يعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن إدانته المطلقة للهجمات الوحشية واسعة النطاق التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والتي دخلت يومها الحادي عشر، وأفضت حتى مساء 16 يوليو إلى مصرع ما لا يقل عن 210 أشخاص بينهم 153 مدنيًا من ضمنهم 37 طفلًا و28 امرأة، كما أفضت إلى جرح ما يزيد عن 1350 من سكان القطاع، وقادت إلى نزوح قسري للآلاف من السكان، حيث اقترنت هذه الهجمات بتدمير كلي لأكثر من 379 منزلًا وتدمير جزئي لما يزيد عن 1600 منزل، علاوةً على امتداد أعمال القصف الصاروخي إلى عشرات المدارس والمساجد والمستشفيات ومؤسسات العمل الخيري.
ويؤكد مركز القاهرة أن العمليات العسكرية الإسرائيلية التي أخذت في التصاعد منذ السابع من يوليو تشكل في مجملها انتهاكًا جسيمًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، ويرقى معظمها إلى أن يشكل جرائم حرب يتعين ألا يفلت مرتكبوها من المحاسبة والعقاب.
وفي الوقت ذاته، فإن المركز إذ يؤكد على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والتصدي لجرائمه في إطار من احترام قواعد القانون الدولي الإنساني، فإنه يسجل إدانته أيضًا لقيام بعض جماعات المقاومة المسلحة بتعريض المدنيين داخل إسرائيل إلى العقاب الجماعي والترويع عبر الهجمات الصاروخية على بعض المدن والبلدات والمنشآت المدنية الإسرائيلية.
غير أن المركز يشدد على عدم جواز منح أي غطاء سياسي للجرائم الوحشية المرتكبة من جانب إسرائيل بدعوى أنها تأتي ردًا على هجمات صاروخية عشوائية انطلقت في الآونة الأخيرة من قطاع غزة واستهدفت مواقع سكنية إسرائيلية، ذلك أن القانون الدولي الإنساني يحظر بصورة مطلقة تعريض المدنيين للخطر ولا يمنح أي من أطراف النزاع المسلح الحق في فرض العقاب الجماعي على المدنيين وتعريضهم لانتهاكات جسيمة بدعاوى الانتقام أو ردع الانتهاكات التي يرتكبها الطرف الأخر، كما يحظر أيضًا استخدام القوة دون تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية مثلما يحظر الاستخدام غير المتناسب للقوة أو دون ضرورة حربية.
ويحذر مركز القاهرة من مغبة استمرار التصعيد العسكري والتلويح الإسرائيلي بتوسيع وتطوير عملياتها العسكرية عبر الاجتياح البري على النحو الذي حدث في عدوانها الوحشي على قطاع غزة في أواخر العام 2008، وأفضى إلى مصرع ما لا يقل عن 1400 فلسطيني في ذلك الوقت.
وينوه المركز إلى أن تقاعس المجتمع الدولي عن تطبيق توصيات لجنة التحقيق الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة، التي كانت توجب إحالة ملف الانتهاكات الجسيمة التي وقعت خلال الحرب على غزة في ديسمبر 2008 إلى المحكمة الجنائية الدولية، قد منح الضوء الأخضر لتتواصل جرائم الحرب في ظل التكريس الممنهج للإفلات من العقاب على تلك الجرائم، وهو الأمر الذي يدفع ثمنه المدنيين الفلسطينيين بصورة شبه يومية.
ويدعو المركز المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل من أجل الوقف الفوري للعمليات العسكرية وتأمين الحماية للمدنيين الفلسطينيين بمقتضى القانون الدولي، كما يشدد على ضرورة تشكيل لجنة دولية للتحقيق في جرائم الحرب المرتكبة بحق المدنيين في قطاع غزة، ويدعو مختلف الدول الأطراف في اتفاقية جينيف الرابعة للاضطلاع بمسئولياتهم والوفاء بالتزاماتهم التعاهدية بملاحقة المتهمين والمسئولين عن الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين سواء داخل الأراضي الفلسطينية أو داخل الحدود الإسرائيلية.
ويؤكد المركز على أن وضع حد للأوضاع المأساوية للسكان الفلسطينيين ولبعض أعمال الترويع التي قد تطال المدنيين داخل إسرائيل يقتضي من المجتمع الدولي تحركًا سياسيًا فعالًا؛ من أجل تسوية عادلة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني تكفل حماية الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وتضع حدًا للسياسات الاستيطانية الإسرائيلية ولمخططات التهويد المتواصلة.
Share this Post