بعد تجدد احتجاجات الحراك، موجة اعتداءات جديدة على قوى المجتمع المدني المستقلة
أبرز الانتهاكات الحقوقية التي شهدتها الجزائر
خلال الفترة من مارس حتى مايو 2021
استهداف منظمات المجتمع المدني البارزة
في 26 مايو، تم إخطار الجمعية الوطنية للشباب (راج)، وهي منظمة للمواطنة والشباب تأسست في 1993، والمعروفة بانخراطها في الحراك، أن وزارة الداخلية طلبت حلها أمام المحكمة الإدارية في الجزائر العاصمة، بدعوى مخالفة أنشطة المنظمة للقانون 12/06 الخاص بتنظيم عمل المجتمع المدني، وتعارض أنشطتها مع الأهداف الواردة في النظام الأساسي للجمعية. وفي اليوم نفسه، تلقى رئيس الجمعية عبد الوهاب فرساوي استدعاءً للحضور أمام مركز الشرطة الرئيسي في بجاية، دون توضيح الأسباب.
منذ بداية الحراك، استهدفت السلطات الجمعية الوطنية للشباب بشكل خاص. وحُكم على رئيسها عبد الوهاب فرساوي بالسجن 6 أشهر، أثناء نظر الاستئناف في 17 مايو 2020، على خلفية اتهامات بــ «تقويض الوحدة الوطنية» (المادة 79 من قانون العقوبات) و«التحريض على العنف» (المادة 74). يُذكر أن فرساوي قد اعتقل في أكتوبر 2019؛ بسبب مشاركته في تجمع لدعم معتقلي الحراك أمام محكمة سيدي محمد بالجزائر العاصمة. كما تمت محاكمة ما لا يقل عن 11 آخرين من أعضاء الجمعية في 2020، بسبب عملهم في المجتمع المدني، ومن بينهم حكيم عداد، العضو المؤسس لراج، والذي يُحاكَم حاليًا في قضيتين مختلفتين، تتعلقان بالاحتجاجات السلمية والمنشورات الداعمة للحراك.
محاكمة أعضاء في منظمة ثقافية لتلقيهم تمويلًا أجنبيًا والقيام بأنشطة «تخريبية»
في 20 أبريل 2021، أعلنت السلطات القبض على أعضاء جمعية (أس أو أس/باب الواد) الثقافية، وهي جمعية شبابية وثقافية معروفة في الجزائر العاصمة، على خلفية تهم تتعلق بـتلقي «تمويلًا أجنبيًا» و«التخريب». ووفقًا للسلطات، تلقت الجمعية –التي صُنفت كـ «عصابة إجرامية»– أموالًا من«قوة أجنبية كبرى»، واستخدمتها في «إنتاج أفلام ووثائق استفزازية بالإضافة إلى منشورات وملصقات دعائية خلال مسيرات الحراك الشعبية».
وفقًا للجنة الوطنية لتحرير المعتقلين، يخضع رئيس الجمعية للحبس الاحتياطي منذ 20 أبريل، بينما لا يزال الأعضاء الآخرون قيد الإشراف القضائي في انتظار المحاكمة. وفي أعقاب التعديلات على قانون العقوبات خلال أبريل 2020؛ ينص القانون على عقوبة السجن من 5 سنوات إلى 24 سنة كعقوبة تلقي أموالًا أجنبية.
الاعتداء على صحفيين ومحاكمتهم بسبب القيام بعملهم
في 14 مايو، تعرض الصحفي جعفر خلوفي للضرب المبرح من الشرطة، أثناء محاولته التدخل لوقف الاعتقال الوحشي للصحفية كنزة خاطو، والتي تُحاكم بتهم «تقويض الوحدة الوطنية» و«الإساءة إلى هيئات عامة» و«التحريض على التجمع غير المسلح». في 7 مايو 2021، وردت أنباء عن اعتقال الصحفيين بوزيد شلالين ومريم نايت لونيس وتعرضهما لاعتداءات لفظية من الشرطة. وفي 30 أبريل 2021، أدانت منظمة مراسلون بلا حدود الاعتداء الجسدي بحق الصحفي أنيس شلوش وتصعيد قوات الأمن للعنف بحق الصحفيين. وفي 12 مارس 2021، تعرض 8 صحفيين للاعتداء البدني أثناء احتجاج؛ ولم يتم التحقيق حتى الآن في هذا الاعتداء. وفي 10 مايو 2021، علم الصحفي خلاف بن حدة تلقيه حكمًا غيابيًا بغرامة قدرها 100 ألف دينار بتهمة «الإساءة إلى رئيس الجمهورية».
في 21 أبريل 2021، حُكم على نور الدين تونسي أثناء نظر الاستئناف بالسجن لمدة عام، بسبب عمله الاستقصائي مع منصة حماية المُبلغين في أفريقيا. كما أُلقي القبض على الصحفي رابح كراش في 18 أبريل 2021، عقب نشره مقالًا يتناول الاحتجاجات السلمية. وتمت محاكمته بتهم التحريض على التمييز والكراهية، ونشره طواعية لمعلومات كاذبة من شأنها تعريض النظام العام للخطر وتقويض الأمن والوحدة الوطنية.
مؤخرًا اعتُقل الصحفي مصطفى بن جمعة، والذي دأبت السلطات على استدعائه بشكل متكرر، وحوكم في ستة قضايا على الأقل، بتهم «الإساءة إلى الهيئات العامة» و«تقويض الوحدة الوطنية»، كما تلقي استدعاءات من قاضي التحقيق في 7 أبريل و25 مايو 2021 على التوالي.
وفيما يتعلق بالإفادات حول المحاكمات والعنف بحق الصحفيين سعيد بودور وجميلة الوكيل – نستعرض في القسم أدناه تهم الإرهاب الموجهة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان.
الاستهداف التعسفي لقادة وأحزاب المعارضة قبل الانتخابات التشريعية
في 6 مايو، حُكم على طاهر ميسوم، العضو السابق بالتجمع الشعبي الوطني والمرشح للانتخابات الرئاسية في أبريل 2019، بالسجن لسنتين وغرامة 300 ألف دينار، وذلك أعقاب محاكمة عاجلة بتهم الإساءة لرئيس الجمهورية والتحريض على تجمع غير مسلح، استنادًا إلى تصريحات ومقاطع فيديو ناقدة علنية. كما اعتُقل المعارض السياسي كريم طابو مجددًا في 28 أبريل، والذي يخضع حاليًا للإشراف القضائي.
في 17 مايو، أصدرت محكمة بنيام بالجزائر العاصمة حكمًا بالسجن لمدة سنة على الناشط السياسي وحيد بن هلا، العضو في قيادة الحركة الديمقراطية والاجتماعية، عقب اعتقاله في 14 مايو بينما كان في طريقة للمشاركة في مظاهرة –تم اعتقاله خلال نزوله من حافلة في طريقه للمظاهرة. كما اعتُقل أعضاء أخرين بالحزب، وهم فتحي غراس ومسعودة شبالة وحسن مبطوش، وأطلق سراحهم لاحقًا في اليوم نفسه.
في 22 أبريل 2021، أعلنت وزارة الداخلية اتخاذها إجراءات قانونية ضد حزب الاتحاد من أجل التغيير والتقدم المعارض، برئاسة المحامية والناشطة السياسية زبيدة عسول؛ بسبب «نشاط غير قانوني» يتمثل في الافتقار لوضعية قانونية وعدم الامتثال للقانون. وقد أنكر الحزب هذه الاتهامات، معلنًا احترامه لأحكام القانون 12-04 الخاص بالأحزاب السياسية. وفي 4 مايو، أعلنت وزارة الداخلية مطالبتها مجلس الدولة بتجميد نشاط الحزب، ولا يزال الحزب في انتظار الحكم القانوني لحله بشكل نهائي.
وفي 22 مايو، أعلن حزب العمال الاشتراكي شروع السلطات في اتخاذ إجراءات لتجميد أنشطته مؤقتًا، وإغلاق مكاتبه. يُذكر أن الحزب قد أدان في 23 أبريل «التدابير الإدارية والقانونية» في الفترة السابقة للانتخابات. وفي سياق متصل أعلنت قيادة الحركة الديمقراطية والاجتماعية وحزب الاتحاد من أجل التغيير والتقدم المعارض وحزب العمال الاشتراكي، من بين أحزاب أخرى، عن مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها في يونيو الجاري.
محاكمات تعسفية للمدافعين عن حقوق الإنسان، تتضمن تهمًا تتعلق بالإرهاب
في 29 أبريل، تمت محاكمة كل من المدافع عن حقوق الإنسان والناشط النقابي قدور شويشة، والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين جميلة الوكيل وسعيد بودور، في قضية جنائية جديدة، بتهم تتضمن «الانضمام لمنظمة إرهابية أو تخريبية نشطة في الخارج أو في الجزائر». وتضم القضية أيضًا 12 متظاهرًا وناشطًا سلميًا آخرين. ويواجه المتهمون خطر الحكم بالإعدام إذا ما تمت إدانتهم. هذه القضية الجديدة المتعلقة بالإرهاب تُمثّل تصعيدًا خطيرًا في الهجوم على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والحراك ذاته، وتبدو أنها متعلقة بعمل الأشخاص السلمي والشرعي في مجال حقوق الإنسان.
في 8 مايو، أعلن والد ياسر رويبة، أحد المحتجين الذين تمت محاكمتهم في هذه القضية، في مقطع فيديو عن تعرض ابنه للتعذيب والضرب والتجريد من ملابسه والتبول في الحجز.
ومن الجدير بالذكر أنه قبل هذه القضية، تعرض كل من جميلة الوكيل وسعيد بودور وقدور شويشة، وبشكل متكرر، للاعتقال والمحاكمة بشكل تعسفي. وفي 12 مارس، تعرض شويشة وابنه للضرب المبرح أثناء احتجاج، كما حاول أحد ضباط الشرطة خنق الأول. ويزعم كلا من شويشة والوكيل تعرضهما لاعتقال عنيف في 4 أبريل، بينما يزعم بودور تعرضه لاعتداء بدني أثناء اعتقاله في 23 أبريل.
قضايا أخرى يُحاكم فيها مدافعون عن حقوق الإنسان:
- مؤخرًا حُكم على المدافعة عن حقوق العمال والنقابية دليلة توات، وكانت الشرطة قد استدعتها وحققت معها في 4 مايو 2021، كما كانت من بين المعتقلين في 14 مايو.
- في أعقاب اعتقاله في 3 مايو 2021، يُحاكَم حاليًا المدافع عن حقوق الإنسان جمال ليشي بتهم الإساءة إلى هيئات عامة، ونشر معلومات من شأنها تعريض الأمن والنظام العام للخطر، والتحريض على تجمع غير مسلح، وتقويض الوحدة الوطنية، وعرض منشورات من شأنها تقويض المصلحة العامة. وأثناء جلسة الاستماع الأولى أمام النائب العام، حُرم من حقه في الوصول لمحام.
تجاهل التحقيق في الاعتداءات الجنسية والانتهاكات في الاحتجاز والاستهداف التعسفي للنشطاء
في 30 مارس 2021، كررت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان مطالبتها بإجراء تحقيق مستقل، في مزاعم التعذيب والاعتداء الجنسي وسوء المعاملة، بحق متظاهري الحراك، والتي ظهرت للعلن خلال الشهرين السابقين. على سبيل المثال، ضد كل من الطالب وليد نكيش والنشطاء سامي درنوني ونبيل بوسكين وأيوب شحتو والقاصر سعيد شطوان (15 عامًا).
في 4 و5 أبريل 2021، تعرض 5 من نشطاء الحراك السلميين -محمد تجاديت، مالك الرياحي، صهيب باجي، نور الدين محمود، طارق باجي، صادق لويل- للاعتقال والمحاكمة بشكل تعسفي –بتهم منها «المؤامرة الجنائية» و«نشر معلومات كاذبة» و«التحريض على الفجور»– بعدما تداولوا مقاطع فيديو للمتظاهر سعيد شطوان (15 عامًا)، يزعم فيها تعرضه للاعتداء الجنسي أثناء احتجازه. وأطلق النائب العام ضدهم اتهامات علنية لا أساس لها (بأنهم يشتهون الأطفال جنسيًا، ومثليون، بالإضافة إلى استعمال المواد المخدرة والإباحية) رافضًا مزاعم شطوان. وفي 27 أبريل، تواردت الأنباء عن اعتقال شطوان في اليوم نفسه الذي ذهب فيه لتقديم شكوى تتعلق بتعرضه للاعتداء الجنسي، بدعوى مشاركته في احتجاج، وأعقب ذلك إيداعه في مركز لحماية الطفل دون إبلاغ والدته. ولاحقًا، نُقل شطوان للمستشفى نتيجة التدهور الحاد في وضعه الصحي، بعدما أضرب عن الطعام احتجاجًا على ما يتعرض له.
في 26 مارس 2021، اعُتقل أيوب شحتو، أثناء مشاركته في مظاهرة، بتهمة «تدمير ممتلكات عامة». وأعلن شحتو أثناء محاكمته عن تعرضه للاغتصاب داخل قسم الشرطة. وفي 18 مايو، حُكم عليه بالسجن لمدة 6 أشهر. وأعلنت النيابة عن أجراءها تحقيق أولي، ولكن حتى 25 مايو، لم يُبلَّغ محاموه باتخاذ أي خطوات في ذلك التحقيق.
وفي سياق متصل، افاد محامو سامي درنوني في 2 مارس 2021، بتعرضه للتعذيب أثناء اعتقال قوات الأمن له. وفي 3 مايو 2021، حُكم على درنوني بالسجن لمدة عام وعام آخر مع إيقاف التنفيذ؛ بسبب نشاطه السلمي، وبتهم تتضمن «التحريض على التجمع» و«تقويض سلامة التراب الوطني» و«تقويض الأمن القومي».
في 1 فبراير 2021، أعلن الطالب والمتظاهر السلمي وليد نكيش أثناء محاكمته عن تعرضه لاعتداءات بدنية وجنسية ونفسية أثناء احتجازه. وحكم على نكيش بالسجن لمدة 6 أشهر، بعدما أمضى 14 شهرًا قيد الحبس الاحتياطي، عقب مشاركته في مسيرة طلابية في نوفمبر 2019. وقدم محاموه شكوى بشأن تعرضه للتعذيب في 23 يوليو 2020. وأفادت وسائل إعلامية بتولي محكمة عسكرية مسئولية التحقيق، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن نزاهة المحاكمة؛ مع ذلك، لم يُبلَغ نكيش أو محاموه بأية تحقيقات.
تجريم الأفكار والنقاشات الحرة، بما في ذلك ما يتعلق بالدين
في 23 أبريل، حُكم على الأكاديمي المعروف والخبير في التصوف الإسلامي سعيد جاب الخير بالسجن 3 سنوات وغرامة 50 ألف دينار، بتهمة «الإساءة إلى تعاليم الإسلام» (المادة 144 مكرر من قانون العقوبات)، استنادًا إلى منشورات على الإنترنت حول الشعائر الإسلامية. لا يزال جاب الخير طليقًا حتى تقضي المحكمة في الاستئناف، وفي 6 مايو، نما إلى علمه من خلال الصحافة تأجيل الاستئناف من 5 مايو إلى 7 يونيو؛ ولكن لم يتم إبلاغه هو أو محاموه بإجراءات القضية، ويزعم عدم استدعاؤه أو سماع أقواله أمام النيابة.
في 4 مايو 2021، واجهت الناشطة والطبيبة المتخصصة في أمراض النساء أميرة بوراوي، في مرحلة الاستئناف، حكمًا بالسجن 4 سنوات في قضيتين مختلفتين، بينما تنتظر بوراني الحكم البات من محكمة النقض. في القضية الأولى، حُكم عليها بتهم «الإساءة لموظف عام» و«الإساءة إلى رئيس الجمهورية» و«مشاركة معلومات من شأنها تقويض النظام العام» بسبب منشورات انتقدت فيها كيفية تعامل السلطات مع الجائحة. وفي القضية الثانية، تم الحكم عليها بتهمة تقويض تعاليم الإسلام، بسبب منشورات على الإنترنت انتقدت فيها شخصية دينية.
وفي 22 مايو 2021، تم تأييد الحكم على حميد سداد في وهران بالسجن لمدة 5 سنوات؛ بتهمة تداول رسم كاريكاتوري لنبي الإسلام على مواقع التواصل الاجتماعي في 2018.
وفي 27 فبراير، حكم غيابيًا على رشيد الصغير، راعي الكنيسة البروتستانتية في وهران، ومساعده نوح همامي، بالسجن لعامين وغرامة 500 ألف دينار، بتهمتي «التبشير» و«تقويض عقيدة المسلمين» (المرسوم 06-03) في أعقاب اكتشاف كتب دينية مسيحية في محلهما لبيع الكتب، في سبتمبر 2017، قبلما تغلقه السلطات.
الانتقاص من الحق في الدفاع
في 28 مارس 2021، قبلت المحكمة العليا استئنافًا بشأن عدم دستورية المادة 24 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، وتنص هذه المادة على أنه «لا يمكن مقاضاة المحامي أثناء ممارسته لمهنته على أفعاله وتصريحاته وكتاباته، سواء في سياق المداولات أو المرافعات في المحكمة. ويتمتع المحامي بالحماية المطلقة وسرية العلاقات بينه وبين موكليه، وضمان سرية ملفاتهم ومراسلاتهم، والحق في قبول أو رفض الموكلين.» وتضمن المادة 24، بما يتماشى مع المبادىء الأساسية للأمم المتحدة بشأن دور المحامين (المادة 20)، حق الحصانة للمحامين أثناء ممارسة وظيفتهم، وهي أساسية لحمايتهم من كافة أشكال الضغوط، وضمانة للحق في الدفاع. ومن الواضح أن مراجعة المادة 24 تمثّل تهديدًا للحق في الدفاع، رغم رسوخه في الدستور (المادة 175).
العقوبات أو المحاكمات التعسفية لأعضاء السلطة القضائية
في 30 مايو 2021، عُزل القاضي سعد الدين مرزوق، رئيس نادي القضاة الأحرار (اتحاد غير مسجل)، بعد خضوعه لجلسة تأديبية أمام المجلس الأعلى للقضاء. وكان مرزوق متهمًا بالتحريض على إضراب في أكتوبر 2019 و«عرقلة الإجراءات القانونية وانتهاك واجب التحفّظ»، على خلفية مشاركته منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعم استقلال القضاء.
وفي السياق ذاته، يخضع نائب المدعي العام محمد بلهادي للإجراءات التأديبية نفسها أمام المجلس الأعلى للقضاء؛ على خلفية نشره صورته مع القاضي مرزوق، الأمر الذي اعتُبر انتهاكًا لواجب التحفّظ وسوء سلوك مهني جسيم. قبل ذلك، في فبراير 2019، نُقل النائب بلهادي تعسفيًا على بعد 600 كيلومترًا جنوب الجزائر العاصمة، بعدما طلب تبرئة 16 متظاهرًا.
في 5 أبريل 2021، وُضع مراد غدية، كاتب المحكمة والنقابي الموقوف حاليًا ورئيس الاتحاد الوطني لعمال قطاع العدل، قيد الاحتجاز في انتظار محاكمته في 1 يونيو. وتمت محاكمته بتهم«الاستمرار في ممارسة وظيفة بعد الفصل والاعتقال» و«التدخل في الوظائف العامة والمدنية» و«استخدام لقب مهني محدد قانونيًا دون استيفاء شروطه» و«عرض كتيبات من شأنها تقويض المصلحة الوطنية» وأخيرًا «التحريض على التجمع غير المسلح». يُذكر أن هدية قد تعرض للإيقاف عن العمل لثلاث سنوات؛ بسبب مشاركته في إضراب، وأُعيد للعمل قبلما يتم إيقافه مجددًا في 2018.
في 11 أبريل 2021، حُكم على بلقاسم مازا، كاتب المحكمة والمدافع عن حقوق الإنسان، الموقوف منذ 17 سبتمبر 2020، بالحبس 6 أشهر مع وقف التنفيذ وغرامة قدرها 100 ألف دينار، بتهم الإساءة لهيئات عامة (المادة 144 مكرر من قانون العقوبات) وتشويه سمعة قرارات المحكمة (المادة 147)، استنادًا إلى مشاركته في احتجاجات الحراك.
إن التصاعد الملحوظ لمستوى القمع، يؤكد مدى أهمية اتخاذ الدول موقفًا أكثر حزمًا؛ في سبيل حماية الجزائريين، وحقهم في ممارسة حريتهم في التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات بشكل سلمي. لقد حان الوقت لتتصدى الدول الأعضاء بالأمم المتحدة للتجريم المتزايد لحريات التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات في الجزائر. فإننا نعتقد أن حملة القمع المكثفة هذه تنطبق عليها معايير مجلس حقوق الإنسان اللازمة لاتخاذ إجراءات عاجلة، على النحو الذي أوضحته أيسلندا عام 2016.
Share this Post