  215. مقابلة مع ايمن عزام، منظمة جذور، 15 يونيو 2025 – مرجع سابق 

  216. مقابلة مع سنا كيخيا، البرنامج السوري للتطوير القانوني، 22 مايو 2025- مرجع سابق 

  217. مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/58/66، 19 مارس 2025، https://docs.un.org/en/A/HRC/58/66 

  218. رويتر، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يجري محادثات لدعم سوريا في التحقيق في جرائم الحرب،17 يناير 2025: https://shorturl.at/vGryX 

  219. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الحوار الوطني السوري: خطوة أولى في طريق ضبابي، مرجع سابق. 

  220. اعتمدت العديد من الدول تدابير مماثلة. ففي إستونيا، يتعين على الوزارات إشراك ممثلي منظمات المجتمع المدني في إعداد القرارات والقوانين وخطط التنمية. وفي كرواتيا، يتم إشراك منظمات المجتمع المدني منذ المراحل الأولى للمشاورات، حيث يمكنها تقديم تعليقات ومقترحات، بما في ذلك من خلال الاستبيانات والمشاورات الإلكترونية. 

  221. جميع المشاركين في المقابلات أيدوا بشدة تشكيل مثل هذه الآلية. 

  222. تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وثيقة الأمم المتحدة A/HRC/30/26 (2015) – مرجع سابق 

Share this Post