محمد زارع: إن كانت الدولة المصرية تخشى صورتها أمام العالم فعليها احترام حقوق الإنسان لا تكميم أفواه منتقديها ومنع سفر فاضحي انتهاكاتها
قدم محمد زارع مدير برنامج مصر بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الخميس 7 نوفمبر الجاري، طلب للنائب العام ورئيس محكمة استئناف القاهرة للتصريح له بالسفر لمرة واحدة لجنيف، للمشاركة في جلسة الاستعراض الدوري الشامل لملف مصر الحقوقي أمام الأمم المتحدة خلال هذا الشهر، باعتباره آلية أممية مهمة من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان في الدولة محل الاستعراض، على حد وصف الطلب. وحتى كتابة وصدور هذا البيان لم يتلق زارع ردًا على طلبه.
على مدى السنوات الخمس الماضية تعمد النظام الحالي ترهيب المدافعين المستقلين عن حقوق الإنسان والانتقام منهم، وخاصة المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة، طالما تبنوا خطاب مختلف عن الرسمي. ولعل واقعة حبس المحامي الحقوقي محمد باقر مؤخرًا بسبب تقديم منظمته -عدالة للحقوق والحريات- تقرير لآلية الاستعراض الدوري الشامل حول الانتهاكات المرتكبة بحق النوبيين، أحدث مثال على ذلك.
كان قاضي التحقيق في قضية “الانتقام من المنظمات الحقوقية” رقم 173 لسنة 2011 قد منع محمد زارع من السفر في مايو 2016، وبعد عام من منع السفردون تحقيق، تم استدعاء زارع للتحقيق على ذمة القضية في 24 مايو 2017 مواجهًا اتهامات تتعلق بتلقي أموال من جهات أجنبية بغرض إشاعة أخبار كاذبة تهدف إلى تهديد الأمن القومي. وكان من ضمن ما اعتبره قاضي التحقيق “أدلة” واجه زارع بها، تقرير قدمه مركز القاهرة للأمم المتحدة خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل في 2014 وشارك زارع بحكم عمله في إعداده. وإمعاناً في الانتقام تحفظت إدارة التهرب الضريبي على أموال زارع الخاصة منذ أشهر قليلة، ورغم تقديمه طعن رسمي على هذا الإجراء، إلا أنه لم يتم تحديد جلسة لنظر الطعن حتى الآن.
يقول زارع” على أي دولة محل استعراض ومناقشة ملفها الحقوقي في الأمم المتحدة السماح للحقوقيين المستقلين ممن لهم موقف نقدي لسجلها الحقوقي من حضور الجلسات دون ترهيب او انتقام أو منع، هذا إذا كانت الدولة ترغب فعلًا في التفاعل بإيجابية مع آلية الاستعراض الدوري الشامل الأممية، ولا تعتبرها مجرد جلسة لا قيمة لها تتابع بعدها الدولة انتهاكاتها الحقوقية دون تغيير.”
خلال سنوات حكم الرئيس السيسي، عانت منظمات حقوق الإنسان المستقلة من حملات انتقامية ممنهجة، أدت في النهاية إلى تقلص عددها، بعدما أغلقت بعضها أبوابها إما بقرار من الدولة أو بسبب التحفظ على أموالها، ويضيف زارع: “هذه الحملات الضارية التي شنتها الدولة المصرية على الحقوقيين لن تسكتهم، ومهما منعت الدولة المنظمات الحقوقية من العمل، فانتهاكات حقوق الإنسان في مصر تتحدث عن نفسها ولا يمكن إخفائها أو إنكارها، فإن كانت الدولة المصرية تخشى على صورتها أمام العالم، فعليها احترام حقوق الإنسان بدلاً من مساعي تكميم أفواه منتقديها وفاضحي انتهاكاتها.”
جدير بالذكر أن محمد زارع ومدافعات ومدافعين أخرون قدموا تظلم في يوليو 2019 ضد قرارات منعهم من السفر أمام الدائرة الخامسة عشر جنايات جنوب القاهرة، وهي الدائرة نفسها التي حكمت ببراءة 43 موظف بالمنظمات الأمريكية والألمانية في الشق الأول من قضية الانتقام من المنظمات الحقوقية، والخاص بالمنظمات الأجنبية. ورغم أن حكمًا سريعًا بالبراءة قد صدر بعد جلستين فقط في الشق الخاص بالمنظمات الأجنبية، مازال تظلم المدافعين المصريين معلق دون حكم بات في جلسات مؤجلة متتالية، رغم أن إجراءات نظر التظلمات عادة تكون أسرع من المحاكمات بشكل عام. ومن المقرر ان تنظر الدائرة المختصة هذا التظلم في جلسة 17 نوفمبر الجاري، أي بعد الموعد المقرر للاستعراض الدوري في الأمم المتحدة بـ 4 أيام.
الصورة: من تصوير محمد الراعي في جلسة نظر تظلم زارع على قرار منعه من السفر.
Share this Post