عدة خطوات للأمام و خطوة للخلف – بيان صحفي لتقييم نتائج الدورة الخامسة عشرة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان by

 

انتهت دورة الانعقاد الخامسة عشرة لمجلس حقوق الإنسان فى أول أكتوبر 2010، بعد ثلاثة أسابيع من النشاط المكثف. وكشفت سلسلة من القرارات الصادرة عن المجلس خلال الأيام الأسبوع الماضي أن هذه المؤسسة تكافح، بل وتفشل في كثير من الأحيان، في أداء دورها بوصفها “ضمير” المجتمع الدولي، وحامي ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.

 


وفقاً لما صرح به جيريمي سميث من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فى جنيف أن “هذه الدورة أبرزت أفضل وأسوأ ما في المجلس. لقد شهدنا المجلس وهو يعلو فوق اعتبارات سياسية ذات نفوذ،و ذلك من اجل ان يقوم بدوره في تعزيز حماية حقوق الإنسان، ولكن لاحظنا تجاهله لعدد من أوضاع حقوق الإنسان الخطيرة في جميع أنحاء العالم، وتخليه عن الضحايا لصالح النفعية السياسية”.

 

في يوم الخميس 30 سبتمبر/ أيلول، استطاع المجلس في تطور إيجابي، أن يحقق ما كان يعتقده الكثيرون مستحيلاً. فقد شاركت ثلاثة وستون دولة من جميع مناطق العالم في مساندة قرار بتعيين خبير هام جديد للأمم المتحدة معني بالحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات، لمراقبة القيود والهجمات المتزايدة على منظمات المجتمع المدني والجمعيات السياسية في جميع أنحاء العالم ورفع تقارير في هذا الصدد.

 

وقد ذكرت جمهورية جزر المالديف في عرضها للقرار، أن “الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع هو أحد المكونات الأساسية للديمقراطية… [لكن] توجد فجوات كبيرة في مجلس حقوق الإنسان… ويهدف هذا القرار الحيوي إلى سد هذه الفجوات”. وقد أكدت الولايات المتحدة أن” المجتمع المدني لعب دوراً رئيسياً في القضاء على المظالم التي باعدت على مدار التاريخ بين الأمم والمبادئ المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان… فالمجتمع المدني ضروري للتقدم… ومن ثم، فإن من دواعي سروري أن نرى مجلس حقوق الإنسان يتبنى حرية تكوين الجمعيات”.

 

وجدد المجلس في اليوم التالي، بفارق 7 أصوات، ولاية الخبير المستقل المعني بالسودان. وقد بدا المجلس وكأنه على وشك إلغاء مهمة الخبير المستقل استجابة لضغط قوي من السودان وأعضاء المجموعة العربية، على الرغم من تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد. وكما كان الحال في المرة السابقة طُرحَت المسألة للتصويت، واعتمد القرار على عدد قليل من الدول الأفريقية الرئيسية، بما فيها أوغندا وزامبيا والغابون،التى اتخذت موقفاً مبدئياً وصوتت لصالح تجديد الولاية. وقد ذكر ممثل أوغندا متحدثاً أمام المجلس أنه “في هذا الوقت الحرج في السودان… لا يسع هذا المجلس أن يتخلى عن التزاماته… وإن كان هناك وقت مناسب للاستمرار في الالتزام فالآن هو الوقت المناسب… وسوف نصوت لصالح تمديد الولاية كمسألة مبدأ”.

 

وقال زياد عبد التواب من مركز القاهرة: “على مجلس حقوق الإنسان التزام قانوني وأخلاقي بضمان منح ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان صوتاً، والعمل من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات. إن تجديد الولاية في السودان يعطي بصيصاً من الأمل للملايين من ضحايا جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد”.جدير بالذكر انه قد صدر أيضا قرار بتمديد ولاية الخبير المستقل في الصومال.

من المؤسف أن استمرار عجز المجلس والدول الأعضاء فيه، وعدم رغبتهم في التعامل مع أوضاع حقوق الإنسان الأشد خطورة والأكثر تكراراً في جميع أنحاء العالم، طغى على هذه التطورات الإيجابية.


وأضاف زياد عبد التواب أنه “على الرغم من التدهور السريع والخطير في وضع حقوق الإنسان في البحرين منذ أغسطس/ آب، حيث بدأت الحكومة في إيداع جميع رموز المعارضة السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان في السجون على نحو منهجي، التزم مجلس حقوق الإنسان الصمت تماماً. هذا بالإضافة إلى صمته المستمر إزاء أزمات حقوق الإنسان المتكررة في دول مثل سوريا العراق واليمن وإيران وغيرها من البلدان في المنطقة العربية والعالم بأسره”.

 

وفي واحدة من الحلقات الأكثر تخييبا للآمال خلال الدورة الخامسة عشرة، انصاعت كل من السلطة الفلسطينية والمجموعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لضغوط سياسية من الولايات المتحدة وغيرها، مما أدى فعلياً إلى وأد عملية غولدستون، دمر أكثر فرصة مرتقبة لمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب في فلسطين وإسرائيل.


ففي يوم 27 سبتمبر/ أيلول، قدمت لجنة الخبراء المكلفة برصد وتقييم التحقيقات الداخلية التي أجراها كل من إسرائيل والجانب الفلسطيني في جرائم الحرب التي ارتكبت أثناء الهجوم العسكري الإسرائيلي (الذي أطلق عليها اسم عملية “الرصاص المصبوب”) على قطاع غزة (12/2008- 1/ 2009) تقريرها. وفي بيان تلاه أمام المجلس البروفسور كريستيان توموشات، رئيس لجنة الخبراء، ذكرت اللجنة أن التحقيقات التي أجرتها إسرائيل “تفتقر في الأساس إلى الشفافية والنزاهة”، وأن الحكومة الإسرائيلية لم تحقق مع من صمموا للهجوم وخططوا له وأمروا بإطلاقه وأشرفوا عليه. وخلصت لجنة الخبراء أيضاً إلى أن الجانب الفلسطيني فشل في إجراء تحقيقات جادة.

 

وقد أضاف جيريمي سميث من مركز القاهرة أن “مجلس حقوق الإنسان كان أمامه خيار هام في هذه الدورة: إما أن يقوض عملية غولدستون بإصدار قرار ضعيف لصالح النفعية السياسية، أو أن يبث الحياة في هذه العملية بتحويل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة. بيد أن قرار منظمة المؤتمر الإسلامي الذي صاغته السلطة الفلسطينية واعتمده المجلس في 30 سبتمبر/ أيلول، لم يقم بأي من الأمرين، وبدلاً من ذلك دفن القضية بتأجيل إعمال العدالة لأجل غير مسمى”.

 

وفي اليوم الأخير للدورة الخامسة عشرة، حاولت منظمة المؤتمر الإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية أن تدرج فقرة شرطية في نص قرار بشأن “القضاء على التمييز ضد المرأة”، على نحو يهدد ضمناً بالتصويت ضد القرار إن لم يعتمد التعديل. ورداً على ذلك، قال السفير المكسيكي الذي قدم القرار أمام المجلس، “لا يمكننا أن نقبل تحفظات تشكك في حق المرأة المطلق في المساواة… ونتيجة لذلك يجب علينا أن نرفض هذا التعديل”. وقد تم إحباط التعديل في تصويت متقارب واعتمد مجلس حقوق الإنسان القرار، الذي بموجبه تُنشأ لجنة خبراء جديدة مستقلة معنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة.

 

لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال

بزياد عبد التواب للغات العربية والإنجليزية والفرنسية، على العنوان التالي:

 abdeltawab@cihrs.org

و بجيريمي سميث للغة الإنجليزية، على العنوان التالي:

 jsmith@cihrs.org

Share this Post