-
“الفكر والتعبير ” تتقدم بشكوى للمجلس اﻷعلى للقضاء اعتراضًا على تجديد حبس “محمود محمد”
تعرب المنظمات الموقعة على هذا البيان عن إدانتها الشديدة للقرار الصادر عن الدائرة رقم 24 لمحكمة جنايات الجيزة، بتجديد الحبس الاحتياطي لمحمود محمد الطالب بالمرحلة الثانوية، لمدة 45 يوم أخرين، على ذمة التحقيقات في القضية رقم 715 لسنة 2014 إداري المرج، وذلك رغم تخطي محمود الحد اﻷقصى القانوني للحبس الاحتياطي وقدره عامين. وتعتبر المنظمات أن هذا القرار –دون التطرق لسلسلة طويلة من الانتهاكات شهدتها وقائع تلك القضية على مدار عامين– يمثل انتهاكًا مفزعًا، خطير الدلالة، ومخالفة صريحة من قِبل النيابة العامة ومحكمة الجنايات لنص القانون بشكل مباشر وعلى نحو متعمد لا ريب فيه.
إن قانون اﻹجراءات الجنائية ينص في مادته رقم (143) على ألا يتجاوز مجموع مدد الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق والمحاكمة بأي حال من الأحوال مدة عامين، وذلك في حالة الاتهامات التي تصل اﻷحكام فيها للمؤبد أو الإعدام. وحيث أن فترة الحبس الاحتياطي لمحمود محمد قد بدأت في 25 يناير 2014، فقد انتهت المدة القانونية لحبسه احتياطيًا منذ 25 يناير الماضي، أي من 15 يوم. ومن ثم يعد قرار تجديد حبسه السابق والصادر في 6 يناير الماضي منتهيًا وجوبًا بحكم القانون في 25 من الشهر نفسه، بغض النظر عن مدة التجديد التي صدر بها القرار. وكان ينوط بالنائب العام امتثالًا للقانون أن يأمر باﻹفراج عن محمود في ذلك الموعد، إلا أنه –وعلى نحو مخالف للقانون– قد أصر على تقديم طلب لدائرة رقم 24 جنايات الجيزة بتجديد حبسه، فيما قبلت الدائرة ذلك على نحو مخالف للقانون أيضًا.
كان تعديلًا للفقرة اﻷخيرة من المادة (143) من قانون اﻹجراءات الجنائية قد صدر بمرسوم بقانون عن المستشار عدلي منصور كرئيس مؤقت للجمهورية، يسمح بتمديد الحبس الاحتياطي في حالات بعينها لمدد مفتوحة، إلا أننا نؤكد أن هذا التعديل لا يمكن تطبيقه في حالة محمود محمد، حيث يشترط المرسوم سريان هذا التعديل فقط على المتهمين الصادر ضدهم أحكامًا بالسجن المؤبد أو اﻹعدام، والذين تأمر محكمة النقض بإعادة محاكمتهم، وفي هذه الحالة فقط يجوز للدائرة التي تنظر إعادة المحاكمة أن تأمر بحبسهم احتياطيًا لمدد تتخطى الحد اﻷقصى للحبس الاحتياطي. وحيث أن محمود لم يصدر ضده أية أحكام، بل لم تتم إحالة القضية المتهم فيها إلى المحاكمة أصلا، فهو رهن الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق، ولا يسري عليه هذا التعديل.
لقد دأبنا في الفترة الأخيرة على إدانة الإساءة المتعمدة والمتكررة باستخدام قانون اﻹجراءات الجنائية والذي يجيز حبس المتهمين احتياطيًا على ذمة التحقيق والمحاكمة، كعقوبة ووسيلة للانتقام من بعض المتهمين، على نحو تحول فيه الحبس الاحتياطي إلى رخصة مقننة لإنزال عقوبة تقييد الحرية بمتهم هو بحكم الدستور والقانون بريء حتى تتم إدانته من خلال حكم بات ونهائي، وفقًا لضمانات المحاكمة العادلة، في تجاهل متعمد لاشتراطات واضحة حددها القانون تبرر الحبس الاحتياطي في حالات معينة.
كانت قضية محمود محمد قد شهدت العديد من الانتهاكات لحقوقه كمتهم حدث (عمره وقت القبض عليه 17 سنة) تم إيداعه سجون عامة، قبع فيها –دون محاكمة أو توجيه اتهامات– لما يزيد عن 24 شهرًا –فضلًا عن المعاملة المهينة داخل أماكن الاحتجاز والذي تقدمت على خلفيتها أسرته ببلاغ للنائب العام، وغيرها من الانتهاكات التي سبق ونوهت عنها منظمات حقوقية في بيانات سابقة– انتهت أول أمس بتجديد حبسه لمدة 45 يوم بالمخالفة للقانون، بعد انقضاء مدة حبسه الاحتياطي.
وفيما يقبع العديد من المتهمين خلف القضبان تحت وطأة أوامر الحبس الاحتياطي، ورغم تخطي بعضهم الحد اﻷقصى المنصوص عليه قانونًا للحبس الاحتياطي، في التفاف واضح على القانون، تحمل قضية محمود بُعدًا جديدًا في خرق القانون بمجابهة وتحد صريح، الأمر الذي دفع محامي مؤسسة حرية الفكر والتعبير بصفتهم الممثلين القانونيين لمحمود، إلى تقديم شكوى إلى المجلس الأعلى للقضاء، رقم 135 لسنة 2016 شكاوى المجلس الأعلى للقضاء، اعتراضًا على قرار تجديد الحبس الصادر في 7 فبراير 2016 بحق موكلهم. كان محامو المؤسسة قد سبق وتقدموا أيضًا بمذكرة للنائب العام بطلب إفراج وجوبي عن محمود محمد لتخطي الحد اﻷقصى لمدة الحبس الاحتياطي، بتاريخ 27 يناير 2016، برقم 1041 لسنة 2015 عرائض النائب العام. كما تقدموا في التاريخ نفسه بمذكرة للمجلس اﻷعلى للقضاء برقم 86 لسنة 2016 شكاوى المجلس اﻷعلى للقضاء، حول إلزام النيابة العامة باﻹفراج عن محمود امتثالًا للقانون.
وفي هذا الصدد تطالب المنظمات الموقعة، المجلس اﻷعلى للقضاء كأعلى هيئة بالسلطة القضائية بالنظر على وجه السرعة في المذكرات والشكاوى المقدمة إليه بخصوص قضية محمود محمد، كما تطالب النيابة العامة –بوصفها صاحبة الولاية على القضية حاليًا– بتدارك الخرق الفادح للقانون، واﻹفراج فورًا عن محمود محمد انتصافًا للقانون، ورفعا للظلم الفادح الواقع على محمود وذويه، ووقفًا لانتهاك بالغ يمس منظومة العدالة نفسها ويهدد بتقويض أحد أهم أركانها. فلا عدالة في منظومة قضائية لا يتقيد ممثليها أنفسهم بنصوص القانون، ولا عدالة لمنظومة قضائية يتم فيه إهدار حيادية القضاء، ونصوص القانون بأيدي من يفترض فيهم صيانتها.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
- الجمعية المصري للنهوض بالمشاركة المجتمعية
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
- مركز حابي للحقوق البيئية
- مؤسسة الحقانية للحقوق والحريات
- نظرة للدراسات النسوية
- وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)
- مؤسسة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مؤسسة قضايا المرأة المصرية
- مؤسسة المرأة الجديدة
Share this Post