credit: ImageBank4u / Shutterstock.com

خطة محو غزة: استيلاء الجيش الإسرائيلي على السلطة وتهجير الفلسطينيين واستخدام المساعدات كسلاح حرب

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, دول عربية by CIHRS

بعد التدمير التام لغزة جراء الهجمات العشوائية على المدنيين والبنية التحتية، وعرقلة المساعدات المنقذة للحياة وصولًا لحد المجاعة، والتهجير القسري لجميع سكانها تقريبًا؛ تستعد إسرائيل الآن لهجوم عسكري جديد يوسع من نطاق حملة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين. فبموجب موافقة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي في مايو/أيار2025 على خطة الهجوم الجديد، يصبح لإسرائيل السيطرة الكاملة على غزة، بعد تهجير الفلسطينيين قسرًا لجنوب غزة، وتحكمها وحدها في كافة مراكز ونقاط توصيل المساعدات الإنسانية.

تقول آمنة القلالي، مديرة البحوث بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: «من غير المعقول ألا تواجه إسرائيل أي عواقب تقريبًا على جرائم التطهير العرقي للمدنيين واستخدام المساعدات الإنسانية والتجويع كأسلحة حرب! كم ينبغي أن تتحمل غزة من الموت والمعاناة حتى تفرض الدول ضغوطًا حقيقية لإنهاء هذه الفظائع وتعلن تمسكها بالمعايير الأساسية للقانون الدولي؟»

الخطة الإسرائيلية الجديدة تعد أحدث تطور في تاريخ ممتد من السياسات الإسرائيلية التي تستهدف تحويل غزة إلى منطقة غير صالحة للسكن والحياة. منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتعمد إسرائيل تقييد وعرقلة الوصول للخدمات الحيوية والمساعدات الإنسانية، مما تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث. وفي يونيو/حزيران 2024، خلص تقرير لمركز القاهرة إلى أن الهجمات الإسرائيلية على غزة تنطوي على أدلة واضحة ومقنعة تؤكد تعمد الإبادة الجماعية. كما أن الحصار الكامل الذي أٌعيد فرضه في مارس/آذار 2025 قد تسبب في تفاقم الأوضاع الإنسانية. وحاليًا يواجه جميع سكان غزة تقريبًا خطر انعدام الأمن الغذائي الحاد وشح المياه، إذ توفي 57 شخصًا (معظمهم من الأطفال) على الأقل بسبب سوء التغذية. هذا بالإضافة إلى انهيار النظام الصحي الوشيك بسبب حظر إسرائيل المستمر للوقود والمعدات والإمدادات الطبية الأساسية.

وتحت ذريعة التنسيق الإنساني، تُبرر إسرائيل خطة تهجيرها القسري للفلسطينيين. إذ تعتزم، وفقًا لمصادر إعلامية موثوقة، توزيع المساعدات حصرًا عبر مراكزها الخاصة، وقصر ذلك على ثلاث مراكز فقط في محافظة رفح جنوب غزة. وبذلك ستجبر الفلسطينيين فعليًا على التحرك نحو الجنوب. وحاليًا، تعتبر محافظة رفح منطقة محظورة تمامًا، وهو ما يشير إلى عملية نزوح جماعي مخطط لها.

تأتي هذه الخطوة في ظل أوامر إجلاء متكررة واسعة النطاق، أدت بالفعل إلى تهجير أكثر من 90% من سكان غزة، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد أثارت طبيعة هذه الأوامر ونطاقها مخاوف جدية بشأن تحولها مع الوقت إلى تهجير دائم بزعم إنشاء «منطقة عازلة». واعتبارًا من مايو/أيار 2025، أصبحت 70% من أراضي قطاع غزة ضمن المنطقة «المحظورة» أو تحت أوامر التهجير، بينما يعيش الفلسطينيون في ثلث مساحة القطاع فقط، في ظل ظروف إنسانية مزرية.

تنتهك خطة الهجوم الإسرائيلي الجديدة بشكل أساسي القانون الدولي الإنساني والقانون الإنساني العرفي واتفاقيات جنيف، والتي تقضي بأن تكون المساعدات الإنسانية محايدة وغير تمييزية، تقدمها الجهات الفاعلة التي تحافظ على استقلالها عن أطراف النزاع. ومن ثم، فقصر توجيه المساعدات على القنوات العسكرية الإسرائيلية فقط أو من خلال الوكالات المسيسة يتعارض مع هذه المبادئ، ويحول الإغاثة الإنسانية إلى آلية للسيطرة والإكراه. كما أن حصرها في نطاق جغرافي محدد قد يكون محركًا لنزوح قسري غير قانوني، إذ يواجه المدنيون تهديدات أو ضغوطًا تجبرهم على الانتقال في سبيل البقاء على قيد الحياة.

ورغم أن إسرائيل تواصل انتهاكاتها العلنية لالتزاماتها الدولية وأحكام محكمة العدل الدولية؛ لا تزال تتمتع بإفلات تام من العقاب. ففي خلال عام واحد (2024) أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل أكثر من مرة بالسماح بتسليم المساعدات الإنسانية بشكل عاجل ودون عوائق، مسلطةً الضوء على حرمان الفلسطينيين المطول وواسع النطاق من الغذاء والضروريات الأساسية الأخرى. وفي يوليو/تموز 2024، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية فورًا، وطالبت الدول الأخرى بالامتناع عن أي علاقات مع إسرائيل من شأنها أن ترسخ أو تساعد في الحفاظ على وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة.

أن خطة الهجوم الإسرائيلي الجديد؛ جزء من سياسة مدروسة أوسع لتفكيك العمل الإنساني المستقل في غزة. فخلال الأشهر الأخيرة، استهدفت إسرائيل الوكالات الإنسانية بشكل متزايد، وخاصة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من خلال حملات وقف التمويل، والعرقلة الإدارية، ونزع الشرعية، وصولًا إلى الضربات العسكرية المباشرة لمنشآتها وموظفيها. هذه الإجراءات المحظورة بموجب القانون الدولي، قيدت بشدة قدرة الوكالات الإنسانية على العمل بفعالية. والآن، تحت ستار التنسيق والأمن، تستكمل إسرائيل خطتها للتحكم وعرقلة توزيع المساعدات.

وفيما يواجه الآن أكثر من مليوني فلسطيني خطر الجوع والموت، ندعو إلى التحرك الفوري من أجل:

  • تكثيف الجهود الدبلوماسية لعدم السماح بتنفيذ خطة إسرائيل للهجوم الجديد على غزة والحيلولة دون تنفيذ خطتها غير القانونية بشأن آلية توزيع المساعدات الإنسانية.
  • ضمان رفع الحصار المفروض على غزة نهائيًا، والتسليمالعاجل للمساعدات الإنسانية.
  • مراجعة جميع العلاقات مع إسرائيل بشكل عاجل، تماشيًا مع فتوى محكمة العدل الدولية، وتعليق كافة العلاقات التي تدعم أو تعزز أي انتهاك للقانون الدولي، بما في ذلك الاحتلال المتواصل للأراضي الفلسطينية، والمستوطنات غير القانونية، وسياسات الإسرائيلية للفصل العنصري. وبما يشمل أيضًا فرض حظر على توريدات أو بيع الأسلحة، وحظر التجارة، واتفاقيات التعاون الأخرى مع إسرائيل، كالأحكام التجارية لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي تتحكم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في مجرياتها بموجب نظام أغلبية التصويت.
  • دعم الآليات المستقلة والدولية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة.
  • تنفيذ مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت.

Share this Post