في جلسة استماع حول حقوق الإنسان في مصر أمام البرلمان الأوروبي
بهي الدين حسن يدعو البرلمان الأوروبي لقرار شامل حول الحقيقة و المحاسبة و العدالة لجوليو ريجيني و ضحايا مذبحتي ماسبيرو وميدان رابعة
حسن يناقش مع مسئولين أوروبيين حماية الحقوقيين المصريين في أوروبا
خبر صحفي
في إطار الجلسة المخصصة لمناقشة الوضع في مصر بالبرلمان الأوروبي، أمس الأول الثلاثاء 30 مايو، قدم كل من بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، و معتز الفجيري، عضو مجلس إدارة المركز ومنسق منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط لدي منظمة “الخط الأمامي”، شهادتهما حول حالة حقوق الإنسان في مصر، أمام لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان ببروكسل.
في شهادته أشار “حسن” للتردي المزري لحالة حقوق الإنسان، مقارنة بشهادته السابقة أمام المجلس في جلسة مايو 2015- خاصة فيما يتعلق بسيادة القانون واحترام الدستور و مبدأ الفصل بين السلطات، ومحاربة الفساد و العنف السياسي و الإرهاب، مستعرضًا انعكاسات ذلك على مستقبل تحقيق استقرار دائم في مصر.
أشار “حسن” لفشل سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي في مجابهة الإرهاب، الذي تفشي في شبه جزيرة سيناء، وانتقل لباقي أنحاء الجمهورية، و عجز الحكومة عن حماية المواطنين كافة، وخاصة الأقباط. فقبل أيام من هذه الجلسة شن تنظيم داعش هجمة وحشية أودت بحياة 29 قبطيا بمحافظة المنيا، لترتفع بذلك حصيلة قتلى الأقباط لأكثر من 100 ضحية في 5 شهور، نتيجة لعمليات إرهابية. رغم أن حكومة السيسي تسوق لنفسها بإعتبارها تحمي الأقباط، إلا أن الواقع يثبت العكس، بل تمنع الحكومة حتى الوقفات التضامنية مع الاقباط والمنددة بتكرار الاعتداء عليهم.
أعتبر حسن أن سبب هذا الفشل يرجع بالأساس لتعامل الرئيس السيسي مع الهجمات الإرهابية باعتبارها مجرد مظلة لتمرير أجندة سياسية أخري، جوهرها إجهاض البديل الليبرالي المتنامي للحكم الفاشل والمعتل الحالي، مدللًا على ذلك بسوابق خطيرة من بينها الاقتحام الأمني لنقابة الصحفيين، و تضييق الخناق الأمني علي كافة أشكال الأنشطة الشبابية، بما فيها الرياضية و الثقافية و السعي للقضاء علي حركة حقوق الإنسان بمصر – و التحرش الأمني بالحقوقيين لمصريين داخل مصر وفي أوروبا. حذر حسن أيضاً من التآكل المستمر لمؤسسات الدولة، بما فيها القضاء والبرلمان، مما يؤدي لهشاشة كيان الدولة المصرية.
اختتم حسن شهادته داعيا البرلمان لإصدار قرار يساند جهود المصريين الساعية لوقف جرائم حقوق الإنسان الجسيمة المتعاقبة منذ إنتفاضتهم الطموحة في يناير ٢٠١١ -التي سعت لتحويل مصر لدولة عصرية يسود فيها حكم القانون، ويتمتع مواطنوها بالحرية والمساواة- فضلا عن السعي للتوصل للحقيقة و العدالة ومحاسبة المسئولين عن تلك الجرائم، بما في ذلك الجرائم المرتكبة بحق جيوليو ريجيني ونظرائه من الضحايا المصريين، لاسيما في مذبحتي ماسبيرو ورابعة العدوية.
في شهادته أوضح معتز الفجيري أن مصر تحظى حاليًا بأسوأ سجل لحقوق الإنسان والأكثر دموية في تاريخها الحديث، مدللًا بتسجيل أكثر من 1300 حالة قتل خارج نطاق القانون في سيناء خلال عام 2016 و900 حالة اختفاء قسري خلال العام نفسه، فضلًا عن إحالة 7000 مدني لمحاكمات عسكرية منذ 2013 وحتى الآن.
واعتبر الفجيري أن القضاء علي حركة حقوق الإنسان كان ولازال هدف السلطة العسكرية منذ 2011، منذ كان الرئيس الحالي مديرا لجهاز المخابرات الحربية الذي نسق الحملة علي المنظمات الأمريكية و الألمانية المؤيدة للديمقراطية في مصر، مفندًا ما يتعرض له الحقوقيين في مصر من تهديدات بالقتل، ومنع من السفر، وتجميد الأرصدة المالية، بالإضافة إلى المضايقات الأمنية لهم في مصر وفي أوروبا. وفي هذا السياق، شرح الفجيري أن الهدف من قانون تنظيم العمل الأهلي الجديد الصادر مطلع هذا الأسبوع، هو تحويل عمل المنظمات المستقلة في مصر لمهمة مستحيلة، خاصة فيما يتعلق بتلقي التمويلات لدعم تلك المنظمات و تعاونها مع المنظمات غير الحكومية الدولية.
وفي السياق نفسه، اتفق الفجيري مع حسن في استخدام الحكومة لشعار مكافحة الإرهاب لتبرير الدفع بأجندتها الخاصة المناهضة للحقوقيين والمجتمع المدني. و أختتم الفيجيري كلمته بأنه:” رغم جدية الخطر الذي تواجهه مصر فيما يتعلق بتفشي الإرهاب والتطرف العنيف، إلا أن تحقيق الأمن و الاستقرار لن يتم بمعزل عن معالجة الأوضاع الداخلية المتعلقة بطريقة إدارة البلاد و حالة حقوق الإنسان”، مضيفا: “لا يمكن مجابهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية إلا عبر بناء توافق مجتمعي، ومصالحة ومشاركة مجتمعية حقيقية.”
جدير بالذكر أن رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي وعدد من أعضائه انتقدوا في كلماتهم التضييق المتصاعد علي حركة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في مصر، ومساعي غلق المجال العام في البلاد.
كان البرلمان الأوروبي قد اتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية حسن و الفجيري، خوفًا من تعرضهما لمضايقات أمنية مشابهة لما تعرض له عدد من الحقوقيين في روما في 20 و 21 من مايو، لاسيما بعد تحريض شخصية إعلامية مقربة من الرئيس السيسي علي خطف و قتل الحقوقيين المصريين في أوروبا، تماماً كما حدث مع ريجيني، وهو ما أشار إليه حسن والفجيري في شهادتهما. إلا أن تلك الإجراءات الاحترازية لم تمنع إعلاميين مقربين من الأجهزة الأمنية المصرية من التربص بحسن و الفجيري أمام البرلمان الأوروبي، في مثال حي لما يتعرض له الحقوقيون المصريون بالخارج، الأمر الذي أصاب بعض أعضاء البرلمان بالصدمة، ومنهم رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي.
في اليوم التالي للجلسة، اجتمع حسن مع السيد ستافروس لامبرنيديس، الممثل الخاص للإتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، و السيد جيوليو دي بلاشي من مكتب الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشئون الخارجية في الإتحاد الأوروبي. و تناول حسن خلال الاجتماع الذي أستمر لمدة 90 دقيقة، الإشكاليات التي طرحها أثناء شهادته أمام البرلمان في اليوم السابق، كما ناقش معهم مسئولية الإتحاد الأوروبي تجاه حماية الحقوقيين المصريين في أوروبا علي ضوء التحرشات الأمنية المصرية التي تعرضوا لها في جنيف و روما و بروكسل، والتحريض العلني علي اختطافهم وقتلهم.
للاطلاع على كلمة بهي الدين حسن
للاطلاع على كلمة معتز الفجيري
Share this Post