أبعاد جديدة لأزمات حقوق الإنسان في زمن الجائحة

قراءة موجزة في مؤشرات حقوق الإنسان في العالم العربي

التقرير السنوي 2020
قراءة التقرير
Image

رسائل عام 2020
للعالم العربي

تقديم للتقرير السنوي

بهي الدين حسن

أسباب انطلاق الربيع العربي منذ 10 سنوات ما زالت لم تلب، لذا تتواصل تفاعلاته في كافة أرجاء المنطقة، بما في ذلك الدولة الوحيدة التي انتقلت للتحول الديمقراطي؛ تونس. إلا أن هذه التفاعلات المتواصلة تتخذ أشكالاً تختلف من دولة لأخرى. ففي دول مثل مصر، يتعاظم القمع السياسي ويطفو على السطح الصراع على قيم المجتمع، بينما يسود الصراع المسلح في دول مثل اليمن وليبيا وسوريا والعراق، حيث يبرز الدور البطولي للمجتمع المدني بأشكال تنظيمه التقليدية والحديثة. أما في تونس والسودان ولبنان، حيث تتوافر حرية نسبية، تبدو خطوط المجابهة السياسية أكثر وضوحًا.

لم تطرح معظم الانتفاضات الشعبية الكبرى، على مدى نصف قرن قبل الربيع العربي، مسألة تغيير السلطة السياسية، بل كانت مجرد أعمال احتجاج على أوضاع وقرارات اقتصادية أو سياسية أو أمنية. وربما أدي يأس الشعوب من نهج أغلبية حكامها إزاء قضية الإصلاح، أن صار تغيير الحاكم و/أو نظام الحكم هو المسألة المركزية في الموجتين الأولي والثانية من الربيع العربي. إلا أن أغلبية الأحزاب والجماعات السياسية المطالبة بذلك لم تكن مهيأة لهذه اللحظة، بما في ذلك وضع خطة للإصلاح قبل الربيع العربي ثم بعده، ويُخشى أنها ليست مستعدة بعد.

وفي هذا السياق، يبدو أن ثمة حاجة ماسة لإعادة تعريف دور الأحزاب السياسية في العالم العربي، وتمييز دورها عن دور منظمات المجتمع المدني. فالأخيرة لا تطمح للحكم، لذا تكتفي بصياغة مطالب على الحكومات أو المعارضة (عندما تحكم) تنفيذها، بينما يقتصر دور المنظمات الحقوقية على مراقبة التنفيذ وتقييمه. أما الأحزاب السياسية - وخلافًا لدور منظمات المجتمع المدني - لا ينتهي دورها عند صياغة المطالب العامة حتى لو كانت صحيحة ويدعمها أغلبية المواطنين، ولا تنحصر جهودها في صياغة الشعارات الجيدة والبراقة الملهبة لخيال الناس والكفيلة بتحميسهم لدعمها والتظاهر والاحتجاج ضد عدم تبني الحكومات لها. كما لا تندرج الأحزاب السياسية أيضا ضمن الحركات المطلبية، إذ من المنطقي أن يكون على رأس جدول أعمال أحزاب المعارضة وضع خريطة طريق مفصلة ومدروسة جيدًا، وأن تحاول هذه الأحزاب اقناع الحكومات والرأي العام بالطريق البديل، كما يجدر بها تنفيذ ما تطالب به حال توليها الحكم. ومن ثم فربما على الأحزاب التي تُقصر دورها على المطالبة وفقط، أن تعيد هيكلة نفسها كجمعيات أهلية أو حركات اجتماعية.

هذا الانسداد في دور الأحزاب السياسية في العالم العربي لا يعد الاستبداد سببه الوحيد، فبعد 10 سنوات كاملة متاحة للنخب والأحزاب السياسية المعارضة علمانية وإسلامية في تونس، في مناخ هو الأكثر حرية في العالم العربي، عجزت الأحزاب والنخب عن الاضطلاع بوظائفها الأساسية، بما في ذلك وضع خطة اقتصادية واقعية تتبني المطالب الاجتماعية التي رفعتها الثورة، وتلبي مطالب المواطنين أمثال محمد بو عزيزي في الكرامة، والذي كان انتحاره حرقًا شرارة الثورة منذ 10 سنوات.

النظام الديموقراطي هو بلا شك أفضل نظام للحكم، لكنه ليس «وصفة سحرية» لمجابهة كل التحديات في كل مجالات الحياة والحكم. فالأمر يتطلب بلورة رؤية وخطة علمية مفصلة، يضع مسودتها خبراء مهنيون متخصصون لمجابهة التحديات الرئيسية في كل مجال على حدة.

جائحة كوفيد-19 أعادت تسليط الأضواء على هذه الحقيقة المزدوجة، سواء في الدول الديمقراطية ذات الاقتصاد القوي مثل الولايات المتحدة الأمريكية، أو في الدول التسلطية مثل أغلبية الدول العربية. إذ أيقظت الجائحة انتباه مئات الملايين في العالم العربي على حقيقة هشاشة النظم الصحية في بلادهم. ولما حاولوا، في بعض الدول العربية، انتقاد هذا الوضع البائس، لم يجدوا منبرًا مسموعًا قيمًا يخاطبوا من خلاله الحكومات والرأي العام دفاعًا عن الحق في الحياة، باستثناء وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ترتب على اللجوء إليها أن وجد بعضهم طريقه للسجن لأول مرة في حياته. ويندرج ضمن هؤلاء صحفيون، بل وأطباء في الخط الأمامي في مواجهة الجائحة.

بدون حد أدنى من الحقوق المدنية والسياسية في دول العالم الثالث، يصعب تصور إحراز أدنى تقدم في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، حتى في مواجهة أخطر جائحة تجتاح العالم منذ نحو قرن من الزمان. فالأمر يستلزم وجود برلمان منتخب بشكل حر يتمتع بسلطة مراقبة أولويات الانفاق العام، قادر على إجبار الحكومات على إعادة ترتيب الأولويات. كما يتطلب إعلام مستقل له صوت مسموع، ونقابات حرة قادرة على الدفاع عن حقوق الفئات الاجتماعية المستضعفة، ومؤسسات دولة ومؤسسات مجتمع مدني مستقلة قادرة على الكشف عن الفساد المؤسسي وفضحه وإخضاعه للمحاسبة. وبسبب غياب ذلك عن أغلبية الدول العربية، يتعرض للمطاردة والسجن حتى من حصروا مطالبهم في بعض الحقوق غير السياسية، بل بلغ الأمر بالحكام التسلطيين في بعض الدول العربية إلى التعامل مع الجائحة باعتبارها فرصة لتعزيز قبضتهم، أكثر منها خطرًا يهدد حياة الملايين من شعوبهم، ولعل مصر والجزائر وسوريا من أبرز الأمثلة.

خلال العام الماضي أدت جائحة كوفيد-19 لتأثيرات سلبية فادحة على الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن تتواصل هذه التأثيرات خلال العام الحالي، إذ تتوقع الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية أن تتفاقم هذه الآثار بصور أشد خلال عام 2021 في العالم العربي، وذلك لسببين رئيسيين؛ الانهيار الهائل في أسعار النفط، وسيادة أنماط من التنمية الاقتصادية الفاشلة لزمن طويل أدت إلى أعلى معدل للبطالة بين الشباب مقارنة بباقي مناطق العالم على مدار 25 عامًا، حيث أكثر من 80٪ ممن هم في سن العمل لا يعملون في وظائف مستقرة[1]. ونظرًا لأن المنطقة تتسم بفجوة مزمنة في الثقة بين حكامها وشعوبها هي أيضا الأكبر في العالم، فإن المؤسسات الدولية لا تستبعد اندلاع اضطرابات سياسية حادة[2].

فهل لدى أحزاب المعارضة العلمانية أو الإسلامية رؤي وسياسات بديلة مدروسة، ومشاريع شاملة بديلة لعلاج هذه الأزمة الكبيرة التي تلوح في الأفق؟ أم ستكتفي هذه الأحزاب بالالتحام بالجمهور الذي قد يخرج للشارع احتجاجًا على معاناته، واقتراح الشعارات الملهبة للاحتجاج؟

التصدر للقيادة له ثمن، حده الأدنى تقديم بدائل مدروسة وقابلة للتطبيق، وعدم الاقتصار على دغدغة أحلام المقهورين واليائسين. الأحزاب التي تستبدل مهمة بلورة رؤي ومشاريع شاملة بديلة، بصياغة شعارات رنانة عن الكرامة والعدالة الاجتماعية؛ هي هيئات مستقيلة من دورها ومسئولياتها بشكل غير معلن، سواء كانت تتعرض للقمع البوليسي (مصر مثالاً)، أو تتمتع بحرية كاملة (تونس مثالاً).

خلال العام الماضي والسنوات الـ 9 السابقة صارت حقوق الإنسان تدريجيًا حقيقة مركزية أكثر سطوعًا في كفاحات الشعوب والأقليات الأثنية والدينية في العالم العربي، وأكثر تغلغلاً في التفاعلات اليومية للمجتمعات، وأصبحت المنظمات المدافعة عنها محل تقدير أدبي أكبر من جانب جماعات المعارضة، وسبب قلق أكبر للحكومات التسلطية. إلا أن معظم الأحزاب والجماعات السياسية المعارضة والإصلاحية، العلمانية والإسلامية، تحتاج لمراجعة طبيعة دورها في القرن الـ 21 بشكل جاد، في سبيل التحول لأحزاب عصرية، وتطوير طرق عملها وخطابها السياسي، وعلاقاتها بأطراف المجتمع المدني، وخاصة المنظمات الحقوقية، وكذلك نظرتها للعالم ولكيفية إدارة علاقاتها مع المجتمع الدولي ومؤسساته.

مبادرات إعادة التقييم التي جرت في هذا الاتجاه محدودة للغاية، لا تتناسب مع حدث تاريخي بوزن الربيع العربي، ولا مع جسامة الثمن الإنساني المدفوع والذي ما زال يُدفع كل يوم. فأغلب هذه المبادرات ذات طابع فردي، أطلقها أكاديميون وكتاب وحقوقيون. فمن داخل الجماعات السياسية جاءت مبادرات إعادة التقييم من أفراد ولم تأت بشكل جماعي أو مؤسسي. ولعل أهمها؛ في سوريا، بعض ما ينشره موقع «الجمهورية» السوري على الانترنت، وما أشار له برهان غليون في كتابه «عطب الذات» المنشور منذ عامين انطلاقًا من واقع مسئوليته عن رئاسة أول ائتلاف للمعارضة السورية في سياق الربيع العربي. وفي مصر، ما بادر به عدد محدود للغاية من قيادات في حركة «6 أبريل» في مصر (جرت منذ نحو 6 سنوات ثم توقفت المبادرة)، بالإضافة إلى إرهاصات مهمة لمراجعات من أعضاء حاليين أو سابقين في جماعة الإخوان المسلمين، خارج الإطار المؤسسي للجماعة. كما جرت مراجعة برجماتية مهمة داخل حركة النهضة الإسلامية في تونس، لكنها لم تكتمل بعد، وتقاطعت مؤخرًا مع ما يبدو أنه صراع على السلطة داخل الحركة أو على خلافة قائدها راشد الغنوشي.

غير أن مبادرة تشكيل «تحالف الأمل» بقيادة زياد العليمي (أحد أبرز رموز انتفاضة يناير) في مصر، صيف 2019، كانت خطوة نوعية مهمة في الاتجاه الصحيح. إذ يمكن اعتبارها أول مبادرة سياسية في مصر ذات طابع مؤسسي تهيكل نفسها على أساس عملية إعادة تقييم غير معلنة، ولكن مع ذلك، يمكن استشفافها من طبيعة المبادرة وطريقة تجسيدها وتشكيلها وأهدافها. هذا ربما يفسر لماذا قمعها السيسي في مهدها.

هذه المبادرات الفكرية والسياسية المحدودة تعكس مدى إلحاح الحاجة لجهود جماعية لإعادة التقييم واستخلاص الدروس، ليس فقط بالنسبة للسنوات العشر الماضية، بل من أجل بلورة رؤي جديدة للمستقبل وخطط عمل واقعية وطرق للعمل تناسب القرن الـ 21. هذه المراجعات قد لا تقتصر فائدتها على جماعة سياسية بعينها، بل ربما تنعكس أيضا على عملية صياغة مستقبل هذه المنطقة أو بعض دولها على الأقل.

لماذا نهتم كحقوقيين بذلك الشأن الذي يبدو سياسيًا ونحث عليه دائما؟ لأننا كحقوقيين لا نملك إلا المناشدة وتعبئة الضغوط من أجل نبذ معايير القرون الوسطي لحقوق الإنسان. أما السياسيون فهم يملكون الأدوات اللازمة لتحريك الدول نحو القرن الحالي، أو إبقائها في ظلام القرون الوسطي فترة أطول.

نداء الربيع العربي لم يكن مجرد هتاف بإسقاط هذا الرئيس أو ذاك، أو دعوة للإصلاح، أو مجرد دعوة لتنظيم انتخابات غير مزورة. وإنما هو بمثابة إشارة البدء لعملية تاريخية بعيدة المدي تتطلع من خلالها شعوب المنطقة للعيش وفقًا للزمن الفعلي، ودفن زمن وقيم ونظم حكم القرون الوسطي، ووضع عقد اجتماعي جديد يرث العقد الاجتماعي المتهالك المتوارث منذ مرحلة التحرر الوطني قبل أكثر من نصف قرن.

هذه بالطبع عملية سياسية تاريخية لها شق فكري مهم. لهذا يحتاج العالم العربي ثورة ثقافية أيضًا. لكن الانهيار المتواصل لنظم التعليم في معظم دول المنطقة على مدار أكثر من نصف قرن، لم يساعد على تنشئة عدد مناسب من المفكرين يعتد بهم. الأمر الذي جعل شعوب العالم العربي ما زالت تقتات على أعمال مفكري المنطقة الذين تلقوا تعليمهم في النصف الأول من القرن العشرين.

قد يشكل عام 2021 محطة مهمة أخري في كفاح الشعوب في العالم العربي من أجل تقرير مصيرها السياسي، وبالتالي مصيرها الاقتصادي والصحي والتعليمي، ليس في مواجهة احتلال أجنبي، ولكن في مواجهة نظم حكم ارتكبت جرائم بحق مئات الملايين من شعوبها، قد يشعر بعض المستعمرين السابقين بالخجل حيالها. ولا شك أن أحد المتغيرات المهمة هو رحيل إدارة دونالد ترامب في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قدمت دعمًا سياسيًا غير محدود لبعض النظم التسلطية وللمحور السعودي الإماراتي المضاد للربيع العربي. لكن الاستفادة المثلى من هذا التطور، تتوقف أيضا على مدى إدراك النخب السياسية والثقافية لدروس الماضي القريب، ولمسئولياتها التاريخية في هذه اللحظة.

ورغم أن النشاط الإرهابي يشكل خطرًا حقيقيًا في العالم العربي، إلا أنه من الضروري التحرر من هيمنة خطاب «مكافحة الإرهاب» على خطاب بعض الأحزاب والجماعات السياسية والمنظمات الحقوقية. ليس فقط لأن النشاط الإرهابي يتراجع عما كان عليه منذ 5 سنوات، ولكن لأن هيمنة هذا الخطاب تمنح، بشكل غير مباشر، مشروعية سياسية وأخلاقية للمشروع التسلطي لحكومات وميلشيات وسياسات لعبت الدور الرئيسي في تنمية النشاط الارهابي في العالم العربي، وفي الاستثمار فيه كغطاء «مشروع» لتفشي أعمال القمع والفساد في عدة دول، بأشكال مباشرة وغير مباشرة، وخاصة سوريا والعراق ومصر والجزائر.

حتي في فلسطين، حيث الاحتلال الأجنبي الوحيد الباقي في العالم، يصعب تصور إمكانية إنجاز التحرر من الاحتلال على أيدي حكام يستلهمون منذ اتفاقية أوسلو وعلي مدار نحو ربع قرن أنماط الحكم التسلطي[3] في الدول العربية. فبدلاً من سهر هؤلاء الحكام على تمكين الشعب الفلسطيني وتعزيز قدراته الذاتية، يتعمدوا قمعه كل يوم في بانتوستانات الضفة الغربية وغزة، سواء بتكريس سلطويتهم[4] أو لحماية أمن الاحتلال الإسرائيلي[5] الذي تحور لنظام للفصل العنصري.

ويضاعف من قسوة التحديات المصيرية أمام الشعب الفلسطيني، أن الشروط المادية لتطبيق «حل الدولتين» تآكلت فعليًا تحت أقدام التوسع الاستيطاني السرطاني، بينما لا تقبل إسرائيل بقيام دولة ثنائية القومية، وخاصة في ظل أغلبية ديموغرافية فلسطينية. الأمر الذي قد يفتح الباب أمام احتمالات لعملية تطهير عرقي بطريقة أو بأخرى. ومن ناحية أخري، يبدو الدعم العربي الشعبي (ليس فقط الحكومي) للقضية الفلسطينية في أوهن حالاته منذ 70 عامًا.

ربيع فلسطيني سلمي ليس مستبعدًا، لكنه على الأرجح سيمر عبر اضطلاع قسم مؤثر من النخبة السياسية الفلسطينية بمراجعة نقدية مؤلمة لمواقف رئيسية، قد لا تبدأ بمساندة احتلال العراق للكويت منذ ثلاثة عقود، ولا تنتهي بالموقف السلبي من الربيع العربي، وتمجيد سفاحين سياسيين وأبرز رموز الاستبداد في العالم العربي، مثل صدام حسين وبشار الأسد وقاسم سليماني وغيرهم.

لقد سبق وأشار الكاتب في تقديمه لتقرير سنوي سابق لمركز القاهرة؛ أن ثمة مسئولية سياسية تقع على عاتق المجتمع المدني في العالم العربي (بما في ذلك فلسطين). ولعل الخلل الفادح في أداء النخب السياسية التقليدية السالف الإشارة له في هذا التقديم يضاعف من وزن هذه المسئولية السياسية. هذا ليس دورًا جديدًا للمجتمع المدني، فقد كان دائمًا هو قاطرة تحولات مهمة قبل وأثناء الربيع العربي بموجتيه الأولى والثانية، وليس الأحزاب السياسية التقليدية. بل كان المجتمع المدني أداة لتجديد دماء هذه الأحزاب بأجيال جديدة وأفكار جديدة عابرة للأيديولوجيات. اليوم، هناك فراغ هائل لا يبحث عن انتفاضات جديدة، بل يحتاج مبادرات نوعية جديدة أبنة زمانها، تختلف طبيعتها بالتأكيد من دولة عربية لأخري، وقد يكون المجتمع المدني هو المرشح أكثر من أي طرف آخر للاضطلاع بذلك.

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

أبعاد جديدة لأزمات حقوق الإنسان في زمن الجائحة

قراءة موجزة في مؤشرات حقوق الإنسان في العالم العربي[6]

فاقم تفشي جائحة كوفيد-19من تدهور أوضاع حقوق الإنسان، بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والأوضاع الإنسانية المتردية بالفعل في العالم العربي منذ سنوات. وقد كشفت الجائحة عن الاختلالات الهيكلية في كفاءة المؤسسات والمرافق العمومية خاصة في القطاع الصحي في كثير من البلدان العربية، وغياب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين المواطنين. كما كشفت الجائحة عن مدى ضعف وهشاشة غطاء الأمان الاجتماعي والاقتصادي الذي توفره الدولة لمواطنيها، وضاعفت من الضغوط والمخاطر على الفئات الأضعف في المجتمعات العربية بما في ذلك؛ النساء والأقليات، والعمالة الأجنبية، والمهاجرين غير النظاميين وملايين من اللاجئين والنازحين، ونحو 55 مليون شخصًا يعيشون على المساعدات الإنسانية.[7] وفي سياق الجائحة وتداعيتها تصاعدت أرقام الهجرة غير النظامية من جنوب المتوسط، حتى بلغت حسب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في يوليو أكثر من 11800شخصًا، بزيادة ثلاث مرات عن بيانات عام 2019 .[8]

لقد أدى نقص الإنفاق العام على الصحة منذ سنوات في المنطقة العربية إلى ترهل هذا القطاع، وإضعاف قدراته على الاستجابة للاحتياجات الصحية للمواطنين، فضلًا عن التفاوت الصارخ في تقديم الخدمات الصحية بين مختلف المدن والمناطق في الدولة الواحدة. وتضم المنطقة العربية ثماني دول يصنفهم البنك الدولي باعتبارهم من الدول «الهشة والمتأثرة بالصراعات» وهم؛ العراق، لبنان، فلسطين، ليبيا، اليمن، السودان، سوريا، والصومال، والتي يعيش فيها نحو 56% ممن يعانون الفقر في المنطقة العربية.[9] وقد ألقت الجائحة الضوء على الأثار الإنسانية الكارثية لاستمرار الصراعات في هذه البلدان في تخريب القطاعات الصحية، وتقويض المرافق العمومية. فلم تكن كثير من هذه البلدان في المنطقة مستعدة أو تملك الموارد والمعدات والكوادر الطبية لمجابهة الجائحة.[10]

عشرة أعوام مضت على اندلاع ثورات وانتفاضات الربيع العربي، والتي شكلت أحداثها المسارات والأزمات العميقة التي تعيشها الحالة السياسية والحقوقية في العالم العربي حتى اليوم. كما مثلت انتهاكات حقوق الإنسان، ولا تزال، في مرحلة تعثر وانحسار ثورات الربيع العربي، مكونًا رئيسيًا لاستمرار واستقرار منظومات الحكم والمستفيدين منها، وتصفية أي بدائل ممكنة لها. وتتمثل أبرز هذه الأنماط في شيوع الاعتقالات التعسفية، القتل خارج نطاق القانون، الإخفاء القسري، التعذيب، واعتقال الخصوم في ظروف قاسية وغير إنسانية. بالإضافة إلى المحاكمات ذات الطبيعة السياسية، والتضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان، والمعارضة السياسية السلمية، وحصار مؤسسات المجتمع المدني والإعلام ومنابر التعبير على الإنترنت. وتبقى كثير من انتهاكات وجرائم حقوق الإنسان الجسيمة في المنطقة من قتل وتشريد للمدنيين نتيجة مباشرة لصراعات مسلحة طويلة وممتدة، تراكمت مسبباتها الداخلية على مدار عقود كما هو الحال في اليمن وليبيا وسوريا، حيث تتواصل المعاناة الإنسانية لملايين من البشر.

كشفت مسارات هذه الصراعات عن تأثير القوى الإقليمية والدولية، وآثر التفاهمات أو الانقسامات فيما بينها على مسارات وتحولات هذه الصراعات، وعلى حدة تكلفتها الإنسانية. ففي ليبيا انتهى العام بتجدد بعض الآمال في إمكانية تحقيق تسوية مستقبلية قريبة بين الأطراف المتحاربة، في ضوء التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، ومواصلة الحوار حول ترتيبات الحل السياسي. بينا تستمر بؤر الصراع في اليمن بأطرافها الإقليمين والدوليين. وفي سوريا، نجح نظام بشار الأسد، المدعوم عسكريًا وسياسيًا من حلفائه في إيران وروسيا، وبعد تحميل الشعب السوري تكلفة إنسانية باهظة، في فرض أجندته السياسية محليًا ودوليًا.

يشير تجدد الاحتجاجات الشعبية الواسعة والمستمرة خلال العامين الأخيرين في عدد من البلدان العربية مثل؛ الجزائر والسودان والعراق ولبنان، وبشكل محدود في ليبيا ومصر، لتجدد استلهام قيم الربيع العربي واستمرار رفع مطالب العدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي الجذري ومحاربة الفساد، وذلك في ظل استمرار وتفاقم المسببات والاختلالات الاجتماعية والسياسية التي أدت لانفجار الموجة الأولى للربيع العربي. الموجة الجديدة من الاحتجاجات تحظى بمشاركة قطاعات واسعة من المجتمعات العربية خاصةً الشباب، الذين عانوا بشكل أكبر من قمع موجات الثورات المضادة، كما يشارك فيها أيضًا الفئات الأكثر فقرًا وتهميشًا من السكان خارج عواصم المدن الكبرى.

ويبدو أن تأثير الجائحة في إبطاء هذا الحراك الشعبي تأثير قصير المدى، فقد استمرت التعبئة والاحتجاجات في توقيتات ومناسبات عدة خلال العام ومطلع العام الجديد في سياق اجتماعي واقتصادي صعب، يفرضه انتشار الجائحة. كما اتضح الخلل الحاد في إدارة الحكومات للشأن العام، والموارد العامة.[11] فبحسب بيانات الأمم المتحدة لشهر يوليو تسببت الجائحة في انكماش الاقتصاديات العربية لأول مرة منذ خمسين عامًا بنسب تتراوح بين 5.7٪ و 13٪ في الدول التي تشهد نزاعات مسلحة، وسقط ربع سكان المنطقة في الفقر، كما فقد أكثر من 17 مليون شخصًا وظائفهم. بالإضافة إلى التراجع الحاد في أسعار البترول في النصف الأول من عام 2020 بما له من تداعيات على الاقتصاديات المصدرة للطاقة في منطقة الخليج والعراق والجزائر، أو المتلقية للمساعدات وتحويلات العمالة من البلدان الغنية بالنفط.[12]

في هذا السياق تواصلت الاحتجاجات في العراق وإقليم كردستان وسط تصاعد جرائم القتل والاغتيالات لصفوف المحتجين والنشطاء بواسطة جماعات مسلحة، وفي غياب السلطة المركزية العاجزة عن المواجهة. وفي لبنان عادت الاحتجاجات بشكل واسع أعقاب الانفجار الدامي الذي شهده مرفأ بيروت في 4 أغسطس. كما شهدت مصر في سبتمبر موجة من الاحتجاجات القصيرة المتفرقة تحت شعار المطالب الاجتماعية في المناطق الأكثر فقرًا وتهميشًا. وشهدت الأردن تجدد احتجاجات المعلمين للمطالبة بزيادة الرواتب وتحسين الأوضاع المعيشية، بعد تراجع الحكومة عن اتفاقاتها مع نقابة المعلمين في سبتمبر 2019 بسبب التداعيات الاقتصادية لانتشار الجائحة.[13]

كما انطلقت سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية في السودان مطالبة باستكمال أهداف الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس عمر البشير عام 2019 وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين. فرغم تحقق بعض الإصلاحات السياسية والحقوقية النوعية التي تبنتها السلطات الانتقالية في السودان خلال العام الأخير، إلا أنه لا زال هناك تخوفات متعددة على مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد. وفي تونس، ورغم نجاح المؤسسات الديمقراطية في الاستمرار على مدار عشر سنوات منذ الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، إلا أن انخفاض مستوى الرضا العام عن أداء الحكومات المتعاقبة في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، واستكمال الإصلاحات المؤسسية كان مصدرًا لتجدد عدة احتجاجات اجتماعية، قابلتها السلطة بالتضييق الأمني والتجاهل لمطالبها.

على صعيد أخر، كان لصعود حركة «أرواح السود مهمة» في الولايات المتحدة الأمريكية، وانتشارها في عدد أخر من البلدان الغربية أصداءً في المنطقة العربية، التي تعرف كثير من مجتمعاتها صورًا عميقة للتمييز المنهجي والمؤسسي ضد مجموعات من مواطنيها أو ضد العمالة الأجنبية والمهاجرين واللاجئين على أساس العرق واللون. فأثارت هذه الحملات بشكل خاص بعض النقاشات العامة في لبنان وتونس ودول مجلس التعاون الخليجي ومصر.[14]

اختتم العام بانتخاب إدارة ديمقراطية أمريكية جديدة مثلت أمالًا لتجاوز سياسات دونالد ترامب التي ساهمت في تكريس مناخًا عالميًا معاديًا لحقوق الإنسان. فعلى مدى أربع سنوات مثّل الرئيس ترامب صمام الأمان لحلفاء الولايات المتحدة من المستبدين في المنطقة العربية، وعلى رأسهم عبد الفتاح السيسي في مصر. وقد تعهد الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن في مناسبات عدة أن تشكل أجندة مقاومة السلطوية والدفاع عن حقوق الإنسان داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية أولويات عودة أمريكا للقيادة الدولية، كما تعهد بتبني أجندة لمقاومة السلطوية والدفاع عن حقوق الإنسان على المستوى الدولي، وفي أروقة الأمم المتحدة.

استثمار الجائحة لتمرير إجراءات قمعية

سعت كثير من الحكومات العربية للتغطية على انعدام الشفافية في البيانات الخاصة بتفشي الوباء، أو تقييد حق المواطنين في تقييم مدى نجاعة الإجراءات الرسمية المتخذة لمواجهة الوباء، عبر تعزيز الإجراءات الأمنية والملاحقات القضائية للنشطاء والمدونين في المغرب وتونس ومصر والعراق والجزائر وبلدان مجلس التعاون الخليجي. وقد تجاوزت هذه التدابير ما يمكن فرضه في الظروف الاستثنائية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

ففي مارس نشرت كلًا من الكويت وعمان والسعودية والإمارات إنذارًا يتوعد أي شخص ينشر بيانات أو معلومات مضللة أو شائعات بالملاحقة القضائية.[15]وفي مصر أقدمت السلطات خلال منتصف العام على اعتقال عددًا من الأطباء والعاملين في القطاع الصحي على خلفية انتقادهم لأداء الحكومة في التعامل مع الوباء، والشكوى من نقص المعدات الطبية، وتواجدهم في ظروف غير آمنة. وقد تم اتهام معظمهم «بنشر بيانات وأخبار كاذبة» و«سوء استغلال وسائل التواصل الاجتماعي» و «الانتماء لجماعة إرهابية».[16] وخلال حالة الطوارئ في الأردن، أصدرت الحكومة في أبريل مرسوم ينص على عقوبة تصل للسجن ثلاث سنوات و/أو الغرامة المالية على تداول أي أخبار عن الوباء تثير الهلع والترويع بين الناس في وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي. وتم اعتقال عدة أشخاص بينهم إعلاميين وبرلماني سابق بموجب المرسوم.[17]

وبشكل عام مثّل سياق الجائحة فرصة لمعظم حكومات المنطقة لتمرير سياسات وإجراءات معادية للحقوق والحريات،[18] فعلى سبيل المثال تبنت السلطات الجزائرية تعديلات لقانون العقوبات في يونيه تستهدف تقييد عمل منظمات حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين. كما جرت محاولات في المغرب وتونس لتبني تشريعات معادية للحريات، لكن مقاومة المجتمع المدني في البلدين تمكنت من إفشالها. وفي مصر أجري تعديل واسع في أبريل على قانون الطوارئ لتعزير صلاحيات رئيس الجمهورية والقوات المسلحة. وفي ليبيا تبنت فروع مفوضية المجتمع المدني في أكتوبر إجراءات مشددة لعمل وتسجيل المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية.

وقد فرضت الجائحة تحديات على مسار الحركات الاحتجاجية التي اندلعت منذ فبراير 2019 في كلًا من العراق ولبنان والجزائر، واعتبرها بعض المحللين موجة ثانية لانتفاضات الربيع العربي. فعلى سبيل المثال علّق المحتجون في الجزائر في منتصف مارس احتجاجاتهم الأسبوعية بشكل مؤقت لاعتبارات السلامة الصحية، كما فرضت الحكومة حظرًا على الأنشطة والتجمعات العامة، والتنقل والتجول. لكن في الوقت نفسه استغلت السلطات الجزائرية فترة تفشي الجائحة وتوسعت في اعتقال ومحاكمة أعضاء وقيادات الحراك. وقد أدان البرلمان الأوروبي حملات الاعتقالات والمحاكمات في قرار صدر في نوفمبر. وفي ليبيا، فرضت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج حظرًا كاملًا للتجول لمدة أربعة أيام في نهاية أغسطس تحت مبرر مواجهة الوباء وذلك بالتزامن مع إعلان حركات شبابية عن تسيير احتجاجات اجتماعية منددة بتفاقم الفساد وتدهور الظروف المعيشية. بينما استغلت السلطات الأردنية سياق مواجهة الجائحة للتنكيل باحتجاجات اجتماعية جديدة للمعلمين في يوليو وأغسطس باستخدام القوة لتفريق المظاهرات، واعتقال قيادات الاحتجاجات، ونقابيين ووقف نقابة المعلمين عن العمل وإغلاق مقراتها لمدة سنتين.[19]

أوضاع السجون والسجناء وتفشي الوباء

مع تفشي الجائحة تصاعدت المخاوف بشأن أوضاع السجون والسجناء، في ظل المعروف عن السجون والمعتقلات في الدول العربية، بما فيها سجون سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من تكدس وأوضاع غير إنسانية. ولم تثن الجائحة السلطات الحاكمة في معظم البلدان العربية عن مواصلة اعتقال وحبس مواطنيها في ظروف إنسانية قاسية، على خلفية قضايا سياسية أو قضايا رأي، رغم النداءات العالمية الإنسانية الصادرة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان[20] وغيرها من الوكالات الإنسانية بضرورة الإفراج عن السجناء والمعتقلين خاصة معتقلي الرأي والسجناء السياسيين وكل من تم احتجازه دون سند قانوني كاف؛ لتخفيف الازدحام، وتأمين السلامة الصحية للمحتجزين. كما لم تصدر السلطات بيانات دقيقة للرأي العام، ولأهالي المحتجزين بخصوص تفشي الجائحة في السجون أو الإجراءات التي تتخذها إدارات السجون وأماكن الاحتجاز لحماية المحتجزين في ظل تقارير تفيد بتفشي الوباء في بعض السجون العربية، وانتقال العدوى في أحيانٍ كثيرة عن طريق العاملين في السجون.

ففي مصر تعرض بعض المعتقلين السياسيين، بينهم صحفيين ومفكرين بارزين ومدافعين عن حقوق الإنسان، لتدهور أوضاعهم الصحية أو الوفاة نتيجة سوء أوضاع السجون، أو الحرمان من الرعاية الطبية بشكل عام. وجدد بعض المعتقلين خلال العام، في مصر والبحرين والإمارات والسعودية ولبنان والجزائر وإقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه، خوض إضرابات الجوع للضغط على السلطات لتحسين أوضاعهم. وتضاعفت المخاطر والمعاناة في سجون ومعتقلات الدول التي تشهد نزاعات مسلحة داخلية، مثل اليمن وليبيا وسوريا والعراق، في غياب أي شكل للرقابة أو التواصل مع المحتجزين، والذين تعرض بعضهم لإخفاء قسري طويل أو اعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. ومن المثير للأسف أنه حينما أقدمت بعض السلطات، كما جرى في البحرين والإمارات ومصر والجزائر، على العفو عن السجناء أو الإفراج عن بعض المعتقلين تم استبعاد النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والإعلاميين من نطاق هذه القرارات.[21]

استهداف الحقوق الرقمية وحرية التعبير على الإنترنت

مثّل تغليظ الرقابة على الإنترنت، وانتهاك الخصوصية الرقمية في سياق إجراءات مواجهة الجائحة الملمح الأبرز خلال عام 2020؛ إذ تقدمت السلطات الحاكمة في كلًا من المغرب والعراق بمشروعات قوانين حول الجريمة الإليكترونية اتسمت موادها بفرض قيود واسعة على حرية الرأي والتعبير على الإنترنت، وتغليظ الرقابة على المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي. وفي لبنان نشط مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية التابع لقوى الأمن الداخلي بشكل بارز في استدعاء المدونين والصحفيين والنشطاء ومواطنين عاديين، والتحقيق معهم واعتقال بعضهم وتحويلهم للمحاكمة؛ على خلفية تعليقاتهم وتدويناتهم النقدية، أو الحديث عن فساد السياسيين ومسئولي الدولة على الإنترنت. وقد أرغمت السلطات اللبنانية بعض المدونين والنشطاء على التوقيع على تعهدات بالتوقف عن أنشطتهم الإلكترونية في مقابل إخلاء سبيلهم. كما تعرض نحو 140 ناشطًا للتحقيق في الفترة بين 2015 و2020، وهي الفترة التي بدأت فيها موجة الاحتجاجات الاجتماعية ضد الفساد وسوء استخدام السلطة.[22]

وفي سلطنة عمان، أصدر السلطان هيثم بن طارق مرسومًا في يونيه لتأسيس مركز الدفاع السيبراني «لمكافحة الأنشطة التي تمس أمن واستقرار السلطنة». وقد منح المرسوم الأمن الداخلي والمركز صلاحيات واسعة للرقابة على مستخدمي الإنترنت، وأجهزة الهواتف والحاسبات في بلد معروف بالملاحقات الأمنية والقضائية للمدونين والحقوقيين منذ سنوات بسبب نشر تعليقاتهم على الإنترنت.[23] كما شددت كلًا من؛ الكويت والبحرين وعمان والإمارات والسعودية والأردن ومصر والجزائر، منذ مارس 2020 من الرقابة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع تهديدات أطلقتها السلطات ضد نشر أي بيانات غير دقيقة حول الجائحة. وقد أسفرت هذه الإجراءات عن عشرات التحقيقات والملاحقات القضائية ضد مدونين ومواطنين ومواقع إخبارية، خاصةً في البحرين والكويت وعمان.[24] وبالمثل، حجبت السلطات الأردنية خدمة بث الفيديوهات على موقع فيس بوك خلال احتجاجات المعلمين نهاية يوليو.[25] وتواصل السلطات المصرية استخدام قانون الجرائم الإليكترونية لاعتقال ومحاكمة النشطاء والمدونين والحقوقيين، مع تصاعد التعقب الأمني والقضائي تحت ذريعة حماية الأخلاق والآداب العامة أو حماية «قيم الأسرة المصرية» لمدونين ويوتيوبرز خاصةً من النساء.[26] وقد وصل عدد المواقع الإليكترونية التي حجبتها السلطات المصرية منذ مايو 2017 نحو 600 موقعًا بينها مواقع إعلامية، ومواقع حقوقية وثقافية، كما منحا قانوني تنظيم الصحافة والإعلام، ومكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادران عام 2018 الغطاء القانوني للتوسع في الرقابة على الإنترنت.[27]

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

مصر

تستمر السلطات المصرية في ارتكاب أنماط متعددة وخطيرة من انتهاكات حقوق الإنسان، مخلفةً خريطة متنوعة من الضحايا بين الفئات المختلفة للمجتمع المصري. ولكن يعكس استمرار نشر المعلومات الموثقة حول هذه الانتهاكات رغم أشكال الحصار الأمني والضغوط التي تتعرض لها الحركة الحقوقية والإعلام المستقل مدى قدرة المدافعين عن حقوق الإنسان على المقاومة والتأقلم من أجل استمرار توعية الرأي العام المحلي والدولي بحجم وأبعاد أزمة حقوق الإنسان في البلاد. في المقابل، تعكس موجات الاعتقال المستمرة التي شنتها السلطات المصرية بشكل متكرر خلال العام؛ مستهدفةً نشطاء سياسيين وحقوقيين وإعلامين ومتظاهرين سلميين وأكاديميين، استمرار صور المقاومة وعدم الرضا عن سياسات النظام الحاكم، لا سيما في مجال احترام حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

مثّل الإطار التشريعي لمكافحة الإرهاب الأساس القانوني الذي استخدمته السلطات المصرية بشكل منهجي في تبرير اعتقال واتهام ومحاكمة المعارضين والنشطاء وأصحاب الرأي. وقد تم إضافة تعديلات على قوانين مكافحة الإرهاب خلال هذا العام وتعديل قانون الطوارئ؛ لتوسيع صلاحيات السلطة التنفيذية والقوات المسلحة خلال سريان حالة الطوارئ، المفروضة على مدار هذا العام. كما مثلت الأوضاع غير الإنسانية وسوء المعاملة وممارسات التعذيب في أماكن الاحتجاز والسجون أحد بواعث القلق الرئيسية بشأن الحالة الحقوقية في مصر، الأمر الذي دفع عدد من المنظمات الحقوقية المصرية لمطالبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتفقد أوضاع السجون في ظل غياب آليات وطنية فعالة وشفافة لحماية حقوق المحتجزين والسجناء.[28]

تعددت حالات وفاة السجناء في ملابسات غامضة وسط شكوك بارتباط وفاتهم بالظروف المزرية لاحتجازهم، أو نتيجة لمعاقبتهم بالحرمان من تلقي العلاج والرعاية الصحية. ففي يناير 2020 توفي بسجن ليمان طره السجين المصري الأمريكي مصطفي قاسم، والذي كان يقضي حكمًا بالسجن 15 عام في القضية المعروفة إعلاميًا بفض رابعة. وكان قاسم يعاني من مرض السكر وتدهورت حالته الصحية عقب دخوله في إضراب عن الطعام احتجاجًا على ظروف سجنه. وفي مايو 2020 توفي المخرج الشاب شادي حبش، الذي كان قيد الحبس الاحتياطي منذ مارس 2018، بزعم تناوله خطأ لكحول يستعمل في التنظيف، بحسب بيان غامض من النائب العام المصري، مع تردد تقارير وشهادات تفيد بتباطؤ سلطات السجن في إنقاذه.[29] كما توفي كلا من الصحفي محمد منير، والمفكر الليبرالي وناشط السلام أمين المهدي، في يوليو وأكتوبر على التوالي، بسبب تدهور حالتهم الصحية بعد أيام من الإفراج عنهما.

وقد لجأ بعض السجناء والسجينات خلال عام 2020 لخوض إضرابات عن الطعام داخل السجون لمواجهة تدني الأوضاع في السجون، أو غضبًا لوفاة زملاء لهم/لهن نتيجة الإهمال الصحي وسوء الرعاية.[30] وفي هذا السياق لجأ المدون والمدافع عن حقوق الإنسان علاء عبد الفتاح، والمعتقل بدون محاكمة منذ 27 سبتمبر 2019، للإضراب عن الطعام في أبريل احتجاجًا على استمرار حبسه ومنعه من التواصل مع أسرته، والتي بدورها وصفت ظروف حبسه «بأنها الأسوأ على الإطلاق مقارنة باعتقالاته السابقة منذ عام 2006».[31] كما أن معظم المعارضين والنشطاء والإعلاميين ظلوا قيد الحبس الاحتياطي لمدد طويلة دون محاكمة، وفي كثير من الأحيان يتم اعتقالهم مجددًا على ذمة قضايا جديدة لضمان استمرار حبسهم، فور صدور قرارات إخلاء سبيلهم، في ظاهرة عُرفت باسم «إعادة التدوير في قضايا جديدة». فعلى سبيل المثال قررت نيابة أمن الدولة العليا في يناير تجديد حبس محمد القصاص نائب رئيس حزب مصر القوية 15 يومًا على ذمة قضية جديدة، مباشرة بعد صدور قرار بإخلاء سبيله عقب قرابة عامين من الحبس الاحتياطي الانفرادي. واستندت القضية الجديدة إلى «تحريات الأمن الوطني» دون أية قرائن أو أدلة منطقية.[32]

وكانت السلطات قد تجاهلت مطالب المنظمات الحقوقية المصرية والدولية بضرورة الإفراج الفوري عن سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين، وتخفيف تكدس السجون وأماكن الاحتجاز في سياق المخاطر التي تفرضها جائحة كوفيد-19. إذ عمدت السلطات خلال فترات تفشي الجائحة إلى تكميم أفواه المنتقدين لسياسات الدولة في التعامل مع الوباء، حتى أن الأطباء لم يسلموا من سياسة الاعتقال وتلفيق الاتهامات. [33]

توسعت السلطات المصرية أيضًا منذ منتصف عام 2019 في اعتقال والقبض على العديد من الشخصيات البارزة في العمل السياسي والإعلامي والحقوقي، واتهامهم بشكل جماعي في قضايا يغلب عليها الغموض وترتبط بشكل مباشر بنشاط سياسي أو حقوقي أو إعلامي سلمي. فاستمر حبس عدد من الصحفيين والحقوقيين والسياسيين من بينهم الصحفية إسراء عبد الفتاح، والصحفية سولافة مجدي، حسام الصياد، خالد داود، والباحث الحقوقي إبراهيم عز الدين، الدكتور حازم حسني والمحامية ماهينور المصري، المحامي عمرو إمام في القضية 488 لسنة 2019 على خلفية اتهامات أصبحت تستخدم بشكل متكرر مثل «مشاركة جماعة إرهابية» و «نشر أخبار كاذبة»، و«سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي».[34] وكانت محكمة الجنايات بالقاهرة قد قررت في 27 ديسمبر إخلاء سبيل إبراهيم عز الدين على ذمة القضية إلا أنه تم تجديد حبسه في يناير 2021 بعد ضمه للقضية رقم 1018 لعام 2020 بتهمة «الانضمام لجماعة إرهابية»، اعتمادًا على تحريات الأمن الوطني، ودون السماح لمحاميه بالاطلاع على أوراق القضية.

على صعيد أخر، يستمر منذ يونيه 2019 اعتقال عدد من النشطاء السياسيين من بينهم المحامي زياد العليمي، والصحفي حسام مؤنس والناشط الفلسطيني المصري رامي شعث في القضية 930 لسنة 2019 والمعروفة إعلاميًا بقضية «خلية الأمل»، حيث وجهت لهم اتهامات «بمشاركة جماعة الإخوان المسلمين في تحقيق أغراضها» و«نشر وبث أخبار كاذبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بغرض إثارة الفتن وقلب نظام الحكم». وفي أبريل تم وضع بعض المتهمين فب القصية، من بينهم زياد العليمي ورامي شعث، على قوائم الإرهاب لمدة خمس سنوات. وكان العليمي قد حُكم عليه بالحبس في 10 مارس لمدة عام وغرامة 20 ألف جنيه في قضية أخرى بتهمة «إهانة رئيس الجمهورية» تستند إلى تصريحات قالها أثناء مقابلة تليفزيونية مع قناة بي بي سي البريطانية عام 2017.[35] كما يستمر أيضًا حبس المحامي الحقوقي محمد الباقر بعد أن تم القبض عليه من مقر نيابة أمن الدولة في سبتمبر 2019 أثناء ممارسته عمله كمحامي حاضر للدافع عن الناشط علاء عبد الفتاح، ليتم ضمه للقضية ذاتها واتهامهما «بالانتماء لجماعة إرهابية» و«نشر أخبار كاذبة». وفي نوفمبر أدرجت محكمة جنايات القاهرة محمد الباقر وعلاء عبد الفتاح على قائمة الإرهاب بالإضافة لآخرين بينهم المرشح الرئاسي السابق ورئيس حزب مصر القوية الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ونائبه محمد القصاص. ويترتب على هذا الإدراج التحفظ على الأموال، والمنع من السفر، والفصل من العمل للموظفين الحكوميين وإسقاط العضوية في النقابات المهنية.[36]

أسفرت الاحتجاجات الاجتماعية المحدودة التي اندلعت في سبتمبر في عدد من المحافظات، وتركزت في مناطق متفرقة تُصنف من الأكثر تهميشًا وفقرًا،[37] عن اعتقال أكثر من 1000 شخصًا على خلفية هذه الاحتجاجات من بينهم 69 طفلًا أفرجت عنهم النيابة في مرحلة لاحقة. وقد شهدت هذه الموجة من الاحتجاجات مقتل شخص على الأقل نتيجة التعذيب، كما اعتقلت السلطات صحفيين على خلفية هذه الاحتجاجات، من بينهم الصحفي بموقع درب الإخباري إسلام الكلحي.[38]

وفي نموذج إضافي للتنكيل بالباحثين اعتقلت السلطات باتريك زكي الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية وطالب الدراسات العليا في إيطاليا لدى عودته للقاهرة في فبراير 2020، إذ تم احتجازه والتحقيق معه بواسطة الأمن الوطني، وتعرض للتعذيب والصعق بالكهرباء قبل عرضه على النيابة، التي وجهت له اتهامات بـ «إشاعة أخبار وبيانات كاذبة، والتحريض على التظاهر دون إذن السلطات، والتحريض على قلب نظام الحكم، وترويج المبادئ والأفكار التي ترمي إلى تغيير مبادئ الدستور الأساسية، وإدارة واستخدام حساب إلكتروني بغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع للخطر والإضرار بالأمن القومي، وأخيرًا الترويج لارتكاب جريمة إرهابية والترويج لاستخدام العنف».[39]

وفي سياق متصل للتصعيد القضائي ضد النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، تم الحكم غيابيًا على بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالسجن لمدة 15 عام في 25 أغسطس، على خلفية تعليقات وانتقادات حقوقية له على موقع تويتر.[40] وقد ألقى هذا الحكم الضوء مجددًا على الدور الذي تلعبه دوائر الإرهاب، والتي تم إقرارها عام 2013، في الانتقام من منتقدي سياسات الحكومة.[41] وفي 26 أكتوبر حكمت دائرة الإرهاب على المهندس ممدوح حمزة بالحبس لمدة 6 أشهر، وإدراجه على قوائم الإرهاب، على خلفية اتهامات «بنشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالأمن القومي للبلاد»، وذلك على خلفية تغريدات له على وسائل التواصل الاجتماعي عام 2017.[42] كذا في نوفمبر ألقت السلطات المصرية القبض على ثلاثة من قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هم؛ جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي، ومحمد بشير المدير الإداري، وكريم عنارة مدير وحدة العدالة الجنائية، واستمر احتجازهم احتياطًا لحين الإفراج عنهم في 3 ديسمبر. وتم اتهامهم «بالانضمام لجماعة إرهابية» و«نشر أخبار كاذبة»، و«إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي». كما أصدرت النيابة قرارات بالتحفظ على أموالهم وممتلكاتهم، والتحفظ على أموال وممتلكات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. جاءت هذه الاعتقالات بعد أيام من استقبال المبادرة في مقرها بالقاهرة لعدد من السفراء والدبلوماسيين المعتمدين لدى مصر من بعض الدول الأوروبية وكندا وممثل الاتحاد الأوروبي.[43]

من ناحية أخرى عادت قضية اختفاء وتعذيب ومقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة للواجهة عقب إعلان السلطات الإيطالية في نهاية 2020 نيتها بدء إجراءات المحاكمة الغيابية لأربعة من كبار ضباط الأمن الوطني بعد توافر أدلة حول تورطهم في الجريمة. وقد جدد هذا الإعلان النقاشات حول تفشي ممارسات التعذيب والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد أصدر البرلمان الأوربي قرارًا شاملًا في 18 ديسمبر حول تدهور وضع حقوق الإنسان في مصر، مطالبًا الاتحاد الأوروبي بتقييم مختلف مكونات العلاقات الثنائية مع الحكومة المصرية، وفرض إجراءات عقابية ضد المسئولين المصريين رفيعي المستوى المسئولين عن أخطر الانتهاكات في البلاد، ومناشدًا مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تشكيل آلية رصد وإبلاغ بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في مصر.[44]

من ناحية أخرى تضاعف معدل تنفيذ عقوبة الإعدام خلال عام 2020، ففي شهر أكتوبر وحده تم إعدام 53 شخصًا في قضايا متنوعة، وهو ما يفوق -بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية- أعداد الإعدامات التي نفذت في مصر على مدار السنوات الثلاثة الماضية.[45]

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

سوريا

تتواصل المعاناة الإنسانية للسوريين جراء استمرار الحرب الأهلية والصراعات المسلحة بالوكالة، بمشاركة قوات دول أجنبية متعددة وميلشيات غير سورية، وفي ظل تعدد الفاعليين الدوليين والإقليمين. وقد أطالت هذه التدخلات من أمد الحرب واستمرار تداعياتها الإنسانية. وكان للتدخل العسكري الروسي المنقذ لنظام بشار الأسد منذ عام 2015 تأثيرات إنسانية مروعة على المدنيين. إذ تعمد الجيش الروسي توجيه ودعم ضربات عسكرية عشوائية لمناطق وبنى تحتية مدنية تتضمن مدارس ومستشفيات وأسواق تجارية كعقاب جماعي؛ لبث الرعب بين السكان وتأزيم أوضاعهم المعيشية؛ وإجبارهم على النزوح من مناطق بعينها.[46] هذا التهجير القسري تسبب في تغييرات في التركيبة السكانية لبعض المناطق في سوريا لصالح نظام بشار الأسد. وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش فإن الهجمات المتكررة للقوات السورية والروسية على البنى التحتية لمدينة إدلب شمال غرب سوريا في الفترة من أبريل 2019 حتى مارس 2020 قد أدى لموجات جديدة من النزوح الجماعي للمدنيين.[47]

بلغت أعداد القتلى من المدنيين في سوريا -بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان- خلال الفترة من مارس 2011 وحتى سبتمبر الماضي 226779 قتيلًا، تورطت قوات النظام السوري والجماعات المسلحة التابعة والداعمة له في مقتل نحو 88.16٪ منهم. وقد أجبرت هذه الحرب، حتى نهاية 2020، أكثر من 7 ملايين سوري على الهجرة إلى نحو 44 دولة حول العالم، فضلًا عن أكثر من 6 ملايين سوري اضطروا للنزوح الداخلي. وبلغت أعداد القتلى خلال عام 2020 نحو 1734 مدنيًا، بينهم 326 طفلاً. كما سقط من ضمن القتلى إعلاميين وعدد من الكوادر الطبية والمدنية.[48] وتعد الخسائر بين المدنيين في محافظتي إدلب وحلب هي الأعلى في سوريا خلال هذا العام.

تواصلت الهجمات المسلحة في محافظة إدلب في الشهور الأولى من عام 2020 بالتزامن مع تصاعد الاعتداءات المسلحة التي نفذتها الحكومة السورية بدعم روسي وإيراني، مخلفةً كارثة إنسانية جديدة، حيث قتل عشرات المدنيين بينهم أطفال، وأصيب المئات. كما أجبرت هذه الأوضاع أكثر من 900 ألف شخصًا على النزوح الداخلي في ظروف إنسانية ومعيشية مروعة. وواجه السكان في إدلب القصف العشوائي المستمر والهجمات الموجهة للبنية التحتية المدنية، بما في ذلك مدارس ومستشفيات، كما هاجمت جماعات من المتمردين والجهاديين قرى حدودية خاضعة للحكومة السورية في إدلب، ما عرّض حياة المدنيين للخطر. وقد كشفت محادثات لاسلكية تم اعتراضها مؤخرًا عن تعمد القوات الحكومية السورية إطلاق النار على مجموعة من النساء المسنات وقتلهن. كما مثَّل استخدام تركيا الطائرات المسيرة لاستهداف المواقع العسكرية السورية في إدلب تصعيدًا خطيرًا في أعمال القتال، عرّض المدنيين للخطر.[49]

في شمال شرق سوريا، تتواصل الصراعات المسلحة على طول الحدود السورية التركية. فبالإضافة لتجدد الاشتباكات العسكرية بين الحين والأخر بين القوات الكردية وبين الجيش الوطني السوري والقوات التركية، تستمر انتهاكات وجرائم الأطراف المتحاربة بحق المدنيين. فمن ناحية، دأبت فصائل الجيش الوطني الحر -المدعومة من تركيا- طوال عامين على ممارسة الاعتقال التعسفي والتعذيب بحق المدنيين من سكان مدينة عفرين من العرب والأكراد، في ظل صمت القوات التركية. وبحسب تقديرات ثمة أكثر من 500 حالة اعتقال تعسفي خلال النصف الثاني من عام 2019، وما لا يقل عن 15 امرأة في عداد المختفيات قسرًا منذ بداية عام 2020.[50] بينما تمارس هيئة تحرير الشام في حلب وإدلب أساليب قمعية تتضمن اعتقالات تعسفية وتعذيب وإعدام مدنيين بدوافع أيديولوجية متطرفة، فضلًا عن التضييق على الإعلاميين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم الفعلية.[51]

لا يزال أكثر من 130 ألف معتقل سوري قابعين في معتقلات النظام السوري؛ بسبب مشاركتهم في احتجاجات سلمية، أو بسبب التعبير عن رأي سياسي معارض، أو نتيجة الاعتقالات العشوائية. وقد تحول الآلاف من هؤلاء المعتقلين لمختفين قسريًا بعد رفض النظام السوري الاعتراف باعتقالهم أو الكشف عن مصيرهم أو مكانهم. وعلى الجانب الأخر تحتجز المجموعات المسلحة في جميع أنحاء سوريا الآلاف من المدنيين بشكل تعسفي دون أي مسوغ قانوني، بما يحرمهم الاستفادة من مراسيم العفو الصادرة عن رأس السلطة بشكل متكرر، والتي تستثني غالبًا معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين.

شهدت مراكز الاعتقال في سوريا حالات وفاة متكررة نتيجة التعذيب المنهجي والحرمان من الرعاية الصحية، وامتناع إدارة مراكز الاحتجاز عن تقديم الخدمات الطبية، ورفض الإفراج الصحي، وتكدس المحتجزين في مساحات صغيرة دون نظافة أو تهوية، مما يؤثر على مناعة المحتجزين وصحتهم خاصة في ظل انتشار فيروس كوفيد-19. كما ترفض الحكومة السورية مشاركة السجلات الصحية للمعتقلين، سواء الوفيات في السجون أو أولئك المعتقلين مؤخرًا ويعانون من أمراض مزمنة أو بحاجة لرعاية صحية خاصة. ولا يزال مصير نحو 99479 من المختفين قسريًا مجهولًا. وتشير الدلائل إلى مسئولية قوات النظام السوري عن اختفاء نحو 84٪ من هؤلاء الأشخاص، فضلًا عن تورط تنظيم داعش والمعارضة المسلحة.

على صعيد أخر، لم تحرز المفاوضات المباشرة بين الحكومة السورية وبعض من فصائل المعارضة، والتي ترعاها الأمم المتحدة، أي تقدم للتوصل لحل سياسي شامل لإنهاء النزاع في سوريا. إذ تسعي هذه المفاوضات إلى التوصل لدستور جديد والتمهيد لإجراء انتخابات رئاسية في منتصف عام 2021. وكان قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في ديسمبر 2015 قد نص على وقف إطلاق النار وبدء أطراف النزاع في مباحثات التسوية السياسية تمهيدًا لإجراء انتخابات عامة تحت رقابة الأمم المتحدة. ولكن يُستبعد إحراز تقدم في هذه المفاوضات أو أن تعكس مخرجاتها هموم ومطالب قطاعات معتبرة من السوريين، في ظل استمرار الاعتداءات والأعمال المسلحة في الميدان، ورغبة النظام السوري وحلفائه في استخدام هذه المفاوضات لفرض سياسة الأمر الواقع، عبر ضمان استمرارية نظام بشار الأسد.

يختزل النظام السوري الحل السياسي في إجراء انتخابات عامة تحت إشرافه، رافضًا فكرة تشكيل هيئة حكم انتقالي محايدة لتهيئة العملية السياسية في البلاد، والإشراف على انتقال الحكم، وإجراءات العدالة الانتقالية. ومن المرجح أن يقدم النظام السوري على عقد انتخابات رئاسية شكلية في منتصف عام 2021 على شاكلة الانتخابات البرلمانية الهزلية التي أجريت في 19 يوليو.[52] ولم يخف بشار الأسد ذلك في خطابه خلال الجلسة الافتتاحية للبرلمان في 12 أغسطس، والذي وظفه لشن هجوم حاد على مبادرات المعارضة السورية ومطالبها في المفاوضات الدولية. وعزز من موقف النظام السوري في المفاوضات الدولية الانتصارات العسكرية التي حققها في السنوات الأخيرة بفضل الدعم الروسي والإيراني، ناهيك عن الغطاء السياسي الذي يوفره له شركاؤه في المفاوضات في ظل تراجع الدور الأوروبي والأمريكي في التعامل مع الأزمة السورية.

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

فلسطين

فرضت جائحة كوفيد-19 ظروفًا إنسانية صعبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل تحديات سياسية ومعيشية واجتماعية متواصلة على مدار العقود الأخيرة في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة. وقد كشفت الأزمة الصحية وتداعياتها الاجتماعية عن الأثار التخريبية والمدمرة لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد على حياة الفلسطينيين، ومدى الضرر الناتج عن الاحتلال وتكريس سياسات الفصل العنصري، لا سيما تفاوت توافر المرافق والخدمات العامة وامكانيات المنظومة الصحية بين المناطق الفلسطينية المختلفة، وبشكل خاص في قطاع غزة حيث تفرض إسرائيل حصارًا وإغلاقًا شاملًا بريًا وبحريًا وجويًا على القطاع منذ عام 2007، فيما يعد عقابًا جماعيًا لمليوني فلسطيني في القطاع. وقد أدى هذا الإغلاق إلى انهيار الخدمات الأساسية، متسببًا في تزايد مستويات الفقر العميقة، وانعدام الأمن الغذائي، وانتشار البطالة، والاعتماد على المساعدات، وتلوث أغلب إمدادات المياه في غزة.[53]

خلال النصف الأول من 2020 عرقلت سلطات الاحتلال في كثير من المناسبات جهود ومبادرات الفلسطينيين لاحتواء الجائحة، وذلك من خلال مصادرة مستلزمات طبية، أو اعتقال المشاركين في مبادرات تطوعية محلية لمواجهة الوباء.[54] وفي الوقت ذاته لم تخصص السلطة الفلسطينية موارد مالية كافية لتحديث القطاع الصحي والذي ناله فقط 10.8٪ من الموازنة في مقابل 21٪ للقطاع الأمني.[55]

ومع استمرار الجائحة، تضاعفت المعاناة الصحية والنفسية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، في ظل تعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجاهل الإجراءات الوقائية المناسبة في أماكن الاحتجاز وأماكن التحقيق. كما استمرت ممارسات الاعتقال التعسفي مما أدي لزيادة تكدس أماكن الاحتجاز. فبحسب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، يقبع في المعتقلات الإسرائيلية حتى الشهور الأولى من تفشي الجائحة 5,000 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم 183 طفلًا و432 معتقلًا إداريًا. إذ تحتجز سلطات الاحتلال عددًا من الفلسطينيين إداريًا لأجل غير مسمى دون تهمة أو محاكمة، بينهم صحفيين وحقوقيين وأعضاءً بالمجلس التشريعي الفلسطيني.[56] وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أطلقت في 27 مارس سراح نحو 400 سجينًا رهن عقوبات مخففة أوشكت على الانتهاء، مع اعتبار الحالة الصحية ومتوسط العمر، لكنها استبعدت الأسرى والمعتقلين الإداريين الفلسطينيين من نطاق تطبيق هذا القرار.[57]

استغلت سلطات الاحتلال إجراءات الطوارئ السائدة وقت الجائحة لاستهداف الفلسطينيين بشكل عنصري، ووضع بعضهم تحت المراقبة. فقد ضاعفت الجائحة من معاناة العمال الفلسطينيين، بعدما استغلت سلطات الاحتلال الفلسطينيين كعمالة رخيصة، وتجاهلت اتخاذ تدابير لضمان حمايتهم وأسرهم من أثار الوباء. كما فشلت إسرائيل، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال في قطاع غزة والضفة الغربية، في اختبار إصابة العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل بالفيروس قبل عودتهم لمقارهم في فلسطين المحتلة، كما فشلت في ضمان توفير التدخل الطبي الملائم.[58]

واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلية تكريس سياسات الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، من خلال مجموعة من القوانين والسياسات والممارسات المصمَّمة لفصل الفلسطينيين وتجزئتهم وعزلهم؛ إذ تم تقسيم الشعب الفلسطيني عمدًا إلى أربع أقسام منفصلة قانونيًا وسياسيًا وجغرافيًا، وتشمل؛ الفلسطينيين حملة الجنسية الإسرائيلية، والفلسطينيين المقيمين في القدس، والفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة الخاضعين للقانون العسكري الإسرائيلي، واللاجئين الفلسطينيين المنفيين في الخارج. وتتحمل هذه السياسات المسئولية الأكبر عن تدهور الظروف المعيشية في الأراضي الفلسطينية، وحرمان الفلسطينيين من الممتلكات والموارد الطبيعية، ومن التحكم في ثرواتهم الغذائية وإنتاجهم الاقتصادي، كما تفرض هذه السياسات قيودًا صارخة على الحق في التنقل والإقامة، وجمع شمل الأسر.

استهدفت سياسات استمرار بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، ونقل سكان دولة الاحتلال إحداث تغيير في التركيبة الديموغرافية التاريخية للأراضي الفلسطينية.[59] وطبقًا لمنظمة هيومان رايتس ووتش فإن سلطات الاحتلال دأبت على مدار عقود في مصادرة أراضي الفلسطينيين سواء في الأراضي المحتلة عام 1967 أو 1948 (إسرائيل)، واتباع سياسات تمييزية في مجالات البناء والعمران تستفيد منها البلدات والمناطق ذات الأغلبية اليهودية، بينما يعاني معظم الفلسطينيين في بلدان وقرى تتسم بالتكدس، وأزمات في السكن والخدمات العامة.[60]

على الصعيد الدولي استمرت سياسات الإدارة الأمريكية للرئيس دونالد ترامب في تقديم الدعم والتغطية على الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية، وارتفع هذا الدعم إلى مستوى جديد بالإعلان عن خطة الإدارة تسوية القضية الفلسطينية من خلال ما عُرف بـ «صفقة القرن». وقد انتقصت تفاصيل هذه الخطة من الحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني بالمخالفة للقانون الدولي، بما فيها مرجعية القرارات السابقة لمجلس الأمن. إذ أتاحت الخطة لإسرائيل ضم المزيد من الأراضي المحتلة، وضمنت سيطرة إسرائيل على 30٪ من أراضي الضفة الغربية بما فيها الحفاظ على جدار الضم الإسرائيلي الذي يعزل القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية، والإبقاء على نحو 240 من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، الأمر الذي يحول فلسطين على حد قول مايكل لينك خبير الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية إلى «أرخبيل متناثر من الأراضي غير المتجاورة التي تحيط بها إسرائيل من كل جانب».[61] كما تضمن الخطة الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل. ومن ناحية أخري تحرم الخطة اللاجئين والمنفيين الفلسطينيين من حق العودة لوطنهم، وتهدد بتشريد المزيد منهم.[62]

في المقابل رحبت بعض الحكومات العربية بمن فيها السعودية ومصر والإمارات بخطة ترامب ما يمثل تراجعًا عن التزاماتها بدعم حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، والسيادة الدائمة على الثروات والموارد الطبيعية، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي. وقد تصاعدت التخوفات من تداعيات القرارات الذي اتخذتها كلًا من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان خلال النصف الثاني من عام 2020 بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، على تماسك وقوة الدعم العربي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة.

على صعيد أخر مثّل نشر الأمم المتحدة لقاعدة بيانات بالشركات والأنشطة التجارية غير القانونية في المستوطنات الإسرائيلية بالأراضي المحتلة في فبراير 2020 [63] أحد التطورات الدولية النوعية الساعية لحصار التواطؤ مع الاستيطان غير القانوني للاحتلال. ويعد صدور هذه البيانات انتصارًا لحركة حقوق الإنسان الدولية والفلسطينية والعربية التي ناضلت على مدار ثلاثة سنوات لنشر هذه القائمة. وتضم القائمة المنشورة 112 شركة إسرائيلية ودولية، وتستمر المطالب بضم الكثير من الشركات الأخرى التي لا تزال خارج القائمة، أثناء التحديث السنوي لقاعدة البيانات، والملزمة به المفوضية السامية لحقوق الإنسان.[64]

كان لاستمرار الانقسام بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 2007 تداعيات مأساوية على أوضاع حقوق الإنسان، والأوضاع الإنسانية والمعيشية للفلسطينيين، خاصةً في ظل تفشي الجائحة. ففي أعقاب الإعلان عن الخطط الإسرائيلية لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، تجددت المفاوضات بين حركتا فتح وحماس لتنشيط اتفاق المصالحة بينهما، والذي تم التوافق عليه بالقاهرة في أكتوبر 2017. وقد أعلنت الحركتان في 24 سبتمبر عن نية إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وانتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير منتصف عام 2021.[65]

على صعيد أخر واصلت السلطة الفلسطينية استخدام قانون الجرائم الإلكترونية رقم (10) لسنة 2018 لتقييد حرية الرأي والتعبير، والتضييق على النشطاء والإعلاميين. إذ تنص المادة 39 من هذه القانون على حق الجهات المختصة في حجب المواقع التي تهدد «الأمن العام أو النظام العام أو الآداب العامة». وطبقًا لهذه المادة حجبت محكمة الصلح في رام الله حوالي 50 موقعًا في أكتوبر 2019، اعتبرتهم المحكمة تهديدًا للأمن العام. وتضمنت المواقع المحجوبة مواقع إخبارية تنتقد وتعارض الحكومة الفلسطينية. كما استخدمت هذه القيود لفرض المراقبة وتوجيه الاتهام للمدافعين عن حقوق الإنسان، إذ تعرض أعضاء الحركة الاحتجاجية «بكفى يا شركات الاتصالات» للمضايقات الأمنية المتكررة والاتهام بشأن منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تنتقد الفساد، والاحتكار الذي تمارسه شركات الاتصالات.

أثناء تفشي جائحة كوفيد -19 تصاعدت حملة القمع بحق المدافعين الفلسطينيين عن حقوق الإنسان، وخاصة بعدما أعلن الرئيس الفلسطيني، في مارس حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية، وأمر بتطبيق أنظمة الطوارئ لمدة 30 يومًا، تجددت في نوفمبر للمرة التاسعة على التوالي. تقيد أنظمة الطوارئ بشدة نشاط حقوق الإنسان، وتحرم المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين من حقوقهم في الإجراءات القانونية الواجبة. فعلى سبيل المثال، في يوليو اعتُقل العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، من بينم جهاد عبده وفايز الصويطي لمدة عشرة أيام على خلفية تنظيم مظاهرة سلمية تطالب بوضع حد لقضايا الفساد والمحسوبية داخل الحكومة الفلسطينية. ووجهت إليهم تهمًا بـ «التجمهر غير القانوني» و «انتهاك قوانين الطوارئ». كما تعرضت مجموعة محامون من أجل العدالة لمضايقات من قبل قوات الأمن الوقائي الفلسطيني والتي تمثلت في مراقبة أنشطتهم، والاستدعاءات المتكررة للتحقيق.

وفي قطاع غزة حيث الواقع الكارثي نتيجة الإغلاق الإسرائيلي المحكم والوباء المتفشي، استمرت الجهات الفلسطينية المسئولة هناك في انتهاك حقوق الفلسطينيين. فعلى سبيل المثال خلال عام 2020 أصدرت السلطات الفلسطينية في غزة 17 حكمًا بالإعدام[66] بما يتنافى مع التزامات دولة فلسطين، كما استمرت في استدعاء واحتجاز المواطنين على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي وتعبيرهم عن رأيهم،[67] بالإضافة إلى استخدام العنف والقوة لتفريق التجمعات الاحتجاجية.[68]

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

العراق

يتحمل المشهد السياسي والحقوقي في العراق تبعات جسيمة من التدخلات الإقليمية والدولية الممتدة منذ سنوات.

مارست الميليشيات المدعومة من إيران دورًا رئيسيًا في أعمال القمع الوحشي للاحتجاجات الشعبية المستمرة بشكل متقطع منذ أكتوبر 2019، والتي حصدت المئات، وتسببت في إصابة آلاف العراقيين. وقد مثّلت هذه الاحتجاجات الملمح الأبرز في المشهد السياسي العراقي حيث تؤشر على صعود حركات اجتماعية وشبابية مناهضة لتفشي الفساد، واضمحلال الخدمات العامة، والجمود السياسي الناتج عن إعلاء المصالح الطائفية في إدارة البلاد. لكن القمع الذي تعرضت لها هذه الاحتجاجات كان أيضًا كاشفًا عن الأثار الكارثية المتراكمة عبر سنوات لعسكرة السياسة في العراق، والاعتماد على الجماعات المسلحة غير النظامية في إضعاف سلطة الدولة وحكم القانون، وما تفرضه من كلفة باهظة على النشطاء السياسيين والحقوقيين والإعلاميين السلميين.

فبالإضافة إلى مواجهة المحتجين بالعنف والقتل،[69] تكرر الاغتيال المستهدف لعدد كبير من النشطاء والحقوقيين في الفترة الممتدة بين شهري يوليو ونوفمبر، خاصةً في مدينة البصرة، بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات وتفشي سياسة الإفلات من العقاب. ففي يوليو اُغتيل الصحفي والخبير الأمني هشام الهاشمي أمام منزله بمنطقة زيونة في العاصمة بغداد، وذلك بعد تدخلاته الإعلامية المختلفة حول الممارسات غير المشروعة للمليشيات المسلحة في العراق. وفي أغسطس قُتلت الطبيبة والمدافعة عن حقوق المرأة ريهام يعقوب على أيدي مسلحين مجهولين في محافظة البصرة جنوب بغداد. وفي الشهر نفسه قُتل الناشط تحسين أسامة عضو تجمع شباب البصرة المدني بعد أيام من انتقاده على وسائل التواصل الاجتماعي تساهل شرطة البصرة مع الجماعات المسلحة والعناصر الإجرامية المتورطة في أعمال عنف وقتل بالمحافظة. وفي 1 نوفمبر اُغتيل الزعيم العشائري عبد الناصر الطرفي الطائي، المعروف بتأييده للاحتجاجات ودفاعه عن المتظاهرين في مدينة العمارة جنوب العراق.[70] وقد حذر 7 من خبراء الأمم المتحدة في أكتوبر من تكرار حوادث الاغتيال، داعين الحكومة العراقية للتحقيق فيها. كما تأتي هذه الاغتيالات رغم تعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عقب اختياره لرئاسة الحكومة في مايو 2020، بالتحقيق في وقائع قتل المتظاهرين، ضمن تعهدات أخرى لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، لم يتم الوفاء بها.

من ناحية أخرى، تستمر ظاهرة الإخفاء القسري في العراق، كممارسة شائعة استهدفت عشرات العراقيين منذ عقود طويلة، بحسب تقرير لجنة الأمم المتحدة للاختفاء القسري الصادر في نوفمبر 2020. وتتحمل قوات الحشد الشعبي بشكل خاص المسئولية عن جريمة الاختفاء القسري منذ عام 2014.

في نوفمبر أيضًا، وبالتزامن مع القمع واسع النطاق للاحتجاجات السلمية، أعاد البرلمان العراقي طرح مشروع قانون بشأن جرائم تقنية المعلومات، يتضمن موادًا فضفاضة وغامضة، من بينها مواد تفرض عقوبات بالحبس على استخدام الإنترنت بشكل يمس «استقلال البلاد ووحدتها وسلامتها أو مصالحها الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية العليا»، أو من أجل «الاشتراك أو التفاوض أو الترويج أو التعاقد أو التعامل مع جهة معادية بأي شكل من الأشكال بقصد زعزعة الأمن والنظام العام أو تعريض البلاد للخطر»، أو «إثارة النعرات المذهبية والطائفية»، أو «نشر أو إذاعة وقائع كاذبة أو مضللة». ويمكن توظيف هذه العبارات لتقييد حرية الرأي والتعبير على الإنترنت، واستهداف المدونين والحملات السياسية والحقوقية على وسائل التواصل الاجتماعي.

في المقابل يعاني السجناء في السجون العراقية من أوضاع مزرية، خاصةً في سجن الحوت أحد أكبر السجون العراقية، ويقع في مدينة الناصرية جنوب العراق، مع تزايد حالات الوفيات وسط السجناء بسبب التعذيب أو الإهمال الطبي.[71]

في إقليم كردستان، اتسع نطاق الاحتجاجات الاجتماعية خلال النصف الثاني من عام 2020 في كلا من السليمانية وأربيل ودهوك؛ احتجاجًا على تردي الأوضاع الاقتصادية، والتأخر في دفع رواتب موظفي الدولة. وفي ديسمبر ومع تجدد الاحتجاجات في السليمانية وحلبجة، استخدمت السلطات الإقليمية الرصاص الحي وقنابل الغاز صوب المتظاهرين، مما أدى لمقتل 10 وإصابة العشرات.[72] وكانت السلطات الإقليمية في كردستان قد صعدت منذ النصف الثاني من عام 2020 من استهداف العاملين في الصحافة والإعلام عبر الاعتقال والتعذيب، ومداهمة وإغلاق مقرات وسائل الإعلام.[73] فعلى سبيل المثال تعرض الصحفي شيروان أمين شيرواني والذي تم اعتقاله في 7 أكتوبر 2020، للحبس الانفرادي لمدة شهرين في مدينة أربيل، والتعذيب. ويواجه حاليًا اتهامًا «بتعريض أمن البلاد للخطر». [74]

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

لبنان

عاشت لبنان عامًا صعبًا تراكمت فيه الضغوط والتحديات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والصحية، وتجلت فيه الأثار الكارثية والتخريبية لجمود وفساد منظومة الحكم الطائفية المتوارثة منذ عقود، والتي باتت مرفوضة من قطاعات عريضة من اللبنانيين، خاصةً الشباب.

كان الحدث الأبرز خلال العام هو الانفجار الدامي الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 أغسطس متسببًا في مقتل نحو 200 شخصًا وإصابة ما لا يقل عن 6000 أخرين، فضلًا عن تشريد نحو 300 ألف شخصًا نتيجة التدمير الذي خلفه الانفجار في المرافق العامة والممتلكات الخاصة في مختلف أنحاء بيروت. وقع الانفجار بسبب تخزين شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم، وهي مادة شديدة الانفجار، في مرفأ بيروت لمدة ست سنوات دون اتخاذ احتياطيات السلامة اللازمة رغم علم جهات كثيرة في الدولة بوجود هذه الشحنة.

جدد هذا الانفجار موجة غضب شعبي من الفساد والإهمال المستشري في القطاعات العمومية والذي لم تمتلك أي من الحكومات المتعاقبة الإرادة السياسية أو القدرة على مجابهته. وعليه، تصاعدت داخل لبنان مطالب بفتح تحقيق دولي في حادث الانفجار في ظل غياب الثقة في قدرة وحياد المؤسسات الوطنية والقضائية، خاصةً مع التقارير الأولية التي تفيد بتورط جهات عليا في الدولة بأشكال مختلفة في الإهمال المتسبب في هذا الحادث.[75]

في أعقاب الانفجار، تواصلت الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية وسط اللبنانيين، والتي لم يوقفها تفشي جائحة كوفيد-19. ولم تكن هذه الاحتجاجات جديدة على الشارع اللبناني، الذي يشهد بالفعل حراك شعبي ومطلبي واسع منذ أكتوبر 2019، والمعروف بحركة أكتوبر، في ظل انهيار الاقتصاد اللبناني في أزمة تعد الأسوأ منذ سنوات الحرب الأهلية.

أدت هذه الأزمة إلى الانخفاض الحاد لقيمة العملة اللبنانية، وزيادة معدلات الفقر وتدهور الأوضاع المعيشية والخدمات العامة الأساسية، ومن ضمنها الخدمات الصحية. وبحسب تقرير لتحالف من المنظمات غير الحكومية اللبنانية، ثمة 8٪ فقط من السكان تستفيد من الخدمات الصحية العمومية مع هيمنة القطاع الخاص على 90٪ من القطاع الصحي، والذي لا يقدر على نفقاته قطاعات عريضة من المجتمع اللبناني.[76] وقد فاقمت هذه الأوضاع من المخاطر الصحية على اللبنانيين، والمقيمين في لبنان خاصةً الفئات الأكثر ضعفًا وتهميشًا من اللاجئين والعمالة المهاجرة، وقت تفشي الجائحة.

اتجهت السلطات اللبنانية لاستخدام القوة لتفريق المظاهرات، وتعرض العشرات من المحتجين والنشطاء للملاحقات القضائية والاعتقال، بالإضافة إلى محاكمة المدنيين أحيانًا أمام المحاكم العسكرية. ففي أغسطس على سبيل المثال أطلقت شرطة مكافحة الشغب قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين السلميين، وكذلك الرصاص المطاطي والذخيرة الحية، مما أسفر عن إصابة 782 شخصًا. كما منعت قوات الأمن المتظاهرين والصحفيين من تصوير أفعالها تارة بالاعتقال التعسفي وأخرى بمصادرة المعدات. كما تعرض المحتجون للعنف من مسلحين تابعين للأحزاب والجماعات السياسية اللبنانية المناوئة لاحتجاجات الشارع.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات خضع عشرات النشطاء للتحقيق، وأرغمت السلطات اللبنانية بعض المدونين والنشطاء على التوقيع على تعهدات بالتوقف عن أنشطتهم الإلكترونية مقابل إخلاء سبيلهم.[77] ومنذ نوفمبر 2019 وحتى أكتوبر 2020 تم استدعاء نحو 80 ناشطًا للتحقيق بسبب مواقفهم وتعليقاتهم النقدية على الإنترنت.[78]

رغم تبني لبنان لقانون معاقبة التعذيب في أكتوبر 2017، تتواصل شكاوى التعذيب وسوء المعاملة في مقار الاحتجاز والسجون دون تحقيق قضائي أو محاسبة لمرتكبيها. فطبقًا لمنظمة العفو الدولية، هناك عشرات الدعاوى بالتعذيب مقدمة من الضحايا بين عامي 2017و 2020 وتم إغلاقها دون تحقيق. وبعض هذه الدعاوى رُفعت من متظاهرين تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة أثناء توقيفهم نهاية عام 2019 على خلفية الاحتجاجات.[79]

يعاني اللاجئون المتواجدون في لبنان خاصةً السوريين من قيود قانونية وإجراءات تمييزية ومخاطر بسبب صعوبة إصدار الإقامات أو تجديدها. كما يتعرض الكثير منهم للمضايقات والملاحقات الأمنية والاعتقالات طويلة المدة، فضلًا عن الاعتداءات التي تصاعدت في ظل التصريحات الإعلامية العدائية ضد اللاجئين السوريين والمنسوبة لأعضاء في الحكومة. ومنذ عام 2019 تبنت السلطات اللبنانية سياسات أكثر تشددًا في التعامل مع اللاجئين السوريين حيث سمحت الإجراءات الجديدة بالترحيل الفوري للأشخاص الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني بعد 24 أبريل 2019. وتم بالفعل ترحيل أكثر من ثلاثة ألاف سوريًا منذ تبني هذه السياسة.[80]

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

ليبيا

استمرار الاقتتال الداخلي في ليبيا بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة وبين الجيش الوطني الليبي تحت قيادة اللواء خليفة حفتر، فضلًا عن التدخلات الأجنبية والإقليمية، ساهم في مزيد من تدهور أوضاع حقوق الإنسان في كافة أنحاء ليبيا. كما أدى انعدام الأمن الداخلي، وسيادة الميليشيات والجماعات المسلحة لتأزم الأوضاع الإنسانية وتفشي جرائم القتل خارج نطاق القانون، والإخفاء القسري، والتعذيب، في ظل سياسة الإفلات من العقاب.

واصلت الأطراف الأجنبية والإقليمية انتهاك الحظر المفروض من مجلس الأمن على الدعم العسكري لأطراف النزاع في ليبيا، وعززت هذه الأطراف من وجودها في ليبيا خلال عام 2020؛ من خلال نشر مجموعة «فاغنر» الروسية نحو 3000 مرتزق روسي و2000 مرتزق سوري لدعم الجيش الوطني الليبي. بينما نشرت تركيا ما يقارب 2000 مرتزق سوري، من بينهم قُصر. كما تشير تقديرات إلى وجود نحو 3000 مرتزق سوداني في ليبيا، ضمن القوات التابعة للجيش الوطني وحكومة الوفاق الوطني. كما قد تصاعدت أعداد القتلى بين المدنيين في ليبيا منذ انطلاق الحملة العسكرية للجيش الوطني الليبي تحت قيادة اللواء خليفة حفتر على حكومة طرابلس منذ أبريل 2019. إذ مثّل المدنيون 60% تقريبًا من إجمالي أعداد القتلى جراء المعارك المسلحة في هذه الحملة، ويتحمل الجيش الوطني الليبي المسئولية الأكبر عن هذه الخسائر.[81]

في النصف الثاني من عام 2020 تجددت المفاوضات السياسية بين أطراف الصراع، وتوصلت لإعلان وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر، والذي ينص على مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة. كما تم الإعلان عن نية إجراء الانتخابات العامة، والنظر في الترتيبات الدستورية، والاستفتاء على مشروع الدستور تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا وفي إطار ملتقي الحوار السياسي الذي يضم 75 مشاركًا من الأطراف الداخلية المتصارعة، تضم مختلف قطاعات المجتمع الليبي. إلا أن نجاح وقف إطلاق النار والمسار التفاوضي يبقى مرهونًا بنجاح التوافق بين الأطراف الإقليمية والدولية المتدخلة في الصراع، والنجاح في الضغط على أطراف النزاع الداخلية لتنفيذ مقررات الاتفاق.

كان مجلس حقوق الإنسان قد قرر في يونيه تشكيل البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في ليبيا من جميع الأطراف منذ عام 2016، وحفظ الأدلة لضمان المحاسبة عن الانتهاكات.[82] وقد طالبت منظمات حقوق الإنسان الليبية والدولية والإقليمية بتشكيل هذه اللجنة منذ وقت طويل، وأيدتها في المجلس الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا.

أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في 11 يونيه الكشف عن مقابر جماعية في مدينة ترهونة، والتي تبعد 90 كلم جنوب شرق طرابلس.[83] وقد وصل عدد المقابر الجماعية المكتشفة منذ يونيه 2020 نحو 27 مقبرة جماعية تم اكتشافها حتى الآن، ضمت حوالي 120 جثة بينهم جثث لأطفال ونساء.

تعرض المئات للاختفاء القسري في مدينة ترهونة في الفترة بين عامي 2014 حتى 2020.[84] وكشفت التقارير والتحقيقات الأممية والحقوقية عن خضوع أهالي مدينة ترهونة لسنوات للممارسات الإجرامية المروعة على يد ميليشيات الكانيات،[85] التي سيطرت على المدينة لثماني أعوام مستغلةً الفراغ الأمني، وانهيار مؤسسات الدولة وغياب حكم القانون، في ظل استمرار النزاع المسلح في ليبيا. وقد والت الكانيات حكومة الوفاق من أغسطس 2018 وحتى أبريل 2019 ثم انضمت للقوات التابعة لخليفة حفتر.[86]

شهدت مناطق متعددة في ليبيا على مدار أغسطس احتجاجات شعبية -خاصةً من جانب الحركات الشبابية- ضد استمرار أعمال العنف، وتجاوزات الميليشيات والجماعات المسلحة، فضلًا عن تردي الأحوال المعيشية والخدمات، خاصة في ظل انتشار الجائحة. وتعرضت هذه الاحتجاجات للقمع من جانب السلطات الليبية في المناطق الشرقية والغربية، إذ تم حظر التظاهرات، وفرض حظر تجول لعدة أيام، وقطع خدمات الإنترنت، كما استخدمت السلطات العنف ضد المتظاهرين بما في ذلك إطلاق النار، مما أوقع وفيات وإصابات. كما تعرض بعض المشاركين في هذه الاحتجاجات للاختفاء القسري والاعتقال من جانب السلطات اللبيبة والميليشيات التابعة لها في طرابلس وطبرق وبني غازي.

في السياق ذاته، تتصاعد القيود على حرية تكوين الجمعيات. ففي 14 أكتوبر، أصدرت مفوضية المجتمع المدني في طرابلس تعميمًا، تُطالب فيه جميع منظمات المجتمع المدني التي تم تسجيلها خلال السنوات الخمس الماضية بالتسجيل مرة أخرى؛ وإلا سيتم اعتبارها منظمات وهمية وإصدار قرار بحلها من المفوضية. علاوةً على ذلك، وبموجب عملية التسجيل الجديدة، باتت المنظمات مُطالبة بالتوقيع على تعهد بأنها لن تنخرط في أي تواصل مع أي سفارة أو منظمة دولية دون إذن مسبق من السلطات التنفيذية. وكانت فروع مفوضية المجتمع المدني، في الشرق والغرب، قد أجبرت بالفعل منظمات المجتمع المدني المحلية على إعادة التسجيل وفقًا للأوامر التنفيذية والمراسيم الصادرة خلال عامي 2016 و2019. إذ أصدرت مفوضية المجتمع المدني في بنغازي المرسومين 1 و2 في يناير 2016، بينما أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الأمر التنفيذي رقم 286 في 2019. وفي الوقت الحالي، تنظم تلك القرارات عمل المنظمات المحلية والأجنبية فيما يتعلق بإجراءات التأسيس والتسجيل والتنظيم؛ الأمر الذي يمنح السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة لتقييد نشاط المنظمات أو إصدار قرارات التعليق والحل بشأنها. كما أصدرت مفوضية المجتمع المدني في مصراتة القرار رقم 29 في مايو 2018، ويقضي بحل 19 منظمة محلية. كما أوقفت مفوضية المجتمع المدني في بنغازي نشاط 37 منظمة محلية؛ بموجب القرار رقم 3 الصادر في فبراير 2019.

المدافعون عن حقوق الإنسان وأعضاء منظمات المجتمع المدني والمدونين والنشطاء وأعضاء السلطة القضائية يتعرضون بدورهم لحملات تشهير ومداهمة المنازل بسبب عملهم، فضلًا عن مداهمة أماكن عملهم واعتقالهم تعسفيًا وإخفاءهم قسريًا. بالإضافة إلى الملاحقات القانونية والاستجوابات والمضايقات عند نقاط التفتيش الأمنية والتهديد بالمحاكمة أمام القضاء العسكري بموجب قانون مكافحة الإرهاب الصادر في عام 2014. وفي 20 نوفمبر تم اغتيال المحامية حنان البرعصي رميًا بالرصاص في وسط مدنية بنغازي، على يد أطراف مجهولة، بعد تدوينات وتسجيلات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد فيها انتهاكات حقوق الإنسان، وممارسات الفساد المتورط فيه قيادات من الجيش الليبي، والجماعات المسلحة شرق ليبيا. كما يستمر إخفاء الحقوقية سهام سرقيوة عضو مجلس نواب طبرق، منذ اختطافها من منزلها على يد مسلحين في 17 يوليو 2019.

يتعرض العاملون في الصحافة أيضًا للملاحقات القضائية والمحاكمات بشكل منهجي وتعسفي، لا سيما أمام المحاكم العسكرية في شرق ليبيا. فوفقًا للمنظمة الليبية للإعلام المستقل؛ مَثُّلَ 35 مدنيًا للمحاكمة العسكرية منذ عام 2015، بينهم المصور الصحفي إسماعيل بوزريبة الزوي، الذي علمت عائلته في 28 يوليو، أن محكمة عسكرية في بنغازي أصدرت، قبل شهرين، حكمًا بسجنه 15 عامًا على خلفية عمله الصحفي.

وفي مصراتة، اعتقلت الأجهزة الأمنية الصحفي والناشط عبد اللطيف أبو حمرة في 23 أغسطس، أثناء تغطيته حملة توعية محلية حول جائحة كوفيد-19. وفي اليوم نفسه، تم اعتقال سامي الشريف المدير العام لشبكة إذاعة الجوهرة، وتوارد معلومات بتعرضه للتعذيب، أثناء إعداده تقرير عن مظاهرات طرابلس. وفي 20 أكتوبر، تعرض محمد بعيو، رئيس هيئة الإعلام لحكومة الوفاق الوطني، للاحتجاز التعسفي في طرابلس، على يد مجموعة كتيبة ثوار طرابلس المسلحة.

من ناحية أخرى تتواصل معاناة المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين في ظروف غير إنسانية في مختلف أنحاء ليبيا. فبحسب ائتلاف المنصة هناك ما لا يقل عن 3200 لاجئ ومهاجر قابعين رهن الاعتقال في ليبيا، بينما يتعرض العديد من المهاجرين وطالبي اللجوء للخطف والتعذيب أو السقوط ضحية للإتجار بالبشر. وبرغم تأكيد المفوضية السامية لشئون اللاجئين أن ليبيا تعد بلدًا غير أمن للاستقبال، فإن تعاون دول الاتحاد الأوروبي مع السلطات الليبية والجماعات المسلحة أعاد ما يقارب 11000 مهاجر قسري لليبيا، كما لقي 977 مهاجرًا على الأقل حتفهم غرقًا أثناء محاولة مغادرة ليبيا حتى نهاية عام 2020.[87]

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

الجزائر

بعد أن أجبرت الحركة الاحتجاجية الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة من منصبه في أبريل 2019، واجهت الحركة تعثرًا في تحقيق مطالبها بالتحول الديمقراطي الجذري في الجزائر، يتمثل في استغلال السلطات الجزائرية سياق جائحة كوفيد-19 لتكثيف الإجراءات الانتقامية بحق المعارضة، وتقييد المظاهرات السلمية، فضلًا عن اتجاه النخبة الحاكمة -خاصة قيادات الجيش- لإعادة تنظيم صفوفها والسعي لتجاوز انقساماتها؛ بهدف إنهاء الحراك وتجديد شرعيتها في الحكم.[88]

المشاركة الشعبية المحدودة كانت هي السمة الرئيسية للانتخابات الرئاسية التي أجريت في 12 ديسمبر 2019 وسط احتجاجات مستمرة معارضة للمسار السياسي المعتمد من المؤسسة العسكرية بعد رحيل بوتفليقة. وقد صعّدت السلطات خلال الانتخابات وبعدها من اعتقال المعارضين البارزين في الحراك، ومثلت جائحة كوفيد-19 فرصة للسلطات لمحاولة الاحتواء المؤقت للاحتجاجات الشعبية منذ شهر مارس، فضلًا عن اتخاذها كغطاء لإقرار تعديلات قانونية تقيد المجال العام. كما لم تشمل قرارات العفو الرئاسي عن السجناء الصادرة في فبراير وأبريل 2020 أي من معتقلي الحراك.

الرئيس الجديد عبد المجيد تبون بادر بالإعلان عن عملية وضع دستور جديد للبلاد، وهو ما اعتبرته المعارضة وقوى المجتمع المدني شرعنة للنظام القديم الذي يترأسه تبون.[89] إذ يحافظ الدستور الجديد[90] على الصلاحيات الواسعة لرئيس الدولة في مجال التشريع، وتشكيل السلطة القضائية. كما منحت التعديلات الدستورية الجيش دورًا سياسيًا بشكل صريح بوصفه «يدافع عن المصالح الحيوية والاستراتيجية للدولة». ورغم أن الدستور ينص على حماية الحقوق والحريات المدنية والسياسية، إلا أنه قد تم التطرق لبعضها بإشارات وقيود غامضة. فالنهج المستمر للبلاد يتمثل في توظيف سلسلة من التشريعات الوطنية لتقييد هذه الحقوق الدستورية مثل؛ قانون الجمعيات، وقانون الاجتماعات والتظاهرات، وقانون المعلومات وقانون العقوبات.[91] هذا الدستور الجديد وضعته لجنة خبراء شكلها الرئيس دون مشاركة واسعة للقوى السياسية والمجتمعية، وتمت صياغته وطرحه لاستفتاء في ظل مناخ إقصائي وترهيبي للقوى السياسية المرتبطة بالحراك،[92] وتم اعتماده قبل عرضه على الاستفتاء الشعبي من جانب البرلمان الموروث من عهد بوتفليقة.[93]

بالتزامن مع تفشي جائحة كوفيد-19 في الجزائر، ومع إعلان نشطاء الحراك وقف المظاهرات وحظر الحكومة للتجمعات العامة، صعّدت السلطات الجزائرية من احتجاز واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الصحفيين وأعضاء الحركات الاحتجاجية. وقد عدلت السلطات الجزائرية قانون العقوبات في أبريل 2020 بموجب القانون رقم 20-06 الذي تهدد أحكامه عمل المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان. إذ فرضت التعديلات عقوبات قاسية على تلقي تمويل أجنبي «للقيام بأعمال من المحتمل أن تقوض أمن الدولة، واستقرار مؤسساتها وعملها الطبيعي، والوحدة الوطنية، وسلامة الأراضي، والمصالح الأساسية للجزائر أو الأمن والنظام العامين». كما شدد القانون العقوبات على جريمة ازدراء السلطات العامة، وأضاف جريمة نشر أخبار كاذبة للإضرار بالأمن أو النظام العام.

في 8 أكتوبر، حُكم على الناشط الأمازيغي ياسين المباركي بالسجن 10 سنوات وغرامة قدرها 10 ملايين دينار (حوالي 66 ألف يورو) بتهمتي «الإساءة إلى تعاليم الإسلام» و«حيازة مواد حربية بدون إذن»، وقد خُفضت العقوبة للسجن لمدة عام وغرامة قدرها 330 يورو بعد استئناف الحكم في نوفمبر 2020. [94] كذا تمت محاكمة عضو الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان والصحفي سعيد بودور منذ فبراير 2020 بتهم «التشهير ونشر أخبار كاذبة تساهم في إضعاف الروح المعنوية للقوات المسلحة الوطنية الجزائرية» و «إهانة الجزائريين» و«النظام الحاكم». وفي 26 أكتوبر، أُدين الكاتب المستقل والمدافع عن مجتمع الميم أنور رحماني بـ «إهانة مسئولي الدولة»، وحكم عليه بغرامة قدرها 100000 دينار (650 يورو). كما تم وضع رسام الكاريكاتير والمدون وليد كشيدة، مؤسس صفحة حراك ميمز على موقع فيس بوك، قيد الحبس الاحتياطي منذ 27 أبريل 2020 بتهمة «ازدراء الرئيس»؛ لنشره رسوم كاريكاتورية ساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وحكم عليه بالسجن 3 سنوات في يناير. كما أحيل القاضي مرزوق سعد الدين للمجلس الأعلى للقضاء في مايو 2020 على خلفية مواقفه الداعمة لاستقلال القضاء، ومطالب الحراك. كما قضت محكمة الاستئناف بالسجن لمدة عامين على الصحفي خالد درارين والذي يعمل مراسلًا لإحدى القنوات الفرنسية، ولمنظمة مراسلون بلا حدود وأحد مؤسسي موقع القصبة تربيون، وذلك بتهم «التحريض على التجمهر غير القانوني» و«المساس بوحدة التراب الوطني»، على خلفية تغطيته الإعلامية لأخبار الاحتجاجات والحراك.[95]

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

المغرب

تصاعد التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان والإعلامين -خاصةً في إقليم الصحراء الغربية المتنازع عليه منذ عام 1975- في أعقاب اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الإقليم في 10 ديسمبر 2020، والدعم السياسي الخارجي الذي تلقته المملكة بعد قرارها بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

اُختتم عام 2020 بالقبض على الحقوقي والأكاديمي البارز المعطي منجب رئيس منظمة «الحرية الأن» المعنية بحرية الصحافة، وعضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحبسه احتياطيًا بتهم تتعلق بغسيل الأموال. ويتواصل مسلسل الملاحقات القضائية للمعطي منجب منذ عام 2015 بعد خضوعه وآخرين للمحاكمة بتهمة تلقي تمويل أجنبي. وقد بدأت التحقيقات مع المعطي منجب في اتهامات غسيل الأموال منذ أكتوبر 2020، كما تعرض لحملات تشهير إعلامية متواصلة من قبل إعلام موال للسلطة.

منذ منتصف عام 2020، يتعرض العديد من المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في المغرب للحبس الاحتياطي بسبب آرائهم على وسائط التواصل الاجتماعي. فعلى سبيل المثال تم اعتقال المدون والكاتب العام للهيئة الوطنية لحقوق الإنسان عبد الفتاح البوشيخي في مايو، على خلفية تدوينته على موقع فيس بوك حول فساد المحليات، ولاحقًا تم الحكم عليه في الشهر نفسه بالحبس أربعة أشهر بتهمة التشهير. كما استدعت وحدة الجرائم الإليكترونية بالأمن العام عمر ناجي نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في أبريل، للتحقيق معه في تعليقات كتبها على صفحته على موقع فيس بوك، مندداً بعدم احترام السلطات المغربية لحقوق الإنسان في ظل إجراءات مواجهة جائحة كوفيد-19، وتمت إحالته لاحقًا للمحاكمة بتهم «التشهير» و«نشر أخبار كاذبة تسيئ للمصالح العمومية»، قبل تبرئته من هذه الاتهامات في نوفمبر.

كما حُكم على الصحفي الشاب عمر الراضي في مارس بالسجن لمدة أربعة أشهر مع وقف التنفيذ، بتهمة إهانة قاضٍ بسبب تغريدات على حسابه على موقع تويتر، انتقد فيها الأحكام القضائية المشددة التي صدرت بحق متظاهرين ونشطاء في منطقة الريف. وأُعيد التحقيق مع عمر الراضي بتهمة «الحصول على تمويلات من الخارج لها علاقة بجهات استخبارية». وقد كشفت منظمة العفو الدولية عن تورط السلطات المغربية في التجسس على الهاتف المحمول للراضي مستعينة ببرنامج بيغاسوس التابع لشركة «إن أس أو» الإسرائيلية. وكانت الحكومة المغربية قد تقدمت في أبريل بمشروع قانون مثير للجدل متعلق بشبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة (مشروع قانون 22.20)، أثار انتقادات محلية ودولية واسعة؛ نظرًا لما يفرضه من قيود تعسفية على حرية التعبير عبر الإنترنت. وقد أرجأت الحكومة تبني مشروع القانون في وقت لاحق خلال العام.

في إقليم الصحراء الغربية، فرضت السلطات المغربية رقابة مشددة على المدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء الشباب والإعلاميين والمدونين عبر مداهمة وتفتيش منازلهم، واستدعائهم للتحقيقات بشكل متكرر، واعتقال بعضهم، وتهديد عائلاتهم، ومنع الاحتجاجات السلمية، وفضها بالقوة. كما يعاني السجناء السياسيون الصحراويون من أوضاع غير إنسانية. فعلى سبيل المثال، تعرض السجين السياسي والناشط الحقوقي يحي محمد الحافظ عضو التجمع الصحراوي للمدافعين عن حقوق الإنسان للسجن الانفرادي لفترات طويلة خلال شهر ديسمبر في زنزانة غير نظيفة، كما حُرم من الرعاية الطبية المناسبة رغم ظروفه الصحية الصعبة، فضلاً عن حرمانه من تلقي الغذاء المناسب، وتوالي التهديدات ضده من إدارة السجن. كما حُرم الحافظ من التواصل مع عائلته، والتي كانت تجهل مكان حبسه لشهور طويلة. يقضي الحافظ عقوبة السجن لمدة 15 عامًا منذ عام 2008 باتهامات تتعلق باشتراكه في تنظيم تظاهرة تسببت في مقتل شرطي مغربي، وذلك بعد محاكمة شابها العديد من المخالفات الجسيمة.[96]

على صعيد أخر، تفرض السلطات المغربية قيودًا على الجمعيات المدافعة عن تقرير المصير في الصحراء الغربية. ففي سبتمبر 2020 أعلنت النيابة العمومية في مدينة العيون عن فتح تحقيق حول أنشطة الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي، وهي مجموعة جديدة مؤيدة للاستقلال شكلتها الناشطة البارزة أميناتو حيدر.

كما أيدت محكمة النقض الأحكام الصادرة ضد 19 صحراوي مسجونين منذ عام 2010 في القضية المعروفة بقضية أكديم إزيك، والتي تعود لاشتباكات بين معتصمين ومحتجين صحراويين وبين قوات أمن مغربية، بعد تفكيك الأمن مخيم احتجاجي في أكديم إزيك قرب مدينة العيون، وقد اسفرت الاحتجاجات عن مقتل 11 فرد أمن.

وبحسب العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والصحراوية، استندت هذه المحاكمات إلى اعترافات بموجب التعذيب. وقد حكم على النشطاء في هذه القضية بأحكام سجن تتراوح بين 20 عامًا ومؤبد، في محاكمة عسكرية عام 2013، ثم نُظرت القضية أمام محكمة الاستئناف عام 2017.

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

تونس

حافظت المؤسسات الديمقراطية في تونس على استمراريتها وسط واقع اقتصادي واجتماعي وأمني وسياسي متعثر، ومحيط إقليمي متقلب. وقد ضاعف تفشي جائحة كوفيد-19 الضغوط الاقتصادية على الدولة والمجتمع في تونس، في ظل ضعف المؤسسات الصحية العمومية، ونقص المعدات والمنتجات الطبية.

من ناحية أخرى أثرت الانقسامات السياسية الداخلية بين الأحزاب والقوى السياسية التي أفرزتها الانتخابات الرئاسية والنيابية لعام 2019، على تماسك واستقرار التشكيل الحكومي الذي شهد تغييرات نوعية خلال عام 2020؛ نظرًا للضغوط التي تواجهها الدولة التونسية.

يستمر فشل الحكومات المتعاقبة في التعامل مع تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطنين في ظل الانكماش الاقتصادي، وتضخم الديون، وتصاعد البطالة، وعدم توافر الفرص الاقتصادية والاجتماعية في المناطق والمدن التونسية الأكثر فقرًا وتهميشًا. فبحسب أحد استطلاعات الرأي يعتبر 67٪ من المواطنين التونسيين أن الأوضاع بشكل عام أسوأ من عام 2010 بينما يعتقد 85٪ بأن الثورة أثرت سلبًا على اقتصاد البلد.[97]

ويشير استمرار بعض أنماط انتهاكات حقوق الإنسان في تونس للكلفة الباهظة لتوقف مسار الإصلاحات التشريعية والمؤسسية اللازم لإحداث قطيعة مع ماضي انتهاكات ما قبل الثورة. فقد فشلت الحكومات المتعاقبة، والبرلمان المنتخب في بناء الهيئات الدستورية المنصوص عليها في دستور 2014، وعلى رأسها المحكمة الدستورية.

وتتضمن المجالات المثيرة للقلق الإطار القانوني الحاكم لحرية الرأي والتعبير، وإصلاح المؤسسات القضائية والأمنية، ومجابهة الفساد المالي والإداري، وحماية الأقليات الجنسية والعرقية والمدافعين عن هذه الجماعات، وضمان حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء.

بحسب منظمة العفو الدولية، تعرض ما يزيد عن 40 مدونًا وناشطًا سياسيًا وحقوقيًا لملاحقات قضائية في الفترة بين عامي 2018 و2020 على خلفية ممارستهم لحقهم في التعبير السلمي عن الرأي على الإنترنت.[98] هذه الملاحقات تمت استنادًا إلى مواد قانونية تعود للنظام السلطوي القديم في تونس، من ضمنها المجلة الجزائية، ومجلة الاتصالات؛ وذلك بهدف ملاحقة أشخاص يوجهون انتقادات لموظفين عمومين أو للأجهزة الأمنية. هذا بالإضافة إلى توظيف اتهامات الإساءة للأديان أحيانًا، كما جرى للمدونة آمنة الشرقي، التي حكمت عليها المحكمة الابتدائية بتونس بالسجن ستة أشهر في يوليو 2020. كما تعرض بعض المدونين في النصف الأول من العام للملاحقات القضائية بسبب انتقادهم لسياسات الدولة في مواجهة جائحة كوفيد-19 على صفحاتهم على موقع فيس بوك.[99] وفي نوفمبر حُكم على المدون وجدي المحواشي بالسجن لمدة عامين لنشره مقطع فيديو على حسابه على موقع فيس بوك اعتُبِر مسيئًا لمسئول قضائي. وكان المحواشي ينتقد تقاعس القضاء عن محاسبة رجل دين يبرر قتل من يسب النبي محمد.[100]

في أكتوبر جددت الحكومة تقديمها لمشروع قانون حماية قوات الأمن الداخلي والديوانة، والذي تضمن بنود تقيد من حرية الرأي والتعبير، وحرية الإعلام، وتمنح حصانة لأفراد الأمن من المساءلة الجنائية في حالات استخدام القوة المميتة لحماية المنشآت الأمنية. إلا أن الجدل الذي أثاره مشروع القانون محليًا ودوليًا، فضلًا عن الحملات المنظمة التي شنها المجتمع المدني التونسي ضد مشروع القانون، دفع البرلمان لتعديل مشروع القانون وتجميد إقراره في الوقت الراهن. وكان مشروع القانون قد قُدم في البداية عام 2015 وأعيد تقديمه في 2017 بناءً على طلب الجهات الأمنية في تونس تحت مسمى قانون زجر الاعتداءات عن الأمنيين. وما عزز المخاوف من التداعيات المحتملة لمشروع القانون هو استمرار أفراد الأمن التونسيين في استخدام سياسات قمعية والقوة المفرطة في مواجهة التظاهرات السلمية، والعصيان المدني، والإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية، خاصةً في المناطق المهمشة في الجنوب التونسي.[101]

بعد مرور عشر سنوات على الثورة، لم تحرز الحكومات المتتالية تقدمًا في تحقيق العدالة والمحاسبة عن الانتهاكات الجسيمة بحق المتظاهرين المشاركين في الثورة في ديسمبر 2010 ويناير 2011. فقد تعثرت المحاكمات التي بدأت في مايو 2018 أمام الدوائر القضائية المتخصصة المشكَّلة بموجب قانون العدالة الانتقالية، في ظل رفض العديد من المسئولين السابقين والحاليين في وزارة الداخلية المثول أمام أو التعاون مع المحاكم.[102]

شهدت تونس حراكًا في السنوات الخمس الأخيرة للمدافعين عن حقوق المثليين، وفي أنشطة المنظمات المناصرة للحقوق الفردية، إلا أن قيادات وأعضاء المنظمات المعنية بالأقليات الجنسية تعرضوا للعديد من الاعتداءات الأمنية، ومداهمة منازلهم أو التحريض المباشر ضدهم في بعض وسائل الإعلام، ومن جانب بعض البرلمانيين دون محاسبة.[103]

ورغم تجميد عقوبة الإعدام في تونس منذ عام 1991، وموقفها كدولة داعمة للقرار السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن تعليق استخدام عقوبة الإعدام، إلا أن الرئيس قيس سعيد، وفي تصريحات صادمة في سبتمبر، خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي، دافع عن عودة تطبيق عقوبة الإعدام في تونس، وذلك في إطار تعليقه على وقوع جريمة قتل مروعة في تونس.[104]

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

السودان

قضى السودان عامه الثاني في خطته الانتقالية ذات الثلاثة أعوام، وسط مؤشرات متناقضة تعكس صراع المصالح بين القوى السياسية المشاركة في إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، ومخاوف متزايدة من هيمنة العسكريين على العملية السياسية، واستمرار نفوذهم الاقتصادي دون مساس، خاصةً في ظل التدخلات الإقليمية من الإمارات والسعودية ومصر لصالح المؤسسة العسكرية وأجنحتها المتصارعة.

اتخذت السلطات الانتقالية عددًا من الإصلاحات النوعية الهامة لتعزيز حقوق الإنسان من ضمنها؛ إلغاء قوانين النظام العام المستخدمة للتضييق على حقوق المرأة، بما في ذلك مشاركتها في الحياة العامة والسياسية، كما تم تجريم ختان الإناث، وإلغاء شرط حصول الزوجة على إذن من زوجها قبل السفر مع الأبناء، وإلغاء عقوبة الإعدام المقررة في القانون على الردة عن الإسلام، وتقليص صلاحيات الأمن في الاعتقال والقبض، وبعض الضمانات القانونية لمنع التعذيب وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز، كما اتخذت السلطات بعض الإجراءات الممهدة لإصلاح القضاء. وفي هذا السياق عين مجلس السيادة السيدة نعمات عبد الله الخير في منصب رئيسة القضاء، كما تم تعيين تاج السر الحبر في منصب النائب العام بترشيح من الحكومة الانتقالية. وتشكلت لجنة تفكيك التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال للتعامل مع فساد رموز النظام السابق.

بشكل عام شهد السودان تحسنًا كبيرًا في الحريات المكفولة للمجتمع المدني، واتساع مساحة حرية الرأي والتعبير، وأبدت السطات الانتقالية انفتاحًا في التحاور والتشاور مع المنظمات غير الحكومية، ومن بينها المنظمات العاملة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان داخل وخارج السودان. كما قبلت الحكومة السودانية استضافة مكتب قطري للمفوضية السامية لحقوق الإنسان. وقد وافق مجلس الأمن في يونيه على إرسال بعثة شاملة من الأمم المتحدة لمساعدة عملية الانتقال في السودان، وذلك بناءً على دعوة من الحكومة السودانية. ويفترض أن تحل هذه البعثة محل بعثة قوات حفظ السلام المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور.

في أكتوبر وقعّت الحكومة الانتقالية بشكل نهائي اتفاق سلام مع الجبهة الثورية السودانية، والتي تضم حركات سياسية وجماعات مسلحة من ولايات النيل الأزرق وجنوب كردڤان ودارفور، بعد مفاوضات استمرت لنحو عشرة أشهر. وقد تضمن الاتفاق 8 بروتوكولات في مجالات العدالة الانتقالية، والتعويضات، وملكية الأرض، وتطوير قطاع المراعي والرعي، وتقاسم الثروة والسلطة، وعودة اللاجئين والنازحين. لكن المفاوضات لم تشمل اثنين من أبرز حركات المعارضة المسلحة وهما حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، والحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. كما وقّع رئيس الوزراء إعلان مبادئ في أديس أبابا في 3 سبتمبر مع الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال يقر ضمن بنود أخرى بمبدأ فصل الدين عن الدولة في الدستور المقبل، أو منح حق تقرير المصير لمنطقة جبال النوبة في حالة رفض هذا المبدأ. وقد صاحب توقيع اتفاق السلام آمالًا عريضة لإنهاء معاناة المدنيين في هذه المناطق على مدار عقود.

تستمر أعمال العنف في بعض المناطق خاصة في إقليم دارفور. ففي الفترة بين شهري يوليو وسبتمبر قُتل ما لا يقل عن 70 شخصًا بينهم مزارعين في مناطق تحت السيطرة الحكومية وسط وشمال دارفور، وبسبب أعمال حرق ونهب المنازل والأسواق أضطر للنزوح القسري نحو 8 آلاف مدنيًا.[105] كما تصاعدت أيضًا الممارسات المنذرة بالقلق بشأن مستقبل عملية التحول الديمقراطي في البلاد، وسط تزايد في التحركات الشعبية الاحتجاجية تعبيرًا عن الإحباط المتزايد من الأوضاع السياسية والاجتماعية، خاصةً في ظل تراكم الضغوطات الاقتصادية بفعل تداعيات ج كوفيد-19. فقد تجاوز معدل التضخم 200٪ في يونيه 2020.

وتابعت الأجهزة الأمنية استخدامها المفرط للقوة المميتة في مواجهة التظاهرات خاصةً في إقليم دارفور وشرق السودان. كما تعرض بعض النشطاء والإعلاميين للاعتقال والمحاكمة في قضايا رأي. وفي يوليو أعلن المجلس العسكري في بيان عام أنه لن يتسامح مع التطاول على الجيش وقياداته عبر منصات التواصل الاجتماعي، محذرًا من استخدام تشريعات مقيدة للحريات متوارثة من عهد البشير -خاصةً قانون الجرائم الإلكترونية الصادر عام 2007، وقانون المطبوعات والصحافة- في الملاحقات القانونية للإعلاميين والمدونين. ففي سبتمبر حُكِم على خمسة فنانين بالحبس شهرين والغرامة بعد إدانتهم «بإثارة السلام الاجتماعي» على خلفية ترديدهم شعارات مطالبة بالديمقراطية أثناء تواجدهم في مركز للشرطة. وقد تعرض بعضهم للاعتداءات البدنية خلال اعتقالهم. وفي 8 نوفمبر اعتقلت السلطات السودانية المدافعة عن حقوق المرأة وعد بهجت بسبب فيديو نشرته على صفحتها على موقع فيس بوك حول تورط أفراد من الأمن والجيش في التحرش الجنسي بالنساء. وظلت الناشطة قيد الاعتقال حتى 9 ديسمبر ثم حولت للمحاكمة الجنائية بتهم «نشر أخبار كاذبة»، و «سب موظف عام»، و «الإزعاج العام». كما مثلت الصحفية سلافة الصديق الحاچ للتحقيق في 16ديسمبر على خلفية حوارات صحفية أجرتها حول فساد بعض أعضاء نظام حكم الرئيس السابق عمر البشير.[106]

بحسب تقارير المركز الأفريقي للعدالة ودراسات السلام، تصاعدت المخاوف من استمرار ممارسات التعذيب على نحو يكشف استمرار الخلل القانوني في مكافحة هذه الجريمة، وسوء استخدام السلطة من جانب أفراد الأمن.[107] ففي ديسمبر شهدت الخرطوم وأم درمان مظاهرات واسعة تنديدًا بمقتل الناشط السياسي بهاء الدين نوري، عضو لجنة المقاومة، ومن المرجح أن تكون وفاته جاءت نتيجة للتعذيب، بعد إخفائه واعتقاله لمدة خمسة أيام بواسطة أفراد تابعين لقوات الدعم السريع في 16 ديسمبر.[108]

الحكومة الانتقالية تأخرت أيضًا في الوفاء ببعض الاستحقاقات الانتقالية المنصوص عليها في الإعلان الدستوري الانتقالي، من أهم تلك الاستحقاقات المؤجلة تعيين المجلس التشريعي، وتأسيس مفوضيات حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية. كما بقيت الأجهزة الأمنية بتقاليدها الموروثة من الحقبة السلطوية دون إصلاح جذري؛ في ظل تجاهل مجلس السيادة لبعض التوصيات المرفوعة من الحكومة الانتقالية حول هذا الشأن. بينما تستمر السلطات في التخبط في إدارة ملف المحاسبة على الجرائم الجسيمة التي ارتكبت خلال سنوات حكم عمر البشير خاصةً في إقليم دارفور غرب السودان، وخلال أحداث العصيان المدني، والاحتجاجات الشعبية خلال عامي 2018و2019. وكانت العدالة والمحاسبة من ضمن المطالب التي تبنتها احتجاجات شعبية واسعة في مناطق عدة بالسودان تحت عنوان «تصحيح المسار» في 30 يونيه 2020. وبرغم التصريحات الرسمية لعدة مسئولين في الحكومة الانتقالية ومجلس السيادة، والتي تؤكد قبول التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وتعديل القانون الجنائي لإلغاء تجريم التعاون مع المحكمة؛ لكن باستثناء إقدام علي كوشيب -أحد قيادات ميلشيات الجناجويد- على تسليم نفسه للمحكمة في يونيه، لا تزال السلطات ترفض تسليم المتهمين المطلوبين للمثول أمام المحكمة في لاهاي، وعلى رأسهم الرئيس السابق عمر البشير.

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

اليمن

يتفاقم تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن جراء استمرار النزاعات المسلحة للعام السادس، كما لا تزال جرائم حقوق الإنسان بدون محاسبة، ولم تواجه الدول المتورطة في هذه الانتهاكات -وبشكل خاص التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات والمتحمل القسم الأكبر من هذه الانتهاكات- أي تبعات، كما يستمر تدفق الأسلحة للأطراف المتحاربة.

وكنتيجة مباشرة للنزاع فإن 80٪ من السكان بحاجة للمساعدة الإنسانية، معظمهم من النساء والأطفال، بينما يعيش الملايين على حافة المجاعة. كما ضاعف تفشي جائحة كوفيد-19 من التحديات الإنسانية، إذ لقي مئات اليمنيين حتفهم في جميع أنحاء اليمن، وارتفعت معدلات الإصابة بكوفيد-19 والكوليرا بين السكان، في ظل افتقار ما يقرب من 20 مليون شخصًا للرعاية الصحية، والنقص الحاد في الدواء والأدوات الطبية، نتيجة تدمير النظام الصحي الداخلي في البلاد، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية من غذاء ومأوى وخدمات أساسية للمدنيين.

فمنذ عام 2015 استهدفت الأطراف المتحاربة -خاصةً التحالف السعودي الإماراتي- العديد من المرافق الصحية، والعاملين في القطاع الصحي. كما تدخلت أطراف النزاع -خاصةً الحوثيين- في عملية توصيل المساعدات. وأدت إساءة استخدام أموال المنح المقدمة من بعض المنظمات الدولية في مارس، للإعلان عن تعليق بعض المساعدات، كما قررت الولايات المتحدة الأمريكية في 27 مارس، قطع المساعدات الإنسانية، وخفّض برنامج الغذاء العالمي المساعدات إلي النصف في بعض المناطق.

خلّفت الحرب في اليمن نحو ربع مليون قتيلاً، بما في ذلك ما يربو عن 112 ألف شخصًا قُتلوا بشكل مباشر خلال الأعمال القتالية منذ مارس 2015؛ ويُعتقد أن عدد القتلى الفعلي أكبر بكثير، فضلًا عن نزوح ما لا يقل عن 3.6 مليون شخصًا.

تستمر الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله (الحوثية) المسلحة والتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات والقوات التابعة لهما في ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي ولحقوق الإنسان. وقد تضمنت هذه الانتهاكات استخدام الغارات الجوية غير القانونية، والقصف العشوائي، واستخدام الألغام الأرضية، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والتعذيب، وتجنيد الأطفال.

تتورط الأطراف المتحاربة في اليمن في جرائم اعتقال وإخفاء مئات المدنيين قسرًا، بمن فيهم الصحفيين والحقوقيين، واحتجازهم في ظروف مزرية؛ حيث مرافق احتجاز مكدسة وغير صحية، تعج بالأمراض المعدية، وتعاني معظمها من غياب الرعاية الصحية الروتينية، وفي بعض الحالات يتم حرمان المعتقلين منها بالكامل. كما تفتقر أنظمة السجون اليمنية القدرة على الرعاية الصحية، ويعوزها الإمدادات الطبية أو الموارد اللازمة للتعامل مع جائحة كوفيد-19.

منذ تحديد آلية تنفيذية لتبادل الأسرى في إطار اتفاق ستوكهولم 2018 وحتى اليوم، أولت أطراف النزاع في اليمن الأهميّة لتبادل المعتقلين العسكريين على حساب المعتقلين المدنيين. فمنذ عام 2016، وطبقا لمنظمة «مواطنة لحقوق الإنسان» تُقدَّر حالات الاعتقال التعسفي بــــ 1605 حالة، ووصلت حالات الاختفاء القسري إلى 770 حالة بتورط من مختلف أطراف النزاع، بما في ذلك الحكومة اليمنيّة المُعترف بها دوليًا، وأنصار الله، والإمارات والمجموعات التابعة لها.[109]

يتعرض العاملون في مجال الإعلام لمخاطر جسيمة؛ ففي أبريل حكمت محكمة في صنعاء، تابعة للحوثيين، على أربعة صحفيين بالإعدام بتهمة «التعاون مع العدو» من بين عشرة صحفيين أُدينوا بنشر أخبار كاذبة. ووفقًا لقرار الاتهام الصادر عن النيابة العامة فإن الصحفيين العشرة متهمين بـــ «إذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة ومغرضة ودعاية مثيرة، وإنشاء وإدارة عدة مواقع وصفحات على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، تنشر الأخبار والبيانات والإشاعات الكاذبة المغرضة المؤيدة لجرائم التحالف بقيادة السعودية»، وقد استمر اعتقال هؤلاء الصحفيين لمدة خمسة سنوات وشابت محاكمتهم مخالفات جسيمة تتعلق بحقهم في الدفاع والتمثيل القانوني.[110]

في أبريل أعلن التحالف بقيادة السعودية والإمارات عن وقف مؤقت للأعمال العدائية، لكن سرعان ما تم استئناف الأعمال المسلحة. ومنذ عام 2016، أعلنت 12 دولة أوروبية، من بينها بلجيكا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة، عن تدابير لتعليق أو تقييد مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ على خلفية الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها التحالف الذي تقوده الدولتان في اليمن. لكن الوضع مختلف مع فرنسا، إذ تكتفي فقط بالتأكيد على تعزيز الآلية الحكومية للترخيص بنقل الأسلحة، دون الإشارة إلى ماهية هذه الضوابط المعززة أو كيفية ضمانها لعدم استخدام الأسلحة الفرنسية في ارتكاب انتهاكات بحق المدنيين اليمنيين.[111]

ورغم استمرار التحالف السعودي في ارتكاب الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال في اليمن، إلا أنه تم حذف التحالف من قائمة الأطراف المتورطة في انتهاكات جسيمة بحق الأطفال في سياقات النزاعات المسلحة بقرار من الأمين العام للأمم المتحدة. وكان تقرير الأمم المتحدة الصادر في منتصف عام 2020 حول الأطفال والنزاعات المسلحة قد أشار إلى مسئولية التحالف عن مقتل وتشويه 222 طفلًا في اليمن خلال عام 2019.[112]

فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين المعني باليمن، والمُشكَّل من مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عام 2017، أقر في تقريره الصادر في سبتمبر 2020 أن المجتمع الدولي «يستطيع ويتوجب عليه بذل المزيد للمساعدة في سد الفجوة الحادة المتعلقة بالمساءلة عن الجرائم المرتكبة في اليمن». وقدّم الخبراء قائمة بتوصيات محددة، بما فيها توصيات لمجلس الأمن، لإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين لعقوبات مجلس الأمن. كما دعم فريق الخبراء تشكيل هيئة تحقيق على غرار الآلية الدولية المحايدة المستقلة الخاصة بسوريا. ودعا الفريق مجلس الأمن تحديدًا إلى ضمان إبقاء ملف حقوق الإنسان في اليمن على قائمة جدول أعماله، وضمان توفير الموارد الكافية لفريق الخبراء من أجل جمع وحفظ وتحليل المعلومات المتعلقة بالانتهاكات والجرائم في اليمن.

وعلى المدى البعيد، شجّع فريق الخبراء على «إجراء المزيد من الحوار حول إنشاء محكمة خاصة كـــ «المحكمة المختلطة» لمقاضاة الأشخاص الأكثر مسئولية»، كما أعاد التأكيد على أهمية حق الضحايا في تصويب أوضاعهم، بما فيه الحصول على التعويضات المادية، داعيًا إلى أن تكون حقوق الإنسان «في صميم أي مفاوضات سلام مستقبلية»، بما في ذلك عدم اتخاذ أية خطوات قد تؤول إلى تقويض الحقوق والمساءلة، «مثل منح العفو الشامل». كما أعاد فريق الخبراء التذكير بمخاوفه من أن الدول التي تزوّد أطراف النزاع بالأسلحة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، قد تنتهك التزاماتها بموجب معاهدة تجارة الأسلحة، وأن هذا الدعم قد يصل حد جريمة مساعدة ودعم الأعمال غير المشروعة دوليًا.

بعد العديد من المفاوضات المتعثرة أعلن التحالف بقيادة السعودية في 18 ديسمبر عن تشكيل حكومة تتقاسم السلطة، من خلال ضم شخصيات من المجلس الانتقالي الجنوبي في حكومة معين عبد الملك التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي. جاء ذلك في إطار المساعي الرامية لإنهاء بؤرة أخرى من النزاع المسلح في اليمن تأججت منذ عام 2019 بين حكومة هادي المدعومة من السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات. إلا أن التخوفات بشأن تماسك هذا الاتفاق سرعان ما تصاعدت في أعقاب التفجيرات التي ضربت مطار عدن في 30 ديسمبر بالتزامن مع هبوط طائرة تحمل على متنها أعضاء الحكومة الجديدة، مما أدى إلى مقتل 25 وإصابة أكثر من 100 شخصًا معظمهم من المدنيين العاملين في المطار.

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

دول مجلس التعاون الخليجي

فرضت كلًا من السعودية والإمارات وعمان والكويت والبحرين قيودًا مشددة على حرية الرأي والتعبير، واتجهت لتغليظ الرقابة على الإنترنت بالتزامن مع تفشي جائحة كوفيد- 19.[113]

غلّظت قطر القيود على حرية الرأي والتعبير في التعديل الذي أُدخل على قانون العقوبات في يناير2020. إذ نصت مادة مستحدثة في القانون على عقوبة الحبس على «كل من أذاع أو نشر أو أعاد نشر إشاعات أو بيانات أو أخبار كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة، متى كان ذلك بقصد الإضرار بالمصالح الوطنية أو إثارة الرأي العام أو المساس بالنظام الاجتماعي أو النظام العام للدولة».[114] ويعزز هذا التعديل القيود المفروضة بالفعل على حرية الرأي والتعبير في قطر بموجب مواد أخرى في قانون العقوبات، إضافة لقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2014، وقانون المطبوعات والنشر لعام 1979.

كما تستمر قضية انعدام الجنسية، وما يترتب عليها من صور صارخة للتمييز في التمتع بحقوق المواطنة في الكويت وقطر. فمنذ عام 1996 جردت السلطات القطرية عائلات عشيرة الغفران بشكل تعسفي من الجنسية، وتم حرمانهم من حقوق أساسية في مجالات العمل والرعاية الاجتماعية والصحية والتملك.[115] بينما يعاني مجتمع البدون في الكويت، والذي يضم أكثر من 88 ألف شخصًا، من استمرار إنكار وضعيتهم المدنية وحقوق المواطنة، إذ يتم اعتبارهم مقيمين بصفة غير قانونية. ويستمر استهداف والتضييق على النشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان المنتمين لمجتمع البدون خاصةً إذا شاركوا في تظاهرات واعتصامات دفاعًا عن حقوقهم. ففي 28 يناير 2020 حكمت محكمة الجنايات في الكويت على ناشطين من البدون، بالسجن 10 سنوات، كما حكمت غيابيًا على ناشط ثالث بالسجن مدى الحياة بتهم التحريض على قلب نظام الحكم، وسوء استخدام وسائل الاتصال.[116]

وفي البحرين والإمارات والسعودية، يستمر حبس أبرز المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان بموجب أحكام قاسية بعد محاكمات تعسفية، أو الزج بهم في السجون قيد الحبس الاحتياطي السابق للمحاكمة، على خلفية نشاطهم الحقوقي أو التعبير السلمي عن الرأي.

فبينما أفرجت السلطات البحرينية عن نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان في يونيه 2020، والمحتجز منذ عام 2016، والمحكوم عليه عام 2018 بالسجن خمس سنوات بسبب تغريدات على حسابه على موقع تويتر تنتقد دور السعودية في حرب اليمن، وتفضح ممارسات التعذيب في سجن چو، يظل العديد من الحقوقيين والمعارضين الآخرين قيد الحبس في البحرين. فلا يزال ناجي فتيل عضو جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان يقضي عقوبة السجن لمدة 15 عامًا منذ عام 2013 بتهمة «تأسيس جماعة من شأنها تقويض الدستور». ويعاني ناجي فتيل من أوضاع احتجاز غير إنسانية، الأمر الذي دفعه لخوض إضراب مفتوح عن الطعام أكثر من مرة كان أخرها في أغسطس 2020.[117] كما يقضي الحقوقي البارز عبد الهادي الخواجة الرئيس السابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان، ومؤسس مركز الخليج لحقوق الإنسان عقوبة السجن المؤبد بعد محاكمة عسكرية عام 2011 ضمت نشطاء آخرين من بينهم المدون الدكتور عبد الجليل السنكيس.

وفي الإمارات يقبع معظم نشطاء حقوق الإنسان في السجون، ومن بينهم المحامي محمد الركن والحقوقي والصحفي أحمد المنصور، بعد تعرضهم لمحاكمات وإدانات في قضايا رأي خلال العقد الأخير. وقد تدهورت الأوضاع الصحية لأحمد المنصور خلال الشهور الأخيرة من عام 2020 نتيجة حبسه الانفرادي لأكثر من ثلاث سنوات، وحرمانه من حقوقه الأساسية في محبسه في سجن الصدر.[118] وكان حكم قد صدر على أحمد المنصور بالسجن لمدة عشر سنوات في مايو 2018 بتهمة «الإساءة إلى هيبة ومكانة الإمارات ورموزها». كما تعتمد الإمارات سياسة الحبس الانفرادي طويل المدة ضد كثير من المعتقلين والسجناء، الأمر الذي دفع إحدى السجينات لمحاولة الانتحار في مارس 2020.

وفي السعودية استمر اعتقال خمس مدافعات عن حقوق المرأة من بينهم لجين الهذلول وسمر بدوي ونسيمة السادة ونوف عبد العزيز ومياء الزهراني، واللاتي تم القبض عليهن في مايو 2018 على خلفية أنشطتهن المناصرة لمكافحة التمييز ضد المرأة في المملكة. وبحسب تقارير محلية ودولية فقد تعرضت لجين الهذلول للتعذيب، والاعتداء الجنسي والجبس الانفرادي. وفي نوفمبر تم إحالة القضية للمحاكمة أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بالإرهاب، بتهم «التجسس مع جهات أجنبية» و«التآمر على المملكة». وفي 28ديسمبر حُكم على لجين الهذلول بالسجن لمدة خمس سنوات وثمانية أشهر مع وقف تنفيذ الحكم لمدة عامين و10 أشهر .[119] وقد تم إطلاق سراحها في 10 فبراير 2021 مع منعها من السفر لمدة خمسة أعوام، وخضوعها لفترة مراقبة لمدة ثلاثة سنوات. ويبقى سريان هذا الإفراج مشروطاً بتعهدها عدم التحدث علناً عن قضياها وظروف اعتقالها.[120]

وبالمثل، يقضي العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان أحكامًا قاسية بالسجن في المملكة، من بينهم محمد العتيبي مؤسس منظمة اتحاد حقوق الإنسان في الرياض، والمحامي ومؤسس مرصد حقوق الإنسان وليد أبو الخير، والمدون رائف بدوي، ومؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) ومن بينهم الدكتور محمد فهد القحطاني، فوزان الحربي، عبد العزيز الشبيلي.

تفرض السلطات السعودية أوضاع احتجاز قاسية على المعتقلين والسجناء. ففي أبريل توفي الحقوقي عبد الله الحامد عضو جمعية الحقوق المدنية والسياسية، والمعتقل منذ عام 2012 والمحكوم عليه بالسجن لمدة 11و10 سنوات على التوالي. تعرض الحامد لأزمة صحية حادة قبل ثلاثة أشهر من وفاته لكنه حُرم من تلقي العلاج، كما تم منعه من إخبار أسرته بظروفه الصحية.[121]

في أبريل أعلنت السعودية تبني بعض الإصلاحات الجزئية لقانون العقوبات تتعلق بتقييد تطبيق عقوبة الإعدام على الأشخاص أقل من 18 عامًا وقت ارتكاب الجرائم، ما لم يكن اتهامهم في ظل قانون الإرهاب. كما ألغت المملكة عقوبة الجلد في الجرائم ذات العقوبة التعزيرية واستبدلتها بالسجن.

تطبق السعودية عقوبة الإعدام بشكل واسع فبحسب منظمة العفو الدولية تعد المملكة واحدة من أكثر الدول تنفيذًا لعقوبة الإعدام؛ ففي عام 2019 أُعدم 184 شخصًا في السعودية على خلفية محاكمات لا تضمن حقوق الدفاع، فضلًا عن تعرض المتهمين في كثير من الأحيان للتعذيب وسوء المعاملة أثناء التحقيق والاحتجاز.[122]

ويستمر إفلات مخططي ومرتكبي جريمة القتل المروعة ضد الصحفي السعودي والإصلاحي البارز جمال خاشقچي في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018 من العقاب والمحاسبة، خاصةً المستويات العليا من الحكم السعودي والتي ثبت تورطها في التحريض والتخطيط للجريمة، وعلى رأسهم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس السابق للمخابرات أحمد العسيري ومستشار ولي العهد سعود القحطاني. وكان أبناء خاشقچي قد أعلنوا في مايو العفو عن قتلة والدهم، وذلك بعد شهور قليلة من صدور أحكام بالإعدام والسجن ضد خمسة متهمين في السعودية.[123]

جدير بالذكر أن السعودية فشلت في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة خلال الانتخابات التي أجرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر لاختيار ممثلي منطقة أسيا والمحيط الهادي.

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك

الهوامش

[1] الأمم المتحدة، موجز تنفيذي، «كوفيد-19 والمنطقة العربية: فرصة لإعادة البناء على نحو أفضل» تموز/يوليو 2020

https://unsdg.un.org/sites/default/files/2020-07/AR_SG-Policy-brief-COVID-19-and-Arab-States.pdf

[2] WORLD BANK MIDDLE EAST AND NORTH AFRICA REGION, MENA ECONOMIC UPDATE APRIL 2020, How Transparency Can Help the Middle East and North Africa?

https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/33475/9781464815614.pdf

[3] شبكة السياسات الفلسطينية، «فلسطين وكوفيد-19: دروس للقيادة في زمن الأزمة»، 10 سبتمبر 2020، تجدونه على:

https://bit.ly/3kzrWcY

[4] متراس، «القضاء الفلسطينيّ.. كيف يؤمّن عبّاس نفسه؟»، 2 فبراير2021، تجدونه على:

https://bit.ly/3b1AVAy

[5] عربي 21 «مركز إسرائيلي: هزيمة عباس بالانتخابات ليست في مصلحتنا»، 4 فبراير 2021، تجدونه على:

https://arabi21.com/story/133342

[6] يرصد هذا التقرير الموجز أهم مؤشرات حقوق الإنسان في المنطقة العربية خلال عام 2020. لا يهدف التقرير إلى تقديم رصد حصري للانتهاكات الحقوقية لكن يسعى لقراءة أهم أنماط هذه الانتهاكات في سياقاتها السياسية المحلية والإقليمية.

[7] مسعود الرمضاني، «كوفيد-19: الأزمة التي عمقت هشاشة منطقة منهكة»، رواق عربي، 27 نوفمبر 2020.

https://rowaq.cihrs.org/covid-19-the-crisis-compounding-the-fragility-of-an-exhausted-region/

[8] المرجع السابق.

[9] بروكينغز، الحوكمة في المنطقة العربية: الخبراء يناقشون الاستجابات العامة لفيروس كورونا المستجدّ، 3 سبتمبر 2020

https://www.brookings.edu/ar/opinions/%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%88%d9%83%d9%85%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a8%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d9%8a%d9%86/

[10] إريك غولدستين، عندما تمزّق الحرب الرعاية الصحية: فيروس كورونا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 16 أبريل 2020

https://www.hrw.org/ar/news/2020/04/16/340807

[11] بهي الدين حسن، «فهم المخاطر واستثمار الفرص خلال الدفاع عن حقوق الإنسان بزمن كوفيد19»، مجلة رواق عربي، 22 يوليو 2020.

https://rowaq.cihrs.org/views-understanding-risks-and-investing-in-opportunities-while-defending-human-rights-in-the-time-of-covid-19/

[12] United Nations, “The Impact of COVID-19 on the Arab Region”, July 2020

https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/SG%20Policy%20brief%20COVID-19%20and%20Arab%20States%2C%20English%20version%2C%20July%202020.pdf

[13] الجزيرة، «احتجاجات المعلمين متواصلة بالأردن»، 26 يوليو 2020.

https://www.aljazeera.net/news/2020/7/26/%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%AC-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9

[14] Sarah Dadouch, “Black Lives Matter Protests Spark Debate over Racism in the Arab World”, The Washington Post, 8 July 2020.

https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/black-lives-matter-protests-spark-debate-over-racism-in-the-arab-world/2020/07/07/83234c5e-b7ab-11ea-9a1d-d3db1cbe07ce_story.html

[15] Amnesty International, “COVID-19 is New Pretext for Old Tactics of Repression in GCC”, 15 October 2020.

https://www.amnesty.org/download/Documents/MDE0431362020ENGLISH.pdf

[16] العفو الدولية «مصر: العاملون في المجال الصحي يواجهون خيارات مستحيلة الموت أو السجن»، 18 يونيه 2020

https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/06/egypt-health-care-workers-forced-to-make-impossible-choice-between-death-or-jail/

[17] هيومان رايتس ووتش، «الأردن: تهديد حرية الرأي والتعبير في الاستجابة لكورونا»، 5 مايو 2020.

https://www.hrw.org/ar/news/2020/05/05/375162

[18] Alexis Thiry, “Will COVID-19 Create a Human Rights Crisis in the Middle East and North Africa? 1 October 2020. https://www.justsecurity.org/72643/will-covid-19-create-a-human-rights-crisis-in-the-middle-east-and-north-africa/

[19] هيومان رايتس ووتش، «الأردن: إغلاق نقابة المعلمين وتوقيف نقابيين»، 30 يوليو 2020.

https://www.hrw.org/ar/news/2020/07/30/375956

[20] الأمم المتحدة، «باشيليت تدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تمنع فيروس كوفيد من اجتياح أماكن الاحتجاز»، 25 مارس 2020.

https://www.ohchr.org/AR/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=25745&LangID=A

[21] الجزيرة، «دعوات لإطلاق سراح معتقلي الرأي بالعالم العربي حشية تفشي كورونا»، 17 مارس 2020.

https://mubasher.aljazeera.net/news/politics/2020/3/17/%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%AD-%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A

[22] سجى مرتضى ونور مخدر، «السلطات اللبنانية تلاحق نشطاء السوشال ميديا»، 30 نوفمبر 2020.

https://daraj.com/60918/

[23] Gulf Centre for Human Rights, “Oman: Internal security Service Establishes New Mechanism of Control over the Internt”,13 July 2020. https://www.gc4hr.org/news/view/2428

[24] Amnesty International, “COVID-19 is New Pretext for Old Tactics of Repression in GCC”, 15 October 2020.

https://www.amnesty.org/download/Documents/MDE0431362020ENGLISH.pdf

[25] هيومان رايتس ووتش، «الأردن: اعتقالات وتفريق بالقوة خلال احتجاجات المعلمين»، 27 أغسطس 2020.

https://www.hrw.org/ar/news/2020/08/27/376216

[26] Al Jazeera ‘Egypt’s rising digital Authoritarianism

https://www.aljazeera.com/opinions/2020/9/24/egypts-rising-digital-authoritarianism/

وهيومن رايتس ووتش، مصر: ملاحقات لنساء بزعم حماية الآداب:

https://www.hrw.org/ar/news/2020/08/17/376081

[27] الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وآخرون، «مصر: منظمات حقوقية تطالب السلطات المصرية بالتوقف عن ممارسة الرقابة على الإنترنت وحجب المواقع»، 4 نوفمبر 2020.

https://cihrs.org/government-called-on-to-end-internet-censorship-and-website-blocking/

[28] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وآخرون، «منظمات حقوقية تطالب الصليب الأحمر بتفقد أوضاع السجون في مصر»، 17 يناير 2020.

https://cihrs.org/egypt-rights-groups-renew-demand-for-red-cross-oversight-of-prisons/

[29] مركز القاهرة وآخرون، «رسالة مفتوحة إلى وزارة العدال المصرية حول وفاة المخرج شادي حبش في محبسه»،22 مايو 2020

https://cihrs.org/open-letter-to-the-egyptian-ministry-of-justice/

[30] مركز القاهرة وآخرون، «سوء المعاملة والإجراءات التعسفية تدفع محتجزي سجن طرة لإضراب جديد عن الطعام»، 14 أكتوبر 2020.

https://cihrs.org/ill-treatment-and-arbitrary-measures-trigger-new-hunger-strike-at-istiqbal-tora-prison/

[31] مركز القاهرة وآخرون، «علاء عبد الفتاح يضرب عن الطعام»، 30 أبريل 2020.

https://cihrs.org/freealaa-egyptian-activist-alaa-abdel-fattah-on-hunger-strike-protesting-his-continued-illegal-detention/

[32] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، «منظمات حقوقية مصرية حول ظاهرة الاعتقال التعسفي المتجدد»، 22 يناير 2020.

https://cihrs.org/egypt-detainees-ensnared-in-prison-system-by-illegitimate-practice-of-recycling-cases-tampering-with-egypts-judiciary-to-keep-government-critics-perpetually-behind-bars/

[33] الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، «على النيابة الإفراج الفوري عن الأطباء المحبوسين»، 11 سبتمبر 2020.

https://egyptianfront.org/ar/2020/09/corona2-doctors/

[34] مركز القاهرة وآخرون، «منظمات حقوقية: نطالب بحفظ القضية 488»، 23 يناير 2020.

https://cihrs.org/egypt-close-case-488-and-immediately-release-all-defendants/

[35] مركز القاهرة وآخرون، «مخاوف كبيرة بشان إضافة رامي شعث وزياد العليمي لقوائم الإرهاب»، 25 أبريل 2020.

https://cihrs.org/grave-concerns-over-prominent-activists-ramy-shaath-and-zyad-al-elaimy-being-added-to-egypts-terrorists-list/

[36] هبه أنيس، «قوائم الإرهاب: ضمانات دستورية غائبة ومصطلح يفقد معناه»، 25 نوفمبر 2020.

https://almanassa.com/ar/story/15437

[37] Tom Allinson, “Egypt: Crackdown Intensifies as Protests spread to Rural Poor”, 7 October 2020.

https://www.dw.com/en/egypt-crackdown-intensifies-as-protests-spread-to-rural-poor/a-55184682

[38] الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، «تحقيقات مستمرة وتحديثات دورية»، 30 أكتوبر 2020.

https://egyptianfront.org/ar/2020/10/20sep-arrest/

[39] مركز القاهرة وآخرون، «التعذيب والصعق بالكهرباء والتهم الملفقة لباحث حقوقي»، 12 فبراير 2020.

https://cihrs.org/patrick-george-zaki/

[40] مركز القاهرة وآخرون، «مصر: التهديدات الأمنية وأدواتها القضائية لن تثني الحقوقيين عن مواصلة دورهم في حماية حقوق المصريين»، 25 أغسطس 2020.

https://cihrs.org/egypt-state-security-threats-and-security-dominated-judiciary-will-not-discourage-human-rights-defenders-from-protecting-the-rights-of-egyptians/

[41] UN, “Egypt Uses Terrorism Trials to Target Human Rights Activists, Say UN Experts”, 8 October 2020.

https://www.ohchr.org/en/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=26364&LangID%20=E&fbclid=IwAR24sV9yEANqie__wLDIPu4PCM2H3Wwf_A494muYqqEdvgL0Hx5Bfribnn0

[42] مركز القاهرة وآخرون، «السلطات المصرية تتعمد توظيف تهم الإرهاب للانتقام من معارضيها والتنكيل بهم»، 22 أكتوبر 2020.

https://cihrs.org/governments-vindictive-use-of-terrorism-charges-against-peaceful-critics-denounced-by-human-rights-organizations/

[43] مركز القاهرة وآخرون، «مصر: 55 منظمة حقوقية تطالب بالتحرك الفوري لإطلاق سراح قادة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وحماية المدافعين المصريين عن حقوق الإنسان»، 2 ديسمبر 2020.

https://cihrs.org/ngos-call-on-authorities-to-release-leaders-of-the-egyptian-initiative-for-personal-rights/

[44] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، «مصر: البرلمان الأوروبي يطالب بمحاسبة المسئولين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في مصر والتحقيق الأممي في الجرائم المرتكبة»، 18 ديسمبر 2020.

https://cihrs.org/egypt-european-parliament-demands-accountability-for-officials-involved-in-rights-violations-in-egypt-and-calls-for-leadership-on-un-mechanism-to-examine-rights-abuses/

[45] المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إعدام 53 شخص في شهر واحد عدد الأشخاص الذين تم تنفيذ عقوبة الإعدام بحقهم في شهر أكتوبر يفوق الإجمالي السنوي للإعدامات لكل من السنوات الثلاثة الماضية، 3 نوفمبر 2020. https://bit.ly/2OdjHXM

[46] Belkis Wille, “Why are Russian Paying for Bombing Schools in Syria?”, Open Democracy, 17 December 2020.

https://www.opendemocracy.net/en/odr/why-are-russians-paying-bombing-schools-syria/

[47] هيومن رايتس ووتش «سوريا/روسيا: استراتيجية استهدفت البنى التحتية المدنية» 15 أكتوبر 2020

https://www.hrw.org/news/2020/10/15/syria/russia-strategy-targeted-civilian-infrastructure

[48] الشبكة السورية لحقوق الإنسان، «القتل خارج نطاق القانون عام 2020»، 1 يناير 2021.

https://sn4hr.org/arabic/2021/01/01/12987/

[49] مركز القاهرة لدارسات حقوق الإنسان وآخرون، «سوريا: على المجتمع الدولي مواجهه الوضع الإنساني المروع في أدلب»، 13 مارس 2020.

https://cihrs.org/syria-escalating-humanitarian-horror-must-be-countered-by-international-community/

وأيضًا تقرير لهيومان رايتس ووتش

https://www.hrw.org/ar/news/2020/10/15/376471

[50] حركة عائلات من آجل الحرية وآخرون، «سوريا: من أجل حرية السيدات المختطفات في عفرين»، 16 يونيه 2020.

https://cihrs.org/syria-women-kidnapped-by-turkish-backed-factions-in-afrin-must-be-immediately-released/

[51] للمزيد: تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية، 14 أغسطس 2020.

https://undocs.org/ar/A/HRC/45/31

[52] Michel Duclos, “The Syrian Parliamentary Elections were a Mockery”, 31 July 2020.

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/the-syrian-parliamentary-elections-were-a-mockery/

[53] مركز القاهرة وآخرون، «منظمات حقوقية تطالب برفع الحصار الإسرائيلي غير القانوني على قطاع غزة»، 31 مارس 2020.

https://cihrs.org/palestine-on-land-day-civil-society-calls-for-accountability-and-an-end-to-israels-illegal-closure-of-gaza/

[54] مركز القاهرة وآخرون، «نظام الفصل العنصري الإسرائيلي يقوض حق الفلسطينيين في الصحة»، 8 أبريل 2020.

https://cihrs.org/israeli-apartheid-undermines-palestinian-right-to-health-amidst-covid-19-pandemic/

[55] الجزيرة، «موازنات ضخمة للأمن الفلسطيني. ما الأسباب»، 13 ديسمبر 2019. https://bit.ly/3qR15uK

[56] مركز القاهرة وأخرون، في يوم الأسير الفلسطيني: المجتمع المدني يطالب بالإفراج الفوري عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، 17 أبريل 2020.

https://cihrs.org/on-palestinian-prisoners-day-civil-society-calls-for-urgent-release-of-palestinian-prisoners-and-detainees-in-israeli-prisons/

[57] المرجع السابق.

[58] مركز القاهرة وآخرون، «فلسطين: يجب احترام حقوق وكرامة العمال الفلسطينيين في إسرائيل خلال وباء كوفيد-19»، 14 أبريل 2020.

https://cihrs.org/palestine-rights-and-dignity-of-palestinian-workers-in-israel-must-be-upheld-during-covid-19/

[59] مركز القاهرة وآخرون، «حان الوقت للاعتراف بالفصل العنصري الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وإنهائه»، 21 مارس 2020.

https://cihrs.org/international-day-for-the-elimination-of-racial-discrimination-time-to-recognise-and-end-israeli-apartheid-over-the-palestinian-people/

[60] هيومان رايتس ووتش، «إسرائيل: سياسات الأراضي التمييزية تحصر الفلسطينيين»، 12 مايو 2020.

https://www.hrw.org/ar/news/2020/05/12/339933

[61] Israel/OPT: UN Expert Alarmed by “Lopsided Trump Plan, Says Will Entrench Occupation’, 31 January 2020:

https://www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=25513&LangID=E

[62] مركز القاهرة وآخرون، «فلسطين: ضد خطة الولايات المتحدة لترسيخ نظام الفصل العنصري الإسرائيلي»، 5 فبراير 2020.

https://cihrs.org/palestine-united-states-plan-to-entrench-israels-apartheid-regime-must-be-rejected/

[63] التقرير السنوي للمفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فبها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل، 30 يناير 2020.

https://undocs.org/ar/A/HRC/43/67

[64] مركز القاهرة ومؤسسة الحق، «نرحب بنشر الأمم المتحدة قاعدة بيانات حول الشركات التجارية غير القانونية في المستوطنات الإسرائيلية»، 13 فبراير 2020.

https://cihrs.org/palestine-cihrs-and-al-haq-welcome-publication-of-un-database-on-businesses-involved-in-unlawful-israeli-settlements/

[65] DW, “Palestinian Groups Fatah, Hamas Agree to First Elections in Nearly 15 Years”, 24 September 2020.

https://www.dw.com/en/palestinian-groups-fatah-hamas-agree-to-first-elections-in-nearly-15-years/a-55044891

 [66]مركز الميزان، «حكم الإعدام الرابع خلال تسعة أيام»، 11 نوفمبر 2020، https://bit.ly/2YaYrUi

[67] الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، «الهيئة المستقلة تطالب الجهات الرسمية في قطاع غزة بعدم الاعتداء على المواطنين واحترام حرية الرأي والتعبير خلال مواجهتها فيروس كورونا»، 6 سبتمبر 2020. https://bit.ly/3ohyA87

[68] مركز الميزان، «مجلس منظمات حقوق الإنسان يدين الاعتداء على المواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة»، 15 سبتمبر 2020 https://bit.ly/3sXX2i4

[69] هيومان رايتس ووتش، «العراق: يبدوا آن الدولة متواطئة في مذبحة المحتجين»، 16 ديسمبر 2020.

https://www.hrw.org/ar/news/2019/12/16/336782

[70] مركز الخليج لحقوق الإنسان، «العراق: التقرير الدوري العاشر عن الانتهاكات خلال التظاهرات الشعبية»، 23 ديسمبر 2020.

https://www.gc4hr.org/news/view/2552

[71] زيد سالم، «الحوت جتوبي العراق: تعذيب وسوء تغذية»، 16 أكتوبر 2020.

https://www.alaraby.co.uk/society/%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D8%AC%D9%86-%22%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AA%22-%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%AA%D8%B9%D8%B0%D9%8A%D8%A8-%D9%88%D8%B3%D9%88%D8%A1-%D8%AA%D8%BA%D8%B0%D9%8A%D8%A9%D8%9F

[72] «احتجاجات كردستان العراق- بداية ربيع كردي؟»، 12 ديسمبر 2020.

https://www.dw.com/ar/%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%80-%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%8A/a-55912532

[73] هيومان رايتس ووتش، «كردستان العراق: إغلاق مكاتب إعلامية»، 6 أكتوبر 2020.

https://www.hrw.org/ar/news/2020/10/06/376568

[74] مرسلون بلا حدود، «العراق: قلق كبير على مصير الصحفي الكردي شيروان شيرواني»، 14 أكتوبر 2020.

https://rsf.org/ar/news/-290

[75] العفو الدولية، «لبنان: وحده التحقيق الدولي يضع ضحايا انفجار بيروت على طريق العدالة»، 7 سبتمبر 2020.

https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/09/lebanon-only-an-international-investigation-can-set-the-course-for-justice-for-beirut-blast-victims/

[76] شبكة المنظمات العربية غير الحكومية وآخرون، «الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل-لبنان»،2020.

https://drive.google.com/file/d/1Ttnel8oyaWBX7OkzgVZP_nqmkJ1Zoh7g/view

[77] سجى مرتضى ونور مخدر، «السلطات اللبنانية تلاحق نشطاء السوشيال ميديا»، 30 نوفمبر 2020.

https://daraj.com/60918/

[78] العفو الدولية، «لبنان: عام على احتجاجات 17 تشرين»، 16 أكتوبر 2020.

https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/10/lebanon-one-year-after-the-october-protest-movement-impunity-reigns/

[79] العفو الدولية، «لبنان: تهرب السلطات من معاقبة مرتكبي جرائم التعذيب أمر مشين»، 25 نوفمبر 2020.

https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/11/lebanon-authorities-failure-to-implement-anti-torture-law-is-a-disgrace/

[80] شبكة المنظمات العربية غير الحكومية وآخرون، «الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل-لبنان»،2020.

https://drive.google.com/file/d/1Ttnel8oyaWBX7OkzgVZP_nqmkJ1Zoh7g/view

[81] UNSMIL, ‘Civilian Casualties Report 1 April-30 June 2020’. 29 July 2020.

https://unsmil.unmissions.org/civilian-casualties-report-1-april-30-june-2020

والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، حالة حقوق الإنسان في ليبيا ومدى فعالية تدابير المساعدة التقنية وبناء القدرات التي تلقتها حكومة ليبيا، 23 يناير 2020. على:

https://undocs.org/Home/Mobile?FinalSymbol=A%2FHRC%2F43%2F75&Language=E&DeviceType=Desktop

Melissa Salyk-Virk, ‘Airstrikes, Proxy Warfare, and Civilian Casualties in Libya’, 2 June 2020.

https://www.newamerica.org/international-security/reports/airstrikes-proxy-warfare-and-civilian-casualties-libya/

[82] قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 43/39، في 22 يونيه 2020.

https://undocs.org/ar/A/HRC/RES/43/39

[83] UN News, ‘UN Chief Calls for Libya Mass Grave Investigation’, 13 June 2020.

https://news.un.org/en/story/2020/06/1066272

[84] هيومان رايتس ووتش، «ليبيا: ميليشيا نشرت الرعب وخلفت مقابر جماعية»، 7 يناير 2021.

https://www.hrw.org/ar/news/2021/01/07/377540

[85] Jalel Harchaoui, ‘Tarhuna, Mass Graves, and Libya’s Internationalized Civil War’. 30 July, 2020.

https://warontherocks.com/2020/07/tarhuna-mass-graves-and-libyas-internationalized-civil-war/

[86] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، «التقرير الدوري الموجز حول حالة حقوق الإنسان في ليبيا» 24 نوفمبر 2020

https://cihrs.org/libya-human-rights-briefing/#3

[87] Missing Migrants data: https://missingmigrants.iom.int/region/mediterranean?migrant_route%5B%5D=1376

[88] تقرير عثمان لحياني، «الجزائر: مصالحات الجنرالات»، العربي الجديد، 27 ديسمبر 2020.

https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%85%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA

[89] عبد الحكيم حذاقة، «دستور الرئيس تبون: هل يؤسس للتغيير الفعلي في الجزائر؟»، 10 سبتمبر 2020.

https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/9/10/%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%AA%D8%A8%D9%91%D9%88%D9%86-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%A4%D8%B3%D8%B3-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1

[90] مرسوم رئاسي رقم 20-442 / 30 ديسمبر 2020 المتعلق بإصدار التعديل الدستوري المصادق عليه في استفتاء أول نوفمبر لعام 2020.

https://www.joradp.dz/Jo2000/2020/082/AP3.pdf

[91] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، «الجزائر: تغيير دستوري لا يقدم جديدًا»، 21 يناير 2021.

https://cihrs.org/algeria-change-within-continuity-the-2020-constitutional-revision/

[92] Adam Nossiter “Hopes for New Political Course in Algeria a Year After Popular Uprising”. The New York Times, 4 October 2020. https://www.nytimes.com/2020/10/04/world/africa/algeria-protests-politics.html

[93] Aljazeera, "In Algeria, a new constitution protesters did not call for", October 14, 2020.

https://www.aljazeera.com/news/2020/10/14/opposition-skeptical-new-algeria-constitution-will-offer-change

[94] فرانس 24. «الجزائر: تحفيض عقوبة السجن للناشط في الحراك ياسين مباركي»، 25 نوفمبر 2020. https://bit.ly/3iLuvYt

[95] Aljazeera, “Algerian Journalist Jailed on Appeal over 2019 Protests Coverage’, 16 September 2020.

https://www.aljazeera.com/news/2020/9/16/algerian-journalist-jailed-on-appeal-over-2019-protests-coverage

[96] Front Line Defenders, “Yahya Mohamed el Hafed Aaza Detained in Inhumane Conditions”, 6 January 2021

https://www.frontlinedefenders.org/en/case/whereabouts-imprisoned-human-rights-defender-yahya-mohamed-el-hafed-aaza-unknown

[97] مسعود الرمضاني، «هل مازال الخروج من النفق ممكنًا»، 6 يناير 2021، جريدة المغرب.

https://bit.ly/3kH92kr

[98] العفو الدولية، «تونس: حرية التعبير تتعرض للخطر مع ارتفاع عدد الملاحقات القضائية»، 9 نوفمبر 2020.

https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/11/tunisia-freedom-of-expression-at-risk-as-prosecutions-rise/

[99] العفو الدولية، «تونس: ضعوا حدًا للملاحقة القضائية لمدونين بسبب انتقادهم السياسة الحكومية في التصدي لوباء كوفيد-19»، 21 أبريل 2020.

https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/04/tunisia-end-prosecution-of-bloggers-for-criticizing-governments-response-to-covid19/

[100] هيومان رايتس ووتش، «تونس: حكم قاس بحق مدون»، 24 نوفمبر 2020.

https://www.hrw.org/ar/news/2020/11/24/377088

[101] العفو الدولية، «تونس: يجب إجراء تحقيق في الاستخدام المروع للقوة ضد محتجين سلميين يطالبون بتوفير فرص عمل»، 29 سبتمبر 2020.

https://www.amnesty.org/ar/search/?country=38559&resourceType=newsarticle&sort=date

[102] العفو الدولية، «تونس: النضال من أجل نيل العدالة وجبر الضرر مستمر للضحايا بعد 10 سنوات من قيام الثورة»، 14 يناير 2021.

https://bit.ly/3r8tlcP

[103] Front Line Defenders, “Tunisia: Charge against Human Rights Defender Hamza Nasri”, 11 December 2020.

https://www.frontlinedefenders.org/en/case/charge-against-human-rights-defender-hamza-nasri

[104] العفو الدولية، «تونس: البيان الرئاسي المؤيد لعقوبة الإعدام يثير الصدمة»، 29 سبتمبر 2020.

https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/09/tunisia-presidential-statement-in-favour-of-death-penalty-is-shocking/

[105] Amnesty International, ‘Sudan: UN Mut Extend Darfur Peacekeepers Mandate by at Least Six Months’, 9 December 2020.

https://www.amnesty.org/en/latest/news/2020/12/sudan-un-must-extend-darfur-peacekeepers-mandate-by-at-least-six-months/

[106] مدافعو الخط الأمامي: «مضايقة قضائية بحق وعد بهجت وسلافة الصديق الحاج»، 10 يناير 2021

https://www.frontlinedefenders.org/ar/case/judicial-harassment-against-waad-bahjat-sulafa-alsidig-alhaj

[107] African Centre for Justice and Peace Studies, “Sudan: Urgent Call for Investigation into the Death of Ezz-El-Din Hamid Ali in Omdurman”, 08/01/2021.

https://www.acjps.org/sudan-urgent-call-for-investigation-into-the-death-of-ezz-el-din-hamid-ali-in-omdurman/

[108] African Centre for Justice and Peace studies, “Sudan: Urgent Call for an Investigation into the Disappearance and Custodial Death of Me. Baha Eldeen Nory Mohamed Ali”, 30/12/2020.

https://www.acjps.org/sudan-urgent-call-for-an-investigation-into-the-disappearance-and-custodial-death-of-mr-baha-eldeen-nory-mohamed-ali/

[109] منظمة مواطنة لحقوق الإنسان وآخرون، «على أطراف النزاع الإفراج عن المدنيين المعتقلين تعسفًا والمخفيين قسرًا»، 1 سبتمبر2020.

https://cihrs.org/yemen-release-of-arbitrarily-detained-and-forcibly-disappeared-civilians-must-be-prioritized-by-all-parties-to-the-conflict/

[110] مركز الخليج لحقوق الإنسان، «اليمن: صدور أحكام بالإعدام على أربعة صحفيين»، 11 أبريل 2020.

https://www.gc4hr.org/news/view/2364

[111] مركز القاهرة، «رسالة من 17 منظمة إلى رئيس الوزراء الفرنسي حول سفينة الشحن السعودية بحري ينبع»، 5 فبراير 2020.

https://cihrs.org/letter-from-17-ngos-to-the-french-prime-minister-concerning-the-saudi-cargo-ship-bahri-yanbu

[112] مركز القاهرة وآخرون، «اليمن: خطاب مفتوح للأمين العام للأمم المتحدة»، 22 يونيه 2020.

https://cihrs.org/yemen-open-letter-to-the-united-nations-secretary-general-on-the-annual-report-on-children-and-armed-conflict/

[113] Amnesty International, “COVID-19 is New Pretext for Old Tactics of Repression in GCC”, 15 October 2020.

https://www.amnesty.org/download/Documents/MDE0431362020ENGLISH.pdf

[114] هيومان رايتس ووتش، «قطر: عقوبة الأخبار الكاذبة السجن خمس سنوات»، 22 يناير 2020.

https://www.hrw.org/ar/news/2020/01/22/338109

[115] هيومان رايتس ووتش لعام 2020، القسم الخاص بدولة قطر، يناير 2021.

https://www.hrw.org/ar/world-report/2021/country-chapters/377364

[116] العفو الدولية، «الكويت: عقوبات شديدة بالسجن بحق نشطاء يطالبون بحقوق المواطنة»، 28 يناير 2021.

https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/01/kuwait-heavy-prison-sentences-of-activists-demanding-rights-of-citizenship/

[117] Front line Defenders, ‘Case of Naji Fateel in Bahrain’, 14 August 2020.

https://www.frontlinedefenders.org/en/case/case-history-naji-fateel

[118] هيومان رايتس ووتش، «الإمارات: تدهور صحة ناشط مسجون»، 16 ديسمبر 2020.

https://www.hrw.org/ar/news/2020/12/16/377386

[119] Front Line Defenders, ‘Loujain Al-Hathloul Sentenced”, 28 December 2020.

https://www.frontlinedefenders.org/en/case/crackdown-whrds-saudi-arabia

[120] بي بي سي عربي. «الناشطة السعودية قد تعود للسجن إذا خالفت شروط إطلاق سراحها»، 17 فبراير 2021.

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-56101222

[121] Front Line Defenders, ‘Abdullah Al-Hamid Dies of Medical Negligence’, 24 April 2020.

https://www.frontlinedefenders.org/en/case/imprisoned-human-rights-defender-abdullah-al-hamid-critical-condition

[122] العفو الدولية، «عقوبة الإعدام 2019»، 21 أبريل 2020.

https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/04/death-penalty-2019-saudi-arabia-executed-record-number-of-people-last-year-amid-decline-in-global-executions/

[123] Aljazeera English, ‘Jamal Khashoggi’s Son Salah Says Family Forgives Killers’, 22 May 2020.

https://www.aljazeera.com/news/2020/5/22/jamal-khashoggis-son-salah-says-family-forgives-killers

العودة إلى الفهرس

لتحميل التقرير السنوي 2020 بصيغة PDF

قراءة موجزة في مؤشرات حقوق الإنسان في العالم العربي

العودة إلى الفهرس

شارك أصدقائك