أُخفِي انتقاما خلال زيارة مسؤولين مصريين لواشنطن
في بيان مشترك اليوم، قالت 15 منظمة حقوقية أن السلطات المصرية تحتجز صلاح سلطان بمعزل عن العالم الخارجي منذ يونيو 2020، في ظروف تصل حد الإخفاء القسري وقد تصل للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة؛ في ممارسة انتقامية محتملة بسبب النشاط الحقوقي لابنه. في وقت سابق من الشهر نفسه، رفع محمد، نجل سلطان، الناشط الحقوقي المقيم في الولايات المتحدة، دعوى مدنية أمام محكمة فيدرالية أمريكية ضد رئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي بموجب قانون «حماية ضحايا التعذيب»، على خلفية دوره المزعوم في تعذيب محمد أثناء احتجازه في مصر عام 2013.
منذ 15 يونيو 2020، أخفت السلطات قسرًا صلاح سلطان، واحتجزته لأكثر من عام في مواقع رفضت الكشف عنها، قبيل السماح لاثنين من أفراد أسرته بزيارة مقتضبة إلى السجن في أغسطس 2021. أثناء الزيارة، أبلغهم صلاح سلطان بظروف اعتقاله المروعة، بما فيها الحبس الانفرادي المطول منذ يونيو 2020. في المقابل، لم ترد السلطات على استفسارات أسرته ومحاميه حول مكانه أثناء إخفائه القسري، ومنذئذ رفضت السماح له الاتصال بأسرته أو بمحاميه، محتجزة إياه بمعزل عن العالم الخارجي.
وبحسب جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش فإن «ما يتعرض له صلاح سلطان من إخفاء قسري، واحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وسوء معاملة؛ هي أعمال انتقامية تهدف بالأساس لإلحاق الألم بمحمد سلطان بسبب عمله الحقوقي في الخارج؛ يجب محاسبة المسئولين عن إخفاء سلطان وسوء معاملته أثناء الاحتجاز».
في 8 نوفمبر، وصل وفد مصري رفيع المستوى إلى العاصمة واشنطن للمشاركة في «الحوار الاستراتيجي» المصري/الأمريكي، في وقت كثفت فيه الحكومة المصرية جهود علاقاتها العامة للإيحاء بأنها تستجيب للانتقادات الحقوقية.
صلاح سلطان، الذي عاش وعمل في الولايات المتحدة لأكثر من عقد ويمتلك إقامة دائمة، اعتقل في سبتمبر 2013، ويقضي عقوبة السجن مدى الحياة منذ إدانته في سبتمبر 2017 في محاكمة ناتجة عن احتجاجات يوليو 2013 ضد الإطاحة العسكرية بالرئيس السابق محمد مرسي. في 15 يونيو 2020، نقله رجال الأمن من زنزانته في سجن وادي النطرون شمال غرب القاهرة، واقتادوه إلى أماكن عدة لم يُكشف عنها.
وأفادت مصادر على اطلاع مباشر بالقضية، أن السلطات سمحت في 25 أغسطس 2021، لقريبين لسلطان بزيارته لمدة 30 دقيقة في السجن سيئ الصيت، طرة شديد الحراسة، بمجمع سجن طرة بالقاهرة، وتحدثا إليه عبر نظام هاتفي في حضور عناصر الأمن. وظهر سلطان حينها كث اللحية، وبدا خائفا وشاحبا وكأنه «من عالم آخر»، على حد التعبير. وأخبر قريبيه أنه على مدار فترة إخفائه الممتدة لـ 14 شهرًا، أبقته السلطات في الحبس الانفرادي في عدة أماكن لم يتمكن من تحديدها.
في تلك الزيارة، تعرض القريبان لتفتيش «ينتهك الخصوصية ومهين» من جانب سلطات السجن، والتي رفضت السماح لأي من محامي سلطان بحضور الزيارة. ومنذ ذلك الوقت، لم تتمكن الأسرة من زيارة صلاح سلطان أو إرسال طعام أو أدوية إليه. وأضافت المصادر أنها لا تمتلك «مؤشرات» تدل على استمرار وجوده في السجن ذاته.
في سياق متصل، قال سلطان أنه مر بعدة حالات طبية طارئة، أثناء إخفائه قسريًا، في ظل كونه مريضًا بالسكري، وارتفاع ضغط الدم، والتهاب الكبد الوبائي (سي). موضحًا أن أن إدارة السجن حرمته من الرعاية الطبية المناسبة، وضروريات النظافة الأساسية مثل الصابون، وساعة لمعرفة الوقت، وملابس شتوية في أشهر الشتاء. ورغم قبول إدارة السجن الأدوية التي قدمتها عائلته مؤخرًا، ليس معروفًا ما إذا كان قد حصل عليها بالفعل؛ إذ لا يُسمح له بالتواصل مع عائلته أو محاميه.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن الاختفاء القسري يعد «انتهاكًا شنيعًا لحقوق الإنسان وجريمة دولية»، وهو الأمر نفسه الذي أكدته «اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب»، التي وضحت أن «قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء «قواعد نيلسون مانديلا» نصت على أن الحبس الانفرادي المطول قد يصل مستوى التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة»
وفي نوفمبر 2018، أعلن «فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي» احتجاز سلطان تعسفيًا؛ بسبب الانتهاكات العديدة لحقه في محاكمة عادلة، داعيًا للإفراج عنه فورًا.
محمد سلطان، هو ناشط حقوقي مصري أمريكي، أبلغ عن تعرضه للتعذيب أثناء سجنه بتهم سياسية خلال الفترة بين أغسطس 2013 ومايو 2015. ولاحقًا، أجبرته السلطات المصرية على التخلي عن جنسيته المصرية، في مقابل تسليمه للولايات المتحدة، حيث شارك في تأسيس المنظمة الحقوقية المستقلة «مبادرة الحرية».
في الوقت ذاته، اتخذت السلطات المصرية إجراءات انتقامية بحق أفراد آخرين من عائلة سلطان؛ ففي يونيو 2020، اعتقلت السلطات خمسة أقارب له واحتجزتهم لمدة خمسة أشهر. وفي فبراير 2021، داهمت السلطات المصرية منازل ستة من أقاربه.
وتعتقد المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان أن هذا الأمر يمثل حملة مضايقة وترهيب متعمدة تهدف لوقف نشاط محمد سلطان في الولايات المتحدة. وتؤكد أن الأعمال الانتقامية بحق عائلة سلطان هي جزء من نمط أوسع من الممارسات الانتقامية بحق أقارب المعارضين والمنتقدين في الخارج، بما يصل حد الاختطاف؛ وهو نمط متصاعد على مدار السنوات الأخيرة، في ظل حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
في أكتوبر 2021، اقترح مشرعون أمريكيون عدة تعديلات على «قانون الإذن بتخصيص اعتمادات لأغراض الدفاع الوطني» الذي يتطلب من وزارة الخارجية إبلاغ الكونغرس بأي مضايقات وأعمال انتقامية بحق «مواطني الولايات المتحدة، والأفراد في الولايات المتحدة، وأفراد أسر هؤلاء المواطنين والأفراد من جانب الأجهزة الأمنية للحكومة المصرية في مصر أو الولايات المتحدة».
وتقول لين معلوف، نائبة المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: «يتعين على السلطات المصرية إبلاغ أقارب صلاح سلطان فورا بمكانه والإفراج عنه، وريثما يتم الإفراج عنه، يجب على السلطات إنهاء حبسه الانفرادي وضمان تواصله مع محام من اختياره، والاتصال بأسرته، والحصول على رعاية صحية كافية وفي الوقت المناسب».
الموقعون:
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- الخدمة الدولية لحقوق الإنسان
- الديمقراطية الآن للعالم العربي
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- لجنة العدالة (Committee for Justice)
- مبادرة الحرية
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
- المنبر المصري لحقوق الإنسان
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في إطار مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- منظمة العفو الدولية
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
- هيومن رايتس ووتش
Share this Post