الجلسة الـ 59 لمجلس حقوق الإنسان:
اقتصاد الإبادة والمقابر الجماعية والقمع العابر للحدود انتهاكات ما زالت تفتقر لتحرك دولي حقيقي لمواجهتها

في البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة

في 9 يوليو، انتهت فعاليات الجلسة الـ 59 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والتي عُقدت في سياق بالغ الصعوبة، اتّسم بتراجع مقلق في الاهتمام بالمنطقة العربية، وانحسار واضح لمشاركة المجتمع المدني، فضلاً عن تنامي تأثير الأزمة المالية التي تمر بها الأمم المتحدة والقيود التمويلية المفروضة على آلياتها وأنشطتها في سابقة خطيرة تهدد منظومة الأمم المتحدة ككل. ورغم ذلك، تنبى المجلس خلال هذه الجلسة قرار بشأن تنفيذ ولايات المجلس في ظل الأزمة المالية الحالية، يشجّع المفوض السامي على تقديم معلومات محدّثة حول تطورات الوضع المالي، واستكشاف بدائل منخفضة التكلفة لضمان استمرار تنفيذ الأنشطة المقررة بدلًا من تأجيلها أو إلغائها. كما شهدت الجلسة قرار مهم بتجديد ولاية المقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات لثلاث سنوات إضافية. وتمرير قرار بشأن منظمات المجتمع المدني، لكنه لم يعالج الأزمة المتفاقمة في تمويل منظمات حقوق الإنسان أو مسئولية الجهات المانحة، الأمر الذي يقوض قدرة المجتمع المدني على المشاركة الفاعلة.

في هذه الجلسة قدمت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، أحدث تقاريرها؛ «إسرائيل: من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة». التقرير سلط الضوء على تواطؤ الدول والشركات في دعم اقتصاد الاحتلال، ودعا إلى اتخاذ تدابير حاسمة، بما في ذلك فرض العقوبات وحظر الأسلحة على إسرائيل. وفيما رحب مركز القاهرة بالتقرير ونتائجه، وحرص على ترجمة ونشر أهم مخرجاته، أكد عبر منصاته المختلفة على تبني مطالب التقرير وتوصياته، كما أعرب عن دعمه الكامل للمقررة الخاصة في الحملة التي شنتها ضد إسرائيل والولايات المتحدة عقب صدور التقرير.

ركز مركز القاهرة أيضا خلال هذه الجلسة على أوضاع حقوق الإنسان في 3 بلدان عربية؛ هي مصر، ليبيا والبحرين. وفي مداخلة شفهية أمام مجلس حقوق الإنسان، دعا المركز إلى تحرك دولي عاجل لمواجهة القمع واسع النطاق والانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها العديد من النظم الاستبدادية في سوريا وفلسطين وليبيا والسودان واليمن.

في 2 يوليو الجاري، اختتم مجلس حقوق الإنسان استعراضه الدوري الشامل لسجل حقوق الإنسان للحكومة المصرية، بعدما قدمت عشرات الدول من مختلف أنحاء العالم توصياتها لمصر بشأن الخطوات التي ينبغي اتخاذها لتحسين أوضاع حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات. وفي المقابل، لم تتعهد الحكومة، في ردها على 343 توصية قُدمت لها، باتخاذ أي إجراءات ملموسة وقابلة للقياس إلا في 5 حالات فقط، في استجابة حجمها 1.4% فقط، بينما رفضت أو تجاهلت 134 توصية محورية بما في ذلك توصيات بإطلاق سراح السجناء السياسيين ووقف الاعتقالات التعسفية ووقف الهجمات ضد المجتمع المدني المستقل والصحفيين، وأخرى بإنهاء التعذيب وسوء المعاملة. وقد شارك المركز في ندوة عامة نظمتها مجموعة من المنظمات بنهاية جلسة الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري. الندوة سلطت الضوء على طريقة تعامل السلطات المصرية مع آلية الاستعراض التي انطوت على كثير من الإنكار، والادعاء والالتفاف على التوصيات، مفندين بالأمثلة والوقائع كذب ادعاء تقرير الحكومة. وفي المقابل، أدان المشاركون مواصلة المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان تجاهل وضع حقوق الإنسان المتدهور في مصر، الأمر الذي يعزز من بطش السلطة الحاكمة ويعطيها الضوء لمواصلة انتهاكاتها.

في 17 يونيو، نظم المركز ندوة عامة على هامش الجلسة، تحت عنوان «الحقيقة المدفونة: المقابر الجماعية، والقتل خارج نطاق القانون، و مطلب العدالة في ليبيا»، شدد فيها المتحدثون على أن السلطات الليبية، سواء في الشرق أو الغرب، تعتبر فضح الانتهاكات عملاً عدائيًا وتسعى لإسكات المنظمات الحقوقية، كما شددوا على عجر السلطة القضائية الليبية حاليًا، ليس فقط على محاسبة الجناة، بل حتى على حماية نفسها. وأن فشل السلطات المتكرر في التعاون مع الآليات الدولية والامتثال لتوصيات الأمم المتحدة يعكس الحاجة الملحة إلى تشكيل آلية تحقيق دولية.

وبالتعاون مع مركز البحرين لحقوق الإنسان، شارك المركز في ندوة على هامش الجلسة، في 25 يونيو، لتسليط الضوء على تصاعد أزمة حقوق الإنسان في البحرين، والحاجة الملحة لإصلاحات جوهرية. شهدت الفعالية مشاركة خبراء بارزين ودبلوماسيين ومنظمات غير حكومية ومدافعين عن حقوق الإنسان، وركزت على المطالبة بالمساءلة، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، وحماية الفضاء المدني في البحرين.

هذا بالإضافة إلى مشاركة المركز في 27 يونيو 2025، في فعالية جانبية على هامش الجلسة الـ59، بعنوان «الهجمات ضد المحكمة الجنائية الدولية والهيئات القضائية في جميع أنحاء العالم: جدران الحماية ضد الإفلات من العقاب في عصر الاستبداد». ناقشت الندوة الهجمات العالمية المتصاعدة على القضاة المستقلين والمحامين والمؤسسات القضائية المستقلة، لا سيما المحكمة الجنائية الدولية، وسط تنامي النفوذ الاستبدادي وتقلص الالتزامات بالمساءلة. وقد شارك في رعاية هذا الحدث العديد من الدول، بما في ذلك إستونيا وإستونيا وإيرلندا وبلجيكا وكولومبيا وكوستاريكا وليختنشتاين ولكسمبرغ والمكسيك والنرويج وسلوفينيا.

Share this Post