تقرير جديد لمركز القاهرة
أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان صباح اليوم 4 أكتوبر 2021 تقريرًا موجزًا يستعرض نماذج للانتهاكات التي يتعرض لها المدنيين بمن فيهم الصحفيين والحقوقيين والأكاديميين في اليمن خلال النصف الأول من العام الجاري. ففي سياق النزاع المسلّح وتفشي الإفلات من العقاب، لا يزال وضع الصحفيين والحقوقيين والأكاديميين في اليمن محفوفًا بالمخاطر ومعرضًا للتدهور في ظل الاقتتال المستمر، وتفشي وباء كوفيد –19، إذ يضطروا لدفع أثمانٍ باهظة كنتيجة مباشرة لممارسة عملهم.
عكست القائمة غير الشاملة للحالات المعروضة في التقرير (في الفترة من يناير وحتى يونيو 2021) أمثلة لأنماط استهداف وانتهاكات متعددة، بحق نساء ورجال من فئات عمرية مختلفة، وفي مواقع جغرافية متفرقة في اليمن (صنعاء وحضرموت وعدن)، تحت سيطرة أطراف مختلفة من أطراف النزاع. الأمر الذي يشير لتورط كافة أطراف النزاع في ارتكاب مثل هذه الانتهاكات.
تقول سارة العريقي، الباحثة المختصة بشئون اليمن بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: "بشكل عام تتنوع الانتهاكات التي يجابهها الصحفيون والحقوقيون والأكاديميون والمعارضون السياسيون، بين القتل والاعتقال التعسّفي والإخفاء القسري والاعتداءات الجسدية والتهم الملفقة أو التضييق على أعمالهم، فضلًا عن القيود المفروضة على حقوقهم، خاصة حقهم في حريّة التعبير، وذلك في محاولة لخنق المعارضة السلمية." ويضيف المحامي الحقوقي اليمني عبد المجيد صبره أن هذه القضايا بحق الصحفيين والحقوقيين: "تصنف باعتبارها قضايا أمن الدولة وتفتقد المحاكمة فيها أدنى معايير المحاكمة العادلة، فلا تأكد من مشروعية الأدلة ولا من مصداقيتها ولا صحتها، بينما يعجز القضاء المحلي عن محاسبة الجناة الحقيقيين مرتكبي الجرائم الخطيرة في اليمن." وفي هذا السياق، تتجلى أهمية تشكيل آلية دولية للمساءلة الجنائية، كأولوية قصوى لدى المجتمع الدولي، من أجل جمع الأدلة وتوحيدها وحفظها وتحليلها وإعداد ملفات القضايا، والتواصل مع ضحايا الانتهاكات والجرائم الجسيمة، بمن فيهم الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، تمهيدًا لمحاسبة الجناة مرتكبي الجرائم في اليمن.
ناقش التقرير عدد من الممارسات القمعية المرتبطة بممارسة الحق في التظاهر والتجمع السلمي والحق في حرية التعبير، محذرًا بشكل خاص من تصاعد حدة هذه الانتهاكات المرتكبة من جميع أطراف النزاع في ظل تحدّيات متعدّدة المستويات مرتبطة بالحرب المستمرة منذ 7 سنوات في اليمن، بما في ذلك؛ انتشار وباء كوفيد- 19، وتردي الأوضاع الإنسانية والصحية في أماكن الاحتجاز، ومجاعة تلوح في الأفق، وأمراض وأوبئة، ونظام صحي متهالك، والانهيار الاقتصادي، ونقص التمويل الإنساني، والانقسامات السياسية للجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية.
كما قدم مجموعة من التوصيات لفريق الخبراء الأمميين المعني باليمن، مشددًا على أهمية مواصلة التحقيق في الانتهاكات المرتكبة في اليمن ودعم جهود المساءلة والمحاسبة عنها. كما طالب التقرير المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان والاتحاد الأوروبي، باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان حماية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيين والصحفيات والأقليات، ضد أعمال الترهيب والاعتداءات والاحتجاز التعسّفي، من بين انتهاكات أخرى، مرتكبة من مختلف أطراف النزاع. والتعاون والتواصل الفعال والمنتظم مع المجتمع المدني اليمني، والتمويل المستدام له لتمكينه من مواصلة عمله الضروري، بما في ذلك رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
كما حدد التقرير مجموعة من الإجراءات الواجبة على سلطات الأمر الواقع في مختلف أنحاء اليمن امتثالاً لواجباتها بموجب القوانين الدولية، ودورها في حماية المدنيين، على رأسها وقف الانتهاكات والإفراج عن المحتجزين بسبب ممارسة حقهم في التظاهر والتعبير، وإعادة النظر في أوضاع السجون المتردية ووضعها تحت المراقبة الأممية وضمان الإفراج عن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بكوفيد-19.
هذا التقرير
على مدار النصف الأول من العام الجاري 2021، يتناول هذا الموجز التحليلي الهجمات المستمرة من جانب أطراف النزاع الدائر في اليمن بحق المدنيين، بمن في ذلك المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيين والصحفيات والأكاديميين والطلاب، مسلطًا الضوء على الوقائع الحديثة نسبيًا.
وتقدّم القائمة غير الشاملة للحالات المعروضة في هذا التقرير أمثلة لأنماط استهداف وانتهاكات متعددة، في مواقع جغرافية مختلفة في اليمن (صنعاء وحضرموت وعدن)، تحت سيطرة أطراف مختلفة من أطراف النزاع.
الأمر الذي يشير لتورط كافة أطراف النزاع في ارتكاب مثل هذه الانتهاكات.
منهجية التقرير
المعلومات الواردة في هذا التقرير جمعها باحثو مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في الفترة بين يناير ويوليو 2021 معتمدين على مصادر أولية وثانوية.
إذ أجرى الباحثون 7 مقابلات مباشرة مع 7 ناجين من الانتهاكات المشار لها في هذا التقرير، فضلاً عن مقابلة مع المحامي، الممثل القانوني لبعض الحالات الأخرى الواردة في التقرير. واعتمد الباحثون أيضًا على المعلومات الموثقة التي قدمتها منظمات المجتمع اليمنية، بما في ذلك منظمة الضمير لحقوق الإنسان، ومنظمة مواطنة. بالإضافة لما ورد في تقارير المنظمات الدولية، مثل تقارير هيومان رايتس ووتش.
وقد راعى الباحثون عنصر التنوع في القائمة غير الشاملة للحالات المعروضة في هذا التقرير، وذلك من خلال التركيز على أنماط مختلفة من الاستهداف أو الانتهاك، في مواقع جغرافية مختلفة في اليمن (صنعاء وحضرموت وعدن)، تحت سيطرة أطراف مختلفة من أطراف النزاع.
ملخص تنفيذي
بشكل عام تتنوع الانتهاكات التي يجابهها الصحفيون والحقوقيون والأكاديميون بين القتل والاعتقال التعسّفي والإخفاء القسري والاعتداءات الجسدية والتهم الملفقة أو التضييق على أعمالهم، فضلًا عن القيود غير المبرّرة المفروضة على حقوقهم الأساسية، خاصة حقهم في حريّة التعبير.
وفي سياق النزاع المسلّح وتفشي الإفلات من العقاب، لا يزال وضع الصحفيين والحقوقيين والأكاديميين في اليمن محفوفًا بالمخاطر ومعرضًا للتدهور في ظل الاقتتال المستمر، وتفشي وباء كوفيد –19، إذ يضطروا لدفع أثمانٍ باهظة كنتيجة مباشرة لممارسة عملهم.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى ضرورة حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأكاديميين كأولوية؛ لضمان بيئة آمنة ومواتية لعملهم. الأمر الذي تم التطرق له في 25 فبراير 2021، خلال الحوار التفاعلي حول اليمن في الجلسة الـ ـ46 لمجلس حقوق الإنسان، إذ عبّر فريق الخبراء الأممي المعني باليمن عن قلقه إزاء «تقلّص الحيز الديمقراطي وانعدام الحريات الأساسية في اليمن، والذي ينعكس في استمرار القيود المفروضة على حريّة التعبير وحريّة المعتقد والحرمان التعسّفي من الحريّة والإخفاء القسري وترهيب الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والأقليات». كما أكد الخبراء مواصلة كافة أطراف النزاع في اليمن ارتكاب انتهاكات بحق الأفراد المشتبه في انتمائهم للمعارضة، بمن فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين.
وبحسب تقرير فريق الخبراء الأممي لعام 2021: «أمة منسية: دعوة لإنهاء معاناة اليمن» والمقدم لمجلس حقوق الإنسان، أبلغ الفريق عن حالات موثقة للاختفاء والاحتجاز التعسفي والتعذيب بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والأقليات الدينية، مشيرًا إلى أن أطراف النزاع ارتكبوا هذه الانتهاكات في محاولة لإسكات معارضتهم المتصورة أو لمعاقبة البعض بسبب معتقداتهم الدينية، وإضفاء الشرعية على سلطتهم يالترهيب. كما سبق ودعت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليت، أطراف النزاع في اليمن لإطلاق سراح الأفراد المحتجزين بشكل تعسّفي، وضمان نزاهة التحقيقات بهدف جبر الضحايا وعائلاتهم وتحقيق العدالة.
وفي ظل ظروف احتجاز مزرية وسيئة للغاية، أخفت واحتجزت قوّات الأمن، التابعة لمختلف الأطراف المتحاربة، مئات المدنيين بشكل تعسّفي، بينهم صحفيين وحقوقيين وأكاديميين. إذ يشير المحامي اليمني (عبد المجيد صبره) لظروف الاحتجاز في اليمن قائلاً: «في الوقت الحالي، يتكدس في المتوسّط 22 سجين في زنزانة واحدة، بينما لا تتجاوز السعة الافتراضية للزنزانة 12 فردًا». ويضيف: «كافة مراكز الاحتجاز مكدسة وغير صحيّة، تتفشى فيها الأمراض المعدية، ولا تتوفر فيها الرعاية الصحية، وفي بعض الحالات يتم حرمان جميع المحتجزين منها. كما تفتقد أنظمة السجون للقدرة أو الإمدادات أو الموارد الطبية للاستجابة لجائحة كوفيد–19.» وقد سبق ودعا فريق الخبراء البارزين أطراف النزاع لاتخاذ تدابير فعّالة للتخفيف من انتشار الوباء، بما في ذلك إطلاق سراح السجناء والمعتقلين مشيرًا لأن «وضعيتهم الهشة تُعرّضهم لخطر كبير وسط ظروف احتجاز مزرية».
في 10 أبريل 2020 أعلنت اليمن اكتشاف أول حالة إصابة مؤكدة بفيروس كوفيد–19، ومنذ ذلك الحين وحتى 30 مايو 2021، سجلت اليمن 6735 حالة إصابة بالفيروس، ووفاة 1320 آخرين. كما أبلغت الأمم المتحدة عن وفاة مئات اليمنيين، إلا أن قدرة البلاد المحدودة على إجراء الفحوصات الطبية اللازمة تعني ضمنيًا أن عدد الحالات غير معروف. علاوةً على ذلك، تواجه البلاد تحدّيات متعدّدة المستويات في سبيل الحصول على اللقاحات؛ ووصولها لمناطق جغرافية مقسّمة وسط مجاعة تلوح في الأفق، وأمراض موجودة بالفعل، ونظام صحي متهالك بفعل سنوات من الصراع، إذ لا تتعدى المرافق الصحية العاملة 50% من طاقتها. هذا بالإضافة إلى الحرب المتواصلة، والانهيار الاقتصادي، ونقص التمويل الإنساني، والانقسامات السياسية للجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية.
نماذج لاستهداف المدنيين، بمن في ذلك الصحفيين والحقوقيين والأكاديميين في اليمن
يستمر تدهور الوضع الإنساني وحالة حقوق الإنسان في اليمن بشكل مروّع، ومع دخول النزاع في اليمن عامه السابع، تواصل كافة أطراف النزاع ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين ومن بينهم المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيين والصحفيات والأكاديميين والطلاب. ولا يزال الأفراد يتعرّضون للاعتقال التعسّفي والإخفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة من جانب جميع أطراف النزاع، ويُحتجز غالبيتهم في أماكن اعتقال سرية وغير رسمية.
وتستهدف السلطات بشكل خاص ومتعمد الصحفيين و الحقوقيين والمعارضين السياسيين في محاولة لخنق المعارضة السلمية وحريّة التعبير. فقد سبق وتطرقت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليت للانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في اليمن، مشيرةً إلى «أنهم يتعرضون للاعتداء من جميع الأطراف؛ فهم يُقتلون ويُضربون ويتم إخفائهم، ويتعّرضون للمضايقات والتهديد، ويُسجنون ويُحكم عليهم بالإعدام لمجرد محاولتهم تسليط الضوء على مدى وحشية هذه الأزمة». الأمر الذي انعكس على ترتيب اليمن في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2021، إذ احتلت المرتبة 169 من بين 180 دولة.
1- اعتقال الصحفيين والحقوقيين خلال احتجاجات 18 فبراير 2021 في (المكلا)
في 18 فبراير 2021، وفي محافظة حضرموت- التابعة لسيطرة الرئيس هادي والمحافظ فرج البحسني- اعتقلت قوات الأمن بشكل تعسّفي 17 مدنيًا، بينهم مدافعين ومدافعات عن حقوق الإنسان و3 صحفيين وصحفيات.
نُفِّذت الاعتقالات بشكل تعسّفي بحق هؤلاء الأفراد لمجرد ممارستهم حقهم المشروع في التجمع السلمي والتعبير، بناءً على أوامر أصدرها المحافظ البحسني، ردًا على الاحتجاجات الأسبوعية التي نظمتها مجموعة من النشطاء في المكلا.
وبعد نقل المتظاهرين المعتقلين للسجن المركزي بالمكلا، وفي مقابل إطلاق سراحهم، طُلب منهم التوقيع على تعهدات مكتوبة مسبقًا بعدم الاحتجاج مرة أخرى أو تنظيم تجمّعات عامة. وفي 20 فبراير، وبعد يومين من الاعتقال، أُطلق سراح جميع المعتقلين، بعدما وقّع معظمهم على هذه التعهدات غير القانونية والمخالفة للقانون الدولي.
أجرى مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مقابلات مع 5 من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ممّن تم اعتقالهم في هذه الواقعة. وأفاد محمد علي جابر، الناشط الحقوقي اليمني وأحد منظمي الاحتجاجات، أن الاحتجاجات تواصلت بشكل أسبوعي على مدار 3 أشهر، موضحًا أن من بين منظمي الاحتجاج صحفيين ونشطاء ونقابيين محليين. وبحسب جابر تمحورت مطالب المتظاهرين في؛ فتح مطار الريان الذي تحوّل لقاعدة عسكرية، وتعزيز دولة القانون والأمن في وادي المكلا. بالإضافة إلى معالجة الوضع الاقتصادي المتدهور للمحافظة، ومراقبة أسعار السلع الأساسية، والمطالبة بصرف مساعدات عاجلة لدعم اليمنيين المتضررين من غلاء المعيشة، فضلًا عن رفع مستوى الشفافية المالية للمحافظة ومعالجة الفساد المالي والإداري.
الصحفية اليمنية هالة فؤاد باضاوي والمدافعة عن حقوق الإنسان وإحدى المشاركات المعتقلات عقب احتجاج 18 فبراير، أشارت لمحاولات السلطة المحلية ترهيب وإسكات الصحفيين والنشطاء والمواطنين اليمنيين. موضحةً أن وضع العمل الصحفي وحريّة التعبير في المكلا يزداد تقييدًا وقمعًا. أما الحقوقية يسرا البطاطي، والتي تم اعتقالها خلال الاحتجاج نفسه دون مبرّر، فأعربت عن دهشتها من أن تتسبب المشاركة في الاحتجاجات في اعتقالها، وتعرضها لهذا الاستخدام المفرط للقوة لإسكاتها وإسكات النشطاء الآخرين.
الصحفيان معتز النقيب وزكريا محمد تواجدا أيضًا في موقع الاحتجاج لتغطية المظاهرات بحكم عملهما كمراسلين تلفزيونيين. وقبل بداية المظاهرة اعتقلتهما قوات الأمن، مع متظاهرين آخرين. وقد أوضح المراسلان أن المحققين، الذين مثلا أمامهم في العاشرة مساء اليوم نفسه، أعربوا عن دهشتهم من اعتقال صحفيين ومراسلين دون أوامر قضائية. ومع ذلك تم اقتياد معتز وزكريا للسجن المركزي بالمكلا، وإيداعهما في زنزانتين مختلفتين مع سجناء متهمين بارتكاب أعمال إجرامية خطيرة.، كما وصف معتز الاعتقال والاحتجاز بكونه «تجربة نفسية صعبة».
وفي 18 فبراير تم الإفراج عن هالة ويسرا، بينما تم الإفراج في اليوم التالي عن مراسل قناة يمن شباب الفضائية معتز النقيب، ومراسل قناة المهرية الفضائية زكريا محمد.
ومنذ 18 فبراير 2021، وكنتيجة مباشرة لقمع التظاهرات، توقف الصحفيون والحقوقيون عن تنظيم المظاهرات الأسبوعية، وأعربوا عن إحباطهم العميق من تقلص مساحة الحريات المدنية، والحق في حرية التعبير والتظاهر السلمي. فبحسب محمد علي جابر، لم يعد بإمكان المنظمين التظاهر سلميًا؛ بسبب قمع التظاهرات واعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء. وفي 25 فبراير، وبينما كان المحتجون يتجمعون مجددًا للتظاهر، كان في انتظارهم عدد أكبر من قوات الأمن المسلحة؛ الأمر الذي أدى لتفريق المظاهرة.
2- نقل 4 صحفيين محكوم عليهم بالإعدام لمقر تبادل الأسرى في صنعاء
في 28 فبراير و29 مارس 2021، شهدت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصّصة في صنعاء انعقاد جلسات استماع في قضية الصحفيين الأربعة، عبد الخالق عمران وأكرم الوليدي وحارث حميد وتوفيق المنصوري، المحكوم عليهم بالإعدام من قبل المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة بصنعاء في 11 إبريل 2020، على خلفية اتهامات بـ «إذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة ومغرضة والعمد إلى دعاية مثيرة، وتأسيس وإدارة عدة مواقع على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لنشر أخبار وشائعات كاذبة مؤيّدة لجرائم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن»، مستندةً في قرارها إلى المواد 16 و21 و126 ثانيًا و136 من قانون العقوبات (قانون رقم 12 لسنة 1994 بشأن الجرائم والعقوبات).
عُقدت جلسات المحاكمة بما فيها جلسة 11 إبريل في غياب محامي الدفاع، نتيجة صدور قرار من المحكمة في جلستها الثانية بطرده دون سبب من قاعة الجلسات وعدم السماح له بالترافع في القضية. وكان المحامي قد حضر الجلسة الأولى مصادفة، بعدما تم إبلاغه بمواعيد مغلوطة للجلسة، كما لم يُسمح –حتى الآن– للمعتقلين وممثلّيهم القانونيين بالاطلاع على ملفات القضية وإجراءات المحاكمة، في إخلال واضح بمعايير المحاكمات العادلة.
وبحسب محامي الدفاع عبد المجيد صبره، تغيب الصحفيين الأربعة عن جلسات محكمة الاستئناف أيضًا، رغم تقديم النيابة مذكرة بطلب حضورهم. وفي الجلسة الأولى للاستئناف في محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة، طلب المحامي إفادة بسبب عدم حضور الصحفيين الأربعة للمحاكمة، فجاءت الإفادة من جهاز الأمن والمخابرات، بأنه تم تسليم الصحفيين الأربعة للجنة تبادل الأسرى بموجب أوامر الإفراج عنهم الصادرة من النيابة.
وحتى الآن، لم تنفّذ عملية التبادل، وطبقًا لمحامي الدفاع تم نقل الصحفيين الأربعة من سجن الأمن والمخابرات إلى مكان لتبادل الأسرى بانتظار الإفراج عنهم، في صفقة تبادل أسرى في أكتوبر 2020، حيث تعرض الصحفيون للتعذيب الجسدي والنفسي في سجن التبادل، ومنعت عنهم الزيارة منذ ذلك الوقت، وتم تهديدهم بتنفيذ حكم الإعدام بحقهم في حالة عدم إبرام اتفاقية التبادل.
يُذكر أن الصحفيين الأربعة معتقلون من جانب قوات أنصار الله (الحوثيين) منذ عام 2015. وعلى مدى 6 سنوات من الاعتقال، تم نقلهم بين عدة سجون مختلفة، وصولاً إلى مركز احتجاز التبادل في 15 أكتوبر 2020. ولم يُسمح لأهاليهم بزيارتهم منذ ذلك الحين.
وإمعانًا في ظروف الاحتجاز المزرية؛ حُرم الصحفيين من تلقي الرعاية الطبية، بغضّ النظر عن خطورة حالتهم الصحية. إذ أشار عبد الله المنصوري، شقيق الصحفي توفيق المنصوري، بحرمان أخيه من تلقّي العلاج الطبي رغم حالته الصحية المتدهورة، ومعاناته من مرض خطير في الكلى ومرض السكري.
جدير بالذكر أنه قد سبق وأعرب خبراء الأمم المتحدة عن «قلقهم البالغ إزاء معاملة الصحفيين أثناء الاعتقال والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي»، كما أدانت أكثر من 150 منظمة في بيان مشترك الأحكام الصادرة بحق الصحفيين الأربعة مطالبة بالإفراج عنهم.
3- اعتقال وتعذيب وإخفاء قسري بحق صحفي محتجز في سجن المنصورة بعدن
في 14 مارس 2021، تم إطلاق سراح عادل الحسني، الصحفي الاستقصائي المقيم في عدن، بعد احتجاز 6 أشهر تقريبًا.
اعتقلت جنود الجناح المسلّح للمجلس الانتقالي الجنوبي، وهي القوات اليمنية المدعومة من الإمارات، الصحفي عادل الحسني في 17 سبتمبر 2020 لدى مروره بنقطة تفتيش عند مدخل محافظة عدن الجنوبية.
الحسني هو أحد مؤسسي موقع عدن الغد الإخباري، كما عمل مع مراسلين دوليين مستقلّين لمنافذ إعلامية متعددة من بينها «بي بي سي» و«سي إن إن». وبحسب بيان صادر عن منظمة مواطنة، استجوبت قوات المجلس الانتقالي الحسني، وتعمدت الاعتداء الجسدي عليه وإيذاءه لإجباره على الاعتراف بـ «التجسس لصالح دول أجنبية».
وأفادت «هيومن رايتس ووتش» أن الحسني تعرّض للتعذيب، بما في ذلك الحرمان من النوم والحبس الانفرادي والضرب. كما أُجبر على توقيع اعتراف بكونه جاسوسًا لدول أجنبية. وفي 12 أكتوبر 2020، علم أقارب الحسني بمكان احتجازه، بعدما اختفى قسرًا لمدة 25 يومًا. نُقل الحسني إلى سجن المنصورة الذي تديره قوات أمن المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، وفي 14 مارس 2021 أطلق سراحه.
4- تعرّض 36 مدنيًا يمنيًا للتعذيب ومعاملة غير إنسانية، بينهم أكاديميين وطلاب
في الفترة بين 13 أكتوبر 2015 و30 يناير 2017، اعتقلت سلطات الأمر الواقع لأنصار الله (الحوثيين) 36 مدنيًا، من بينهم 6 أكاديميين و14 طالبًا، ينتمي معظمهم لحزب الإصلاح السياسي. وضمت النيابة العامة كل هؤلاء المعتقلين تحت قضية واحدة عرفت إعلاميًا باسم «نصر السلامي»، ووجهت اتهامات لـ 36 شخصًا بـــ «المشاركة في مجموعات مسلحة ومنظمة بقصد مهاجمة الأمن القومي، وتنفيذ الأعمال الإرهابية، بما في ذلك التفجيرات والاغتيالات. ومساعدة دول العدوان من خلال تزويدها بإحداثيات للمواقع والشخصيات العسكرية والعامة لاستهدافها».
وبعد اعتقالهم التعسّفي، تعرّضت هذه المجموعة للإخفاء القسري لفترات تراوحت بين أسبوع و5 أشهر، لاقوا خلالها ضروب مختلفة من المعاملة غير الإنسانية والتعذيب الشديد. ولاحقًا تم احتجاز المعتقلين في سجن الأمن والاستخبارات في صنعاء. وفي 2019، قررت سلطات الأمر الواقع أنصار الله (الحوثيين) الحكم على 30 شخصًا منهم بالإعدام.
في 8 و10 و16 أبريل 2017 على التوالي، عُقدت ثلاث جلسات استماع للقضية في المحكمة الابتدائية بصنعاء. وتمّت مراجعة القضايا من جانب القاضي وفريق محامي الدفاع المؤلف من 4 محامين برئاسة المحامي اليمني عبد المجيد صبره، وفي 9 يوليو 2019 قضت المحكمة الابتدائية ببراءة 6 أفراد وتم الإفراج عنهم فعلاً في تاريخ لاحق.
وفي 15 أكتوبر 2020 تم الإفراج عن 8 آخرين ضمن صفقة تبادل للأسرى، بينما بقي 22 شخصًا رهن الاعتقال- محكوم عليهم بالإعدام.
وفي 22 مارس 2021، عقدت محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة بصنعاء جلسة استماع جديدة في هذه القضية، أبدى خلالها المحتجزين الـ 22 رغبتهم في الاستئناف على حكم الإعدام الصادر بحقهم، وطلب فريق الدفاع صوره من الحكم، فوافقت المحكمة على تزويدهم بالحكم الابتدائي. وتأجلت المحاكمة إلى 14 يونيو 2021، وفيها طلب محامي الدفاع فرصة أخرى لتقديم عرائض استئناف نظرًا لتعدد المعتقلين وحجم ملف القضية الكبير.
وطبقًا لمحامي الدفاع، اختفى المعتقلون قسرًا فور اقتحام قوات أنصار الله (الحوثيين) منازل الـ 36 فردًا لاعتقالهم. وخلال فترة الاختفاء وبعدها، تعرّض المعتقلون لأنواع مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي والمعاملة غير الإنسانية والمهينة. وبحسب فريق الدفاع،استمر التعذيب حتى أثناء المحاكمة.
أحُيل المعتقلين للنيابة بعد اختفاء أغلب علامات الاعتداء الجسدي. وأشار محامي الدفاع عبد المجيد صبره إلى أن علامات التعذيب كانت ظاهرة بوضوح على الدكتور يوسف البواب، بما في ذلك انتفاخ في كليته اليمنى، موضحًا أن تقارير التعذيب مرفقة بمحاضر تحقيقات النيابة العامة.
وبحسب أقوال المعتقلين في محاضر تحقيقات النيابة بين 26 و30 مارس 2017، أفادوا بتعرضهم لمعاملة غير إنسانية تضمنت؛ تكبيل اليدين والقدمين أثناء التحقيقات، والضرب بالعصي في جميع أنحاء الجسم، وعصب العينين، والحبس الانفرادي في الزنازين المظلمة لشهور، والوقوف لساعات، والاستجواب لأيام متتالية، والحرمان من النوم، بالإضافة إلى التهديد بالعنف الجنسي.
وفي 20 أكتوبر 2016، ولمدة 3 شهور اختفى قسريًا الدكتور يوسف البواب، الأستاذ بجامعة صنعاء. والذي ذكر في أقواله أمام النيابة: «تم نقلي إلى معسكر الأمن السياسي كما علمت فيما بعد. وخلال فترة احتجازي، تعرّضت للتعذيب، وقُيدت من يدي إلى سقف الزنزانة لإجباري على الوقوف على قدمي لمدة أسبوع. لاحقًا، ضربني ضباط السجن على جميع أنحاء جسدي، بما في ذلك منطقة الجراحة التي خضعت لها قبل أن يتم القبض علي، الأمر الذي أدى لتمزّق النسيج الداخلي وانحراف كليتي إلى خارج جسدي، كما هدّدوني بالاعتداء الجنسي والاغتصاب، وقيل لي إن زجاجة ستوضع في مؤخرتي». ورغم تكرار البواب للشهادة نفسها أمام المحكمة، لكن لم يتم تضمينها في محضر الجلسة.
في السياق نفسه، أفاد خالد النهاري، الذي تم إخفائه قسرًا في 25 سبتمبر 2016 لمدة أربعة أشهر، أثناء التحقيق معه أمام النيابة بين 26 و30 مارس 2017؛ أن استجوابه استمر لـ 8 أيام متتالية، لم يُسمح له خلالها بالنوم إلا ليوم واحد.
بينما أفاد نصر محمد السلامي، الذي اختفى قسرًا في 27 سبتمبر 2016، أمام المحكمة خلال جلسة الاستماع في 16 أبريل 2017، بأنه تعرض للتعذيب من قبل محتجزيه لإجباره على تقديم اعتراف مسجل بالفيديو تم عرضه أثناء جلسة الاستماع. وبعد اطلاعه على سجلات الأدلة أجاب السلامي: «نعم هذه شهادتي، ولكني أدليت بها إثر إكراه وتعذيب جسدي شديد. لقد قُيدت من يديّ إلى سقف الزنزانة، وتعرّضت للضرب خلال فترة إخفائي. وبعد أربعة أيام من التعذيب، أدليت بكل هذه الأقوال. كما أنه تم التلاعب بالفيديو وتلفيقه بقصه وإضافة أجزاء إليه». وردًا على سؤال المحكمة لسلامي عما إذا كان لديه دليل على إجباره على الإدلاء بهذه الأقوال، أجاب السلامي: «أحالتني السلطات إلى المحكمة بعد 7 أشهر من إخفائي القسري، لقد اختفت العديد من علامات التعذيب». مضيفًا أنه بإمكان المحكمة إجراء فحص طبي يثبت تعرضه للتعذيب، وموضحًا أن هذا الفيديو تم تسجيله تحت التعذيب والإكراه. ولكن لم تستجب المحكمة لطلبه، ولم يتم فحصه من جانب الطب الشرعي.
من جانبه، أشار المعتقل عثمان عبده النويرة (19 عامًا)، خرّيج المدرسة الثانوية الذي اختفى قسريًا في 15 أكتوبر 2016، أمام محقّق النيابة أيضًا أنه صرّح بأشياء سابقًا خوفًا من الأمن السياسي، لأنهم «هدّدوني لكيلا أغير ما هو مسجّل». كما أبلغ النويرة النيابة عن تعرّضه للصفع والتهديد بالقتل.
ومن الجدير بالذكر أنه لم تتضمن سجّلات التحقيقات التي أجريت مع المحتجزين الـ 36 اسم المحقّق، وهو ما يشير لعدم رغبة المحققين في الكشف عن هوياتهم؛ لتجنب الملاحقة القضائية. كما أن المحقّقين ذكروا صراحةً تقييدهم للمعتقلين أثناء التحقيق، كما ورد في تقرير المعتقل عزام عبد الغني الضبيبي في 28 أكتوبر 2016، وتقرير المعتقل حسام عبد الولي المعلمي في 18 ديسمبر 2016.
أدرج المحقّقون أيضًا في تقريرهم جملة «المعتقل ما زال غير متعاون في إفادته، لذلك أوصينا بإحالته للأمن السياسي» وتشير هذه الجملة بوضوح إلى أن الإحالة للأمن السياسي جاءت بهدف انتزاع المعلومات من المعتقل بأساليب أكثر وحشية وقسوة، وقد وردت هذه الجملة في عدد من التقارير المرفوعة من قسم المباحث الجنائية. كما أُجبر العديد من المعتقلين على التوقيع وإعطاء بصمات أصابعهم على الورق وهم معصوبي الأعين، دون معرفة محتوى الأوراق محل التوقيع. ووصل مستوى التعذيب حد طلب المعتقلون من المحقق كتابة ما يريد حتى يتوقف عن تعذيبهم؛ طبقًا لتصريح يوسف البواب.
وإمعانًا في ترهيب المعتقلين والضغط عليهم، تم اعتقال بعض أفراد عائلاتهم. فعلى سبيل المثال في 10 سبتمبر 2017، اعتقل الأمن السياسي أمة الرحمن، شقيقة المحتجز معاذ أحمد عبد الوهاب نعمان، وأبناؤها، لمدة يوم. وفي 25 سبتمبر 2016، تم اعتقال والد المعتقل صدام محمد دخان وثلاثة من أشقائه لمدة أسبوع تقريبًا؛ لإجباره على تسليم نفسه لسلطة الأمر الواقع. وفي 9 سبتمبر 2016، تم اعتقال والد وعم وصهر المعتقل يونس سنان الجرادي (21 عامًا)؛ لإجباره على تسليم نفسه.
الإطار القانوني الذي يتم في سياقه هذه الانتهاكات
1- القوانين الدولية
يخضع الوضع الحالي في اليمن لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، والقانون الجنائي الدولي. هذا بالإضافة إلى انضمام اليمن بالتوقيع لمجموعة من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ICCPR)، واتفاقية مناهضة التعذيب(CAT)، واتفاقية حقوق الطفل (CRC) والتي تظل ملزمة حتى خلال فترات النزاع المسلح.
الحكومة اليمنية ملزمة بما تقره هذه القوانين الدولية والمعاهدات الدولية في جميع أوجه بسط السيطرة الفعلية على البلاد، وبالمثل سلطات الأمر الواقع التي تسيطر حاليًا على أجزاء كبيرة من أراضي اليمن وسكانها، وتمارس وظائف شبيهة بوظائف الحكومة، مثل جماعة أنصار الله (الحوثيين) والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
هذه السلطات ملزمة باحترام وتنفيذ كافة الضمانات الواردة في المعاهدات والقوانين الدولية. كما يقع على عاتق أعضاء التحالف الإماراتي السعودي التزامات دولية باحترام وحماية وإعمال حقوق الإنسان في نطاق ولايتهم القضائية وأماكن نفوذهم الفعلي، بما في ذلك في مراكز الاحتجاز أو القواعد العسكرية الخاضعة لسلطتهم.
2- القانون اليمني
معظم الاتهامات الموجه للصحفيين والمدافعين لحقوق الإنسان، والتي تمت الإشارة لبعضها في سياق هذا التقرير، تستند إلى ترسانة قوانين قمعية وتفسيرات فضفاضة لمصطلحات قانونية غير منضبطة، يتم توظيفها للانتقام والتنكيل بالحقوقيين والصحفيين والأكاديميين وغيرهم، وتزيد من القيود المفروضة على حقوق اليمنيين وخاصة الحق في الاحتجاج السلمي والحق في حرية التعبير.
ولعل من أهم القوانين المحلية القمعية قانون الجرائم والعقوبات اليمني لسنة 1994، تحديدًا المادتين؛ (125) و(126)
«يعاقب بالإعدام كل من ارتكب فعلًا بقصد المساس باستقلال الجمهورية أو وحدتها أو سلامة أراضيها ويجوز الحكم بمصادرة كل أو بعض أمواله». و"يعاقب بالإعدام كل من تعمّد ارتكاب فعل بقصد إضعاف القوات المسلحة بأن:
1.خرّب أو أتلف أو عيّب أو عطّل أحد المواقع أو القواعد أو المنشآت العسكرية أو المصانع أو البواخر أو الطائرات أو طرق المواصلات أو وسائل النقل أو المرافق أو الذخائر أو المؤن أو الأدوية أو غير ذلك مما أُعد للدفاع عن البلاد أو مما يستعمل في ذلك أو أساء صنعها أو إصلاحها أو جعلها غير صالحة ولو مؤقتًا للانتفاع بها فيما أعدت له أو أن ينشأ عنها ضرر. 2. أذاع أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو عمد إلى دعاية مثيرة وكان من شـأن ذلك كله إلحاق الضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد أو العمليات الحربية للقوات المسلحة أو إثارة الفزع بين الناس أو إضعاف الروح المعنوية في الشعب. 3.أفشى سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد.
أما المادة (135) من القانون نفسه فتنص على «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل من دعا أو حرض على عدم تطبيق القوانين النافذة أو الالتزام بها». وتنصّ المادة (136) على: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل من أذاع أخبارًا أو بيانات كاذبة أو مغرضة أو أية دعاية مثيرة وذلك بقصد تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب بين الناس أو إلحاق ضرر بالمصلحة العامة». هذه القوانين القمعية تمثل أداة إضافية في يد سلطات الأمر الواقع لقمع الحريات والانتقام من معارضيها، وذلك إلى جانب الانتهاكات والجرائم الخطيرة المرتكبة في اليمن من جميع أطراف الصراع بمعزل عن أي قانون.
التوصيات
يعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن قلقه إزاء استمرار الاعتداءات التي تشنها أطراف النزاع المختلفة في اليمن بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأكاديميين، الأمر الذي يعرقل ممارسة عملهم، وينتهك حقوقهم الأساسية. ومن ثم يجب على جميع أطراف النزاع وقف ممارسات الإخفاء القسري والاحتجاز التعسّفي والترهيب وعدم معاقبة الصحفيين والإعلاميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء على عملهم واحتجاجاتهم السلمية.
وعليه، يوصي مركز القاهرة فريق الخبراء الأمميين المعنيين باليمن بالآتي:
- مواصلة التحقيق في الانتهاكات المرتكبة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وتقديم توصيات لأطراف النزاع بشأن واجباتهم والتزاماتهم بموجب القانون الدولي لضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين ومنظمات المجتمع المدني وتمكينهم من ممارسة عملهم في اليمن.
- دعم الجهود المتعلقة بتحقيق المساءلة ووقف انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ترتكبها كافة أطراف النزاع.
- الضغط على سلطات أنصار الله الحوثية للإفراج عن جميع الموقوفين والمحتجزين والمحكوم عليهم بسبب ممارسة حقهم في حريّة التعبير، والتوقف عن اعتقال الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والأكاديميين والطلاب ونشطاء الإنترنت.
- دعوة الأطراف المتحاربة في اليمن بما في؛ ذلك التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وجماعة أنصار الله (الحوثيين) المسلحة إلى:
- الإفراج بشكل عاجل عن جميع المعتقلين تعسّفيًا بما يضمن كرامة وسلامة وأمن المفرَّج عنهم.
- اتخاذ خطوات عاجلة لفحص كشوف المحتجزين، للإفراج عن الصحفيين والأكاديميين والحقوقيين والطلاب والكشف عن مصير المختفين.
- إجراء مراجعة شاملة لنزلاء السجون، والإفراج الفوري عن المحتجزين «منخفضي الخطورة» والسجناء والفئات الهشّة بشكل خاص، بما في ذلك الأطفال وكبار السن وذوي الظروف الصحية الخطرة، الأكثر عرضة للإصابة بـفيروس كوفيد-19.
- تزويد أماكن الاحتجاز بمرافق صحية مناسبة، وتأمين قدرة المحتجزين على الوصول للمرافق الصحية وحصولهم على الرعاية الصحية اللازمة، بما في ذلك إتاحة الوصول إلى اختبارات كوفيد-19 وتوفير العلاج المناسب على قدم المساواة لعامة السكان.
- ضمان وصول مراقبين معترف بهم من الأمم المتحدة لجميع مرافق الاحتجاز، الرسمية وغير الرسمية، لمعاينة ظروف الاحتجاز.
- ضمان حق المعتقلين في محاكمة عادلة، وتوفير وسائل التواصل مع العالم الخارجي.
كما يوصي مركز القاهرة المجتمع الدولي، وتحديدًا الاتحاد الأوروبي والدول والجهات المعنية الأخرى بـ:
- اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم المدافعات عن حقوق الإنسان والنشطاء والصحفيين والصحفيات والأقليات، ضد أعمال الترهيب والاعتداءات والاحتجاز التعسّفي، من بين أمور وانتهاكات أخرى، مرتكبة من مختلف أطراف النزاع.
- حثّ أطراف النزاع والعمل معهم لاتخاذ تدابير إضافية للإفراج عن المعتقلين تعسّفيًا والمختفين قسرًا في اليمن، بمن فيهم النشطاء والصحفيين والصحفيات والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان.
- حثّ جميع الأطراف المتحاربة، وخاصّةً أنصار الله، على إلغاء جميع أحكام الإعدام، لا سيما تلك الصادرة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمحامين وغيرهم.
- ضمان التعاون والتواصل الفعال والمنتظم مع المجتمع المدني اليمني، والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والأكاديميين، والعمل على توصيل مطالبهم وتطلعاتهم فيما يتعلّق بوضع السياسات في اليمن.
- ضمان التمويل المستدام لمنظمات حقوق الإنسان اليمنية؛ لتمكينها من مواصلة عملها الضروري، بما في ذلك رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
- ضمان محاسبة جميع المسئولين عن انتهاكات القانون الدولي والجرائم المرتكبة في سياق الحرب المستمرة في اليمن، بما في ذلك عن طريق تكثيف الجهود والموارد من أجل:
- ضمان تمديد ولاية فريق الخبراء البارزين من خلال تفويض مستمر متعدد السنوات، وتوفير الدعم السياسي والموارد المالية اللازمة للفريق، لمواصلة عمله في التوثيق والإبلاغ عن انتهاكات القانون الدولي في اليمن لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
- دعم تشكيل هيئة تحقيق دولية مستقلة، تركز على القضايا الجنائية في اليمن، لجمع الأدلة وتوحيدها وحفظها وتحليلها وإعداد ملفات القضايا، والتعرف على ضحايا الانتهاكات والجرائم الجسيمة، بمن فيهم الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
Share this Post