في اليوم العالمي للعدالة الدولية-17 يوليو- وجهت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) و47 من المنظمات غير الحكومية من جميع أنحاء العالم- بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان- رسالة مفتوحة إلى رئيس جمعية الدول الأطراف (ASP) والمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، دفاعًا عن نزاهة المحكمة الجنائية واستقلاليتها وحماية دورها في مكافحة الإفلات من العقاب.
الرسالة طالبت جمعية الدول الأطراف والدول المعنية بمواجهة التهديدات والضغوط السياسية والتدابير العقابية ضد المحكمة الجنائية الدولية وموظفيها والمتعاونين معها بما في ذلك منظمات المجتمع المدني، والتي كان أخرها الأمر التنفيذي للرئيس الأمريكي ترامب الشهر الماضي بشأن حظر ممتلكات بعض الأشخاص المرتبطين بالمحكمة الجنائية، واصفين الأمر التنفيذي بأنه قرار مفزع يَعِد بمعاقبة المحكمة وإعاقة عملها إذا لم تتعامل بعدالة انتقائية تتتبع رغبات إدارة ترامب.
من أجل دعم استقلالية ونزاهة وسيادة المحكمة الجنائية الدولية
الرئيس أو-جون كوون، رئيس جمعية الدول الأطراف:
نكتب إليكم هذه الرسالة، الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان و47 منظمة حقوقية من مختلف أنحاء العالم، لنحثكم وجمعية الدول الأطراف والدول الأعضاء فيها على تفعيل جميع الوسائل اللازمة للدفاع عن نزاهة واستقلالية المحكمة الجنائية الدولية، ودعم معركتها ضد الإفلات من العقاب.
نكتب إليكم في اليوم الدولي للعدالة، الذي يحيي ذكرى اعتماد المعاهدة التأسيسية للمحكمة الجنائية الدولية، باعتباره يوم مهم في النضال التاريخي للمجتمع الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب عن أخطر الجرائم حتى لا تتكرر أبدا أهوال الحرب العالمية الثانية، بينما يساورنا القلق العميق. فبعد 22 عامًا من هذا اليوم التاريخي، تتعرض أول محكمة جنائية دولية دائمة ومستقلة – ويتعرض معها وعد العدالة للجميع بمن فيهم الأكثر ضعفًا وتهميشًا – لتهديد خطير.
ففيما تتعرض المحكمة وأفرادها ومجموعاتها، بما في ذلك المجتمع المدني، لهجمات غير مسبوقة ولا هوادة فيها، نؤكد نحن على أهمية هذه المحكمة ودورها الحاسم في النظام العالمي للعدالة الدولية، بما في ذلك قدرة الضحايا على الوصول إلى العدالة والجبر والتعويضات. فالمحكمة الجنائية الدولية تواصل كفاحها ضد الإفلات من العقاب على المستوى الدولي، وهي عامل رئيسي في سبيل محاسبة أولئك المتهمين بتحمل المسئولية الأكبر عن الجرائم الدولية الكبرى أمام العدالة المحايدة المستقلة وبضمانات المحاكمة العادلة.
منذ نشأتها، لجأت الفيدرالية وعدد كبير من المنظمات الحقوقية إلى المحكمة الجنائية الدولية كملاذ أخير للمساءلة، رافعين إليها أصوات الآلاف من الضحايا الطالبين للإنصاف، بعد خسارة معارك شاقة أمام ولايات قضائية محلية غير راغبة أو غير قادرة على تحقيق العدالة. ولقد أتاحت المحكمة- التي تم تمكينها ومنحها الشرعية من 123 دولة من الدول الأطراف – إمكانية تحقيق العدالة في مواجهة الديكتاتوريات والهيمنة السياسية والإفلات المنهجي من العقاب والصراعات والأزمات المتجددة.
واليوم، ترزح المحكمة الجنائية الدولية، وما تمثله كمنتدى للعدالة الدولية وممثلاً للنظام القانوني العالمي، تحت ضغط سياسي وتهديدات وتدابير عقابية مركَّزة. هذه الجهود المنهجية، نراها بوضوح في الأمر التنفيذي الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يصل حد عرقلة العدالة. الأمر الذي لا يستلزم مجرد الاستنكار بأقوى العبارات، وإنما لابد من مواجهته بجهود مضاعفة لضمان أن الوعد بالعدالة العالمية – ومعه منع الجرائم الخطيرة ووضع حد للإفلات من العقاب – يتحقق من خلال محكمة جنائية قوية ومستقلة وممكَّنة بالكامل، متوفر لديها الموارد والموظفين والتعاون الضروري لتنفيذ ولايتها. فالأمر التنفيذي الصادر عن الرئيس الأمريكي في 11 يونية بشأن حظر ممتلكات بعض الأشخاص المرتبطين بالمحكمة الجنائية، هو قرار مفزع يَعِد بمعاقبة المحكمة وإعاقة عملها إذا لم تتعامل بعدالة انتقائية تتتبع رغبات إدارة ترامب.
أن أولئك الذين لا زالوا يتحدون الجرائم المرتكبة تحت غطاء الإفلات من العقاب، من أفغانستان إلى فلسطين، لا يمكن تركهم دون حماية في مواجهة هذه التدابير غير المبررة، وهذه العقوبات التي يفترض أن يعاقب بها منتهكي حقوق الإنسان. ومن المروّع توسيع هذه التدابير لتشمل أفراد أسر هؤلاء المدافعين عن الضحايا.
دون مواجهة فعالة من الجمعية والدول الأعضاء، سيصبح هذا الأمر التنفيذي الأمريكي سابقة خطيرة تسود فيها البلطجة السياسية على مؤسسات العدالة، وربما يحمل للعالم رسالة مفاداها أن العدالة تكون ممكنة فقط عندما تكون ملائمة لتوجهات القوى العظمى السائدة.
لهذه الأسباب، تحث منظماتنا الجمعية والدول الأطراف على الالتزام بالتعهد الذي التزمت به 123 دولة بوضع حد للإفلات من العقاب من خلال إنشاء محكمة دولية مستقلة مكلفة بالتحقيق في الفظائع- أيا كان الجاني- من خلال توفير دعم لا يتزعزع، بكلمات وأفعال ملموسة، للمحكمة وموظفيها والمتعاونين معها، بما في ذلك المجتمع المدني.
ولكم منا وافر الاحترام،
قائمة الموقعين هنا
Share this Post