خطوة للأمام .. وخطوتين للخلف
الأمم المتحدة تدعم حرية التعبير ولكنها تضحي بالعدالة في غزة
وتوجه ضربة قاصمة لبعثة حقوق الإنسان!
بيان صحفي
اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الثانية عشرة، مشروع قرار مشترك مقترح من مصر والولايات المتحدة. وقد جاء هذا الإنجاز الايجابي -طبقاً لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان- ملطخاً بفشل المجلس الذريع في ضمان المساءلة عن جرائم الحرب التي ارتكبت أثناء اجتياح إسرائيل غزة في ديسمبر الماضي، إلى جانب اعتماد مشروع قرار بشأن ما يسمى “القيم التقليدية” الذي يقوض المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ويفرض القرار الذي اقترحته روسيا ودعمته الحكومات القمعية في جميع أنحاء العالم، وعلى رأسها الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، مفهوم “القيم التقليدية” على المعجم الدولي لحقوق الإنسان. و”القيم التقليدية” هي مفهوم لا يستند إلى أي أساس في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، بل في واقع الأمر، يستخدم في كثير من الأحيان لتبرير القمع والتمييز وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى.
وقال معتز الفجيري، المدير التنفيذي لمركز القاهرة أن “اعتماد هذا القرار خطير للغاية. فهو يشكل هجوماً آخر على عالمية المعايير الدولية لحقوق الإنسان، من جانب آليات الأمم المتحدة نفسها التي من المفترض أن تدعم وتعزز هذه المعايير”. وأضاف أن “هذا المفهوم يستخدم في المنطقة العربية، لتبرير معاملة المرأة كمواطن من الدرجة الثانية وختان الإناث والزواج المبكر وجرائم الشرف وجرائم الثأر، وغيرها من الممارسات التي تتناقض بوضوح مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. فهل يعني هذا القرار الآن أن مثل تلك الممارسات مقبولة بموجب القانون الدولي؟ “
لقد كان صادما أيضا، عجز المجلس عن دعم تقريره الخاص ببعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في جرائم الحرب الإسرائيلية المرتكبة أثناء اجتياح غزة، المعروف بتقرير “غولدستون”، والذي أوصى مجلس الأمن بتولي هذه المسألة، وطالب بتحقيقات موثوق بها من إسرائيل وحركة حماس في جرائم الحرب، التي ارتكبها الطرفين وإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، إذا لم تجر أية تحقيقات جادة في غضون ستة أشهر.
استجابة لضغوط شديدة من قبل الولايات المتحدة وتهديدات من جانب إسرائيل والجهات الرئيسية الأخرى الراعية، قررت فلسطين ومصر سحب مشروع قرار، كان يهدف إلى دعم كافة التوصيات الواردة في تقرير “غولدستون”، وتأجيل النظر فيه حتى مارس/ آذار 2010، فيما قد يفضي إلى قتل التقرير كلية. وقال جيريمي سميث، مدير مكتب مركز القاهرة في جنيف: “لقد تعاونت إسرائيل والولايات المتحدة مرة أخرى معاً لضمان الإفلات من العقاب عن جرائم الحرب، التي ارتكبت في غزة على أيدي القوات الإسرائيلية”، وأن “هذا الإفلات من العقاب لن يؤدي سوى إلى تقوية شوكة العناصر المتطرفة في كل من إسرائيل وفلسطين ويقوض عملية السلام. وما لم يقبل المجلس تقرير “غولدستون” بأكمله، فسوف يفقد مصداقيته ويبعث برسالة خاطئة، مفادها أن الدول التي ترتكب جرائم حرب هي فوق القانون”.
وكان مركز القاهرة قد حذر في بيان له أمام المجلس، قبل اعتماد القرار بيومين من أن كل محاولة لإهدار هذا التقرير “سوف تساعد تلك الحكومات -بما فيها بعض الدول العربية- الذين يرغبون في تفكيك منظومة حقوق الإنسان الدولية، من مهاجمة أي جهود مستقبلية للمجلس لحماية ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في العالم، بما في ذلك مناطق مثل دارفور، وذلك عن طريق اتهام المجلس بالنفاق والكيل بمكيالين”.
وفي تطور إيجابي، تعاونت مصر والولايات المتحدة معاً خلال دورة المجلس لوضع نص قرار بشأن حرية التعبير، يقر بالحاجة إلى مكافحة التمييز والتحريض على الكراهية والعنف، وتجنب مفاهيم غامضة مثل “ازدراء الأديان”، التي تستخدم كتبرير لانتهاك معايير حرية التعبير والتمييز ضد الأقليات، بما فيها الأقليات الدينية المسلمة.
قال معتز الفجيري: “إن اعتماد القرار الذي اقترحته مصر والولايات المتحدة حول حرية التعبير من قبل جميع الدول الأعضاء في المجلس، يمثل انفراجة كبيرة. كما أنه أقوى رسالة حتى الآن على أن مفهوم الازدراء لا مكان له في مجلس حقوق الإنسان، وينبغي أن يسقط من مداولاته”. وفي توضيح لتصويتها على القرار، ألمحت باكستان -نيابة عن منظمة المؤتمر الإسلامي- إلى أن منظمة المؤتمر الإسلامي قد تتحرك نحو موقف أكثر انسجاما مع المعايير القانونية الدولية، وبعيداً عن مفهوم ازدراء الأديان.
بينما قال جيريمي سميث أنه: “على الرغم من كونه قراراً إيجابياً بشأن حرية التعبير، إلا أن فشل المجلس في توفير المساءلة بالنسبة لضحايا جرائم الحرب في غزة، وأيضا فرض قيود لا مبرر لها على الحقوق، تحت مسمى “قيم تقليدية ” تسببت مرة أخرى في تراجع المجلس عن الالتزام الكامل بدعم وتعزيز حقوق الإنسان “.
للغة العربية يرجى الاتصال بالسيد: معتز الفجيري
بريد اليكتروني: moataz@cihrs.org
وللغة الإنجليزية يرجى الاتصال بالسيد: جيريمي سميث
بريد اليكتروني: jsmith@cihrs.org
Share this Post