بعد الاستعراض العسكري لطلبة الإخوان بجامعة الأزهر: نشطاء وخبراء يطالبون باعتذار المرشد وإعلان برنامج سياسي للجماعة

In صالون بن رشد by CIHRS

عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في إطار صالون ابن رشد ندوة بعنوان: “الميليشيات… الدولة وسيادة القانون وازدواجية المعايير بين مصر ولبنان والعراق”، وذلك يوم الأربعاء الموافق 20 ديسمبر 2006، وقد شارك في فعاليات الندوة كلا من الأستاذ حـافظ أبو سعدة الأمـين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، و اللواء فؤاد علاّم نائب مدير مباحث أمن الدولة الأسبق، والدكتور محمد البلتاجي أمين عام الكتلـة البرلمانية للإخوان المسلمين والأستاذ بجامعة الأزهر، و الأستاذ نجاد البرعي مدير جمعية تنمية الديمقراطية، وتولى إدارة الندوة بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة.
استهل الحديث بهي الدين حسن بكلمة عن الأحداث التي شهدتها جامعة الأزهر مؤخرًا، حيث قام عدد من الطلبة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بأداء عرض شبه عسكري، احتجاجًا على ما أسموه ظلمًا تعرضوا له خلال وعقب الانتخابات الطلابية الأخيرة.
ثم انتقلت دفة الحوار إلى نجاد البرعي مدير جماعة تنمية الديمقراطية، فأكد أن القضية في أحداث الأزهر تتجاوز الاستعراض العسكري الذي قام به طلاب الإخوان إلى تجديد إثارة الهواجس والشكوك الحقيقية تجاه نوايا جماعة الإخوان، مشيرا إلي أن تصريحات مرشد الجماعة طوال العام الأخير لم تكن مشجعة، وأن أداء نواب الجماعة بالبرلمان كان منهارا وضعيفا، ولا يسمح بالثقة فيهم إذا ما وصلوا للسلطة في البلاد.
ودعا البرعي المرشد العام للجماعة إلي الاعتذار عن إحداث الأزهر ، وقال إن ما حدث من طلاب الإخوان أعطي انطباعا سلبيا عن تطور الحياة السياسية في مصر ، وأن ما جاء من اعتذارات علي لسان قادة بالجماعة في هذا الشأن كان أقبح من الذنب الذي ارتكبوه ، منتقدا محاولة الجماعة توصيل رسالة إرهاب للدولة من خلال العرض العسكري للطلاب ، ومشددا علي أنه حتي لو كانت الدولة مستبدة وظالمة ، فانه من غير الملائم محاولة إرهابها ، حيث أن قوام أي دولة هو أن يظل احتكار القوة لها حتي وان ظلمت ، لافتا إلي إجماع علماء الإسلام علي أن أضرار الفتنة أشد و أخطر من ضرر بقاء حاكم فاسد أو فاسق .
وأكد علي أن مواقف الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان ألحقت ضررا بالغا بحرية الرأي والتعبير مشيرا إلي مواقف أعضائها من مواد إذاعية وتليفزيونية وسينمائية وإبداعية كموقفهم من فيلمي ” عمارة يعقوبيان ” و ” شفرة دافينشي ” ومطالبة نائب بها –الكتلة– بجلد الصحفيين بدلا من حبسهم وذلك في مناقشات قانون الصحافة، وقال إن هذه المواقف تثير التساؤلات مجددًا حول موقف الإخوان من الأقباط ومن حريات الفكر والاعتقاد.
وأكد البرعي أنه في نفس الوقت فان الوضع المعلق للجماعة حاليا يجب إنهاؤه سواء من جانبها أو من جانب الحكومة ، مطالبا الجماعة بالإسراع للدخول في حوارات مع كل القوي السياسية ،بما فيها “العقلاء” بالحزب الوطني من أجل إزالة سوء الفهم حول ما جري مؤخرا بالأزهر.
فيما أشار حافظ أبو سعده أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إلي أن استخدام العنف في العمل السياسي كان أحد مكونات جماعة الإخوان منذ إنشائها عام 1928 ، مدللا علي ذلك بحوادث الاغتيالات قبل الثورة، ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، ثم خروج تنظيمات العنف من رحم الجماعة ، ولفت إلي المفارقة في أنه في الوقت الذي بدأت فيه هذه التنظيمات مراجعات فكرية اعترفت فيها بخطأ انتهاج العنف طوال السنوات الماضية ، تظهر بوادر موجة عنف جديدة في المجتمع علي أيدي جماعة الإخوان.
وحذر أبو سعدة من خطورة خلق كيانات وميليشيات موازية على استقرار الدولة وتماسكها ، وقال إن ما فعله الإخوان بالأزهر يعطي الفرصة للدولة لضرب الحقوق والحريات ، مستشهدا في ذلك بإحداث العنف في الجزائر ودعا إلي حوار بين الإخوان والقوي الوطنية حول موقف الإخوان والحركة الإسلامية من موضوعات الدولة المدنية وحريات الفكر والاعتقاد ،ونبذ العنف والقبول بالآخر، والموقف من المرأة والأقباط.
وقد دافع أبو سعدة عن موقف منظمات حقوق الإنسان وقال أنها كما أدانت أحداث الأزهر فإنها أدانت من قبل الاعتداءات الحكومية علي الصحفيات والمعارضين فيما عرف بأحداث يوم الاستفتاء ، مشيرا إلي أن تلك المنظمات أصدرت تقارير عديدة ضد الاعتقالات والممارسات التي تعرض لها أعضاء بالجماعة.
وأكد أن قوي المجتمع المدني لن تسمح باستبدال الاستبداد السياسي القائم باستبداد آخر ديني مشيرا إلي انه إذا كان فكر الإخوان هو القهر والإقصاء فان استمرار الاستبداد القائم أفضل وقال إن طلبة الإخوان المقبوض عليهم في أحداث الأزهر ضحايا ويجب الإفراج عنهم ووضع من أعطي لهم الأوامر بهذا الفعل بدلا منهم.
وذهب أبوسعدة إلي أن ما حدث بالأزهر وردود أفعال الجماعة تجاه منتقديها يطرح التساؤل حول المطالبة بحقها في الحصول علي رخصة حزب سياسي إذا كان هذا هو تفكيرها، مطالبا الإخوان في نفس الوقت بالقبول بشروط التنظيم السياسي المشروع. . وفي مقدمتها القبول بالدولة المدنية ذات السيادة والقانون والتي تكون المشروعية فيها للمؤسسات ، والانتخابات هي الأداة للوصول للسلطة، ورفض اللجوء للعنف.وقال إن خلق كيانات وميلييشيات موازية يهدد بانهيار الدولة مدللا بما يجري في العراق والصومال مشددا علي أن النضال يجب أن يكون في اتجاه العمل علي ترشيد استخدام الدولة للقوة.
ورفض بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة اتهام المنظمات الحقوقية بالانتقائية في عملها وقال إن تلك المنظمات أدانت وتدين كل الانتهاكات الحكومية لحقوق الإنسان ، مؤكدا علي أن العرض العسكري الذي قام به طلاب الإخوان بجامعة الأزهر كشف عن إن الإخوان المسلمين قرروا العودة إلي نفس الطريقة التي مارسوا بها العمل السياسي في بداياتهم وهي استعراض القوة وهي الطريقة التي توقفوا عن العمل بها منذ منتصف السبعينات. وأشار إلي أن العرض أصاب الرأي العام بصدمة لأنه شاهد للمرة الأولي طرفاً سياسياً يقوم بأداء عرض عسكري بهذه الصورة علي الرغم من قيام الإخوان باستدعاء لمشهد بلطجي الحزب الوطني في الاستفتاء أو في الانتخابات أو في أحداث جامعة عين شمس إلا أن هذا الاستدعاء مجرد مبرر لاستخدام القوة والعنف.
وطالب بهي الدين حسن الدولة بتجنب الصدام مع الإخوان و الإفراج الفوري عن الطلاب الذين هم ضحايا لأخطاء قياداتهم، مطالبا في نفس الوقت الإخوان بالقراءة العميقة لردود الأفعال المختلفة تجاه أحداث الأزهر مشيرا إلي إن قطاعا كبيرا من المثقفين الذين ناصروا لسنوات حق الإخوان في التواجد الرسمي والشرعي بدا يراجع موقفه تجاه هذا الأمر، وعبر عن خشيته من إن يؤدي عدم أدرك الإخوان لخطورة ما فعلوه إلي إعادتهم للمربع رقم صفر أو “أن يجدوا أنفسهم مجرد طرف في مواجهة النظام الحاكم دون مساندة من أي طرف آخر”.
من جانبه شبه الدكتور محمد البلتاجي أمين عام الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين الهجوم علي الجماعة بظاهرة “الاسلاموفوبيا ” وقال إن هناك محاولات تجري لاستغلال أحداث الأزهر في إحداث حالة فزع في المجتمع تجاه الإخوان، وقال إن الجماعة مع طرح كل المخاوف الحقيقية والمنطقية ولكن ليس بطريقة استدعاء العدو وتجيش المناخ المصري كله ليأخذ موقفا ضد الإخوان ، متسائلا عن مصير أحداث الاعتداء علي الصحفيات والمتظاهرين في يوم الاستفتاء علي تعديل الدستور ، وأحداث الاعتداءات بالأسلحة البيضاء وقنابل المولوتوف التي تعرض لها الطلاب والأساتذة بجامعة عين شمس تحت سمع وبصر ومشاركة أجهزة الأمن.
وأكد إن قيادة الجماعة ممثلة في نائب مرشدها العام محمد حبيب أعلنت منذ اللحظة الأولي رفضها التام لما جري في جامعة الأزهر، كما أصدر طلابها اعتذارا عما صدر منهم لافتا إلي انه كان هناك تعمد في تجاهل هذا الاعتذار وتسليط الضوء علي الخطأ الذي حدث ، وأعلن إن جماعته ترفض تماما العنف والقوة والتلويح بها أو استعراضها ، واصفا ما جري بعد أحداث الأزهر بأنه محاولة لإرهاب الجو الثقافي العام ضد الإخوان مشيرا إلى أن الإخوان لم يطالبوا بجلد الصحفيين وإنما قارنوا بين عقوبة حبس الصحفي الذي يخوض في الذمة المالية وعقوبة جلد من يخوض في الأعراض في الإسلام ، وأن من أثار قضية يعقوبيان تحت القبة كان النائب مصطفي بكري ، وقال أن ما جري في الجزائر وفلسطين هو انقلاب علي الديمقراطية والانتخابات التي فاز فيها الإسلاميون في البلدين.
وأكد البلتاجي إن جماعة الإخوان ترفض تماما حالة الفوضى لأنها تعلم انه لن يستفيد من هذه الحالة سوي أصحاب دعاوي ” الفوضى الخلاقة ” والمتعاملين معهم وأشار إلي إيمان الجماعة بحرية الفكر والعقيدة وحقوق الأقباط ، متهما الدولة بأنها فشلت في حسم خصومتها مع الإخوان سياسيا داخل الجامعات ، فلجأت إلي فرض السيطرة الأمنية علي مقاليد الأمور بتا ، واستغلال الهياكل الإدارية للجامعات في محاولة حسم هذه الخصومة.
برر البلتاجي رفض الجماعة التقدم بطلب تأسيس حزب سياسي إلى وجود قانون الأحزاب السياسية الذي يجعل من الدولة التي تعلم إن الإخوان هم الخصم الرئيسي لها – علي حد وصفه – متحكما في إنشاء الأحزاب أو رفضها.
وأكد أن الإخوان لا يحتكرون الحديث باسم الإسلام، وأنهم لو أرادوا رسالة من وراء استعراض الأزهر – كما تردد – لما قدموا استعراضا بهذا الهزل والضعف العددي خاصة مع ما هو معروف من ضخامة الجماعة!!
فيما أكد اللواء فؤاد علام نائب مدير مباحث أمن الدولة السابق أن وجود جماعة الإخوان غير شرعي حتي هذه اللحظة ، متهما الجماعة بالافتقاد للديمقراطية و مشيرا إلي عدم وجود “مرشد سابق ” للجماعة وعدم وجود امرأة منتخبة بمكتب الإرشاد وكذلك عدم وجود أقباط بصفوف الجماعة وقال إن الجماعة ترفض أي انتقاد لها وتتهم منتقديها بالكذب ، كما تسعي لفرض نفسها بالقوة والإرهاب الفكري المرفوض تماما .
كما أكد علام علي وجود صراع داخل الجماعة بين المؤمنين بضرورة استمرار التنظيم السري والمطالبين بالعمل العلني، ودعا علام الإخوان إلي نبذ أسلوب السرية والعنف والميليشيات وانتهاج الطريق السليم للحصول علي المشروعية بالتقدم بطلب الحصول علي رخصة حزب سياسي وعدم التحجج بوجود لجنة شئون الأحزاب وقال انه حين يصل الإخوان للحكم بالطرق المشروعة فسوف يصفق لهم الجميع.

Share this Post