أوقفوا الاعتقالات الأشبه بأخذ الرهائن
قالت 22 منظمات حقوقية صباح اليوم 19 فبراير 2021، أن عائلات النشطاء أو حقوقيين المقيمين في الخارج تتعرض لاستهداف متصاعد في مصر من قبل السلطات المصرية، ضمن نمط واضح من للتخويف والمضايقات. فمنذ أغسطس/آب 2020، استهدفت السلطات المصرية عائلات أربعة معارضين يعيشون في الولايات المتحدة، وعائلة معارض واحد في كل من تركيا، وألمانيا، والمملكة المتحدة.
هذه الحالات ضمن عشرات أخرى تم الإبلاغ عنها في السنوات الأخيرة، تعكس محاولة السلطات المصرية ترهيب المنتقدين والمعارضين بمداهمات غير قانونية لمنازل عائلاتهم، والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والاحتجاز المطول لأفراد أسرهم دون محاكمة أو توجيه اتهامات.
يقول جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “عائلات المعارضين المصريين الذين يعيشون في الخارج تجد نفسها عالقة أكثر فأكثر في شبكة قمع حكومة الرئيس السيسي. وعلى الرئيس السيسي ردع قواته الأمنية فورًا وإنهاء هذه الاعتقالات الأشبه باحتجاز الرهائن”.
في 13 فبراير/شباط 2021، داهمت السلطات المصرية منازل ستة أقارب للمدافع عن حقوق الإنسان محمد سلطان، والمقيم في الولايات المتحدة. وقد ذكر سلطان مدير المنظمة الحقوقية المستقلة (مبادرة الحرية)، ومصدران آخران على علم مباشر بالاعتقالات، لـ هيومن رايتس ووتش؛ أن عناصر الأمن اعتقلوا أثنين من أبناء عمومة سلطان، هما مصطفى سلطان وخيري سلطان، من منزليهما في محافظة المنوفية. وأضاف المصدران أن السلطات الأمنية اعتقلت قريبًا ثالثًا لسلطان هو محمود يسري النجار. كما أمرت عناصر الأمن أبن عم آخر لسلطان تسليم نفسه، بمجرد إزالة الجبيرة عن رجله المكسورة. ولم يكن ثلاثة من أبناء عموم سلطان الآخرين في المنزل أثناء المداهمات، ولكن قيل لعائلاتهم أنهم مطلوبون من قبل “قطاع الأمن الوطني”. تم استجواب المعتقلين بشكل رئيسي بشأن محمد سلطان وأنشطته، و أفرجت السلطات في 17 فبراير/شباط عن مصطفى وخيري بعد استجوابهما من قبل الأمن الوطني، حسبما أكدا المصدران.
كانت عناصر الأمن قد اعتقلت في يونيو/حزيران 2020 خمسة من أبناء عمومة سلطان الستة المستهدفين، واحتجزتهم دون محاكمة إلى حين، حتى تم الإفراج عنهم قبل وقت قصير من إعلان فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية نوفمبر/تشرين الثاني. هذا بالإضافة إلى حملات التشهير من قبل الحكومة المصرية ووسائل الإعلام الموالية لها والتي كان سلطان محورها بسبب عمله الحقوقي، وبسبب دعمه تأسيس “تجمع حقوق الإنسان في مصر” في مجلس النواب الأمريكي.
أخفت السلطات صلاح سلطان، والد سلطان المسجون أصلاً، في 15 يونيو/حزيران 2020، إذ اصطحبته عناصر أمنية من سجن وادي النطرون إلى جهة مجهولة. ومنذ ذاك الحين، ترفض السلطات تزويد أسرته ومحاميه بمعلومات عن مكانه. كما أشار سلطان إلى أن عملاء المخابرات المصرية في واشنطن ضايقوه وتعمدوا “الاصطدام به” في المركز التجاري المحلي، خلال فعالية مناصرة لمبادرة الحرية، رعتها هيومن رايتس ووتش و”مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط” في مارس/آذار 2019، كما هددوه خلال مكالمات هاتفية، بأن عليه “توخي الحذر” لمصلحة والده. وقد قال أبلغ سلطان السلطات الأمريكية ومحاميه بجميع الحوادث فورًا.
وفي سياق مشابه، تعرض علي حسين مهدي، طالب الدراسات العليا بـ “جامعة إلينوي في شيكاغو” ومدون الفيديو (لديه أكثر من 400 ألف متابع على موقع فيس بوك) للسخرية على قناة تلفزيونية موالية للحكومة المصرية في 17 يناير/كانون الثاني 2021. وبين 28 يناير/كانون الثاني و2 فبراير/شباط، داهم عناصر من الأمن الوطني منازل عدد من أفراد أسرته في الإسكندرية واعتقلوا والده، وعمه، وابن عمه بسبب فيديوهاته، حسبما ذكر مهدي لـ هيومن رايتس ووتش.
وفي فيديو مسجل ومنشور على موقع فيس بوك في 11 فبراير/شباط، يقول مهدي: “اقتحموا المنزل فجرًا. أخذوا والدي من زوجته وإخوتي الصغار، وأفزعوهم. خربوا المنزل بأكمله وسرقوا كل ما وجدوه”. ووفقًا لما ذكر مهدي لـ هيومن رايتس ووتش، لم تتمكن عائلته من معرفة مكان أفراد الأسرة الثلاثة المعتقلين.
في 27 يناير/كانون الثاني، داهم الأمن الوطني فجرًا منزل عائلة باحث وصحفي مصري مقيم في الولايات المتحدة طلب عدم ذكر اسمه، قال لـ هيومن رايتس ووتش أن العناصر استجوبوا والده بشأن مكانه وأنشطته. شارك الباحث في اليوم السابق لفعالية مناصرة عامة عبر الإنترنت من واشنطن للاحتفال بالذكرى العاشرة للانتفاضة المصرية عام 2011. العناصر الأمنية صادروا بطاقة هوية والده وهاتفه، وطلبوا منه الحضور لاستلامهما من مقر الأمن الوطني في محافظته. كما داهمت القوات الأمنية منزل عائلة الباحث للمرة الثانية في 16 فبراير/شباط، لكن لم يكن أحد في الشقة.
في 22 أغسطس/آب 2020، اعتقلت قوات الأمن تسعة أفراد من عائلة شريف منصور، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحفيين، المقيم في واشنطن. وقد أطلِق سراح ثمانية منهم بعد فترة وجيزة من استجوابهم بشأنه هو ووالده، الدكتور أحمد صبحي منصور، أستاذ التاريخ المتقاعد المقيم في الولايات المتحدة. الوالد شخصية بارزة في المذهب القرآني، الأقلية المسلمة المضطهدة في مصر والتي يؤمن أتباعها بالقرآن دون الأحاديث النبوية.
أخفت السلطات قسرًا رضا عبد الرحمن (45 عامًا)، ابن عم شريف منصور، لأكثر من 44 يومًا قبل عرضه على نيابة أمن الدولة في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020، حيث اتهمته النيابة بالانضمام إلى منظمة إرهابية. وقد تتابع منذ ذلك الحين تجديد حبسه الاحتياطي، حتى أخر تجديد في 16 فبراير/شباط 2021. قال منصور لـ هيومن رايتس ووتش أنه لم يُسمح للمحامين إلا بقراءة مزاعم النيابة، دون الحصول على نسخة منها. وقد زعمت النيابة أن منصور ووالده عضوان في المنظمة الإرهابية نفسها التي لم تتم تسميتها. جدير بالذكر أنه قُبض على عبد الرحمن سابقًا عام 2008 ومجددا في عام 2015 لانتمائه للمذهب القرآني.
فجر 10 فبراير/شباط 2021، داهم ثمانية من عناصر الأمن الوطني، منزل عائلة الأكاديمي والناشط السياسي ببرلين تقدم الخطيب بمحافظة الأقصر جنوب مصر. وقد ذكر الخطيب لـ هيومن رايتس ووتش أن العناصر فتشوا المنزل بقوة واستجوبوا والديه المسنين بشأن أنشطته، ثم صادروا هاتف والده وعدة وثائق من المنزل.
وفي رسالة إلكترونية لـ هيومن رايتس ووتش، أشارت الناشطة السياسية المقيمة في مدينة برمنغهام البريطانية منى الشاذلي، أن عناصر الأمن الوطني المصري اعتقلوا في 22 أغسطس/آب 2020 شقيقيها. وكانت الشاذلي قد نشرت سابقًا مقاطع فيديو على موقع فيس بوك تنتقد الحكومة المصرية. كما داهمت عناصر الأمن الوطني منزلَيْ شقيقيها عيد (31 عامًا) وحسن (34 عامًا) بمنزل العائلة في الإسكندرية، وأخفوهما قسرًا لثلاثة أيام قبل أن يظهرا في 25 أغسطس/آب أمام نيابة أمن الدولة. وتضيف الشاذلي أن السلطات احتجزت عيد وحسن في مكان غير معلوم لمدة شهر آخر ثم نقلتهما إلى سجن طرة. وهما محتجزان بدون محاكمة منذ ذاك الحين.
في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2020، اعتقلت القوات الأمنية خمسة من أبناء شقيق المذيع التلفزيوني المعارض هشام عبد الله، المقيم في تركيا، من محافظتَي مرسى مطروح وكفر الشيخ. وبعدما فُقد أثرهما لمدة يومين، أمرت نيابة أمن الدولة في 23 ديسمبر/كانون الأول2020 باحتجازهم جميعا على ذمة التحقيق بتهم الانضمام لمنظمة إرهابية وتمويلها.
ومن بين الأقارب المحتجزين منذ سنوات أيضًا في أعمال انتقامية ضد أقاربهم في الخارج؛ علا القرضاوي وزوجها حسام خلف القرضاوي. علا القرضاوي التي تحمل إقامة أمريكية، هي ابنة الداعية البارز يوسف القرضاوي المقيم حاليًا في قطر، والذي له علاقات تاريخية بجماعة “الإخوان المسلمين” في مصر. السلطات المصرية تحتجز الزوجين دون محاكمة منذ يونيو/حزيران 2017 ,دون سبب واضح سوى قرابتهما ليوسف القرضاوي.
في أكتوبر/تشرين الأول 2019، اعتقلت السلطات المصرية الطبيب النفسي عمرو أبو خليل، شقيق هيثم أبو خليل، المذيع في قناة “الشرق” المعارضة ومقرها تركيا، وذلك بعد تصعيد الثاني انتقاداته العلنية للرئيس عبد الفتاح السيسي وعائلته. وفي سبتمبر/أيلول 2020، توفي عمرو أبو خليل في السجن بعد 11 شهرًا من الاعتقال دون محاكمة.
وفي ذلك يضيف ستورك من هيومن رايتس واتش: “تستخدم الحكومة العائلات كورقة ضغط في حملتها التعسفية لإجبار المعارضين المصريين في الخارج على الصمت. السلطات المصرية لا تكسب صمت المعارضين، بل جُل ما تفعله هو لفت الانتباه إلى انتهاكاتها بهذا النمط المتمثل بأخذ أفراد أُسر معارضيها كرهائن”.
المنظمات الموقعة:
- الأورو-متوسطية للحقوق
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- الحركة العالمية من أجل الديمقراطية
- حقوق الإنسان أولاً
- الديمقراطية الآن للعالم العربي
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
- منظمة مدافعو الخط الأمامي (فرونت لاين ديفندرز)
- فريدم هاوس
- كوميتي فور جستس
- لجنة الحقوقيين الدولية
- مبادرة الحرية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (بوميد)
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- منّا لحقوق الإنسان
- المنبر المصري لحقوق الإنسان
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
- مؤسسات المجتمع المفتوح
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
- هيومن رايتس ووتش
Share this Post