في محاضرة لبهي الدين حسن عن تجربته في الدورة الماضية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان by

شهد صالون المجلس القومي لحقوق الإنسان، خلافات ومناقشات ساخنة أثناء المحاضرة التي ألقاها بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، عضو المجلس القومي السابق، عن تجربته في الدورة الماضية والتي شن خلالها هجوماً شديداً ضد المجلس.

وبدأت الخلافات عندما طالب حسن أعضاء المجلس بتقديم استقالة جماعية لتوجيه رسالة إلي الحكومة باستحالة استمرار الوضع الحالي، وهو ما رفضه الدكتور صلاح الدين عامر، أستاذ القانون الدولي، عضو المجلس. وكان حسن قد بدأ حديثه قائلاً: أشكر الأعضاء الذين حضروا، والذين لم يحضروا، لأنهم رفعوا عني الحرج فيما سوف أطرحه وأقوله عن تجربتي مع المجلس.

وأضاف: أي تجربة لها سلبيات وإيجابيات، مشيراً إلي أنها تجربة تعليمية في المقام الأول، لأنها أتاحت له التعرف علي عدد كبير من الشخصيات العامة المؤثرة في العمل العام السياسي.

وتابع حسن: أتاحت لي التجربة فهم أساليب عمل النخب المصرية وكيف يمكن الجمع بين أبرز الفاعلين منهم في مجالات وقطاعات مختلفة دون أن ينتهي اجتماعهم إلي شيء يذكر، وللأسف هذه ميزة تنفرد بها مصر عن غيرها من الدول، فضلاً عن أنها جعلتني أفهم آليات وأساليب الحكومة ذاتها، وقدرتها علي المناورة والتلاعب بما فيها بالنخب.

وأشار إلي أنه أنفق وقتاً وجهداً أكثر من أي عضو في المجلس علي مدار 3 سنوات، وللأسف فإن المجلس لم يستطع النجاح في أن يمارس الوظيفة الأساسية التي أنشئ من أجلها، وهي التأثير في القرار التنفيذي للحكومة.

وانتقد حسن تشكيل المجلس وقال: «الحكومة أنشأت المجلس ووضعت قانونه واختارت أعضاءه ولم يتدخل أحد، حتي إن أكثر من ثلثي الأعضاء ينتمون للحزب الوطني.

وقال: إن ما حدث هو العكس، فالحكومة هي التي أثرت في المجلس في مناسبات وموضوعات مهمة، منها عندما تراجع المجلس فجأة عن مطالبته بإنهاء حالة الطوارئ ودعوته لإصدار قانون لمكافحة الإرهاب، لافتاً إلي أنها تمثل سابقة أولي في العالم بأن تقوم جهة حقوقية برفع مذكرة إلي رئيس الجمهورية تطالبه بإصدار قانون لمكافحة الإرهاب.

واتهم حسن تقارير المجلس السنوية بأنها جاءت مضللة عن طبيعة انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، باستثناء التقرير الأول، مشيراً إلي أن التقرير الثالث والأخير يتحدثان عن عام 2006، وهو واحد من أسوأ الأعوام التي شهدت نكسة خطيرة في مجال حقوق الإنسان.

ولفت إلي أن هذا العام شهد ولأول مرة، إحالة عضو برلماني إلي محاكمة عسكرية في قضية رأي، وتحويل قضاة للمحاكمة لمجرد أنهم تحدثوا عن تزوير الانتخابات، فضلاً عن ظاهرة استهداف المدونين، مشيراً إلي أن تلك الأحداث لم يتناولها التقرير الأخير للمجلس، وإن وجدت فهي توجد بإشارات تلغرافية.

وقال: إن من يقرأ التقرير الثالث لكي يؤرخ ويريد أن يعرف ما حدث في مصر، لن يعرف الحقيقة.

وأوضح حسن أن المجلس الحالي وخلال بداية عمله في أقل من 4 أشهر، صدر عنه نحو 50 بياناً وخبراً صحفياً، وكان البيان الوحيد الذي مثل قضية خطيرة، خاص بزيارة قام بها نائب رئيس المجلس للدكتور أيمن نور في محبسه، ولم يعلق المجلس علي الزيارة وموقفه من أزمة نور.

ولفت إلي أن كثيراً من الأحداث والقضايا التي شهدتها الساحة المصرية خلال الفترة الماضية، مثلت انتهاكات وتعدياً علي الحقوق والحريات، لم يعلق عليها المجلس من قريب أو بعيد، وقال: بعد 3 سنوات من عمر المجلس، أصبح يتولي هو الرد علي تقرير المنظمات سواء المحلية أو الدولية، مشيراً إلي أن المجلس استخدم في خطابه الانتقادي لتقرير منظمة العفو الدولية حول التعذيب في مصر، نفس الخطاب الذي استخدمته الحكومة للمنظمة الدولية. وانتقد حسن عقد لقاءات مع مسؤولين أجانب أكثر من عقدها مع مسؤولين حكوميين مصريين، حيث عقد نحو 110 لقاءات مع جهات ومسؤولين أجانب خلال دورته الأولي مقابل 10 لقاءات فقط مع المصريين.

وعلي مدار 4 شهور من دورته الثانية، عقد المجلس نحو 19 لقاء مع وفود أجنبية، في مقابل لقاء واحد مع الدكتور مفيد شهاب أمس الأول.

وتوقع حسن أن يشهد عام 2007 مزيداً من التدهور وقال: عام 2007 ينذر بما هو أسوأ من عام 2006، نظراً لتطبيق التشريعات والقوانين الخطيرة التي تشهدها الساحة المصرية. وقال إنه طلب عدم ترشيح نفسه مرة أخري لعضوية المجلس في استقالة مسبقة، لأنه توصل إلي استنتاجات برهنت الأيام الحالية والمقبلة علي صواب ما اتخذته من مواقف. وطالب حسن أعضاء المجلس باستقالة جماعية وقال: لو تقدم هذا المجلس باستقالة جماعية، ربما يساعد ذلك علي توجيه رسالة إلي الحكومة باستحالة استمرار هذا الوضع وحتي لا يستخدم المجلس وأعضاؤه في الأداء الحكومي لإعطاء صورة علي زيف ما يحدث في الواقع من انتهاكات وممارسات تمثل تراجعاً في مجال حقوق الإنسان. من جانبه، اعترض الدكتور صلاح الدين عامر، علي ما طرحه بهي الدين حسن، وقال: إن الصورة ليست بهذه القتامة والسواد، فهذا المجلس وغيره من المجالس الوطنية لحقوق الإنسان في دول العالم، لا تملك العصا السحرية التي تغير الواقع وتجعله واقعاً سعيداً، وخال من العيوب، والمسائل يجب أن توضع في نصابها الطبيعي بحيث ننظر إلي الصورة بشكل أعم وأشمل.

واختلف عامر مع ما طرحه حسن من أن المجلس بدأ بداية قوية ولكنه تراجع دوره الآن، وقال: نحن نعيش في مجتمع القانون ولا يمكن أن يصلح المجتمع، ولكن المجتمع في حاجة أولاً إلي أن يصلح ما بداخله، مشيراً إلي أن الزمن يعمل لصالح المجلس.

وتدخل منير فخري عبدالنور، عضو المجلس، وقال: نقد بهي فيه كثير من التجني والمجلس لا هو الحكومة ولا هو الحزب الوطني، وإنما هو مؤسسة تدعي أنها وطنية وقومية، وتشكيله به اتجاهات مختلفة ودورها استشاري.

وقال عبدالنور: المجلس يعمل في ظل ضغوط سياسية فظيعة، ولكن المجلس يتخذ مواقف مهمة تحتاج إلي الإشادة، منها موقفه من تعديل المادة 179 من الدستور.

وتابع: نحن نعمل في ظروف صعبة جداً، و لكي ننجح لا نريد أن نحرج الحكومة والنظام، ووجه حديثه للحضور قائلاً: لا ننتظر من المجلس أن يشكو الحكومة أو يستقوي بالخارج، فمعايير العيب المصرية تقول: «أنا وأخويا علي ابن عمي، وأنا وابن عمي علي الغريب».

ووصف عبدالنور استقالة بهي بأنها انسحاب، مشيراً إلي أننا أمام نظام عنيد ويمكننا الحصول علي ما نريد بهدوء وبالكلمة الحلوة.

وعاتب الدكتور فؤاد عبدالمنعم رياض، عضو المجلس، بهي الدين علي الاستقالة، وقال: إذا كنا في محنة والمركب تغرق، فلا يجب أن نتركها تغرق، بل يجب أن نواصل المسيرة.

*نقلاً عن المصري اليوم

Share this Post