انتشر في 29 مايو 2020 على شبكة الانترنت فيديو مصور من داخل مقر فصيل الحمزة، التابع للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، في مدينة عفرين الخاضعة للسيطرة التركية، أثناء اقتحامه من قبل مسلحين ومدنيين. وظهر في الفيديو ثماني سيدات كنّ معتقلات لدى الفصيل المسلّح وبرفقتهنَّ طفل.
وقع الاقتحام على خلفية إلقاء عنصر من فصيل الحمزة، في 28 مايو2020، قنبلة يدوية داخل متجر لمدني مهجّر قسرًا من الغوطة الشرقية، وأدى إلى مقتل مدنيين أحدهما طفل وجرح آخرين. ما دفع عددًا من السكان للتظاهر أمام المقر، مطالبين بتسليم المتورطين ومحتجين على الاعتداءات المتكررة بحق المدنيين/ات.
ورغم أنَّ الفيديو بدا وكأنه عملية تحرير للسيدات المحتجزات، إلّا أنّ مكانهنّ غير معروف حتى هذه اللحظة، وهوياتهنّ وأسماؤهنّ وأسباب احتجازهنّ غير معروفة أيضاً. وثمة أنباء متضاربة ومفزعة عن تسليمهنّ مجددًا لفصيل الحمزة المعروف بارتكابه انتهاكات لا تحصى، من سرقة وخطف وقتل وترهيب للمدنيين/ات. وهناك أنباء أخرى عن تسليمهن للشرطة العسكرية بحسب مركز توثيق الانتهاكات في سوريا.
استطاع ناشطون/ات، بالتزامن مع اختفاء السيدات، توثيق أسماء سيدتين ظهرتا في الفيديو وهنَ: “هيفاء الجاسم” من عفرين (محتجزة منذ 2018)، و”روكان منلا” (من بلدة جويق محتجزة منذ تموز 2019) بحسب توثيق النشطاء، مايعني أن واحدة على الأقل من المحتجزات قد أمضت سنتين حتى اليوم محتجزة داخل مقر فصيل عسكري دون أن تعرف عائلتها مكانها أو أسباب اعتقالها و الظروف التي مرت بها.
لقد صُدمنا في حركة عائلات من أجل الحرية من منظر السيدات المُحتجزات في مقر عسكري برفقة طفل، وبظروف مهينة للكرامة الإنسانية، وعليه ندين أي محاولة لتبريره من قبل الفصيل بحجة وجود “أسباب أمنية” تستند بالدرجة الاولى إلى الانتماء العرقي للسيدات وكونهن كورديات. ويعني عدم الكشف عن مصير وهويّات المحتجزات عدم تمكّن عوائلهنّ من التواصل معهن، وحرمانهن من الحق في توكيل محام وبلوغ العدالة.
تدين حركة عائلات من أجل الحرية والمنظمات الموقعة أدناه السلوكيات التمييزية لأي جهة على أساس عرقي أو ديني أو طائفي أو مناطقي أو جنسي. وتُحمّل مسئولية إطلاق سراح السيدات المحتجزات وسلامتهن لسلطات الأمر الواقع في مدينة عفرين، وعلى رأسها القوات التركية بوصفها المتحكم الرئيسي في المدينة. إذ لا يمكن لفصائل الجيش الوطني أو الشرطة العسكرية أو المدنية، ارتكاب انتهاكات مماثلة لولا التساهل التركي معها.
لم يكن احتجاز السيدات الثماني الحالة الأولى ولا الوحيدة في عفرين، فقد واصلت فصائل الجيش الوطني المدعومة تركياً على مدى العامين الماضيين ممارسة الاعتقال التعسفي والتغييب بحق المدنيين والمدنيات من سكان المدينة من العرب والكورد، على مرأى ومسمع من القوات التركية، بحسب تقارير صادرة عن منظمات حقوقية دولية من بينها لجنة التحقيق الدولية المستقلة ومنظمة العفو الدولية . كما وثقت عدة منظمات حقوقية سورية 506 حالة اعتقال تعسفي في عفرين خلال النصف الثاني من 2019 وأكدت أن هناك ما لا يقل عن 15 امرأة في عداد المختفيات قسرًا في منطقة عفرين منذ بداية 2020
ووثقت هذه التقارير أيضاً ممارسة الفصائل التعذيب بحق مدنيين ومدنيات في مقراتها العسكرية بطريقة مطابقة لممارسات الأفرع الأمنية للنظام، التي تدّعي فصائل المعارضة محاربته. ويٌضاف إلى ذلك عمليات الخطف والابتزاز وطلب الفدية من المعتقلين/ات وذويهم من أجل إطلاق سراحهم.
إننا في حركة عائلات من أجل الحرية والمنظمات الموقعة على هذا البيان، نطالب الحكومة التركية بالتحرك الفوري والضغط على قواتها وفصائل الجيش الوطني والشرطة العسكرية والمدنية في مدينة عفرين من أجل:
- الكشف عن مكان وهوية السيدات المحتجزات وإطلاق سراحهن فورًا.
- فتح تحقيق حول أسباب احتجازهن وظروفهن أثناء فترة الاحتجاز ومحاسبة المسئولين عنه.
- الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين/ات في مقرات الفصائل العسكرية وخاصة النساء والأطفال، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات.
- إيقاف عمليات الاعتقال في عفرين دون مذكرة رسمية صادرة عن جهة قضائية مختصة.
- إنهاء حالات الاحتجاز دون محاكمة.
- السماح لمنظمات محايدة بدخول جميع مراكز الاحتجاز والاطّلاع على أوضاع المحتجزين الإنسانية وخاصة النساء.
- شرح وإيضاح الأسس القانونية التي تتم على أساسها عمليات التوقيف والاعتقال، ونشرها بلغة واضحة ومفهومة لجميع السكان في مدينة عفرين.
كما ندعو جميع المنظمات والهيئات المحلية والدولية الحقوقية والإنسانية، وكذلك الأطراف الدولية المؤثرة على الملف السوري، للضغط على الحكومة التركية لإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات التعسفية في المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها شمال سوريا.
المنظمات الموقعة:
- حركة عائلات من أجل الحرية
- رابطة عائلات قيصر
- سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
- امبيونتي واتش – منظمة رصد الإفلات من العقاب
- بدائل
- دولتي
- أورنمو
- حملة من أجل سوريا
- منظمة حررني
- النساء الآن من أجل التنمية
- الرابطة السورية للمواطنة
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا
الصورة: عمل فني لديانا بريسلي
Share this Post