قالت 16 منظمة حقوقية اليوم 29 أغسطس 2022 في بيان مشترك؛ أنه ينبغي على قوات الحوثيين، المعروفة أيضا بـ “أنصار الله”، فتح الطرق الحيوية في تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، على الفور، وضمان حرية التنقل لجميع المدنيين، لمنع المزيد من التدهور في الأزمة الإنسانية الخطيرة في تعز.
أغلقت قوات الحوثيين الطرق الرئيسية من تعز وإليها منذ 2015، مما قيّد بشدة حرية تنقّل المدنيين، وأعاق تدفق السلع الأساسية والأدوية، ووصول المساعدات الإنسانية إلى سكان المدينة. يقول مايكل بَيْج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “القيود التي فرضها الحوثيون أجبرت المدنيين على استخدام طرق جبلية خطيرة وسيئة، تشكل الرابط الوحيد بين السكان المحاصرين في مدينة تعز وبقية العالم. فتح الطرق الرئيسية سيساعد بشكل كبير في تخفيف معاناة السكان الذين ظلوا في عزلة شبه تامة سبع سنوات.”
تقع تعز بين العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة سلطات الأمر الواقع الحوثية، ومدينة عدن الساحلية. وتحاصر قوات الحوثيين تعز منذ 2015، وتعزل المدينة وتعرقل الوصول إلى جميع الطرق الرئيسية التي تربطها ببقية البلاد، بينما تسيطر القوات المدعومة من الحكومة على وسط المدينة. مما يفاقم الأزمة الإنسانية في تعز على وجه التحديد. وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ “تزداد شدة الاحتياجات إلى الغذاء والمياه على نحو خطير في تعز.”
قالت المنظمات إنه ينبغي لقوات الحوثيين ضمان إمكانية مغادرة المدنيين بأمان من أي منطقة معرضة لخطر محتمل، وأن تكون أي قيود على حرية التنقل مؤقتة ووفقًا لمقتضى الضرورة العسكرية الملحة، امتثالاً للهدنة المعلنة قبل شهرين. كما ينبغي على الحوثيين ضمان حرية التنقل الآمن لجميع العاملين في المجال الإنساني، وتسهيل وصول الغذاء والإمدادات الطبية وغيرها من المواد والخدمات الأساسية إلى المدينة وجميع أنحاء المحافظة.
رغم جهود “الأمم المتحدة”، لم يكن هناك تقدم يُذكر في فتح الطرق، حتى أعلنت الأمم المتحدة عن هدنة لمدة شهرين، اعتبارًا من 2 أبريل/نيسان 2022، تضمنت بندًا لمبعوثها الخاص في اليمن هانس غروندبرغ؛ بدعوة جميع “الأطراف إلى اجتماع للاتفاق على فتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حركة المدنيين من رجال ونساء وأطفال.” وفي أعقاب المفاوضات التي جرت في عمّان في 3 يوليو/تموز، نشر مكتب المبعوث الخاص خططًا لإعادة فتح الطرق على مراحل في تعز، لتخفيف معاناة المدنيين. لكن سلطات الحوثيين رفضت الاقتراح، ما أثار انتقادات نادرة من جانب وفد “الاتحاد الأوروبي” إلى اليمن، الذي قال: “يأسف الاتحاد الأوروبي كثيرًا لرفض الحوثيين للمقترح الأخير.”
يغلق الحوثيون الطرق الرئيسية في تعز، سواء المؤدية إلى الشمال الشرقي باتجاه منطقة الحوبان، أو المؤدية إلى الشمال والشمال الغربي والتي تربط مدينة تعز ببقية اليمن. فبعدما كانت الرحلة من مدينة تعز لمنطقة الحوبان تستغرق حوالي 10 إلى 15 دقيقة قبل 2015، تستغرق الآن من 6 إلى 8 ساعات. ولمغادرة مدينة تعز، يُضطر السكان إلى سلوك طريق الأقروض الجبلي غير الممهد، وهو التفاف حول المدينة يزيد طوله عن 60 كيلومتر. علمًا بأنه طريق متعرج وضيق، به الكثير من المنعطفات الحادة والعديد من نقاط التفتيش الحكومية والحوثية. وبحسب شهادة أحد سكان مدينة تعز: “ثمة إصابات وحوادث يومية بسبب حالة الطريق. معاناة وخسائر كل يوم”.
يغلق الحوثيون أيضا الطرق الرئيسية التي تربط عدن بتعز، مما يجبر المدنيين على اللجوء إلى طريق هيجة العبد الخطير المؤدي إلى عدن. يقول أحد سكان مدينة تعز: “يسميه البعض طريق الموت، فهو مليء بالحفر وبحالة سيئة، لكن لا بديل”. طريق هيجة العبد ضيق وغير ممهد، ويلتف حول تضاريس جبلية شديدة الانحدار. تجعل هذه الظروف من الصعب للغاية على الشاحنات الكبيرة، والشاحنات الأخرى، والحافلات، التي تحمل البضائع والركاب، التنقل في المنعطفات الحادة والعبور السريع دون وقوع حوادث.
يسافر سكان المناطق الريفية في محافظة تعز منذ زمن إلى مدينة تعز للحصول على الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك الغسيل الكلوى أو العلاج الكيميائي. وقبل حصار قوات الحوثي للمدينة، كان من الممكن عبور هذه الطرق. أما اليوم، يمكن أن تستغرق الرحلات التي كانت سابقا تستغرق ساعة واحدة ما يصل إلى 8 ساعات، ما يضاعف من معاناة المرضى بلا داع لساعات على الطرق الجبلية الوعرة، والتي يزداد خطرها بشكل كبير خلال موسم الأمطار، لأن الطرق الترابية غير الممهدة تغمرها المياه بسهولة وتمتلئ بالردم. كما يعوق إغلاق الطرق بشدّة حركة الأغذية، والأدوية، والسلع الأساسية الأخرى من المحافظة وإليها. وقد واجهت الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية صعوبة بالغة في إيصال الطعام والأدوية إلى السكان المدنيين. وقد ذكر دييغو زوريلا، نائب منسق الأمم المتحدة للشئون الإنسانية في اليمن، في تصريحات لـ”وكالة فرانس برس” مؤخرًا: “الوضع في تعز تحديدًا خطير جدًا”.
قالت المنظمات في بيانها، أنه على سلطات الحوثيين ضمان الوصول المستدام والآمن لجميع المدنيين اليمنيين على الفور عبر الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز ومنها.
في 26 يوليو/تموز، خرج مئات اليمنيين إلى الشوارع في تعز للاحتجاج على رفض سلطات الحوثيين فتح الطرق الرئيسية. وفي 2 أغسطس/آب، أعلن غروندبرغ، المبعوث الخاص للأمم المتحدة، التجديد الثاني للهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة لمدة شهرين، واعدًا بتكثيف جهوده للتوصل إلى “اتفاق هدنة موسع” من شأنه أن ينص على اتفاق بشأن “فتح الطرق في تعز”. ورغم هذه الجهود، لا يزال التقدم في فتح الطرق بعيد المنال.
كانت منظمات حقوقية قد وثّقت عرقلة قوات الحوثيين وصول الإمدادات الغذائية والطبية للمدنيين في تعز بين ديسمبر/كانون الأول 2015 ويناير/كانون الثاني 2016، حين منع الحراس الحوثيون عند نقاط التفتيش المدنيين من إدخال المواد الأساسية مثل الفاكهة، والخضروات، وغاز الطهي، وجرعات اللقاحات، وأكياس علاج غسيل الكلى، وأسطوانات الأكسجين، وصادروا بعض هذه الأغراض بشكل غير قانوني.
يضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واليمن طرف فيه، الحق في حرية التنقل. كما أن المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تكفل لكل فرد الحق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة. ويُلزم القانون الإنساني الدولي أطراف النزاع بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية المحايدة بسرعة ودون عوائق إلى المدنيين المحتاجين وتسهيل ذلك. كما يلزم جميع الأطراف بالسماح للمدنيين في المناطق المحاصرة بالمغادرة وضمان حرية التنقل لموظفي الإغاثة الإنسانية المصرح لهم.
تقول رضية المتوكل، رئيسة مواطَنة لحقوق الإنسان: “حصار تعز أصبح مجرد ورقة على طاولة المفاوضات. يدفع المدنيون ثمنًا باهظًا لممارسة حقهم في التنقل وتأمين الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء، والماء، والمواد الأساسية. وينبغي على أنصار الله (الحوثيين) رفع القيود غير المبررة على الحركة فورًا من خلال فتح الطرق الرئيسية والسماح لجميع المدنيين اليمنيين بالتنقل بحرية في جميع أنحاء بلادهم.”
الموقعون:
- باكس من أجل السلام
- الحملة ضد تجارة الأسلحة
- رابطة أمهات المختطفين
- رصد لحقوق الإنسان
- مبادرة مسار السلام
- المركز العالمي لمسئولية الحماية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
- منظمة العفو الدولية
- منظمة سام للحقوق والحريات
- منظمة عالم آمن
- منظمة مساءلة لحقوق الإنسان
- مواطنة لحقوق الإنسان
- مؤسسة جسور يمن
- مؤسسة شباب سبأ للتنمية
- هيومن رايتس ووتش
Share this Post