الانتخابات البرلمانية مهددة بالبطلان بسبب رفض وزارة الداخلية واللجنة العليا للانتخابات تنفيذ أحكام القضاء

In برنامج مصر ..خارطة الطريق by CIHRS

 

لاحظ التقرير السابق للائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات، أن مديريات الأمن تهيمن على مرحلة الترشيح للانتخابات البرلمانية 2010، إلا أنه مع الانتقال للمرحلة الأخيرة، أصبحت سيطرة وزارة الداخلية على مجمل العملية الانتخابية ساطعة سطوع شمس أغسطس، بينما تراوح دور اللجنة العليا للانتخابات بين الصمت الخجول أو التحدث بالنيابة عن وزارة الداخلية.

فبعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أنها ستنفذ كل أحكام القضاء الإداري بإعادة المرشحين الذين استبعدتهم مديريات الأمن، اضطرت لابتلاع قرارها والتراجع أمام إصرار وزارة الداخلية على عدم تنفيذ أحكام القضاء. الأمر الذي أدى بالمحكمة الإدارية العليا لإصدار حكم قضائي تاريخي في 25 نوفمبر، يطالب اللجنة بتنفيذ الأحكام القضائية، ويعتبر استشكالات وزارة الداخلية معدومة الأثر قانونيا. وينطوي هذا الحكم القضائي على إدانة صريحة للجنة العليا للانتخابات، وخاصة حين يدعوها للتمسك باستقلاليتها، والتحلي بروح الحياد والالتزام بأحكام القانون والدستور، وألا تكون عقبة في سبيل تنفيذ أحكام القضاء.

إن هذا الحكم التاريخي الذي يدين كل الأجهزة الرئيسية المسئولة عن إدارة الانتخابات، وإصدار القضاء الإداري لعدة أحكام بإلغاء الانتخابات في 24 دائرة في عدة محافظات – وهى الأحكام التي تماطل السلطة التنفيذية في تنفيذها – والإفراط في التدخلات الإدارية والأمنية في سير العملية الانتخابية، هذه التطورات الثلاث تهدد الانتخابات بالبطلان.

ومن ناحية أخرى فإن موقف السلطات الرافض سياسيا للرقابة الدولية والرافض عمليا للرقابة الوطنية من خلال منظمات المجتمع المدني، يؤكد عدم وجود إرادة سياسية لإجراء انتخابات شفافة وحرة ونزيهة. فقد رفضت اللجنة العليا للانتخابات السماح لعدة منظمات حقوقية بمراقبة الانتخابات ، بينها الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، عضو الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات. أما بقية المنظمات فقد حصلت على نحو 10% من التراخيص التي طلبتها.
جدير بالذكر أن أجهزة الأمن هى التي اتخذت القرار باستبعاد هذه المنظمات، وعدة آلاف من المراقبين المطلوبين من منظمات أخرى. وقام بإبلاغ القرار ضباط شرطة مقيمين في مقر اللجنة العليا للانتخابات، أكدوا صراحة أن الاستبعاد لأسباب أمنية. الأمر الذي يؤكد مدى شمول سيطرة وزارة الداخلية على كل العمليات المتصلة بالانتخابات، وأن اللجنة العليا  ليست سوى ديكور، وظيفته الرئيسية إعلان نتائج عملية تديرها فعليا وزارة الداخلية.

 

المرأة على المقاعد العامة ومقاعد المرأة( الكوتا)
تعسفت الجهة الإدارية أيضا في تنفيذ أحكام القضاء الإداري الخاصة بتعديل صفة المرشحات. كما تنازلت بعض المرشحات من المعارضة عن الترشيح  مما زاد من فرص مرشحات الحزب الوطني في الفوز بأكبر عدد من مقاعد الكوتا.
ولجأت المرشحات خاصة على مقاعد المرأة -نتيجة قصر فترة الدعاية واتساع دوائر الكوتا -إلى أساليب مختلفة لدعايتهن كاستخدام وسائل الإعلام الجديد وإنشاء صفحات لهن على المواقع الاجتماعية وعقدهن تحالفات مع مرشحين المقاعد العامة ، استعانت المرشحات السيدات بنساء في حملاتهن الانتخابية وانقسمت أدوارهن بين أدورا قيادية وأخرى ثانوية.

كما تعرضت المرشحات( سواء على المقاعد العامة أو مقاعد المرأة) من المعارضة للعديد من الانتهاكات والتعرض لهن ولأنصار حملاتهن.
وفي تحليل لعدد من برامج المرشحات من منظور النوع الاجتماعي، تبين رفض العديد من هذه البرامج لعدد من الحقوق التي اكتسبتها الحركة النسوية. وبشكل عام، فإن نسبة البرامج الانتخابية الداعمة لحقوق المرأة قليلة للغاية.
وفقا لهذه المؤشرات، يتضح أن نظام الكوتا –حتى الآن- لم تستفد منه قضية حقوق النساء، وأن المستفيد هو الحزب الوطني الحاكم.

الإعلام والانتخابات: انحياز للحزب الوطني ولجنة “مكارثية” لإرهاب الإعلاميين
رغم أن اهتمام الصحافة والقنوات التلفزيونية بالانتخابات زاد في المرحلة الثانية، إلا أنه ما زال أقل كثيرا مما كان عليه الحال خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 2005. ويبدو ذلك انعكاسا مباشرا للتوجه الرسمي للسلطات في العمل على إبقاء اهتمام الجمهور بالانتخابات والسياسة في أدنى مستوى ممكن. فضلا عن أنه يعتبر متسقا مع الهجمة الشرسة التي نظمتها السلطات منذ أوائل أكتوبر ضد حرية وسائل الإعلام، والتي أدت إلى خلق مناخ من الخوف داخل كل وسائل الإعلام، سبق الإشارة إليه  في التقرير السابق لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن التغطية الإعلامية خلال المرحلة التمهيدية للانتخابات البرلمانية 2010.
ويتمثل هذا التوجه الرسمي الهادف للحد من اهتمام الجمهور بالانتخابات في:
1- محدودية المساحة الزمنية التي يقدمها التلفزيون  يوميا للانتخابات (2.5 ساعة موزعة على 8 قنوات).
2- عدم استئناف بث القناة البرلمانية، التي قامت خلال انتخابات 2005 بدور حيوي في تعريف المواطنين بالمتنافسين الحزبيين والمستقلين.
3- القنوات التلفزيونية والحكومية هي الأقل تخصيصا لوقت تناول الانتخابات، مقارنة بالقنوات الخاصة، بل إن قناة النيل الإخبارية الحكومية التي من المفترض أن تكون الأكثر تغطية واهتماما بالانتخابات من كل القنوات الحكومية والخاصة، جاءت في الترتيب الأخير.
4- إن الوقت المحدود الذي خصصته هذه القناة لعرض وجهات نظر المرشحين، يتم بثه في فترة بعد الظهر، وهى الفترة الأقل مشاهدة من الجمهور.
5- الدور المكارثي الذي تقوم به اللجنة التي شكلها وزير الإعلام في مطاردة التناول النقدي للحزب الوطني الحاكم في القنوات الخاصة، حتى أنها اعتبرت –دون سند من القانون- أن تناول أحد البرامج الحوارية الشهيرة لقائمة مرشحي الحزب الوطني بالنقد، بمثابة تدخل محظور في “الشئون الداخلية” للحزب!
6- منح مساحات زمنية كبيرة نسبيا لقضايا كوتة المرأة، على حساب القضايا الهامة الأخرى المتعلقة بالعملية الانتخابية، نظرا لأنها الأقل سخونة سياسيا.

ومن أبرز مستخلصات التقرير عن التغطية الاعلامية خلال العملية الانتخابية:
1- أن قناة واحدة خاصة – وهى  ONTV- قد أسهمت وحدها بربع المساحة الزمنية التي قدمتها كل القنوات الحكومية والخاصة للانتخابات. كما أن هذه القناة كانت الأكثر توازنا في تغطيتها للأحزاب. أما في الصحف فقد كانت جريدة الشروق ومن بعدها المصري اليوم الأكثر تعبيراً عن التنوع والتوازن في التغطية.
2- وحصل الإخوان المسلمين في القناتين الأولى والثانية على نفس التغطية الهامشية 0.5%، وجاء القسم الأعظم منها سلبي.
3- كان انحياز القنوات والصحف المملوكة للدولة للحزب الوطني الحاكم سافرا، رغم أنها وسائل إعلام ممولة من المال العام. فقد أفردت القناة الأولى 72% من إجمالي تغطيتها للانتخابات للحزب الوطني، وفي القناة الثانية 78%، وفي جريدة الأخبار 75%، وفي جريدة الجمهورية 71%، وفي الأهرام 56%. بينما تراوحت إيجابية هذه المساحات الكبيرة في الصحف القومية تجاه الحزب الوطني بين 94% إلى 99.4%. وفي المقابل فإن التغطية النقدية للحزب الوطني قد شهدت تراجعا في كل الصحف من 64% في المرحلة التمهيدية إلى 55%.
اهتمت الصحف الحكومية نسبيا بتناول تقارير بعض منظمات “المجتمع المدني” للانتخابات، ولكنها اقتصرت في أغلبها على تلك التقارير التي لا تنتقد الأجهزة الحكومية المسئولة عن الانتخابات، والتي تصب أغلب نقدها على الإخوان المسلمين. ولم يحظ المقاطعون للانتخابات بفرصة إعلامية مناسبة لشرح موقفهم وحججهم للرأي العام، باعتبارهم يمثلون قطاعا مهما في الساحة السياسية في مصر.

Share this Post