اليمن: حظر التظاهر في عدن يقوض الحق في التجمع السلمي وسط استياء شعبي واسع النطاق

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, دول عربية by CIHRS

يدين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والائتلاف اليمني لحقوق الإنسان القرار غير القانوني الصادر عن السلطات في عدن، في17 مايو/أيار الجاري، بفرض حظر شامل على الاحتجاجات العامة، والذي يمثل انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان الأساسية، لا سيما الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي على النحو المنصوص عليه في الدستور اليمني والقوانين الدولية.

يعاني سكان جنوب اليمن، وخاصة في عدن، من تحديات اجتماعية واقتصادية قاسية، بما في ذلك انقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي، ونقص حاد في المياه، وتراجع قيمة العملة المحلية. الأمر الذي أثر بشدة على القوة الشرائية للأفراد، ومن ثم قدرتهم على توفير ضروريات الحياة الأساسية.

هذه المصاعب والتحديات فرضت مناخًا من الإحباط العام، دفع سكان عدن للخروج إلى الشوارع في مظاهرات سلمية عدة مرات، على مدى الأشهر القليلة الماضية وصولًا للشهر الجاري، للمطالبة بتحرك حكومي عاجل. وبدلًا من استجابة الحكومة لمطالب السكان المشروعة ودفع المظالم عنهم ومعالجة الأسباب الكامنة وراء الاحتجاجات؛ اختارت السلطات في عدن قمع المعارضة بالكامل وحظر المظاهرات تمامًا، على نحو يزيد من تفاقم الغضب الشعبي.

تكشف مقابلات أجراها مركز القاهرة مع 5 متظاهرين (سيدتان وثلاثة رجال تم حجب أسمائهم حرصًا على سلامتهم)، وكذلك مقاطع الفيديو التي تمت مراجعتها؛ أن القرار التعسفي بحظر الاحتجاجات في عدن لا تبرره «متطلبات الأمن العام» كما تدعي السلطات.

حسب إحدى منظمي الاحتجاجات، قادت النساء المظاهرة الأولى في 9 مايو/أيار، إذ انطلقت الدعوة للمظاهرة بشكل عفوي خلال نقاش على موقع فيس بوك، احتجاجًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية، وخاصة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة خلال ساعات ذروة الحرارة والرطوبة. تقول المتظاهرة: «ارتفاع الرطوبة الحاد هذه الأيام، يتسبب كثيرًا في حالات ضيق التنفس، والدوار الشديد، بينما معظم الوقت لا توجد كهرباء لتشغيل مكيفات الهواء أو حتى المراوح». وتتابع: «أما المظاهرة الثانية في 16 مايو/أيار، فكانت كالأولى سلمية تمامًا، ولم تطلب السلطات الحصول على أي تصاريح قبل المظاهرتين، بينما تم إخطار السلطات مسبقًا قبل المظاهرة الثانية».

وفي 17 مايو/أيار، نظم مجموعة من الرجال مظاهرة أخرى للتعبير عن مظالم اقتصادية مماثلة، ووفقًا لأحد المنظمين، جمع لقاء قبل المظاهرة بين رئيس الأمن في عدن ومجموعة المنظمين، اشترط فيه الامتناع عن أية هتافات أو أعلام أو أفعال يمكن اعتبارها استفزازية. وبناء عليه تم منح المنظمين موافقة شفهية على تنظيم المظاهرة.

انضم لهذه المظاهرة نحو 7000 مشارك، التزم أغلبهم بالسلمية، بينما طفقت مجموعة صغيرة تردد هتافات ضد قوات الأمن ورشقوا الحجارة. فردت السلطات الأمنية على ذلك بطلقات تحذيرية في الهواء، واعتقال ما بين 25 إلى 30 مشارك، تم الإفراج عنهم لاحقًا في غضون ثلاثة أيام. ولم يتم الإبلاغ عن أية إصابات حسب شهود العيان، ولم يشر أي بيان رسمي لغير ذلك. إلا أن السلطات الأمنية في عدن أصدرت، في وقت لاحق من اليوم نفسه، بيانًا أعلنت فيه «تعليق جميع المظاهرات والتجمعات العامة لحين التحقق من ظروف السلامة والتزام المنظمين بالإرشادات القانونية».

إن القرار بفرض حظر شامل وغير محدد على أي تجمع عام، دون أساس قانوني واضح، أو ضمانات إجرائية، أو إطار زمني محدد، يثير الكثير من القلق والاستنكار. إذ يتنافى مع مبدأي الضرورة والتناسب الذين اشترطهما القانون الدولي لحقوق الإنسان لفرض أي قيد على الحريات الأساسية؛ واضعًا معاييرًا صارمة بأن يكون هذا القيد قانونيًا، وضروريًا في مجتمع ديمقراطي، وأن يُستخدم بأقل الوسائل تقييدًا، لتحقيق هدف مشروع. وهذا الحظر لا يفي بهذه المعايير.

إن قرار سلطات عدن بحظر المظاهرات يخاطر بتجريم المعارضة السلمية وزيادة الاحتقان والغضب بين السكان؛ الذين يرزحون تحت وطأة ضائقة اجتماعية واقتصادية حادة. ومن ثم، نطالب السلطات المحلية في عدن بالإلغاء الفوري لحظر التظاهر، والانخراط البناء مع المواطنين لتلبية احتياجاتهم العاجلة، لا سيما الوصول إلى الكهرباء والمياه والدعم الاقتصادي.

Share this Post