يجب إطلاق سراح صلاح سلطان فوراً وتوفير العلاج له
طالبت 51 منظمة حقوقية في بيان مشترك اليوم السلطات المصرية بإطلاق سراح المحتجز تعسفيًا؛ صلاح سلطان، والد أحد الحقوقيين الأمريكيين البارزين، وضمان وصوله الفوري والعاجل للرعاية الطبية لواجبة إنقاذًا لحياته. كما طالبت المنظمات التحقيق الفعال والشفاف في المزاعم التي تفيد بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة.
في رسالة مسربة في 20 مارس الماضي، ذكر صلاح سلطان (63 عامًا) أن السلطات في سجن بدر 1، شرق القاهرة، حرمته من الرعاية الصحية المناسبة رغم إصابته بأمراض خطيرة في القلب والكبد. هذا الحرمان المتعمد من الرعاية الصحية، والذي يصل حد التعذيب، دفع أحد الأطباء إلى التحذير في رسائل لإدارة بايدن، شاركتها العائلة مع المنظمات الحقوقية، إمن أن صلاح سلطان عرضة لـ “خطر الموت المفاجئ ” بعد عقد من اعتقاله التعسفي وإدانته ظلمًا بتهم سياسية.
يقول آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش أنه بالإضافة إلى محاكمة سلطان الظالمة، تعمدت السلطات المصرية انتهاك حقوقه وحرمانه من الرعاية الصحية/ مضيفًا: “ينبغي نقله على أقل تقدير إلى منشأة طبية مؤهلة حيث يمكن علاجه من قبل معالجين وأطباء مستقلين دون عراقيل”.
قبل انتقاله للولايات المتحدة، كان سلطان أستاذًا للشريعة الإسلامية في جامعة القاهرة. ثم أسس وتولى لاحقًا رئاسة الجامعة الإسلامية الأمريكية في ديربورن بولاية ميشيغان من عام 1999 إلى عام 2004. وبموجب حصوله على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، عاش وعمل سلطان لأكثر من عقد من الزمان في الولايات المتحدة قبل اعتقاله في مصر في سبتمبر 2013 بسبب معارضته عزل الجيش للرئيس المنتخب آنذاك محمد مرسي.
وفي سبتمبر 2017، قضت المحكمة بحبس سلطان مدى الحياة ضمن محاكمة جماعية شابتها انتهاكات جسيمة لمعايير المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية. وفي عام 2018، قرر الفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن اعتقال سلطان كان تعسفيًا، بعدما فشلت السلطات المصرية في تقديم أدلة موثوقة على انتهاكه للقانون، فضلاً عن محاكمته التي انتهكت حقوقه في المشاركة السياسية وحرية التعبير والتجمع السلمي.
وبحسب عائلة سلطان لم توفر سلطات السجن في السنوات الأخيرة لسلطان الرعاية الصحية الكافية بالنظر إلى أمراضه المزمنة أو تلك التي أصابته داخل محبسه، بما في ذلك مرض السكري وارتفاع ضغط الدم والتهاب الكبد الوبائي سي والانزلاق الغضروفي وأمراض أخرى. كما احتجزت السلطات سلطان بمعزل عن العالم عدة مرات، في بعض الأحيان لأشهر، لم تكن العائلة خلالها تعرف شيئًا عن صحته أو مكانه.
وثقت مبادرة الحرية، وهي منظمة حقوقية مقرها واشنطن العاصمة، رفض سلطات سجن بدر 1 توفير الرعاية الصحية لسلطان خلال واقعتين تعرض فيهما لفقدان الوعي وظهرت عليه أعراض مرضية خطيرة. وفي 18 ديسمبر 2022، قال سلطان لعائلته خلال الزيارة إنه كان يعاني من آلام شديدة في الصدر الأسبوع السابق وطلب المساعدة مرات عديدة قبل فقدانه الوعي، حتى أن السجناء سمعوا صراخه وطلبوا المساعدة. وبعد 8 ساعات، جاء مسئولو السجن لزنزانته ورفضوا مرة أخرى عرضه على الطبيب رغم حاجته الواضحة للرعاية الطبية. الأمر الذي يعد امتناع متعمد عن توفير الرعاية الصحية، حسبما أفادت مصادر لمبادرة الحرية. وبحسب هذه المصادر، استمر سلطان استمر في الشكوى من زيادة آلام الصدر وخدر في الأطراف وقدرة حركية محدودة في أصابعه بعد هذه الواقعة. كما ذكرت مصادر عدة، بما في ذلك سجناء سابقون، أن سلطان انهار في زنزانته وبقي عاجزًا عن التحرك في مناسبة أخرى خلال النصف الأول من يناير 2023. ورغم صراخ زملائه طلبًا لمساعدته لقرابة 7 ساعات، رفضت سلطات السجن توفير الأدوية أو الرعاية الصحية له، أو نقله لمستشفى السجن أو إجراء الفحوصات الطبية له.
تمتلك سلطات السجن سلطة كاملة فيما يتعلق بتوفير الأدوية الضرورية والأجهزة الطبية. وقد أفاد سلطان برفضهم منحه الأدوية بشكل كامل، وتعمدوا تقديم حبوب الدواء له بشكل غير منتظم.
في أبريل 2022 ويناير 2023، أرسل 20 طبيبًا وأخصائيًا أمريكيًا خطابات خاصة لإدارة بايدن – شاركوها مع المؤسسات الحقوقية والمسئولين المصريين – تتضمن تفاصيل الحالة الصحية لسلطان والمخاطر التي تهدد حياته لو استمر تجاهل توفير الرعاية الصحية له. قيم الأطباء حالة سلطان استنادًا لسجله الطبي في الولايات المتحدة والوثائق والمعلومات القليلة المتاحة خلال فترة احتجازه. وبحسب تشخيصهم؛ من المحتمل أن يعاني سلطان من مشكلات في الشريان التاجي في القلب، وارتفاع ضغط الدم غير المتحكم فيه، وحصوات الكلى. كما أفادوا بصعوبة تقييم تطورات مرض السكري لديه في ضوء عدم التحكم فيه، بما يعرضه لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة، بما في ذلك الأمراض القلبية (نوبات قلبية، جلطات، فشل القلب)؛ التليف/التشمع الكبدي؛ تلف عصبي لا يمكن علاجه؛ وزيادة خطر الوفاة المفاجئة.”
وتزداد المخاوف بشأن تدهور حالة سلطان الصحية في ضوء تقارير تفيد بأن ما لا يقل عن خمسة سجناء توفوا رهن الاحتجاز في مجمع سجن بدر منذ يونيو 2022 – بعدما تم نقلهم إليه – حيث يُحتجز سلطان في زنزانة انفرادية منذ سبتمبر 2022. كما أفادت وسائل إعلام مصرية محلية مؤخرًا أن العديد من السجناء حاولوا الانتحار في مجمع سجن بدر، وذلك استنادًا لرسائل تم تسريبها من قبل السجناء حول ظروف الاحتجاز غير الإنسانية.
في بيان صادر في 20 مارس الماضي من أكثر من 30 منظمة حقوقية، سلطت المنظمات الضوء على دعاوى خطيرة تتعلق برفض توفير الرعاية الصحية، وظروف الاحتجاز السيئة في مجمع سجن بدر، والانتهاكات والمراقبة المستمرة للزنازين على مدار الساعة، وتعريض السجناء لإضاءة الفلورسنت القوية على مدار اليوم بلا توقف، وإلزام السجناء جدران زنازينهم دون طعام أو شراب لأيام متتالية.
تعتقد المنظمات الموقعة على هذا البيان أن إساءة معاملة السلطات المصرية لسلطان هو رد فعل انتقامي على عمل ابنه محمد سلطان، الذي يعيش في الولايات المتحدة، في مجال حقوق الإنسان. إذ سبق احتجاز أقارب آخرين له، وتهديدات مباشرة ومضايقات تعرض لها هو في الولايات المتحدة.
لقد بدأت السلطات المصرية مؤخرًا حملة علاقات عامة للتأكيد على تحسن أوضاع السجون في مصر، بينما تتعمد حرمان السجناء الذين يعانون من مشاكل صحية خطيرة من الرعاية الطبية الواجبة ، ما يؤدي في بعض الحالات للوفاة. ففي نوفمبر 2019، بعد الوفاة غير المتوقعة للرئيس السابق محمد مرسي في ظروف احتجاز بالغة السوء، كتب خبراء الأمم المتحدة أنه عن ظروف الاحتجاز في مصر أنه “قد يكون هناك آلاف المعتقلين الآخرين في مصر يعانون انتهاكات جسيمة لحقوقهم الإنسانية، والعديد منهم قد يكونوا عرضة لخطر الموت”.
في السنوات الأخيرة، استعانت الحكومة المصرية بجماعات الضغط للاستشهاد بتصريحات إشكالية لصلاح سلطان تعود إلى عقود مضت، لكن احتجازه ومحاكمته في مصر لا علاقة لهما بهذه التصريحات، وإنما بسبب انتمائه السياسي السلمي.
جدير بالذكر أن، الكونغرس الأمريكي قد تطرق اكثر من مرة لوضع صلاح سلطان، وسجناء آخرين، في بيانات تفسيرية لمشروعات قوانين المساعدات السنوية لمصر، باعتباره حالة يجب على وزير الخارجية الأمريكي أخذها بعين الاعتبار عند تحديد ما إذا كانت الحكومة المصرية قد حققت معايير حقوق الإنسان المطلوبة. كما حثت البيانات على ضمان “معاملة إنسانية ومحاكمات عادلة لـ [تلك الأسماء المذكورة] وغيرهم من السجناء في مصر.” وقد سبق وأدان جو بايدن، وقت كان مرشحًا رئاسيًا، نفي مصر لمحمد سلطان والتهديدات الموجهة لعائلته باعتبارها ووصفها بأنها “غير مقبولة”.
الحق في الحياة هو حق غير قابل للانتقاص – ولا يمكن تعليقه تحت أي ظرف من الظروف، بما في ذلك في أوقات الطوارئ أو الحروب – وهو حق للجميع، بمن في ذلك من هم قيد الاحتجاز. وبحسب لجنة حقوق الإنسان، المعنية بتفسير العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ الحق في الحياة “لا ينبغي تفسيره تفسيرًا محدودًا. وأن الحرمان منه ينطوي على “الضرر الذي ينهي الحياة أو الإصابة الذي يمكن توقعها ومنعها، والناجمة عن إهمال أو فعل متعمد.” وفي هذا السياق تمتد التزامات الدول بحماية الأرواح إلى “التهديدات المحتملة والظروف المهددة التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان الحياة.” فإذا توفي صلاح سلطان في السجن بسبب حرمانه المنهجي من الرعاية الصحية وسوء المعاملة المستمر، تتحمل السلطات المصرية المسئولية المباشرة عن حرمانه التعسفي من حقه في الحياة. ووفقًا للمقرّر الأممي الخاص المعنيّ بحالات القتل خارج نطاق القانون؛ فإن “انتهاكات الحق في الحياة لا تنبع فقط من فعل متعمد للحرمان من الحياة (القتل) من قبل الدولة … ولكن أيضًا من إهمالها توفير الشروط الأساسية والخدمات التي تضمن الحياة، مثل الحصول على الغذاء والمياه والخدمات الصحية والسكن.”
يجب على الولايات المتحدة أن تحث مصر على إطلاق سراح صلاح سلطان فورًا والبحث عن علاج عاجل لحالته الصحية.
تقول أليسون مكمانوس، المديرة الإدارية لمبادرة الحرية: “لقد أولت إدارة بايدن الأولوية للجهود الرامية إلى إعادة الأمريكيين المحتجزين ظلمًا في الخارج، ولكم تأخر طويلًا لم شمل صلاح سلطان مع عائلته في الولايات المتحدة.” وأضافت: “طالما بقي سلطان خلف القضبان، لن يشعر أفراد عائلته الأمريكية بالأمن والاطمئنان. لذا ينبغي على الولايات المتحدة ألا تدافع فحسب عن حقوق سلطان، بل أن تحمي حقوق عائلته أيضًا.”
المنظمات الموقعة:
- جمعية ACAT – فرنسا
- المركز الأفريقي للتنوع البيولوجي
- منظمة العفو الدولية
- جمعية الدفاع عن حقوق المزارعين، جورجيا (AFRD)
- جمعية الشباب المزارعين
- الجمعية البريطانية للدراسات الشرق أوسطية (BRISMES)
- CAFAGB
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS)
- سيتيزنز إنترناشونال
- CIVICUS
- كوميتي فور جستس (CFJ)
- منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN)
- المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب (DIGNITY)
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات (ECRF)
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان (EFHR)
- المنبر المصري لحقوق الإنسان (EHRF)
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (EIPR)
- إيجبت وايد لحقوق الإنسان
- مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
- Emgage
- الأورو-متوسطية للحقوق EuroMed
- بيت الحرية
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- مركز موارد هيدا
- هيومن رايتس فيرست
- هيومن رايتس ووتش
- الإنسانية للتنمية المستدامة
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- الشبكة الدولية للنساء الليبراليات (INLW)
- الخدمة الدولية لحقوق الإنسان (ISHR)
- منظمة مراقبة العمل النسائي الدولي لحقوق آسيا والمحيط الهادئ (IWRAW AP)
- جمعية دراسات الشرق الأوسط (ميسا MESA)
- معهد ماكين
- منّا لحقوق الإنسان
- الجمعية العمانية لحقوق الإنسان
- مؤسسة المجتمع المفتوح
- بيبُل إن نيد
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (POMED)
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
- الشبكة السورية لحقوق الإنسان
- معهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط
- مبادرة الحرية
- مؤسسة رافتو لحقوق الإنسان
- حقهم
- حملة حتى آخر سجين
- يونيدوسك، المكسيك
- اللجنة الأمريكية لإنهاء القمع في مصر
- نحن نسجل
- ينج شيبرز
- الدعاة الشباب للعمل البيئي – الفلبين
Share this Post