في رسالة إلى حكومات الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، طالبت منظمات حقوقية، ليبية وإقليمية ودولية، بضمان تجديد ولاية بعثة تقصي الحقائق الأممية بشأن ليبيا، والتي تشكلت في يونيو 2020 بقرار من مجلس حقوق الإنسان؛ “كخطوة طال انتظارها وضرورية لمعالجة الإفلات من العقاب المتفشي في ليبيا”.
إذ تشير المنظمات إلى أن “قيود ميزانية الأمم المتحدة والصعوبات المتعلقة بوباء كوفيد أعاقت بشدة قدرة بعثة تقصي الحقائق على الوفاء بولايتها – والتحقيق في انتهاكات و تجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني المرتكبة في ليبيا منذ عام 2016، والحفاظ على الأدلة لضمان محاسبة الجناة.” الأمر الذي يستلزم- حسب المنظمات- تجديد ولاية هذه البعثة لضمان إنجاز هذه المهمة بالغة الأهمية.
قبل أقل من ستة أشهر من الانتخابات في ليبيا والمرتقبة في ديسمبر القادم، تواصل الجماعات المسلحة، بما ذلك جماعات المقاتلين المرتزقة الأجانب، ارتكاب الجرائم في جميع أنحاء ليبيا، دون عوائق وبمعزل عن المحاسبة.
لذا تعتبر المنظمات الحقوقية المنضمة للرسالة أن تجديد ولاية بعثة تقصي الحقائق الأممية بشأن ليبيا هو الوسيلة الوحيدة لحماية حقوق الضحايا والمساعدة في كسر حلقة العنف في البلاد. كما شددت المنظمات على أهمية المساءلة الدولية عن هذه الجرائم الخطيرة المرتكبة، كخطوة لبلوغ العدالة التي بقيت صعبة المنال في هذه الفترة الهشة، وضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة.
“إن عدم تجديد ولاية بعثة تقصي الحقائق سيكون بمثابة رسالة خطيرة للجهات الفاعلة في ليبيا مفادها؛ أن المجتمع الدولي غير ملتزم بضمان المساءلة عن الانتهاكات والتجاوزات السابقة والمستمرة لحقوق الإنسان، وقد يشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم وانعدام القانون خلال هذه الفترة الحرجة”.
14 يونيو 2021
منظمات حقوقية تدعو الأمم المتحدة لتجديد ولاية بعثة تقصي الحقائق في ليبيا
تدعو المنظمات الحقوقية الليبية والإقليمية والدولية الموقّعة أدناه حكومتكم إلى دعم ومناصرة قرار تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في ليبيا، والمقرر مناقشته في الجلسة الـ 48 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، سبتمبر 2021.
فبينما تؤكد المنظمات الموقعة أن تشكيل بعثة تقصي الحقائق في يونيو 2020؛ كان خطوة ضرورية طال انتظارها لمعالجة ظاهرة الإفلات من العقاب المتفشية في ليبيا، تعرب في الوقت ذاته عن شعورها بالقلق إزاء تحديات ميزانية الأمم المتحدة، والصعوبات المتعلقة بجائحة كوفيد–19، والتي قوضت قدرة بعثة تقصي الحقائق على الوفاء بولايتها؛ بما في ذلك التحقيق في انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني المرتكبة منذ 2016، والحفاظ على الأدلة لضمان محاسبة الجناة. إذ لم يتمكّن الفريق الدائم في بعثة تقصي الحقائق من العمل بكامل طاقته سوى في أواخر مايو 2021، ولم يتبقى له سوى 4 أشهر فقط للعمل بطاقته الكاملة قبل موعد انتهاء ولاية البعثة. علمًا بأن قيود الحركة المتعلقة بجائحة كوفيد–19 ماز الت تقييد القدرة الاستقصائية للبعثة، بما في ذلك قدرتها على العمل داخل ليبيا، الأمر الذي يبرز مدى الحاجة لتمديد ولايتها لما بعد سبتمبر 2021.
يعد تجديد ولاية بعثة تقصي الحقائق أمر بالغ الأهمية لمعالجة أزمة حقوق الإنسان الحالية في ليبيا – كما يوضح ملحق هذه الرسالة – وذلك من خلال تعزيز المساءلة، وإتاحة الفرصة للضحايا للإبلاغ عن معاناتهم والتصدي لمناخ الإفلات من العقاب المتفشي.
فمنذ عام 2011، بدا واضحًا أنّ نظام العدالة الوطني الليبي غير قادر وغير راغب إلى حد كبير على التحقيق بفعالية في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الانتهاكات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والمدنيين، أو محاسبة الجناة. واتسمت المحاكمات القليلة للأشخاص المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان، والتي جرت منذ عام 2011، بعدم احترام وتجاهل المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. بالإضافة إلى إدماج كبار قادة الميليشيات والجماعات المسلحة، والمتوفر دلائل على ارتكابهم جرائم حرب محتملة وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان، في المؤسسات الخاضعة حاليًا لحكومة الوحدة الوطنية؛ الأمر الذي يساهم في تعزيز حلقة الإفلات من العقاب. (المزيد من المعلومات حول حالة حقوق الإنسان في ليبيا في ملحق هذه الرسالة).
وفي سبيل دعم حقوق الضحايا في الوصول إلى العدالة وسبل الانتصاف الفعّال وجبر الضرر؛ تبرز الحاجة الملحة لآليات المساءلة الدولية القوية والمشاركة الهادفة والمتساوية للنساء والفئات المهمشة الأخرى. كما يعدّ احترام حقوق الإنسان وتشكيل مسارات للمساءلة، بما في ذلك آليات التحقيق الدولية مثل بعثة تقصي الحقائق، من العناصر الأساسية لاستعادة سيادة القانون خلال الفترة الانتقالية في ليبيا.
في هذا السياق، نؤكد على ضرورة تجديد ولاية بعثة تقصي الحقائق بشأن ليبيا في الجلسة الـ 48 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمقرر انعقادها في سبتمبر 2021، وإلا ستتلقى الجهات الفاعلة في ليبيا رسالة خطيرة؛ مفادها أن المجتمع الدولي تراجع عن ضمان المساءلة عن الانتهاكات والتجاوزات السابقة والمستمرة لحقوق الإنسان، الأمر الذي قد يشّجع المزيد من الجرائم وغياب القانون أثناء هذه الفترة الحرجة.
الموقّعون:
- منظمة العفو الدولية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- هيومان رايتس ووتش
- اللجنة الدولية للحقوقيين
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
- محامون من أجل المحامين
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
- أون بونتي بير
- رابطة النساء الدولية للسلام والحرية
- لا سلام بدون عدالة
- محامون من أجل العدالة في ليبيا
- الرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية
- منظمة عدالة للجميع، ليبيا
- منظمة السلام الكفرة، ليبيا
- جمعية الدراسات القانونية حول الهجرة
- مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان، ليبيا
- منظمة تمكين للاشخاص ذوي الاعاقة، ليبيا
- منظمة هيروفيل للتنمية المستدامة، ليبيا
- جمعية ليبية وابني غريب للعمل الأهلي والخيري، ليبيا
- المنظمة المستقلة لحقوق الإنسان، ليبيا
- منظمة السلام الدولي، ليبيا
- الجمعية الليبية للثقافة التباوية
- المركز الليبي لحرية الصحافة
- رصد الجرائم الليبية
- منظمة 180° للتوعية والتنمية، ليبيا
- منظمة شباب من أجل تاورغاء، ليبيا
———————————–
ملحق: ملخص للوضع الحالي لحقوق الإنسان في ليبيا
يستمر وضع حقوق الإنسان المتردي في ليبيا رغم مرور 8 أشهر على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020. بينما تواجه حكومة الوحدة الوطنية المعينة في مارس 2021 تحدّيات هائلة، من بينها توحيد المؤسسات في بلد منقسم بشدّة مزّقته النزاعات، وتمهيد الطريق للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرّر عقدها في 24 ديسمبر 2021.
وفي ظل إفلات شبه كامل من العقاب، يواصل أعضاء الميليشيات والجماعات المسلحة ارتكاب انتهاكات وتجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة والإخفاء القسري والاختطاف والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والاعتقالات والاحتجازات التعسفية. وبموجب القانون الدولي، يتحمل كبار المسئولين والقادة المسئولية عن الأفعال التي ارتكبها مرؤوسوهم إذا كانوا على علم بها، أو كان ينبغي أن يكونوا على علم بها، وفشلوا في وقفها أو محاسبة المسئولين عنها.
وتواصل الجماعات المسلحة استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين وأعضاء السلطة القضائية والمجتمع المدني بسبب عملهم، بالقتل والاختطاف والاحتجاز التعسفي والمضايقة والتهديد والترهيب. ففي 10 نوفمبر 2020، أطلق مجهولون مسلحون النار، مغتالين المحامية والناشطة حنان البرعصي ببنغازي في وضح النهار. ولا يزال مئات المدنيين في عداد المفقودين من بلدة ترهونة، بعد تصريحات السلطات بالعثور على أكثر من 100مقبرة جماعية منذ أبريل 2020. ولا تزال معظم الجثث مجهولة الهوية.
ورغم إعلان السلطات الليبية عن إطلاق سراح 1900 سجينًا في 2020، يتواصل احتجاز الآلاف بشكل تعسفي، دون إمكانية الطعن على قانونية احتجازهم المتواصل لبعضهم منذ 2011. ويواجه المعتقلون التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بالإضافة لظروف الاحتجاز القاسية وغير الإنسانية. كما تواصل المحاكم العسكرية التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية إدانة المدنيين في محاكمات تفتقد لمعايير العدالة والإنصاف.
ولا يزال المهاجرون واللاجئون في ليبيا عالقين في حلقة مستمرة من الانتهاكات، من بينها الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي لأجل غير مسمى في ظروف غير إنسانية، والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، بما في ذلك العنف الجنسي والقتل والابتزاز والعمل القسري. ورغم الوعود طويلة الأمد بوقف هذه الانتهاكات؛ يستمر توثيق مثل هذه الانتهاكات في 2021، بما في ذلك في المراكز الخاضعة رسميًا لسيطرة جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.
ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، يتواصل النزوح الداخلي لأكثر من 245000 شخص؛ بسبب النزاع المسلح وانعدام الأمن. كما لا يزال أفراد مجتمع الميم يتعرضون للمضايقات من قبل الميليشيات والجماعات المسلحة.
وأعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية عن تنفيذ مهمتين في ليبيا في 2020، إلا أن المحكمة لا تزال عاجزة عن الاضطلاع بولايتها في ظل غياب مؤسسات ليبية فعّالة، فضلًا عن نقص الوسائل والدعم السياسي.
إفلات الميليشيات والجماعات المسلحة والمقاتلين الأجانب الذين ارتكبوا انتهاكات من العقاب؛ يؤدي إلى زيادة معدل الجرائم. كما تعد اعتبارات حكومة الوحدة الوطنية لمنح عفو شامل عن بعض الميليشيات والجماعات المسلحة، مثيرة للقلق بشكل خاصّ.
Share this Post