على الاتحاد الأوروبي الدفاع عن المحكمة الجنائية الدولية

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان by CIHRS

طالبت أكثر من 65 منظمة غير حكومية حول العالم الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن المحكمة الجنائية الدولية، وسط الهجمات الخطيرة على ولاية المحكمة ومهمتها. هذه الهجمات قد تقوّض العدالة لضحايا الجرائم الدولية الخطيرة حول العالم، مما يستدعي تحركًا عاجلًا من الاتحاد الأوروبي لدعم قواعد وأسس النظام الدولي.

المحكمة الجنائية الدولية هي حجر الزاوية في نظام أوسع للمساءلة، إذ تُعد الملاذ الأخير عند تعثر سبل العدالة الأخرى. واعتقال الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي، ونقله مؤخرًا للمساءلة أمام المحكمة حول ارتكاب جرائم ضد الإنسانية يؤكد مجددًا جدوى المحكمة الجنائية، ويعكس أهميتها في ضمان المساءلة عن أخطر الجرائم.

لطالما كان الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء من أشد المدافعين عن المحكمة الجنائية الدولية، والأكثر امتثالًا لالتزاماتهم القانونية لتعزيز عالمية ونزاهة «نظام روما الأساسي»، المعاهدة المنشأة للمحكمة.

تعهّد الاتحاد الأوروبي بدعم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية، والتعاون معها، وتطبيق مبدأ التكامل، الذي يضمن عدم تحرك المحكمة إلا عندما تتعثر التحقيقات الوطنية في الجرائم الدولية وملاحقة مرتكبيها، حسب الاقتضاء. كان هذا الدعم الراسخ أساسيا لعمل المحكمة منذ تأسيسها قبل أكثر من 20 عامًا.

في 6 فبراير/شباط 2025، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يُجيز استخدام تطبيق قرارات تجميد الأصول وحظر الدخول على مسئولي المحكمة وغيرهم ممن يدعمون عملها. هذه العقوبات الأمريكية التي تستهدف المحكمة الجنائية الدولية تمثل إهانة للضحايا وعائلاتهم. إذ لا ينبغي أبدًا فرض العقوبات على المدعين العموم والقضاة وغيرهم ممن يسعون إلى تحقيق عدالة مستقلة ونزيهة في الجرائم الدولية الأساسية.

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، بموجب الأمر الصادر في 6 فبراير/شباط، وقد تُصدر عقوبات إضافية في محاولة لتقويض تحقيقات المحكمة التي تُعارضها. للعقوبات المالية الأمريكية آثار خطيرة تتجاوز بكثير المستهدفين، وقد تُؤدي إلى حرمان المحكمة من الوصول إلى الخدمات الأساسية اللازمة لتنفيذ ولايتها. هذا الأمر التنفيذي لا يهدف فقط إلى ترهيب مسئولي المحكمة وموظفيها المشاركين في تحقيقاتها الحاسمة، بل يهدف أيضا إلى التأثير سلبًا على التعاون الأوسع مع المحكمة، بما فيه من جانب منظمات المجتمع المدني الداعمة للضحايا.

أدانت معظم دول الاتحاد الأوروبي العقوبات الأمريكية في بيانات وطنية ومشتركة، إلا أن الاتحاد الأوروبي ككيان موحد لم يُعرب بعد عن معارضته للعقوبات في بيان رسمي، في تناقض صارخ مع مواقفه الواضحة عقب فرض إدارة ترامب الأولى عقوبات مماثلة عام 2020. إعلان دعم ولاية المحكمة الجنائية الدولية أمر مرحب به، لكن ينبغي على الاتحاد الأوروبي إدانة العقوبات الأمريكية المفروضة على المحكمة بوضوح، والإشارة إلى أنها لن تمر دون مواجهة، ودعوة الولايات المتحدة إلى إلغاء الأمر التنفيذي.

وعلى الاتحاد الأوروبي، دون مزيد من التأخير، استخدام «آليات الحماية من قيود العقوبات» (قانون الحجب) لمواجهة العقوبات الأمريكية. هذه الآليات دورها حماية الشركات الأوروبية من آثار العقوبات خارج الحدود الإقليمية، ويمكن أن تساعد في ضمان استمرار عمل المحكمة دون تأثر. كما ينبغي على «المفوضية الأوروبية»، و«الدائرة الأوروبية للشئون الخارجية»، والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وضع تدابير أخرى لتخفيف أثر العقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. حثّت المحكمة الجنائية الدولية والبرلمان الأوروبي وعدد من دول الاتحاد الأوروبي والمجتمع المدني بالفعل المفوضية الأوروبية على تفعيل هذه الآليات.

هذه ليست التهديدات الوحيدة التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية، والمدافعين عن العدالة أمامها. إذ يواجه مسئولو المحكمة أوامر اعتقال صادرة عن روسيا ردًا على قرار المحكمة بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. في غضون ذلك، سُنّ بالفعل تشريع يُجرّم التعاون مع المحكمة في روسيا، وتدرس السلطات الإسرائيلية الفكرة نفسها. كما لا تزال المحكمة تتعامل مع تداعيات هجوم إلكتروني متطور حدث عام 2023، وثمة مزاعم بأن إسرائيل شنّت حملة تجسس على المحكمة استمرت تسع سنوات.

المنظمات الموقعة على هذا البيان تؤكد أن التغلب على هذه التهديدات للعدالة يتطلب أيضًا من دول الاتحاد الأوروبي إظهار ثباتها في التزاماتها بموجب نظام روما الأساسي. في سبتمبر/أيلول، أدان الاتحاد الأوروبي، عن حق، انتهاك منغوليا لالتزامها كدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية باعتقال بوتين.

في 2 أبريل/نيسان، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة إلى هنغاريا بدعوة من رئيس وزرائها. أعلنت الحكومة الهنغارية في اليوم التالي أنها ستسعى لبدء العملية التشريعية لانسحاب البلاد من المحكمة الجنائية الدولية. حتى 4 أبريل/نيسان، لم تُلقِ هنغاريا القبض عليه ولم تسلمه إلى المحكمة، متجاهلة أمرَ توقيف أصدرته المحكمة بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، والتزاماتها تجاه المحكمة.

وللأسف، صرّح مسئولون من حكومات عدة دول أوروبية، منها فرنسا وبولندا وإيطاليا ورومانيا وألمانيا، مؤخرًا صراحة بأنهم لن يفوا بالتزاماتهم أو لم يلتزموا بتنفيذ أمر التوقيف الصادر عن المحكمة. كما أعادت إيطاليا أيضا أحد الهاربين من المحكمة الجنائية الدولية إلى ليبيا، مُتجاهلة على ما يبدو التزامها باعتقاله وتسليمه إلى المحكمة.

دون تعاون واعتقالات، لا يمكن أن تتحقق العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية. الإشارات المُلتبسة، وحتى السلبية، حول صحة قرارات المحكمة الجنائية تُقوّض قانون الاتحاد الأوروبي وممارساته والتزامه بالعدالة الدولية، وتُظهر انتقائية مؤسفة، وتبعث برسالة مفادها أن سيادة القانون مُتاحة للبعض، وليس للجميع.

المنظمات الموقعة على هذا البيان تدعو الجهات الفاعلة في الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لإعادة تأكيد التزامها بسيادة القانون الدولي وحمايتها، على النحو التالي:

  • على قادة الاتحاد الأوروبي، بمن فيهم رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، والممثلة السامية، ورئيس المجلس، حثّ حكومات الاتحاد الأوروبي على احترام موقف الاتحاد الأوروبي إزاء المحكمة الجنائية الدولية، بما فيه موقفه بشأن التعاون، وعالمية نظام روما الأساسي، وحماية استقلال المحكمة، واحترام التزاماتها بحماية قرارات المحكمة ودعمها وإنفاذها.
  • على الاتحاد الأوروبي، لا سيما من خلال الممثلة السامية، وكذلك مجلس الاتحاد الأوروبي، أن يدين علنًا العقوبات الأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية، وإعادة تأكيد دعمه الثابت للمحكمة واستقلالها، وحثّ الولايات المتحدة على إلغاء الأمر التنفيذي الذي يُجيز فرض العقوبات.
  • على مفوضية الاتحاد الأوروبي أيضا الاستفادة بسرعة من قانون الاتحاد الأوروبي لحجب العقوبات، وذلك بإضافة الأمر التنفيذي الأمريكي الذي يُجيز فرض عقوبات متعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية إليه، ووضع أي تدابير إضافية لحماية المحكمة ومواجهة التأثير السلبي للعقوبات على المتعاونين مع المحكمة.
  • على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التأكيد بشكل قاطع على امتثالها لجميع التزاماتها القانونية بموجب نظام روما الأساسي، بما فيه تنفيذ جميع أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، في جميع الحالات المعروضة أمامها. وينبغي على قادة الاتحاد الأوروبي بذل قصارى جهدهم لتذكير الدول الأعضاء بالتزاماتها القانونية بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، والعمل على منع أي حالة من حالات عدم التعاون مع المحكمة والرد عليها.

المنظمات الموقعة:

  1. 11.11
  2. ACT Alliance EU
  3. Adala For All
  4. Advocates for the Future
  5. Africa Legal Aid (AFLA)
  6. Al Mezan Center for Human Rights
  7. Al-Haq
  8. Al-Haq Europe
  9. Aman Against Discrimination – AAD
  10. Amnesty International
  11. Armanshahr|OPEN ASIA
  12. Avocats Sans Frontières
  13. Bir Duino Kyrgyzstan
  14. Broederlijk Delen
  15. B’Tselem
  16. Cairo Institute for Human Rights Studies (CIHRS)
  17. CCFD-Terre Solidaire
  18. Center for Constitutional Rights
  19. CIDSE – International family of Catholic social justice organisations
  20. Civil Rights Defenders
  21. CNCD-11.11.11
  22. Coalition Française pour la Cour pénale internationale (CFCPI)
  23. Committee on the Administration of Justice (CAJ)
  24. Committee to Protect Journalists
  25. Croatian Helsinki Committee
  26. DIGNITY – Danish Institute Against Torture
  27. Egyptian Initiative for Personal Rights (EIPR)
  28. Entraide et Fraternité
  29. EuroMed Rights
  30. European Center for Constitutional and Human Rights, ECCHR
  31. Foundation Sunflowers
  32. Fundación Chile Sin Ecocidio
  33. Fundación Internacional Baltasar Garzón –FIBGAR–
  34. Global Initiative Against Impunity for International Crimes and Serious Human Rights Violations
  35. Global Legal Action Network
  36. Human Rights House Foundation
  37. Human Rights Watch
  38. Human Rights Without Frontiers
  39. Impact: Center against Human Trafficking and Sexual Violence in Conflict
  40. Institute for Environmental Security
  41. International Commission of Jurists
  42. International Federation for Human Rights (FIDH)
  43. International Service for Human Rights (ISHR)
  44. Lebanese Center for Human Rights (CLDH)
  45. MEDEL (Magistrats Européens pour la Démocratie et les libertés)
  46. Netherlands Helsinki Committee
  47. No Peace Without Justice
  48. Nürnberger Menschenrechtszentrum
  49. Organisation Mondiale Contre la Torture (OMCT)
  50. Palestinian Centre for Human Rights
  51. Parliamentarians for Global Action
  52. PAX
  53. Pax Christi International
  54. Physicians for Human Rights Israel
  55. Platform for Peace and Humanity
  56. Protection International
  57. REDRESS
  58. Rechters voor Rechters
  59. Reporters Sans Frontières (RSF) / Reporters Without Borders (RSF)
  60. Sadaka – the Ireland Palestine Alliance
  61. SOLIDAR
  62. Stichting Stop Ecocide NL
  63. Stop Ecocide Foundation
  64. Swedish Peace and Arbitration Society
  65. Syndicat de la magistrature
  66. Synergy for Justice Stichting
  67. The Finnish League for Human Rights
  68. United Against Inhumanity (UAI)
  69. United Nations Association of Sweden
  70. Women’s Initiatives for Gender Justice
  71. Young European Federalists – JEF Europe

Share this Post