يدين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الجهود المبذولة من الإدارة الحالية للولايات المتحدة الأمريكية لتوظيف تهمة معاداة للسامية من أجل إسكات ونزع الشرعية عن أصوات الإدانة لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي؛ وذلك من خلال تشويه سمعة المنظمات الحقوقية المهتمة برصد وتوثيق انتهاكات إسرائيل المنهجية واسعة النطاق لحقوق الشعب الفلسطيني. كما يدين التصنيف الإسرائيلي للمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الداعمة للقانون الدولي كمعادين للسامية، وهو محض افتراء ومحاولة لتقييد حرية التعبير وإنكار لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وذلك ضمن الحملة الإسرائيلية المؤسسية المتواصلة والمتصاعدة لإسكات ونزع الشرعية عن معارضي نظام الفصل العنصري.
تسعى المنظمات الحقوقية العاملة بشأن فلسطين إلى ضمان محاسبة الجناة عما ارتكبوه من خروقات وانتهاكات جسيمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الجهات الفاعلة من الشركات، ويُعد دعم الولايات المتحدة الأمريكية لهذا الخلط المتعمد بين معاداة السامية وانتقاد إسرائيل جهدًا صارخًا إضافيا لحماية إسرائيل والجهات الفاعلة من أية المحاسبة.
في 19 نوفمبر 2020، أعلن وزير الخارجية الأمريكية مايكل بومبيو أن “الولايات المتحدة تعارض بقوة حركة مقاطعة إسرائيل والممارسات التي تخدمها مثل وضع ملصق تمييزي على البضائع ونشر قاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالشركات العاملة في إسرائيل أو المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية”، وأضاف أن وزارة الخارجية ستراجع وتسحب التمويل من المنظمات التي تعتبرها متورطة في مثل تلك الأنشطة أو تدعمها.[1] وفي اليوم نفسه، أعلن الوزير الأمريكي أيضًا أن الولايات المتحدة بصدد تصنيف البضائع الواردة من المستوطنات الإسرائيلية ووضع علامات تشير إلى أنها “منتج إسرائيلي” أو “صنع في إسرائيل”، بما يعني التطبيع مع ضم إسرائيل الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية، والذي يُعد انتهاكًا صارخًا لقرارات مجلس الأمن الدولي 465 و471 و2334، الخاصة بعدم تورط المجتمع الدولي في المستوطنات الإسرائيلية، أو ممارسات التمييز بين إسرائيل والأراضي التي تحتلها منذ عام 1967.
أن الحق في المقاطعة حقٌ مصان، كأحد أوجه الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في تكوين الجمعيات. وتاريخيًا، كانت المقاطعة أداة مهمة للمحاسبة وإنهاء الأوضاع غير القانونية، مثل الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وقوانين “جيم كرو” في الولايات المتحدة. وحركة المقاطعة إسرائيل (BDS) هي حركة مجتمع مدني عالمية يقودها فلسطينيون، تصف نفسها ضمنًا كحركة مناهضة للعنصرية، وتُعارض كافة أشكال التمييز، بما في ذلك معاداة السامية والترهيب من الإسلام. وقد دافعت كل من السويد وإيرلندا وهولندا والاتحاد الأوروبي والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وخبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، عن حق الحركة في حرية التعبير والمقاطعة.
تأتي هذه الأنشطة التجارية ضمن جهود إسرائيلية مستمرة من أجل صيانة وتوسيع واستدامة الاحتلال الإسرائيلي، ومشروعات المستوطنات غير الشرعية، القائمة على استغلال الأراضي وموارد الأرض الفلسطينية المحتلة الطبيعية، الأمر الذي ينتج عنه العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك النقل القسري للسكان وهدم المنازل والقيود الشديدة على الحركة. ويعتبر تصنيف المنتجات والخدمات أحد سبل مساعدة الدول للتفريق بين المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الأراضي المحتلة وبين إسرائيل، بما يتماشى مع التزاماتها القانونية كدول “أطراف ثالثة” بموجب القانون الدولي، ويتسق مع قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي يدعو كافة الدول إلى “التمييز، في معاملاتها ذات الصلة، بين أراضي دولة إسرائيل وبين الأراضي المحتلة منذ عام 1967”. كما تُعد قاعدة بيانات الأمم المتحدة بشأن الشركات التجارية العاملة في المستوطنات الإسرائيلية، أداة مهمة لضمان بذل الدول والجهات الفاعلة من الشركات العناية اللازمة لحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي، في أنشطتها وعلاقاتها في الأراضي المحتلة.
أخيرًا، نؤكد مجددًا على دعمنا للدور الهام الذي يبذله المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية في تعزيز وحماية حقوق الفلسطينيين وحكم القانون في الأرض المحتلة، لا سيما في مواجهة محاولات الترهيب وتكتيكات التشويه والتدابير التعسفية. كما نطالب الولايات المتحدة باحترام الحق في حرية التعبير والرأي وتكوين الجمعيات لجميع الناس دون تمييز.
[1] أيضًا تم اتخاذ تدابير مماثلة في ولايات منفردة في الولايات المتحدة، لعقاب الشركات التي ترفض العمل مع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة.
Share this Post