في 31 أغسطس 2022، وفي إطار الاستعداد للاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي الجزائري أمام الأمم المتحدة، والمقرر في نوفمبر المقبل، نظمت منظمة معلومات الاستعراض الدوري الشامل، في جنيف، جلسة تحضيرية بمشاركة الحكومة الجزائرية والمجلس الوطني الجزائري، وممثلي عشرات الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وعدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني الجزائري والإقليمي، من بينهم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
خلال الجلسة، تجاهل ممثلو الحكومة الجزائرية المداخلات الحقوقية المتعلقة بوضع حقوق الإنسان المتدهور في الجزائر، لا سيما الانتهاكات الجسيمة واسعة النطاق التي ترتكبها الجهات الفاعلة في جميع أنحاء البلاد. إلى جانب الاستهداف الممنهج للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين ونشطاء حركة الحراك المؤيدة للديمقراطية.
وتبدت أبرز مظاهر هذا الاستهداف في عجز جميلة الوكيل، عضو الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان والصحفية المتقاعدة، عن حضور الجلسة شخصيًا؛ في أعقاب اعتقال زوجها، وحظر سفرهما أثناء تواجدهما في المطار. وحسبما صرحت جميلة، تم الإفراج عنها بكفالة لمدة 17 شهرًا؛ بعدما وجهت إليها اتهامات بالإرهاب لا أساس لها من الصحة. بينما يخضع زوجها قدور شويشة –نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان– ومعه العضو النقابي والصحفي والعضو بالرابطة نفسها سعيد بودور، لرقابة قضائية.
كما شهد قانون العقوبات الجزائري تعديلات واسعة النطاق، من بينها توسيع نطاق التهم، وتشديد العقوبات الجنائية، وتوسيع نطاق تعريف الإرهاب ليشمل أي نشاط أو موقف ناقد، فضلًا عن توظيف المؤسسة القضائية كأداة لتنفيذ السياسات الحكومية، ومن ثم تجريم الجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين. وفي هذا السياق أشارت الوكيل إلى أنه «على مدار عام 2021، تعرض العديد من الصحفيين والمدونين للسجن بتهم تتعلق بالإرهاب، أو بموجب قانون العقوبات الذي يضم عقوبات بالسجن على اتهامات غامضة الصياغة مثل التحريض على مظاهرة غير مسلحة، وتشويه سمعة قرارات المحاكم، وإلحاق الضرر بروح الجيش المعنوية، والإساءة إلى موظف عمومي».
أما كريم سالم، الباحث بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فأكد أن «الجزائر تشهد توسعًا في القمع، في ظل توظيف مكثف للعنف الجسدي، وتصاعد أعداد الجهات الفاعلة المدنية السلمية التي تم اعتقالها. وفي الوقت نفسه، أضافت الحكومة الجزائرية بنودًا مستحدثة للمادة 87 من قانون العقوبات، لوصم جميع الأصوات الناقدة والسلمية بالإرهاب. بناءً على رؤية السلطات التنفيذية، ودون أي إجراء قضائي». ويضيف سالم «عمدت الحكومة الجزائرية لحل الجماعات السلمية العاملة على تعزيز التحول الديمقراطي –مثل راج. وتوضح هذه الممارسات كيف يمكن للإدارة اتخاذ قرارات تعسفية وموجهة بحق الفاعلين المدنيين. الأمر الذي يتجلى في مشروع قانون الجمعيات الجديد، والذي يحتوي في مادته 8 على مصطلحات فضفاضة من ِشأنها أن تؤدي لقمع حرية تكوين الجمعيات في الممارسة العملية».
في السياق نفسه، دعت فريدة بوطورة، من جمعية المناصرة للقيم الديمقراطية والحاجة إلى المشاركة المدنية، الحكومة الجزائرية لـ«إلغاء أو مراجعة أحكام المادة 95 مكرر، والمادتين 97 و100 من قانون العقوبات، والتي تحد من حرية تكوين الجمعيات والتجمع والحق في التمويل الأجنبي، وتجرم الأنشطة المتعلقة بهم باعتبارها أنشطة إرهابية». مضيفةً «ينبغي على الحكومة الجزائرية إطلاق سراح جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمدونين والمتظاهرين، المحتجزين حاليًا بسبب أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان، وإسقاط جميع الاتهامات بحقهم».
وفي هذا السياق، دعا مركز القاهرة، بالاشتراك مع جمعية المناصرة للقيم الديمقراطية والحاجة إلى المشاركة المدنية، الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة مدافعي الخط الأمامي وشعاع، الحكومة الجزائرية إلى إلغاء القانون 1206/2012 بشأن الجمعيات، والقانون 1204 المتعلق بالأحزاب السياسية، والقانون 9119 المتعلق بالتجمعات. وضرورة اعتماد تشريع جديد يعتمد على عملية إخطار بسيطة، ويمتثل بشكل كامل للمادتين 21 و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
Share this Post